|
جسر اللَّوْز 26
علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 23:40
المحور:
الادب والفن
كان قد مضى حوالي أربعة أشهر على وصول الطبيب عبّاس زوج مها إلى ألمانيا حين زارني بمفرده. قبل ذلك زارني عدة مرات برفقة زوجته. كان يبدو في تلك الزيارات طيباً خجولاً صامتاً مصغياً وحزيناً. جاء هذه المرة بشوشاً واثقاً من نفسه. ما أن وصل حتى تناول حقيبة الظهر التي كان يحملها، فتحها وأخرج منها نارجيلته وراح يجهزها للسهرة. سألته عما يشرب! أجابني: ويسكي من فضلك إذا كان لديك ما يكفي؟ قدمت له كأساً من الويسكي بناء على رغبته. حين سألته عن حاله وحياته مع مها، نفث الدخان من أنفه طويلاً حتى جحظت عيناه وجعل يحكي بحرقة: عندي إمراة قليلة ذوق، لو كنت أعيش مع رجل لكنت أكثر سعادة من عيشتي معها. للأسف ما يحدث معي منذ وصولي إلى هنا لا يمكن تصوره. المخلوقة قاسية وغريبة الأطوار، مخيفة حقاً. البارحة تقاتلنا أكثر من عشرين ساعة، سمعت البناية الطلابية بنا، جرحت لي كتفي جرحاً بطول الإصبع الوسطى. مها إمرأة تحتاج إلى طبيب نفسي. حدث ما حدث فقط لأنني قلت لها أن عليها ألا تعطي أختها نقوداً بشكل شهري لأننا كعائلة صرنا أولى بهذه النقود. قلت له: يوم لنا ويوم علينا، طول بالك عليها، الخلافات لا تُحل بالعصبية. أخذ رشفة كبيرة من كأسه الواسعة ثم قال وهو يبتسم بسخرية: دعنا منها، ما عاد عندي رغبة بالحكي، قلت لك بأنها قليلة ذوق وتافهة وكفى الله المؤمنين شر القتال. ثم ما أن مضت دقيقة من الوقت حتى عاد للكلام عنها. المصيبة الكبيرة أنني لا أعرف مع من يجب أن أتكلم كي أرتاح. وحياة أمي، بت أخاف منها. صدقني بأنني كثيراً ما أشعر بأنني حشرة وبأن حياة أسوء خلق الله أجمل من حياتي. تُعاملني الرذيلة بطريقة سيئة جداً. قسماً بالله أشعر بالعار، لا أهنأ بطعام أو نظافة أو شراب، مع العلم أنني أخدمها كما لم يخدم رجل امرأة، مها غريبة الأطوار كئيبة وأنا أشعر معها بالذل. لا أفهم ما الذي يدفعها كي تشتمني بأبشع الألفاظ وتلعنني وتلعن الساعة التي عرفتني بها. أرجو منك يا أحمد ألا تخبر أحداً بهذا الكلام. الناس تحب الشماتة وتستمني بشكل دائم على مصائب الآخرين. وحين طمأنته تابع كلامه: أحياناً أشعر بأنها تغار من نجاحي ورواقي الدائم وطريقتي في الحياة. عندها ضجر من زمان وإحساس بعدم الرضى، ما عندها حتى القوة بالمعنى النفسي كي تهتم بالبيت، الله وكيلك أنا من يقوم بأعمال البيت بالإضافة لتعلم اللغة. تعاملني كأني سِكّير، مقامر، تافه، أزعر. سأخنقها يوماً، الزواج التقليدي من اِمرأة تكره أنوثتها: قضيب كر دخل في مؤخرتك دون استئذان، دون رحمة ودون تشحيم. ليس من السهل انتزاعه من المؤخرة وإجراء عملية تجميلية لها. قاطعته: أنصحك بالصبر، يبدو أنها مضغوطة نفسياً، زيادة عن اللزوم، بلد جديد وظروف صعبة ودراسة مرهقة وزواج ومسؤوليات، الضغط الزائد يعمل مشاكل أحياناً، لا تكن مفرط الحساسية، عليك أن تتجاهلها حين تكون ملبدة نفسياً، اترك البيت يا أخي لساعات ... بالنتيجة أنت طبيب كبير وصاحب خبرة حياتية ولا أريد التنظير عليك. ردّ بعصبية: لا أستمتع بالحياة معها إطلاقاً، كثيراً ما نتجادل بشدة مع بعضنا البعض لأسباب غبية، لعلها لم تتعلم في منزل أهلها كيفية التعامل مع الرجال، لا تحب التسلية، تراها متوترة بشكل لا يطاق. أشعر بألم شديد، بعبارة أخرى، أشعر بالقرف، في الواقع ، أشعر بالخجل الشديد من الزواج معها، لم نحتفل بليلة رأس السنة الجديدة، وفي عيد ميلادي نمت مبكراً أيضاً، حتى أننا لم نفعل شيئاً مشتركاً في عيد الحب. لا أفهم هذه المرأة ولم أعد أريد أن أفهمها. أراهها سيئة للغاية وفقيرة الروح. عندما تضرب المرأة زوجها كفوفاً بيديها الخشنتين دون سبب تكون حتماً غير طبيعية، تطوراً غير ناضج، عندها تكون المرأة رجلاً قميئاً. مها ببساطة تعيش في عالم آخر. أعتقد أن حجم مخها يكاد يطابق ذلك الخاص بالغوريلا وحسب. لن أنسى ما حييت كم ظلمتني في الأشهر الأخيرة منذ قدومي إلى هذا البلد. مها إمراة فاجرة، كلبة ومستئذبة، أما أنا فشجرة حورٍ باسقة تتوُّقُ للتطعيم والتقليم بأصابعَ بُستانيّةٍ تُتقن عملها لا بأصابع زوجتي الكريهة وسأجد هذه البُستانية هنا وقريباً إن شاء الله. ولكي أنهي الحديث معه وعنها قلت له بالألمانية: „Als Gott das Weib schuf, nahm er die Gestalt von einem Engel, das Herz von einer Schlange und den Verstand von einem Esel.“ وحين رجاني أن أترجم له ما تلفظت به إلى العربية قلت: يقول مثل روماني: "عندما خلق الله المرأة أخذ لها الشكل من الملاك والقلب من الثعبان والعقل من الحمار." يتبع
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جسر اللَّوْز 25
-
جسر اللَّوْز 24
-
جسر اللَّوْز 23
-
جسر اللَّوْز 22
-
جسر اللَّوْز 21
-
جسر اللَّوْز 20
-
جسر اللَّوْز 19
-
جسر اللَّوْز 18
-
جسر اللَّوْز 17
-
جسر اللَّوْز 16
-
جسر اللَّوْز 15
-
جسر اللَّوْز 14
-
جسر اللَّوْز 13
-
جسر اللَّوْز 12
-
جسر اللَّوْز 11
-
جسر اللَّوْز 10
-
جسر اللَّوْز 9
-
جسر اللَّوْز 8
-
جسر اللَّوْز 7
-
جسر اللَّوْز 6
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|