عماد ابو حطب
الحوار المتمدن-العدد: 7217 - 2022 / 4 / 13 - 17:28
المحور:
الادب والفن
بلاد العرب أوطاني *
وسط القذائف والصواريخ أطل عليَّ وجه ذلك المسؤول المكتنز كالبغل داعيا الى السياحة في شوارع المدينة المليئة بالجثث والردم، غالبت كآبتي وقررت أن أعمل بنصيحته، ارتديت ((شورتا)) قصيرا و((شباحا)) وتمنطقت بكاميرا فيديو من الرعيل الأول، ظننت أنني سأتجول في زواريب المدينة دون أي إزعاج، لكني ما أن خطوت أول خطوة خارج الزقاق حتى أمسك بي حاجز لعين، فتشني جيدا وهو يستمع لسبب خروجي من المنزل مشككا في روايتي، صادر كاميرتي القديمة وأوقفني جانبا حتى تأتيه الأوامر، كانت عينا العنصر تشي بأنه يضمر السوء خاصة حينما سمعته يحادث الآخر عن شكه بأنني جاسوس، لحسن حظي أن الكاميرا لم تكن قد احتوت أي مادة مصورة خلا لقطاتٍ لحفلٍ بمناسبة (الهالوين) منذ خمسة أعوام، ارتديت فيه ملابسا لهيكل عظمي، فحصها العنصر جيدا ثم قهقه قائلا: "والله لأخلي عظامك مكاحل"، طلب من رفيقه أن يصور عملية التحقيق معي، وقبل أن تدور الكاميرا نلت أول ضربة ( بالبسطار ) ثم الحقها بضربات متتالية بأخمص الكلاشينكوف، دقائق مرت كالدهر تركني بعدها على الأرض أتخبط بدمي، التفتَ وهو يلهث صوب صديقه سائلا: هل صورت؟ اكتفى الآخر بهمهمة لم أفهمها، قبيل بدء جولة جديدة من التحقيق الذي لم أُسأل فيه أي سؤال تعرض الحاجز لهجوم، وفر العنصران تاركين كاميرتي اللعينة وجسدي ممدد على الأرض، وسط صيحات التكبير أحاط بي مجموعة من المسلحين، توقعت الفرج والخلاص من كابوس التحقيق، التفتَ اليَّ أصغرُهم سنا وقال: هنالك أحدهم يبدو أنه عجز عن الفرار، ثم نظر إلى كاميرتي مردفا: سأحقق مع هذا اللعين وعليكم تصوير التحقيق لبثه فيما بعد، لم يترك لي فرصة للهمس عاجلني بضربة قوية (ببسطاره) وهجم بكل قوته ضاربا رأسي بأخمص رشاشه الحديدي، انتهى التحقيق دون أسئلة أو أجوبة فقد أعلن الصبي الأجرد أنني مدان بالعشرة وسحبني من قدمي الى جانب الطريق لتنفيذ حكمه، آخر صورة تمر الآن في رأسي صورة ذلك البغل المكتنز وهو يدعوني للسياحة في بلادي.
*نص ينطبق على بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ
ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ
#عماد_ابو_حطب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟