|
فى ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، ماهى أسباب الفشل؟
حسن مدبولى
الحوار المتمدن-العدد: 7139 - 2022 / 1 / 18 - 14:20
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بالتأكيد هناك أسباب مشتركة لفشل كل الثورات والإنتفاضات الشعبية الحديثة التى قام بها المصريون فى مواجهة الظلم والقهر والإستبداد منذ ثورة القاهرة الأولى عام 1798، هذه الأسباب تتراوح ما بين القمع والتنكيل والإرهاب الذى ووجهت به هذه الثورات ، أو الخيانات والمؤامرات الداخلية والخارجية ، أو الجهل وانعدام الرؤية والأنانية الفردية ،، و تشترك ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 مع غيرها من الثورات الشعبية التى لم تحقق نجاحا فى نفس تلك الأسباب ، لكن لكل ثورة- ومنها ثورة 25يناير - عوامل خاصة بها تتعلق بالظرف الزمانى والمكانى والعلاقة بالبيئة الخارجية ، ويمكن القول أن الضعف النسبى للقوى المدنية الحديثة التى بدأت شعلة الثورة فى 25 يناير ، وعدم خلق قناة تعاون بينها وبين القوى التقليدية كان من أهم الأسباب التى كانت وراء الفشل الذى وقع ، بالإضافة إلى عدم تحييد الدولة العميقة بكل مؤسساتها الفولاذية الرافضة للتغيير ،أيضا إتباع النهج الاصلاحى الذى يعتمد على الإنتخابات التنافسية كطريق وحيد للتغيير الأمر الذى تسبب فى تشتيت قوى الثورة فى مرحلة ما بعد إزاحة الهياكل السياسية للنظام ، وكذلك عدم إنشاء محاكمات أستثنائية ضد أعداء الثورة بحجة مواكبة القوانين الدولية ، بالإضافة بالطبع للتدخل الأجنبى السافر والأموال السياسية المشبوهة التى قيل إنها إنهمرت فساهمت فى بث الخلافات البينية مما سارع بتدمير الثورة والقضاء على قواها الفاعلة ، كذلك فثورة يناير 2011 فشلت وتراجعت بسبب غياب مشروع واضح لها،والأمر نفسه ينطبق فى حال تعدد المشاريع وتناقضها وتناحرها وتهافتها ، ويمكن أن نلخص الأسباب الرئيسية لفشل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 فيما يلى :-
أولا :ــ عدم وجود قيادة ثورية كاريزمية تستطيع أن تجمع وتوحد الجهود، فبعدما نجحت الثورة فى البداية وكادت ثمارها أن تنضج، ظهر العشرات من القادة والاتجاهات يريدون قطف تلك الثمار ، فنشبت المعارك العلنية والسرية بينهم بدلا من التعاون وإنكار الذات لمواجهة التحديات والمؤامرات على الأرض،، ثانيا :- غياب المشروع، فثورة بلا قيادة ولا مشروع محكوم عليها حتما بالفشل، ولذا اكتفت الثورة بشعار «الشعب يريد اسقاط النظام» فلما سقط رأس النظام إلتبست الأمور ، وتشابكت ولم يبق إلا الفوضى التى عمت البلاد والعباد بشكل مقصود وممنهج وكجزء قصد به تعرية الثورة وكشف عجزها أمام الجماهير ،، ثالثا :- خيانة النخب المدنية وتآمرها ومنهم من إستعان بأموال الخارج لمواجهة القوى المنافسة ، كما إستغلت قوى الثورة المضادة بعضهم ضد بعض بالتبادل ، كوسيلة لذبح البقية الباقية من الثورة ،، رابعا :- الذعر والفوبيا التى سادت بين أوساط بعض الأقليات الدينية ،ورعبهم من انتصارالثورة،ومحاولاتهم المستميتة لإفشالها والتى كانت واضحة جلية فى بعض المواقف المتزمتة التى تبحث عن (تلكيكة ) للنيل من الثورة وإسقاطهاد تحت عناوين طائفية ، خامسا :- اتباع النهج الاصلاحى الكلاسيكى للانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، ومن فكر الثورة إلى فكر الدولة عبر إستخدام الانتخابات التقليدية التى قد لا تعكس نتائجها جهود كل القوى السياسية التى شاركت فى الثورة ، وبالتالى خروج تلك القوى خالية الوفاض ، مما أرسى بدايات للعداء بين القوى الثورية المتنافسة ،، سادسا :- إشتعال الصراعات السياسية بين النخب السياسية المتعارضة واستخدام الشارع وجماهيره فى المليونيات المتعاكسة والمتناقضة ،، سابعا :-- التدخل والتآمر الخارجى ضد الثورة وفصائلها ، وانهمار المال السياسى المحرض ضد رموز بعينها ولدعم بعض الفصائل دون الأخرى ،، ثامنا :-- عدم التمسك بانشاء محاكمات ثورية استثنائية ضد اعداء الثورة بعد انتصارها مباشرة ،، تاسعا :-ــ الرغبة فى إلغاء الآخر وإقصائه وفقا للمعادلات الصفرية، وكإن مصر لا يمكنها أن تحتوى قوى سياسية متنوعة ولو كانت متنافسة ، عاشرا :-- التعالى الواضح على ما أفرزته صناديق الانتخاب من نتائج ، وهو أمر كان متوقعا خصوصا من تلك القوى التى شاركت فى الثورة وخرجت خالية الوفاض ،
حادى عشر :- البلاهة السياسية التى سادت غالبية ابناء النخب السياسية المدنية والتى تصورت فى غالبيتها أن تعاونهم مع المؤسسات العتيقة ، سيتيح لهم الهيمنة على مقدرات الثورة وتسلم مقاليد حكمها ، ثانى عشر :- التلاعب الاعلامى بغالبية الرموز الثورية التى ظهرت بعد 25 يناير ، فتفشت الانانية وحب الظهور الاعلامى والتنابز والسباب وخرجت نماذج مزيفة لم يكن لها أى دور ثورى من الأساس وتم تقديمهم باعتبارهم قادة رأى وقادة حركات ثورية، وزادت أعداد الإئتلافات الثورية المزورة التى كان يقصد بها تشويه دور الناشطين بالأساس ،، ثالث عشر :- حتى فى الرمق الأخير كان من الممكن إنقاذ الثورة لو توافرت الحدود الدنيا من الذكاء والفطنة ، ولو تحلى البعض بقليل من الكفاءة السياسية ، رابع عشر :- ظهور انحطاط خيانى لا مثيل له أتم مخطط تقسيم القوى الثورية وأنهى على أى مستقبل لاستعادة توحيد الجهود فيما بينها مستقبلا ، وقبل البعض بعمليات التنكيل ضد زملائهم السابقين فى الشارع الثورى مقابل مناصب ومنح رسمية ،، خامس عشر :- استمرار الاعتماد على الخارج فى ادارة الصراع بين قوى الثورة والثورة المضادة، وافتقاد أية قواعد على أرض الواقع ، وظهور قوى سياسية مزيفة تدعى قيادة المعارضة سواء بالداخل او الخارج، سادس عشر :-- عمليات الكبت والقمع والتنكيل التى طالت الكثيرين ممن كانوا فى الصفوف الأولى سابع عشر :- الدعم الخارجى الواضح للتحولات المضادة التى أنهت كل وجود او أثر للثورة او لانصارها فى الشارع السياسى المصرى ثامن عشر :- إستمرار عمليات الشيطنة والتشويه والتخويف والإرعاب من عودة فكرة الثورة من الأساس وخلق صورة ذهنية فوضوية ثابتة لها فى وجدان الناس ومخيلاتهم ،،
تاسع عشر :- التدخل الغربى الذى استهدف الاحتواء فى البداية ثم القضاء على كامل الثورة والسيطرة على كل مفاصلها عشرون :- التدخل الاقليمى المناوئ للثورة والقادم من بعض الدول العربية الخليجية بالأساس والذى وصل إلى حدود العدوان والوصاية الخارجية حادى وعشرون :- عدم الإعتبار مما حدث فى فلسطين المحتلة او الجزائر عندما فاز انصار التيار الاسلامى بالانتخابات ، وتكرار الامر بنفس الغباء مما هدد البلاد بالعزلة الاقليمية والدولية او بالحرب والانقسام او باسقاط الثورة ، فكان ان تم تنفيذ الخيار الثالث ثانى وعشرون :- التحركات المشبوهة لبعض المنتمين للأقليات العرقية فى النوبة ومطروح وسيناء ، مما أعطى انطباعا مزيفا باتجاه البلاد الى التفكك والتحلل والانقسام ، ثالث وعشرون :- الغباء الاستراتيجى الذى اصاب بعض المثاليين من الذين كانوا دعائم الثورة فى بدايتها ، فأظهر هؤلاء نيتهم المبكرة فى مساندة التغيير والتطهير الشامل بما فى ذلك اعادة بناء القوى العميقة التى تمتلك أدوات القوة الباطشة ؟ رابع وعشرون :- خيانة بعض افراد النخبة المصرية( الفنانون والرياضيون وغيرهم ) لثوابت الثورة وتحالفهم مع اعداء الثورة بالداخل والتنسيق معهم ،، خامس وعشرون :- قيام بعض الأطراف المحسوبة على الثورة بالتحالف مع دويلات اقليمية تملك المال بحجة التصدى للمشروع الاسلامى أو التصدى للإسلام السياسى ،، سادس وعشرون :- تآمر الدولة الإدارية العميقة بكل ادواتها ضد العملية الثورية وتلويث سمعتها ووضع العراقيل امام نجاحها سابع وعشرون :- افشال السلطة الجديدة التابعة للثورة وشيطنتها اعلاميا وتآمر بعض الفصائل الثورية ضدها ،، ثامن وعشرون:- خيانة بعض فصائل اليسار للثورة واعتبارها ربيع عبرى( خاصة المنضوين ضمن لأحزاب الرسمية ) وهؤلاء يتعاونون حاليا بكل جهدهم مع الثورة المضادة وغالبيتهم الساحقة نالوا مكافآت سخية مع ان معظمهم غير مؤهلين لقيادة طابونة أو حظيرة مواشى ، تاسع وعشرون :- عدم كفاءة من انتخبهم الشعب المصرى لتولى قيادة اول سلطة رسمية للثورة سواء على المستوى التشريعى ، او على المستوى السياسى ،، ثلاثون:- الاعتماد على بعض المنتمين للتيار السلفى بلا أى تحفظ ، بالرغم من كل الموبقات والخلفيات المعلومة عن الظروف التى خلقت تواجد هؤلاء وادوارهم السابقة على الثورة ،، حادى وثلاثون :- فشل الشعب المصرى فى حماية ثورته وانجراره وراء الحملات الاعلامية التى ساهمت فى تدمير الثورة بغباء منقطع النظير ينم عن خواء سياسى ، فيما صدق الناس النظريات الترهيبية من الثورة والرعب من التحول الى لاجئين كشعب سوريا وشعب العراق ،، ثانى وثلاثون :- تحالف بعض قوى الشعب ممن ينتمون الى العمال والنقابيين للعمل ضد الثورة عبر تدبير الاضرابات والفاعليات الشعبية المشبوهة،، ثالث وثلاثون:- النهج الاصلاحى المثالى الأهطل الذى تم استخدامه فى مواجهة قوى التآمر التى كانت تعمل وتتٱمر بكل الحرية بحجة حرية التعبير والعمل السياسى ،، رابع وثلاثون :- الدور الصهيونى فى شيطنة توجهات الثورة امام القوى الامريكية والغربية واعتبارها خطرا على وجودها ينبغى استئصاله ،، خامس وثلاثون :- استخدام البلطجية والمأجورين بدون قوة مكافئة تمنعهم او قانون يردعهم ،وكذلك تحويل قوى الأولتراس الرياضى الكروى إلى فصيل معادى للثورة بحجة الدفاع عن شهداء مذبحة بورسعيد ، ثم صمتوا بعد استكمال دورهم الهادم للثورة والخائن لحقوق زملائهم ، سادس وثلاثون:- تآمر بعض أصحاب رؤوس الأموال ضد الثورة وتمويلهم لعصابات اجرامية مثل البلاك بلوك وغيرها ،، سابع وثلاثون :- عدم احداث توازن اقليمى لمواجهة العداء الخليجى الصهيونى الواضح ضد الثورة ، والاندفاع فى معاداة وتخويف ايران وحزب الله وسورية والجزائر والسماح لمرتزقة وخونة السلفيين من رفع سقف الخطاب المعادى لإيران والشيعة ،بل والاعتداء على رئيس جمهورية إيران بالأزهر ، ثامن وثلاثون :- الفشل الاعلامى الذريع لقوى الثورة وحلفائها والاستعانة بشخصيات ورموز لا قيمة لها أو عديمة الكفاءة ، وبعضهم كان متآمرا منحطا تاسع وثلاثون :- عدم دراسة الاسباب والقواعد التى انتصرت بها الثورات الشعبية الاخرى الناجحة عالميا أو حتى أسباب فشل من فشلوا ، مثل الثورة الروسية او الثورة الايرانية او الثورة الفرنسية او الثورة الرومانية ، وكان ذلك جليا فى الاسلوب الذى تعاملت به الثورة مع أعدائها ومع الأحداث المتتابعة رسميا وإعلاميا وسياسيا وثوريا ، أربعون :- عدم دراسة اسباب الفشل التى ضربت كل التحركات الثورية المصرية فى الأزمنة السابقة لكى يمكن تجنبها ،،
#حسن_مدبولى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذى قتل أطفال الفقراء؟
-
البكاء دما؟
-
البكاء بين يدي طفلة مجهولة؟
-
الوعي المفقود ؟
-
من يترأس نادى الزمالك؟
-
عبقرية هندوسية ؟
-
الترحم على ( المثقفين ؟)
-
25 يناير 2011 ؟
-
هيباتشيا المسحولة والجمهورية الجديدة؟
-
الرجال الذين مزقتهم الشروخ ؟
-
إيزادورا أو جوليت المصرية ؟
-
شهادة للتاريخ ؟
-
تحيا شيلى !!
-
خمسون عاما ؟
-
بمناسبة اليوم العالمى للغة العربية
-
قرارات مصيرية ،، بعد هزيمة الفريق التونسى !! فانتازيا ساخرة
-
عن السفاهة والتبذير فى قطر ؟
-
إنهيار التجربة التركية، ما العمل؟
-
الفساد الأكبر ؟
-
فيلم أميرة !؟
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|