تونس: حول الموقف من إضراب 16 جوان 2022
بشير الحامدي
2022 / 6 / 1 - 16:21
لنتفق أولا أن الإضراب المقرر ليوم 16 جوان 2022 ليس إضرابا عاما فهو إضراب جزئي ومحدود ونستطيع أن نقول إنه قطاعي محدود في مؤسسات ومنشآت عمومية ولا يشمل كل أعوان الوظيفة العمومية في القطاعات الكبرى كالصحة والتعليم بأصنافه والمالية والبريد ولا عملة القطاع الخاص برغم أن مطالب لائحة التنبيه بالإضراب تشمل مطالب تهم كل الموظفين والأجراء مثل: سحب المنشور عدد عشرين الصادر بتاريخ 20 ديسمبر 2022 وتطبيق جميع الاتفاقيات الممضاة وإلغاء المساهمة التضامنية (1%). هذا أولا أما ثانيا ولنكن واضجين أيضا في هذه النقطة وهي أن البيروقراطية النقابية بهذا الاضراب تبعث برسالة للحكومة ولقيس سعيد مفادها أنها مازالت لم تقطع حبل التواصل معهما ولا تفكر في نسف كل الجسور التي تربطها بـ 25 جويلية ولكنها أيضا لا تقبل بأن تجرّ من أذنيها مثلما جُرّت هيئة المحامين وتقبل المشروع السياسي لقيس سعيد دون أن تكون لها مرتبة الشريك المعترف به، الشريك الذي لا ينظر له فقط على أنه أحد منظمات المجتمع المدني التي تقول نعم سيدي الرئيس حاضر سيدي الرئيس مثله مثل الاتحاد الوطني للمرأة أو مثله مثل رابطة حقوق الانسان بل لابد من الأخذ بمقترحاته ورؤيته وتقديراته للأوضاع فالبيروقراطية النقابية لا تريد أن تخسر هذا الامتياز الذي تمكنت من المحافظة عليه طيلة حكم بورقيبة وبن علي والإخوانية ويهون عليها أن تسلّم فيه هكذا بجرة قلم من قبل قيس سعيد فأولا و أخيرا هي قيادة لمنظمة يُعدُّ منتسبوها بمئات الآلاف وبمقدورها كسر شوكة قيس سعيد وإعلان المواجهة معه وهي رسالة ضمنية تريد من سعيد وحكومته أن يضعاها في الاعتبار قبل الإقدام على أي عمل.
رسالة البيروقراطية النقابية هذه تجرنا للحديث عن الموقف السّليم الذي على منتسبي هذه المنظمة وعلى الموظفين المعنيين بإضراب 16 جوان أخذه.
في تقديري أن الالتزام بتنفيذ الإضراب هو الموقف السليم لأن الخدام يعنيه الإضراب وتحقيق مطالبه بالدرجة الأولى وتبقى مسألة هل قرّر الإضراب بصفة ديمقراطية وهل من قرره ديمقراطي مسألة ثانوية في لحظة الإضراب ولا أعتقد أن من سيخوضون الإضراب لا تعنيهم مطلب سحب المنشور عدد عشرين الصادر بتاريخ 20 ديسمبر 2022 ومطلب تطبيق جميع الاتفاقيات الممضاة ومطلب إلغاء المساهمة التضامنية (1%) أو تعنيهم بنفس القدر الذي يعارضون فيه البيروقراطية النقابية ويتناقضون معها.
فتنفيذ الإضراب سيكون فرصة للنقابيين لفضح البيروقراطية النقابية وكشف أوراقها وألاعيبها ودرجة انفصالها عنهم وعن منتسبي المنظمة التي تهيمن عليها والعمل على تحقيق سيادتهم على قراراهم وعلى نقاباتهم. وسأذكر هنا ببعض المحطات النضالية التي خاضها الخدامة ضد السلطة وضد البيروقراطية في نفس الوقت وكانت البيروقراطية النقابية هي التي اتخذت قرار الإضراب سواء تحت ضغط المنتسبين والقطاعات أو من أجل مناورات سياسية في علاقتها بموقعها. كثير من الإضرابات التي نفذت في عهد إسماعيل السحباني أو خلفه عبد السلام جراد نفذها الخدامة واستهدفت في نفس الوقت سلطة بن علي وهيمنة بيروقراطية السحباني وجراد وكثير كذلك من الاضرابات التي نفذت في العشرية الفارطة وخصوصا في قطاعات المالية والبريد والتعليم والصحة نفذها الخدامة وكانت في نفس الوقت تستهدف سلطة الخوانجية وهيمنة البيروقراطية على المنظمة.
أخيرا نقول إن التزام الخدام الأول في المنظمات النقابية يجب أن يكون نحو قضاياه وتطبيقه لقرار إضراب ما لا يجب أن يرى فيه غير مصلحته وتحقيق مطالبه وليس فقط أهداف من قرره. الأهداف التي تحددها البيروقراطية للإضرابات ليست قدرا مسلما يجب الوقوف عنده إن دور الخدام الأول هو تحويل هذه الإضرابات إلى تلك العصا التي تضرب من الطرفين تضرب من جهة السلطة وتضرب من الجهة الأخرى البيروقراطية وفي كل الحالات فعدم تنفيذ إضراب 16 جوان 2022 وتكسيره تحت أي سبب كان لا يضع من يقوم بذلك في منطقة أكثر أمانا من المنطقة التي يضعه فيها تنفيذه إنه يضعه في منطقة الخصم ويجرده من كل إمكانية ليكون سيد قراره تجاه كل خصومه حاكم وبيروقراطية نقابية ولا أخال اليوم من يدعون لعدم تنفيذ الإضراب بتعلة أنه إضراب الطبوبي سيكونون بعيدين عن مساحة الديكتاتور ولا أخال لا الديكتاتور ولا حكومته حريصان كثيرا على استقلالية الحركة النقابية وعلى سيادة منتسبيها على قراراهم بقدر ما يريدون نقابة تحت نفوذهم تقول "حاضر سيد الرئيس نعم سيد الرئيس" هذا إن لم يكونوا على شاكلة "الدوتشي" لا يرونها إلا نقابة للقمصان السود.
01 جوان 2022