أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 42














المزيد.....

جسر اللَّوْز 42


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 7131 - 2022 / 1 / 9 - 20:35
المحور: الادب والفن
    


أخبرتني رهان أن المستندات الخاصة بها قد وصلت كاملة من دمشق بعد أن تم توقيعها وتصديقها من وزارة الخارجية. حينها شعرت بتأنيب الضمير فقد تأخرت حقاً بطلب أوراقي، في اليوم نفسه بعثت إلى أهلي في سوريا رسالة رجوتهم فيها السعي لتأمين المستندات (شهادة ولادة، وثيقة غير متزوج، وثيقة لا حكم عليه) التي أحتاجها للزواج في ألمانيا للمرة الثانية.
مع الأيام أخذ مصطفى يتجادل معي طوال الوقت حول تأخر وصول الأوراق الضرورية لتسجيل زواجي من رهان، كان يعتقد أن ابنته على اتصال جنسي معي وهذا ما كان يرعبه، صار يتهمني بأنني كذبت عليها وعلى والديها وأنني ألعب بعقل ابنته، وبدأ يهددني من جديد بعصبية عائلته التي ستقتلتي حتماً إذا اكتشفت أنني لن أتزوج حبيبة قلبهم رهان.
أحياناً كنت آخذ هذه التهديدات على محمل الجد وأحياناً لم أفعل ذلك.
بعد حوالي أربعة أشهر صرّحت رهان أنها لم تعد قادرة على تحمل الحياة في ألمانيا وأنها تفكر جدياً بالانتحار. حدث هذا الأمر بعد أن داعبت يدي الثقيلة وجهها وجسدها، كنا في السوق نمشي ونشاهد واجهات المحلات، بدت لي هادئة مطمئنة، استغليت الفرصة ورحت انتقد بعض سلوكياتها مع الأمل بالتغيير نحو الأفضل، لكنها لم تتحملني على ما يبدو، جلست أميرتي البلهاء على أرض الشارع أمام الناس وراحت تشهق وتبكي وكأن أمها قمر ماتت للتوّ، نهضت فجأة وهربت، ركضت حوالي أربعين متراً ثم صعدت إلى سيارة خاصة مفتوحة الأبواب، حين رآها الرجل صاحب السيارة الذي كان ينتوي شراء علبة تبغ اتصل على الفور بالبوليس، في هذا الوقت كنت قد وصلت إلى السيارة، اعتذرتُ من الرجل، لكن رهان كانت قد مدّت رأسها في تلك اللحظة وقالت: "لا أعرفه .. أريد أن أذهب معك".
على الرغم من أنني لست طبيباً نفسياً، إلا أنني أسمح لنفسي بتدوين هذه الملاحظة: "راقبت سلوك رهان بوضوح شديد على مدار الأشهر الأخيرة، ثمة شيء ما يحدث بشكل دوري خاطئ، فهي تتصرف دائماً بشكل غريب وبحساسية شديدة، حالما يأتي يوم الخميس تتغير نفسيتها، تصبح أكثر اكتئاباً وحزناً، يستمر سلوكها هذا حتى بعد ظهر يوم الأحد. أنا على يقين من أنها كانت بحاجة إلى استشارة طبية نفسية سريعة وأجرؤ على الشك في أن هذا الكائن قد تعرّض للإيذاء الجنسي في طفولته".
بعد أيام قليلة من تصريحها بشأن الانتحار جاء أخوتها إلي وصدف أن كانت رهان قد أمضت الليل عندي، قال أكبرهم بتهذيب: "ليس لدينا شيء ضدك، عندما تكتمل أوراق الزواج تستطيع أن تتصل بنا".
شربوا القهوة وغادروا مصطحبين إختهم إلى برلين.
كنت في الواقع سعيداً للغاية لأنني رأيت في هذا التصرف نهاية حتمية لعلاقة مريضة بيني وبينها، في نفس الوقت كنت قد اعتدت على التعايش مع هذا المرض الخبيث، فقد أردت حقاً دعم هذا الكائن الفضائي لأن النضال من أجل تحقيق الديمقراطية والعمل على تحسين ظروف المرأة العربية ومساواتها مع الرجل هو جزء من مبادئي التي أعتز بها وأعمل على نشرها في صحافة الإنترنت العربية.
من برلين سافرت رهان وإخوتها إلى المملكة العربية السعودية، كانت إقامتها في ألمانيا قد شارفت على النهاية، والدها مصطفى كان قد نظّم كل شيء من غرفة تحكمه في الرياض، لم تكن رهان تعلم أنه لم يعد مسموحاً لها بالعودة إلى ألمانيا. في الواقع لم أكن على دراية بالأحداث التي أصفها الآن، فقد حطّم أخوها هاتفها المحمول وعطّل لها كلمة المرور إلى صندوق إيميلها الخاص، اكتشفت هذا الأمر وأشياء أخرى لاحقاً.
بعد عدة أيام أرسلت لي رسالة قصيرة ـ يبدو أنها أخذت رقمي من تلفون أبيها ـ كتبت فيها: "أنا رهان، حاولت الابتعاد عن مهاتفتك، لكن على ما يبدو أن القدر أقوى من الجميع، كيف حالك أحمد، أنا مع والداي في الرياض، من فضلك اتصل بنا وأخبرهما كم تحبني .. أنا مشتاقة لك يا حبيبي".
يتبع



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسر اللَّوْز 41
- جسر اللَّوْز 40
- جسر اللَّوْز 39
- جسر اللَّوْز 38
- جسر اللَّوْز 37
- جسر اللَّوْز 36
- جسر اللَّوْز 35
- جسر اللَّوْز 34
- جسر اللَّوْز 33
- جسر اللَّوْز 32
- جسر اللَّوْز 31
- جسر اللَّوْز 30
- جسر اللَّوْز 28 و 29
- جسر اللَّوْز 27
- جسر اللَّوْز 26
- جسر اللَّوْز 25
- جسر اللَّوْز 24
- جسر اللَّوْز 23
- جسر اللَّوْز 22
- جسر اللَّوْز 21


المزيد.....




- طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا ...
- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - جسر اللَّوْز 42