زينوفييف.. مدينة الملاحم
محمد الأشقر
2022 / 5 / 26 - 18:59
هذا النص كتبه الثوري الروسي جريجوري زينوفييف في العام 1919 عن مدينة الملاحم ومهد الثورة الروسية المدينة البروليتارية بتروجراد في الذكرى الثانية للثورة.
تم تعريب النص من النسخة الانجليزية على موقع: Marxists’ Internet Archive.
العنوان: The Cradle of the Revolution
تعريب: محمد الأشقر
__________________
في العام 1905 رفعت راية الانتفاض لأول مرة في بتروجراد، ومرة أخرى في شهري فبراير وأكتوبر 1917{حسب التقويم القديم - المترجم}. في جميع الثورات الثلاث كانت بتروجراد هي بؤرة الثورة. لم يكن نبض النضال البروليتاري بنفس القوة في أي مكان في روسيا مثل بتروجراد.
بعد ثماني سنوات في المنفى، أتذكر انطباعي الأول بعد العودة إلى بتروجراد في ربيع عام 1917. شعرت كما لو أنني سقطت للتو في مرجل يغلي، في قلب الصراع الطبقي. كانت البروليتاريا تتفجر غضبا من حولي. تأججت المشاعر وشعرت باقتراب الساعة التي سيشتعل فيها الصراع الطبقي في أشد لحظاته كثافة "الحرب الأهلية". خلال كل هذه المراحل، وقفت بتروجراد على قمة العمل الثوري في كل روسيا. لعدة أشهر كانت دائما في الصدارة.
وقد حدث أن بتروجراد البروليتارية، اضطرت إلى تأخير خطواتها من أجل أن تلحق بها المدن الأكثر خمولا. كان هذا هو الحال قبل وبعد ثورة أكتوبر. أخبرني فقط بمدينة واحدة في روسيا، نعم، بل في العالم كله تعرضت لمثل ما تعرضت له بتروجراد الحمراء من معاناة خلال سنوات 1917-1919. خذ عندك: مجاعة، ثلاث عمليات إجلاء، هجمات متكررة من قبل أعداء الثورة، تنظيم عمليات اغتيال راح ضحيتها قادة العمال (فولودارسكي، أوريتسكي) ومؤامرات الاشتراكيين الثوريين من اليمين واليسار على حد سواء، الخيانة في كراسنيا - جوركا، والكثير من المصائب التي يتعذر تعدادها! ومع ذلك، على الرغم من كل شيء، ظلت بتروجراد صامدة حتى في تلك المناسبة الأخيرة عندما كانت المدينة تحت التهديد من قبل يودينيتش. وفي الذكرى الثانية للثورة البروليتارية، تقف بتروجراد بصلابة أقوى من أي وقت مضى. لقد ساهمت كل هذه المصائب في تقوية روح النضال البروليتارية لشعب بتروجراد.
منذ 25 عاما، كانت جماهير ضخمة من العمال تتجمع في هذه المدينة. هنا تم غليهم في مرجل المصنع، لقد صقلوا معنوياتهم وأعلنوا عن أنفسهم بوصفهم طليعة لروسيا العمالية. ولكن، من ناحية أخرى، كان في بتروجراد أيضا ولعدة عقود بيروقراطية مدربة، حيث كانت هناك معسكرات كاملة من الأشخاص البرجوازيين وشبه البرجوازيين. لم يوجد في أي مكان في العالم مثل هذا التجمع للعناصر البيروقراطية القديمة. لم يكن هناك في أي مكان الكثير من صفوة البرجوازية وملاك الأرض والأثرياء. حتى بعد فترة السنتين من الثورة البروليتارية بقيت آثار تلك التجمعات البرجوازية. بشكل عام يمكننا القول إن الثورة البروليتارية قد انتصرت وأن الروح البروليتارية تحوم فوق هذه المدينة المعذبة، التي تفرض انتصارها الأخلاقي العظيم على الرغم من معاناتها.
وكلما كانت الأوقات التي اضطرت بتروجراد للعيش فيها أشد قسوة وكآبة زادت الطاقة المعنوية والصلابة النضالية لدى بروليتارياها. وخرج عمال بتروغراد منتصرين من كل الصعوبات والمآسي المتراكمة. بتروجراد مدينة رائعة. إنها حقا مدينة تقف على القمة، مثل منارة تسلط ضوءها على كل العمال والفلاحين الواعين في روسيا.