حول المسألة النّقابيّة (مقرّر المؤتمر الخامس للأمميّة الشيوعيّة الثالثة)


إبراهيم العثماني
2022 / 2 / 3 - 15:34     

[انعقد المؤتمر الخامس للأممية الشيوعيّة بين17 جوان و24 جويلية سنة 1924 بموسكو. وهو أوّل مؤتمر ينعقد بعد رحيل لينين الّذي كان حضوره مخيّما على أجواء المؤتمر بسبب هذا الغياب المفاجئ. وقد تطرّقت أشغاله إلى جملة من القضايا منها الوضع الاقتصادي العالمي، والقضايا القومية في أوروبا الوسطى والبلقان، ومسائل أخرى تخصّ التكتيك الشيوعي والقوانين الأساسية للأممية الشيوعية... وكانت المسألة النقابية حاضرة في هذا المؤتمر مثل سائر المؤتمرات. وقد ارتأينا أن ننقل إلى القارئ العربي المقرّر المتعلّق بالمسألة النقابيّة والّذي يقع بين ص 414 وص 421 من التّقرير التّحليلي الصّادر سنة 1924 عن مكتبة "لومانيتي" Librairie de l’Humanité بباريس - فرنسا. المعرّب إبراهيم العثماني]
-------------------------------------

1- يصادق المؤتمر الخامس للأمميّة الشيوعيّة على التّوجيهات الّتي قدّمها لوزفسكي (Losovsky) بشأن المسألة النّقابيّة. وقد كُلّفت لجنة بالتّحرير النّهائي لهذه التّوجيهات تتركّب من لوزفسكي ورادوكي (Radetsky)، وسيمارد(Semard)، ودين(Dunne) وكوهن(Kohn) ثم رفيق أنقليزي ورفيق بولوني ورفيق إيطالي ورفيق بلقاني ستعيّنهم وفودهم. ويحيل المؤتمر العنوان الرّابع إلى اللّجنة التّنفيذيّة الموسّعة الّتي ستعالج بشكل مفصّل المسائل المتّصلة بمؤتمر فيانا للفيدراليّة النّقابية الأمميّة وستحدّد طريقة العمل الواجب اتّباعها.

2- يعلن المؤتمر الخامس للأمميّة الشيوعيّة أنّ مفاهيم ويلهالم شوماخر (Wilhelm Schumacher) وأنصاره المتعلّقة بالمسألة النّقابيّة وكذلك بسلوكهم في الحركة النّقابيّة يتناقضان مع قرارات الأمميّة الشيوعيّة. ويدين المؤتمر أيّ نظريّة أو ممارسة تشجّع حركة الانسلاخ من النّقابات أو الانشقاق النّقابي في ألمانيا باعتبارها مضرّة بالثّورة. ويدعو كلّ العمّال الّذين انسلخوا من النّقابات إلى أن يعودوا إليها، وبصفة عامّة كلّ العمّال إلى التّنظّم في النّقابات، ويؤكّد أنّ النّقابات هي ملتقى كلّ المستغَلّين وعلى الشيوعيّين أن يمارسوا في صلبها عملا تربويّا ودعائيّا. فمغادرة النّقابات تعني التخلّي عن الثّورة والعمل لفائدة أعداء البروليتاريا.

خطّتنا في الحركة النّقابيّة
(توجيهات لوزوفسكي)


I - منـــعرج في الــحركة العمّـاليّة


تتميّز سنة 1924 بالسّمات التّالية:

أ‌- توقّف الجزر العام للعمّال
ب‌- شُنّت في بعض البلدان وفي بعض الصّناعات هجمات عمّاليّة، وفي بلدان أخرى اشتدّ التصدّي لتدهور ظروف العمل.
ت‌- دعّمت الأمميّة الإصلاحيّة تحالفها مع الطّبقات الحاكمة، وأضافت، إلى الخيانة السّياسيّة، الخيانة الاقتصاديّة معرقلة، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، التّحرّكات العمّالية.
ث‌- كشفت أمميّة أمستردام طابعها الامبريالي والموالي لدول الوفاق (احتلال الرور، مخطّط الخبراء، الخ). وتجلّت في صلبها أقليّة لم تتّضح بعد معالمها، متردّدة سياسيّا لكنّها غير راضية عن سياستها التّقليديّة.
ج‌- انجرّ عن غضب الجماهير العمّاليّة والبورجوازيّة الصّغيرة في بعض البلدان (أنقلترا، فرنسا، الدّانمارك) تعويض الحكومات الرّجعيّة الصّرف بحكومات شبه اشتراكيّة ومسالمة ومستعدّة لتكريس السّياسة التّقليديّة للطّبقة البورجوازيّة تحت يافطة جديدة. .
ح‌- وقد لاحظنا تطوّر النّقابات الثّوريّة والأقلّيات الّتي ازداد دورها ليس في معارك البروليتاريا السّياسيّة فحسب بل كذلك في النّضال الاقتصادي في حين ظلّت النقابات الإصلاحيّة تضعف معنويّا وسياسيّا وماليّا وعدديّا ومافتئ تأثيرها يتقلّص.
خ‌- ظلّ وزن الأمميّة الشيوعيّة والأحزاب الشيوعيّة في الحركة النّقابيّة العالميّة ينمو باطّراد والأمميّة النّقابيّة الحمراء الّتي لم تكن فيما مضى إلاّ لجنة أمميّة للدّعاية تحوّلت الآن إلى منظّمة كونيّة حقيقيّة للنّقابات الثّوريّة والمكافحة.
د‌- كلّ هذه الأسباب أدّت، من ناحية، إلى شنّ الإصلاحيين هجوما جنونيّا على النّقابات الثّوريّة (إقصاء الشيوعيين، تنظيم الفروع المناهضة للبلشفيّة، تكثيف حملة الدسائس، الخ)، ومن ناحية أخرى، هناك محاولات أمميّة أمستردام نفسها لتدجين الحركة النقابيّة الثّوريّة.
ذ‌- وما إن استحال قادة النّقابات الإصلاحيّة أدوات بين أيدي الرّجعيّة الفاشيّة حتّى برزت في بعض البلدان مثل ألمانيا حالة ذهنيّة تؤيّد تعديل تكتيك الأمميّة الشيوعيّة ومغادرة النّقابات وتأسيس منظّمات جديدة.
تلك هي السّمات الأساسيّة الّتي يجب أخذها بعين الاعتبار لتحديد سياستنا النّقابيّة.

II- الحملــة في ســــــبيل الوحـــــدة

يقود مجمل نشاط الأمميّة الشيوعيّة هذا الخيط النّاظم للوحدة النّقابيّة. فهي لا تجعل من التّنظيم أمرا مقدّسا بل تعتقد أنّ الشيوعيين، وهم يناضلون في سبيل الوحدة النقابيّة، يوسّعون مجال تأثير الأحزاب الشيوعيّة والأمميّة الشيوعيّة دون أن ينفصلوا ولو لحظة واحدة عن الجماهير. إنّ النّضال في سبيل وحدة الحركة النقابيّة هو أفضل طريقة لكسب الجماهير. ولهذا السبب لاشيء يمكنه أن يجبر اأامميّة والأحزاب على تعديل خطّها الأساسي ولا يوجب عليها القيام بذلك. والشّعارات القديمة [من قبيل] افتكاك النّقابات لا تقويضها، ومقاومة الانسلاخ من النّقابات، الانخراط في النّقابات، النّضال في سبيل الوحدة تظلّ شعارات حقيقيّة ويجب تطبيقها بكل حزم وفاعليّة. إنّ الحملة في سبيل الوحدة لا تطرح نفسها في البلدان الّتي تنتسب فيها الأغلبيّة المطلقة من المنقبين إلى النّقابات الإصلاحيّة فحسب بل كذلك في البلدان الّتي توجد فيها بالتّوازي مركزيّات إصلاحيّة ومركزيات ثوريّة (فرنسا، تشيكسلوفاكيا). ومهما يكن من أمر فعلى الأحزاب الشيوعيّة ألاّ تترك الإصلاحيين يحتكرون أمر الوحدة ففي الوقت الّذي يتحدّث فيه هؤلاء عن الوحدة يشقون صفوف الحركة العماليّة ويفسدون العمّال ويثبّطون عزائمهم. ومن واجب الشيوعيّين ألاّ يتركوا العمّال المقصيّين وغير المنتظمين تتذرّر صفوفهم بل عليهم أن يشجّعوهم وينظّموهم لمقاومة الرّأسماليّة والإصلاحيّة. وفي هذه الحالة فإنّ النّضال في سبيل إعادة بناء الوحدة هو المهمّة الأساسيّة المطروحة على المقصيّين ومنظّماتهم.

III- أممـيّة أمســـــــــــتردام وجـــناحها اليســاري

إنّ موقفنا من أمميّة أمستردام الّذي حدّدته المؤتمرات السّابقة لا يزال موقفا ثابتا. فهذه الأمميّة وعلى الأقلّ قادتها هي حصن الامبرياليّة وهي تعكس في أفضل الحالات الفكر المحافظ والتعصّب القومي والعقليّة الامبرياليّة والبورجوازيّة المتخلّفة للشّرائح العمّاليّة الّتي أفسدتها البورجوازيّة أكثر من غيرها.
ستظلّ مقاومة أمميّة أمستردام ونظريّتها وممارستها المهمّة الأساسيّة للأمميّة الشيوعيّة وفروعها. فنزع أقنعة ألاعيب رأس المال بدون شفقة أو رحمة ومحاربة قلعة الرّجعيّة الرّأسماليّة، البورجوازيّة والفاشيّة بلا هوادة. ذلك هو الشّعار المطروح
وعلينا ألاّ ننسى شيئين اثنين ونحن نناضل ضد أمميّة أمستردام:
1) التواجد في النّقابات الإصلاحيّة ذات ملايين البروليتاريا.
2) ظهور جناح يساري لم تتشكّل معالمه وهو متردّد سيّاسيّا ولكنّه مع ذلك جناح يساري.
إنّ وجود ملايين العمّال في أمميّة أمستردام يفرض على الأحزاب الشيوعيّة مضاعفة الجهد عشرات المرّات لتحريرهم من الأوهام الإصلاحيّة، لكن الاقتصار على تكثيف الدّعاية والتّحريض غير كاف. سيتحرّر العمّال من الأوهام الإصلاحيّة عندما يعي الشيوعيّون كيف يضطلعون بالدّور الرّئيسي في المعارك الاقتصاديّة للطّبقة العاملة. فالنّزاعات الاقتصاديّة ستتيح فرصا مفيدة بصفة خاصّة لتطبيق خطّة الجبهة الموحّدة ولكشف قناع دور القادة الفاشي والخياني. فالجناح اليساري لأممية أمستردام لا يمتلك لا برنامجا واضحا ولا خطّة [محدّدة]. وهذا الجناح اليساري الّذي يضمّ عدّة اتّجاهات لم يحاول أن تكون له أرضيّة عمل و أصبح شبه تجمّع بشأن مسألة العلاقة مع النّقابات الرّوسيّة. لكنّ"اليسار" لا يختلف في جوهره عن "اليمين" في المسائل السّياسيّة الأساسيّة (تعويضات، استنتاجات الخبراء، السّياسة الاستعماريّة ومسائل أخرى). إنّ عيبها الجذري والجوهري يتمثّل في رغبتها في التّوفيق بين الإصلاحيّة والشيّوعيّة، والاعتقاد بأنّنا نستطيع أن نجد خطا وسطا بين هؤلاء الأعداء الألدّاء. وقد كرّس مؤتمر فيانا هذا التّردّد وهذا التّقلّب وهذا المزاج الغريب حيث صوّت الجناح اليساري على مقرّر اليمين دون أن يحاول تقديم أرضيّة خاصّة به. وهو لا يعكس، على الأقل، غليانا للجماهير جديّا وبالخصوص في أنقلترا، جماهير غير راضية عن القيادة القديمة وتبحث عن مخرج للمأزق الإصلاحي.
وترتّب على هذا الوضع موقفنا. فالأمميّة الشيوعيّة والأحزاب الشيوعيّة تدعم الجناح اليساري إن ناضل ضد برنامج أمستردام وتكتيكها نضالا فعليّا. وسيكون خطأ كبيرا المبالغة في تقدير هذا الجناح اليساري وتجميد التّناقض معه وتهافته وطبعه الهجين وتقلّبه. فالشّيوعيّون والنّقابات الإصلاحيّة الّتي تجد نفسها خاضعة لتأثير هذا الجناح عليهم أن يقترحوا عليه بعث، بشكل مشترك، أجهزة عمل ضد الرّجعيّة البورجوازيّة والرّأسماليّة. إنّ العامل المحدّد في مقترحات من هذا النّوع هو العمل، وعلى الشّيوعيين أن يطالبوا من العناصر اليساريّة لأمميّة أمستردام الّتي تتحدّث عن التّوافق مع النّقابات الثّوريّة، أن تكرّس مقترحاتها عمليّا في النّضال اليومي لكلّ بلد. إنّ الاستعداد الفعلي لهذه العناصر للعمل المشترك معنا سيقيس الدّعم الّذي سنمنحه لهده العناصر. وعلى الشيوعيين ألاّ ينسوا أنّ الجناح ليساري لأمميّة أمستردام يريد أن ينقذ هذه الأمميّة ليس بالتّخلّي الجذري عن تكتيكها القديم بل بإدخال تغييرات طفيفة على خطّتها، وعلى الأحزاب الشيوعيّة وبواسطة النّقابات الخاضعة لتأثيرها، أن تمارس الضّغط الضّروري على بعض فروع أمميّة أمستردام.

Iv - الحمـــــلة في سبـــــيل الوحـدة النّقّابــــــــــيّة

ترتّب على وجود الأمميّة النقّابيّة الحمراء خلال السّنوات الأربع [المنقضية] تجميع جميع العناصرالثّوريّة للحركة النقابيّة الكونيّة وتوحيدها. فاحتكار أمميّة أمستردام[للحركة النقابيّة] قد قُوّض منذ زمان. وعلى الأمميّة الشيوعيّة والأحزاب الشيوعيّة أن تقود حملة نشيطة لتكريس وحدة النّقابات الثّوريّة، وتكتيلها المتماسك حول الأمميّة النقابية الحمراء وتدعيم التّأثير الشّيوعي والقيادة الشّيوعيّة في النّقابات الحمراء في كلّ أنحاء العالم، ولا يمكن تحقيق هذه النّتيجة إن لم تقم الأحزاب، في آن واحد، بعمل ممنهج في سبيل الوحدة النقابيّة. إنّ الأزمة العقديّة والسّياسيّة الّتي تحتدّ في أمميّة أمستردام، وظهور جناح يساري يهدف إلى إقامة جبهة موحّدة مع النّقابات الثّوريّة وتقدّم حالة الذّهنيّة الثّورية في الحركة النقابيّة الأنقليزيّة، كلّ ذلك يسمح للأمميّة الشيوعيّة والأحزاب الشيوعيّة بإعلان صراع ضار لإعادة بناء الوحدة الأمميّة بكلّ نجاح.
وقد تُبنى هذه الوحدة بدعوة مؤتمر تكون ممثّلة فيه، على قاعدة النّسبيّة، كلّ النّقابات المنتسبة إلى أمميّة أمستردام والأمميّة النّقابيّة الحمراء. وهذا المؤتمر الأممي التّوحيدي الّذي ستُمثّل فيه نقابات العالم أجمع قد يضع أسس أمميّة جديدة موحّدة للنّقابات الّتي ستصبح عمليّا المنظّمة العالميّة للبروليتاريا. وقد يُمثّل هذا المؤتمر تطوّرا كبيرا على درب تجميع كلّ القوى للنّضال ضدّ البورجوازيّة.
إنّ تأسيس أمميّة موحّدة على قاعدة حرية التّحرّك والانضباط الأشدّ صرامة في كلّ الأعمال ضد البورجوازيّة يجب أن يؤدّي، بطبيعة الحال، إلى حلّ الأمميّات الموجودة الآن بالتّوازي (أ.ن.ح. وأمميّة أمستردام).
وعلى الأمميّة الشيوعيّة والأحزاب الشيوعيّة أن تواصل تعاونها ومساعدتها وتقديم دعمها للأ.ن.ح. وكلّ المنظّمات المرتبطة بها إلى أن ننجح في إعادة بناء وحدة الحركة النقابيّة الأمميّة.

V- مـــــــواطن ضــــــــــــعفنا

رغم العمل الجبّار الّذي أنجزته جميع الأحزاب الشيوعيّة في الميدان النّقابي فقد تجلّت، خلال السّنتين الأخيرتين، في هذا العمل سمات يجب مقاومتها بأشدّ حزم وتتمثّل في ما يلي:
1) غياب المجموعات الشيوعيّة في عديد البلدان أو بعثها بشكل مسقط كلّما وُجدت.
2) رفض بعث مجموعات [شيوعية] في المنظّمات ذات القيادة الشيوعيّة أو القريبة منها.
3) رفض بعث مجموعات [شيوعية] في النّقابات الإصلاحيّة الّتي توجد فيها منظّمة ثوريّة موازية (فرنسا).
4) السّلوك الخاطئ لأعضاء الحزب الّذين يتبعون خطّهم الانطباعي وسياسة نقابية خاصّة مخالفة لقرارات الحزب والأمميّة الشيوعية ( ألمانيا) ممّا انجرّت عنه المغادرة الجماعيّة للنّقابات.
5) إهمال الأحزاب النّقابات الثّوريّة الّتي تتأسّس بالتّوازي مع النّقابات الإصلاحيّة (أمريكا، بلجيكا، هولندا) لمّا توجّبت قيادتها بشكل ممنهج أخلاقيّا وسياسيّا وتربيتها على روح تكتيكنا.
6) [وقع] الاقتصار على الدّعاية المجرّدة في صلب النّقابات عوض تكثيف النّضال ضدّ الإصلاحيّين بالاعتماد على الحاجات اليوميّة للطّبقة العاملة.
7) [تمّ] إيلاء عناية غير كافية، باستثناء حالات قليلة (ألمانيا)، ببعث لجان المعامل وعملها، والعجز عن استعمال النّضال الاقتصادي للجماهير لتكوين هذه اللّجان.
8) ضعف مقاومة النّزعات والأفكار المسبقة المتّصلة بالحرف والمترسّخة بعمق حتّى في أذهان العمّال الثّوريين.
9) الإعداد السّياسي والشّيوعي السيئ جدّا للمؤتمرات والنّدوات النّقابيّة وبين النّقابات والطّابع العفوي للمداخلات الشيوعيّة في هذه المؤتمرات.
10) الغضب المشطّ تجاه مناورات الإصلاحيين الانشقاقيّة، والاستعمال غير الكافي للإقصاءات الفرديّة وبالخصوص الإقصاءات الجماعيّة.
11) الاستخفاف بكون المؤسّسات ولجان المعامل والنّقابات هي المجال الطّبيعي لتنظيم الجبهة الموحّدة للعمّال.
12) الاستخفاف بأهميّة العمل النّقابي ودوره، ومن ثمّ الاهتمام غير الكافي بصحافة الحزب.
13) تخصيص الأجهزة المركزيّة لعديد الأحزاب حيزا محدودا جدّا للمسائل النّقابيّة، [ومن ثمّ] غياب الأدب النّقابي للدّعاية والتّحريض.
إنّ كلّ نقاط الضّعف الّتي سبق أن عدّدناها تعترضنا بأحجام مختلفة تقريبا في كلّ البلدان. والخلل الأساسي ونقطة الانطلاق لكل مواطن الضّعف لعملنا في النّقابات هو الغياب أو الحالة الجنينيّة لخلايا الحزب في المعامل والمؤسّسات. إنّ بعث خلايا شيوعيّة في المعامل هو الشّرط الأوّل لوجود فروع قاعديّة، ودعم نشاط كلّ أعضاء الحزب في الميدان النّقابي وتطبيق إدارة موحّدة على جميع مستويات التّنظيم النّقابي.

VI- أهــــــــــــــدافنا المبــاشرة

1. إنّ المهمّة الأساسيّة المطروحة على جميع الأحزاب الشيوعيّة هي تنظيم المجموعات المناضلة بدءا بالمصنع مرورا بالنّقابة ومجموع النّقابات وتدعيم مراقبة الحزب لنشاط الأعضاء وعملهم وبالخصوص المجموعات النقّابيّة.
2. إنّ مركز ثقل العمل يجب أن يُنقل إلى الجماهير في المؤسّسات. ومن ثمّ [تُطرح] ضرورة بعث لجان المصانع حيث لا توجد، والعمل وشحذ اللّجان الموجودة بروح ثوريّة. يجب أن نعمل بشكل يجعل كلّ المصانع تشارك مشاركة فعّالة وحيويّة في النّضال الاقتصادي وتتدخّل حيث يجب التّدخّل وتعرقل النّقابات الإصلاحيّة عندما تنحاز إلى أرباب العمل.
3. يجب أن نطرح، في كلّ حزب، مسألة الأجهزة المناضلة لقيادة النّضال الاقتصادي، ونحلّها حلاّ فعليّا. وهذا الأمر ضروريّ، بالخصوص، أينما وَجد العمّال الثّوريّون أنفسهم في النّقابات الإصلاحيّة وكلّما تعلّقت نقطة بداية الأعمال الاقتصاديّة بالمفاوضات السرّيّة وبروح الوفاق الّتي تحدو القادة النّقابييّن.
4. يجب أن تُجمّع، في كلّ بلد، كلّ النّقابات الثّوريّة المستقلّة، وكذلك نقابات المقصيّين، وربط الصّلة بينها، بواسطة لجان العمل، وبين المعارضة في صلب المنظّمات الإصلاحيّة.
5. يجب تكثيف النّضال ضد خيانة القادة النّقابييّن، وكلّ ضروب الخيانة يجب أن تكون موضوع تحليل في المؤسّسات والمصانع. يجب تعميم شعار"ليغادر البيروقراطيّون الخونة المنظّمات البروليتاريّة !".
6. يجب خوض عمل ممنهج بين الجماهير، أينما كانت الحركة النّقابيّة مقسّمة، لإعادة بناء الوحدة النقّابيّة وذلك بدعوة مؤتمر عام توحيدي على قاعدة التّمثيل النّسبي وحرية الرّأي . إنّ شعار إعادة بناء وحدة عمل العمّال مهما كانت اتّجاهاتهم ضد رأس المال يجب أن يكون الشّعار الأساسي في المرحلة القادمة.
7. أينما بلغ الانسلاخ من النّقابات، تحت تأثير الخونة السّياسيّين والاقتصاديين للبيروقراطيّة النّقابيّة حدّة قصوى، على الأحزاب أن تخوض صراعا فعّالا ضد رمز السّلبيّة واليأس، وعلى الشيوعيين إعلان حرب بلا هوادة على الانسلاخ من النّقابات. في هذه البلدان يجب خوض الحملة تحت شعار"العودة إلى النّقابات !".
8. يجب أن نعمل بكلّ فاعليّة على تنظيم العمّال غير المنظّمين وجرّهم إلى النّضال. وقد يكون من الخطأ بعث منظّمات جديدة لعمّال غير منظّمين. فنقطة البداية والنّقطة الطّبيعيّة لتجميع كلّ العمّال غير المنظّمين، وفي هذا العدد كلّ الّذين انسلخوا من النّقابات لأسباب مختلفة هي لجان المصانع ولجان العمل إلخ. إنّ كلّ العمل المسخّر لتوحيد العمّال غير المنظّمين يجب أن يهدف إلى انخراطهم في النّقابات وتحويل الغاضبين إلى مناضلين نشطاء ضد البيروقراطيّة النّقابيّة.
9. يجب إيلاء عناية خاصّة جدّا بتنظيم عمّال القطاعات الّتي قد تلعب دورا محدّدا في صراع الطّبقة العاملة في سبيل السّلطة (النّقل، المعادن، الصّناعة الكيميائيّة، الكهرباء، الغاز، إلخ). ونجاح الأحزاب الشّيوعية في النّقابات سيقاس بمدى نجاحها في تجميع عمّال هذه القطاعات وتنظيمها.
10. علينا أن نكوّن لجانا مختلطة (فرنسيّة- ألمانيّة، ألمانيّة- بولونيّة، ألمانيّة- تشيكيّة، فرنسيّة- إيطاليّة، فرنسيّة- ألمانيّة- إيطاليّة، أنقليزيّة- روسيّة، روسيّة- بولونيّة...الخ) متكوّنة من عمّال أهمّ القطاعات ( نقل، مناجم...إلخ) لتنظيم هجمات موازية مدبّرة من كلا الجانبين على الحدود. وهذه اللّجان المختلطة يمكن أن تلعب دورا مهمّا إن أجادت الأحزاب، بحذق كبير، اختيار أعضائها.
11. على الأحزاب الشيوعيّة في البلدان الّتي تستغلّ فيها البورجوازيّة شعوب المستعمرات وأشباه المستعمرات أن تولي اهتماما خاصّا للحركة المهنيّة الّتي تتطوّر في المستعمرات، أوّلا لتحرير هذه المنظّمات النّقابيّة الفتيّة من الإيديولوجية النّقابويّة، وثانيا لتحريرها من كلّ خضوع للسّياسة الامبرياليّة للبيروقراطيّة النّقابيّة في المتروبول.
12. في البلدان الّتي تقاد فيها سياسة معادية للأحزاب الشيوعيّة وللشيوعيّة، تحت غطاء الاستقلاليّة والاستقلاليّة النّقابيّة، يجب تكثيف العمل بين الجماهير وذلك بنزع الطّابع المناهض للبروليتاريا الّذي يحمله هذا الشّعار وتدعيم التّنسيق مع العناصر الّتي تقبل قرارات مؤتمرات الأمميّة النقابيّة الحمراء. إنّ النّضال ضد الدّمغجة والغموض الفوضويين- النّقابيين هو المهمّة الأكثر إلحاحا لأحزاب هذا البلد.
13. إنّ معرفة الخصم هي الشّرط الأساسي للنّجاح ولهذا السّبب على الأحزاب الشيوعيّة، بالتّنسيق مع النّقابات، أن تنكبّ على دراسة منظّمات الأعراف، وهياكلها، وأجهزتها وأساليبها المعتادة لإفساد المنظّمات العمّاليّة وحلّها دراسة دقيقة. وللأعراف أعداد غفيرة من الأعوان بين العمّال. على الأحزاب الشيوعيّة والنّقابات الثّوريّة أن تعدّ مصلحة مناهضة للتّجسّس الاقتصادي حتّى تعرف قوّة أعدائنا الطّبقيين واستعدادهم للصّمود.
14. على الأحزاب الشيوعيّة أن تقيم رابطا وثيقا بين النّقابات والعناصر النّقابيّة الموجودة في الجيش. إنّ بعث أجهزة وصناديق خاصّة تشدّ الجنود إلى نقاباتهم قد يقدّم خدمات جليلة لعمل الأحزاب الشيوعيّة المناهض للتّسلّح. يجب بذل جهد خاصّ لإقامة رابط متين بين المنظّمات النقابيّة للبحّارة وبحّارة الأسطول العسكري.

خـــــــــــــاتمـة:

إنّ المؤتمر الخامس للأمميّة الشيوعيّة، وهو يصادق على جميع قرارات المؤتمرات السّابقة بشأن مهامّ الشّيوعيين في الحركة النقّابيّة، يلفت انتباه الأحزاب إلى أهميّة العمل النّقابي الاستثنائيّة. وأيّ تردّد في هذه المسألة ليس مسموحا به. فالنّقابات تضطلع بدور هام في الإعداد الثّوري وستقوم بدور استثنائي أثناء الثّورة الاجتماعيّة وعلى عاتقها هي بالخصوص تطرح مهمّة البناء الاشتراكي، وبعد انتصار البروليتاريا ستتحوّل إلى أجهزة لدكتاتورية البروليتاريا. إنّ الثّورة الاجتماعيّة مستحيلة دون كسب النّقابات إلى صفّها مسبقا. ولهذا السّبب يجدر بنا أن نتّابع بكلّ حزم المسار الّذي رسمته كلّ المؤتمرات. إنّ افتكاك النّقابات هو افتكاك الجماهير. لقد حقّقت جميع الأحزاب الشيوعيّة تطوّرا ملحوظا في هذا المسار. ويجب تحقيق المزيد رغم خيانات البيروقراطيّة النّقابيّة، ورغم الهزائم والتّعثّرات العابرة للجماهير. إنّها مسألة حياة أو موت بالنّسبة إلى الثّورة الاجتماعيّة. ولهذا السّبب يدعو المؤتمر الخامس للأمميّة الشيوعيّة كلّ الفروع إلى التّقيّد الحرفي بالمقرّرات الّتي تمّت المصادقة عليها والتّنفيذ المحكم للعمل [المتمثّل في] افتكاك النّقابات أي افتكاك الجماهير.
يكلّف المؤتمر الخامس جميع الشيوعيين بالدّفاع عن المبادئ الّتي تمّ عرضها في المؤتمر الثّالث القادم للأمميّة النّقابيّة الحمراء.