المؤتمر الثالث للإتحاد النقابي العالمي لعمال الصناعة: مهام نقابية في مواجهة الشركات العولمية
جهاد عقل
2021 / 9 / 25 - 01:11
اضطر اتحاد النقابات العالمي لعمال الصناعة (Industriall Global Union) الى عقد مؤتمره الثالث افتراضيا ضمن منصة "الزوم" بسبب جائحة Covid-19،وذلك تحت شعار "متحدون من أجل مستقبل عادل" وكانت الاستعدادات لعقد المؤتمر في الأصل، بمدينة "كيب تاون" بجنوب إفريقيا، لكن جائحة كورونا فرضت على اللجنة التحضيرية للمؤتمر، عقده افتراضيًا من استوديو تلفزيوني في جنيف. أيام 14-15 سبتمبر / أيلول 2021، وبالرغم من هذا الوضع فقد أعلنت قيادة المؤتمر، أنه شارك في النقاش" أكثر من 3000 مندوب ومراقب من أكثر من 100 دولة وناقشوا، وانتخبوا قيادة جديدة واعتمدوا خطة عمل طموحة للسنوات الأربع القادمة”.
لمحة عن الاتحاد العالمي
في ظل استفحال البطش الرأسمالي، الذي واجهه عمال الصناعات من قبل الشركات العولمية، أو العابرة للقارات، وقيامها باستغلال القوى العاملة في الدول الفقيرة، التي تعاني من البطالة وتدني الأجور، تنادت قيادات النقابات العمالية الناشطة في المجال الصناعي، من مختلف دول العالم من أجل توحيد صفوفها، بهدف مواجهة السياسات الاستغلالية للشركات العولمية، ومن أجل فرض عليها إتفاقيات عمل تضمن العمل اللائق والأجور العادلة للعاملين في المجالات الصناعية.
وبتاريخ 19 حزيران / يونيو 2012 تأسس الإتحاد النقابي العالمي للعاملين في الصناعة، وانتسبت له اتحادات نقابية من 140 دولة تضم 50 مليون عامل منظم في هذا الإتحاد النقابي الدولي الهام، ويشمل المنتسبين للاتحادات النقابية العالمية السابقة منها : الإتحاد الدولي لعمال المعادن (IMF)، والإتحاد الدولي لنقابات العمال الكيميائية والطاقة والمناجم والعاملين في مجال المنسوجات والملابس والجلود واتحاد (ITGLWF )وهكذا أصبح يمثل العاملين في القطاعات التالية:
- استخراج النفط والغاز
- التعدين والماس والأحجار الكريمة
- توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية
- المعادن الأساسية
- بناء السفن وتكسيرها
- السيارات
- الفضاء
- مهندس ميكانيكي
- تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والكهرباء والإلكترونيات
- مواد كيميائية
- لب الورق والورق
- مواد بناء
- المنسوجات والملابس والجلود والأحذية
وبهذه الوحدة العمالية: "صبح الإتحاد العالمي للصناعة يتحدى قوة الشركات متعددة الجنسيات ويتفاوض معها على المستوى العالمي. كما يناضل الإتحاد من أجل نموذج آخر للعولمة ونموذج اقتصادي واجتماعي جديد يضع الناس في المقام الأول، على أساس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وهو قوة في التضامن العالمي يخوض الكفاح من أجل تحسين ظروف العمل وحقوق النقابات العمالية في جميع أنحاء العالم”.
خاصة وأن النقابات العمالية في العالم وعمالها يواجهون العديد من الأزمات والاستغلال الذي تقوم به الشركات العولمية متعددة الجنسيات ، مما أدى الى تزايد عدم المساواة، وتغيير أشكال العمل، وتغير المناخ، والآن وباء كوفيد – 19 .كل ذلك يؤكد أن العمال يحتاجون إلى منظمات نقابية قوية وموحدة لبناء مسار لمواجهة هذه الأزمات، ولضمان عدم دفع العمال الثمن ومن خلال متابعتنا لنشاط الإتحاد نؤكد أنه يقوم بدور هام في حماية حقوق العمال من خلال النضالات التي يخوضها ضد سياسات الشركات العولمية وتعميق مفاهيم التضامن العمالي النضالي العالمي وأهميته.
ضمن "ميثاق التضامن التأسيسي للاتحاد"، والذي يمكن القول بأنه بمثابة "دستور نقابي نضالي" تم التأكيد على العديد من النقاط الهامة منها:
- تحمل مسؤولية احترام الحقوق النقابية وظروف العمل اللائقة في جميع سلاسل التوريد الخاصة بهم.
- تطوير إستراتيجية شبكة الشركات متعددة الجنسيات بشكل أكبر لتبادل المعلومات، والمبادرات المشتركة، والمنصات المشتركة، وتنسيق المفاوضة الجماعية الوطنية والتعبئة في حالة انتهاك حقوق العمال من قبل الشركات متعددة الجنسيات ومورديها.
- إنشاء آليات للحوار الاجتماعي المنتظم على المستوى العالمي و / أو الإقليمي لتمكين العلاقات الصناعية البناءة التي تؤدي إلى مفاوضات على المستوى العالمي.
- بناء الإجراءات التنظيمية اللازمة للتمكين من إبرام اتفاقيات تتجاوز المحافل الدولية مع الشركات متعددة الجنسيات.
- بما أن تمثل الشركات متعددة الجنسيات تسيطر على حوالي 70%من التجارة العالمية، وهي بلا شك حاسمة في تحديد وتشكيل الاقتصاد العالمي الذي نعيش فيه ونعمل فيه اليوم. نظرًا لقوتها وتأثيرها، من الضروري أن تعمل الشركات متعددة الجنسيات بطريقة تحترم وتعزز حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق العمال أينما كانوا، ولا سيما فيما يتعلق بمعايير العمل الأساسية على النحو المحدد من قبل منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة (منظمة العمل الدولية)، وهي :
- الحق في تكوين النقابات والانتماء إليها - اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 ؛
- الحق في المفاوضة الجماعية - اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 ؛
- الالتزام بعدم إستخدام العمل الجبري أو الاستعبادي - اتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقم 29 و 105؛
- الإلتزام بعدم إستخدام عمالة الأطفال - إتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقم 138 و 182 ؛
ات- الالتزام بعدم التمييز - اتفاقيتا منظمة العمل الدولية رقم 100 و 111.
كما أقر الميثاق ضرورة محابة الفساد في هذه الشركات ودور العمال والنقابات في الكشف عن الفاسدين، وميثاق منع التحرش الجنسي وغيرها من القضايا النقابية الهامة.
مؤتمر ناجح ونقاش مفتوح وهام
كما ذكرنا أعلاه، بخصوص اضطرار قيادة الإتحاد عقد مؤتمرها افتراضيا وعدم عقده في جنوب أفريقيا كما هو مخطط له، إلا أن المؤتمر الثالث الذي عقد افتراضياً كان :”بمثابة اجتماع حاسم للحركة النقابية العالمية، حيث سيؤثر على أولويات النقابات في قطاعات التعدين والتصنيع والطاقة في جميع أنحاء العالم خلال السنوات الأربع المقبلة". كما جاء في البيان الختامي للمؤتمر الصادر يوم 16 أيلول 2021
وخلال النقاش على خطة العمل المقترحة للسنوات الأربعة القادمة تم التأكيد على ضرورة العمل من أجل تضافر القوى لتوفير اللقاح لكل إنسان في العالم من أجل محاربة انتشار هذا الوباء، أما بخصوص القضايا النقابية الحارقة قيل: "حقوق العمال تُداس وتتعرض للهجوم في كل يوم من أيام السنة. لدينا كل الحق في توقع احترام هذه الحقوق، المعترف بها من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهيئات الأمم المتحدة والعديد من الحكومات. نحن القوة المنظمة التي تقف بين الشركات متعددة الجنسيات والسلطة الديكتاتورية الكاملة على عملية الإنتاج بأكملها. كيف ننتصر في حرب الحقوق؟
خلال مناقشات وثائق المؤتمر شارك عدد كبير من المندوبين، وتناولوا في نقاشهم قضايا عديدة تتعلق بتطوير عمل الإتحاد وتقويته نقابياً من أجل مناهضة السياسات الرأسمالية المتعلقة في شركات العولمة وغيرها ونشير الى ما قاله البعض في نقاشهم، حيث قالت مساعدة الأمين العام كريستين أوليفييه عن بناء القوة النقابية في نقاشها بهذا الخصوص:
"نحن بحاجة إلى العودة إلى الأساسيات، لبناء نقابات ديمقراطية يسيطر عليها العمال تحقق النجاح. أي اتفاقات يتم التوصل إليها، بما في ذلك الاتفاقات العالمية مع الشركات متعددة الجنسيات، يجب أن تعزز حقوق العمال ".
اما مساعد الأمين العام كان ماتسوزاكي فقام بتقديم مداخلة عن كيفية مواجهة رأس المال العالمي:"نحن بحاجة إلى أدوات دولية أكثر قوة لفرض التزامات ملزمة على الشركات متعددة الجنسيات، وليس فقط مطالبتهم باحترام حقوق العمال الأساسية."
وقال الأمين العام المساعد كمال أوزكان، في مناقشته حول السياسة الصناعية المستدامة:
"تتحمل الحركة العمالية العالمية مسؤولية تاريخية لمواجهة الاتجاهات الكبرى التي تؤثر على مستقبل العمل، بما في ذلك تغير المناخ والرقمنة والصناعة، نحن نطالب بانتقال عادل ".
انتخاب قيادة جديدة ووداع للأمين العام السابق
هذا وودع أعضاء المؤتمر النقابي فالتر سانشيز الذي تنحى عن منصب الأمين العام، ثم جرت انتخابات للقيادة الجديدة، عبر الإنترنت لفريق قيادة جديد.
حيث تم انتخاب النقابي أتلي هوي، مساعد الأمين العام السابق، أمينًا عامًا بالإجماع.
أما النقابي يورغ هوفمان، رئيس الاتحاد الألماني لنقابات IG Metall سيستمر بمنصبه كرئيس الإتحاد.
كما أُعيد انتخاب النقابي كمال أوزكان لمنصب الأمين العام المساعد، وأُنتخب أيضا النقابي كان ماتسوزاكي، مدير قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات والكهرباء والإلكترونيات وتكسير السفن سابقًا مساعد الأمين العام الإضافي. وإنتخبت النقابية كريستين أوليفييه، السكرتيرة الدولية في اتحاد جنوب إفريقيا.
أقر أعضاء المؤتمر ستة نواب رئيس جدد من مختلف المناطق وهم :
- أكيرا تاكاكورا، اليابان- عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ
- لوسينيد فارجاو، البرازيل – عن منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي
- النقابي عبد المجيد مطول، المغرب لفترة (2021-2022)، النقابية هاشمية السعداوي، العراق للفترة (2022-2023)، والنقابي صالح قنديل، المغرب للفترة (2023-2024)، والنقابي حبيب حزامي، تونس للفترة (2024-2025) – عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (بالتناوب!!!!)
- آنا فيندلي، الولايات المتحدة الأمريكية - عن منطقة أمريكا الشمالية
- جوزيف مونتيسيتسي، جنوب أفريقيا- عن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء
- جاربينيا ايسبخو، إسبانيا (أول عامين) ماري نيلسون، السويد (العامان المقبلان) – عن منطقة أوروبا.
قرارت هامة وشاملة
اتخذ أعضاء المؤتمر العديد من القرارات التي شملتها خطة العمل للأربع سنوات القادمة، واعتمد المؤتمر عددًا من القرارات النقابية والتضامنية مع النقابيين والنقابات في العديد من الدول منها: الجزائر وبيلاروسيا وكوريا وإسواتيني وإندونيسيا وميانمار وأفغانستان وما يحدث من أوضاع صعبة في هذه البلدان، حيث يُصاب العمل النقابي بالشلل بسبب الهجمات الهائلة على حقوق العمال.
كما اعتمد المؤتمر في قراراته،ما هو يتعلق بشأن التعاون مع النقابات العالمية الأخرى،من أجل بناء إتحاد صناعي عالمي قوي وموحد وحيوي والتصدي للتمييز على أساس الجنس والعنف القائم على النوع الاجتماعي في الهياكل النقابية. وضرورة حماية العمال وحقوقهم في ظل جائحة كورونا وتوفير اللقاح للجميع. الاتحاد يناضل من أجل التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 لمكافحة العنف والتحرش في عالم العمل. وتم التأكيد على أنه لا يوجد مستقبل بدون مساواة: نحن بحاجة إلى إرسال رسالة إلى الطبقة العاملة في العالم مفادها أن قيادة المرأة في اتحادنا العالمي أمر بالغ الأهمية لمستقبل الحركة النقابية العالمية ".