|
الموسيقى ومسئولية الكتابة
علي خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1663 - 2006 / 9 / 4 - 07:06
المحور:
الادب والفن
العديد من المقالات التي تكتب وتنشر في العالم العربي، وبشكل خاص في العراق، في موضوع الموسيقى العربية أو العراقية تحمل عناوين، في أغلبية الحالات، لا تنطبق على مضمون نصوصها. ولا أقصد هنا الأخبار الموسيقية التي تنقل لنا الإحداث بل المقالات الدراسية أو شبه الدراسية. ولأسباب تتعلق بالضعف في المعرفة الموسيقية والنقد التاريخي، نجد إن هذه النصوص تمزج بين أشياء لا رابط بينها إلى الحد الذي يضيع فيه الموضوع الرئيسي الذي كتبت من اجله. ويحاول البعض التغطية على ذلك النقص المعرفي بالاستناد على ما يشرحه لهم صديق من الوسط الموسيقي. لكن في كثير من الأحيان نرى هؤلاء الكتاب يخطئون في كتاباتهم لعدم توفر الإمكانيات عندهم في تدقيق اطروحات هذا الصديق. ان الكتابة في مضمار الموسيقى وغيرها مسئولية كبيرة، وأود أن أقول بأنه ليس المقصود هنا هو نقد هذه المقالات أو كتابها بل المساهمة في توضيح الإشكاليات وتعميق النقاش الايجابي آملا أن يبذل البعض جهودا اكبر في معرفة الموسيقى عند الكتابة عنها. لذلك فاني سأحاول في السطور التالية أن أذكر بعض المكونات والمفاهيم الأساسية والضرورية التي يجهلها من ليس لديه اختصاص في هذا الموضوع، على مستوى الفكر والعلوم الموسيقية، للاستفادة منها في تكوين فكرة جيدة تساعد على خلق روح النقد الموسيقي الحقيقي وتقود في نفس الوقت إلى تحديد ماهية الموسيقى. فما هي هذه المكونات والمفاهيم الضرورية؟
بالطبع فان الإجابة على هذا السؤال بشكل مفصل يحتاج لعشرات الصفحات، بل لكتب ودراسات طويلة، ومقالة قصيرة كهذه لا تستطيع غير أن تعطي رؤوس أقلام، أو عناوين لمواضيع، تساعد على فتح المجالات في عملية التفكير الذاتي النقدي أثناء الكتابة. بامكاننا تقسيم هذه المكونات والمفاهيم إلى قسمين، يكمل احدهما الآخر ولا يمكن عزل احدهما عن الآخر، الأول يضم جوانب المعرفة الفكرية في الموسيقى والثاني يضم جوانب المعرفة التقنية. ففي القسم الأول نجد عدة جوانب نذكر منها الفكر الموسيقي والتاريخ والحساسية الموسيقية وغيرها. وكزيادة في الشرح لمعرفة كيفية اكتشاف الموسيقى نأخذ جانبا واحدا هو التاريخ لإعطاء فكرة عن طريقة قراءته النقدية ولتوضيح فكرتنا. فعندما نقرأ هذا التاريخ نجد:
1. بأن موسيقانا العربية لم تكن، إثناء تطورها التاريخي، منفردة ووحيدة في تصورنا لها وتفكيرنا وإحساسنا بها. فقد ارتبطت بشبكة من العلاقات التي خلقت حالة لا نستطيع فيها أن نعتبرها مستقلة عن التطور العام لفكرنا ولحساسيتنا. ونستطيع أن نذكر بعض الأمثلة عن ذلك هو علاقتها باللغة وبالرقص. 2. ما يخص تطورها التاريخي فقد مرت بمراحل تطور نستطيع أن نحددها ببعض من العمومية كما يلي: المرحلة الأسطورية، ثم الدينية، ثم العقلانية ثم اللاعقلانية. وبدون ان ندخل في أي تفاصيل على أن نعود لهذا الموضوع في مقالة أخرى، فان هذه المراحل ليست فقط تتابعيه بل هي أيضا متداخلة بعضها ببعض ويمكن أن تطبق أيضا على إشكال فنية أخرى، مثل فن الشعر، وهذه الأشكال ليست هدف موضوعنا هنا.
ومن بين ما نستخلصه من المعرفة التاريخية والذي يستحق التفكير فيه هو الاستنتاج بأن تاريخ الموسيقى العربية هو تاريخ محاولة استقلالها عن الفنون الأخرى. ونقصد هنا مثلا استقلالها عن الشعر. ولنعود إلى القسم الثاني الذي يضم المعرفة التقنية. وهنا أيضا لن ندخل بالتفاصيل المعقدة والصعبة على الغير مختصين ونذكر فقط بعض المجالات التي تعطي فكرة عن كيفية الكتابة بشكل معقول عن الموسيقى. نذكر منها علم الصوت (اكوستيك)، اللغة الموسيقية، علم تنظيم الأصوات والتنويط والمسافات الصوتية، علم الآلات، العمل الموسيقي، الطريقة الموسيقية (سيستيم موزيكال) التي تشمل من بين أشياء كثيرة تقسيم الاوكتاف إلى أصوات كاملة ونصفية واقل من ذلك، وغير ذلك من المجالات.
إن المعرفة التقنية والفكرية ضروريتان لاكتشاف ماهية الموسيقى، إذ كيف نستطيع أن نعرف الموسيقى إذا لم نكن نعرف كيف تكتب وتقرأ وكيف تعزف وتتطور الخ؟ ان تعريف الموسيقى والكتابة عنها بدون هذه المعرفة تشبه قضية ذلك الذي لا يجيد السباحة ويجد نفسه وسط البحر. لذلك فان المعرفة، ولو بشكل متواضع، ليس فقط ضروري من اجل كتابة جيدة ومسئوله عن الموسيقى بل أيضا من اجل أن يكون الكاتب صادقا مع نفسه ومع قراءه.
#علي_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقام والفلامنكو
-
ما أشبه البارحة باليوم!
-
المثقف والخيارات الصعبة
-
من الانتخابات إلى التقسيم
-
من يقف وراء سياسة تأهيل البعث
-
المافيا البعثية تعود للسلطة
المزيد.....
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|