|
ايلول الاسود مع العشماوي ابودب و الوجه الاخر للأرهاب
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 7017 - 2021 / 9 / 12 - 00:08
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في ذكري احداث 11 سبتمبر الذي اسميه هنا بالايلول الاسود ان شئتم تنقلنا هذه المره الي ركن قصي من هذا العالم الفسيح لنكون شهود عيان لأرهاب العشماوي ابودب . فهيا بنا نتابع معاً وجهاً مغايراً من اوجه الأرهاب هذا الكائن الافتراضي الذي يهدد عالمنا الصغير و يستبد بقريتنا الجميلة المستحيلة . تجيئ ذكري أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م هذا العام مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً بعودة الطالبان الي كابول . و هذه الذكري الشوم لا يفصم عن عري الارهاب العالمي الرتبط باسامه بن لادن و صديقة الحميم ايمن الظواهري و من بعيد لبعيد رفيقهم كارلوس . فلا يكاد يأتي ذكري تلك الاحداث الارهابية المروعة حتي تقفز الي الاذهان تلك الشخصيات المرعبة التي ظلت تأرق العلم لعقدين من الزمان . فقد أحدثت افاعيلهم تلك ما أحدثت من تدعيات القيت بظلالها المظلمة علي كل ارجاء العالم . و لا شك انها غيرت مجري التاريخ سلباً و ايجاباً فرغم مرور عشرون عام من وقوعها فأحاثها تروي كأحداث اليوم . ها هم الطالبان يعودون مجدداً الي كابول و يحتلون افغانستان كما لو انهم يأكدون للعالمين بأمكانية دوران عقارب الساعة الي الوراء . علي كل حال فالغد لناظره قريب فلسنا هنا للحديث عن المرحومين بلادن و الظواهري و لا كابول و الطالبان . لكننا بصدد تناول قصة من قصص الارهاب بأختلاف الزمان و المكان لكن يبقي الارهاب هو الارهاب بوجهه الشيطاني الكالح الشنيع . فليس للأرهاب دين و لا قبيلة او جنس و لون . بطلنا الارهابي اسمه ابودب و ما ادراك بأودب . هنا جاهداً تذكر ملامح الرجل فيخيل لي انني رأيته غير مرةً في حياتي في أمكنة و أزمنة مختلفة ً. و يراودني شك كبير بأنني لم اقابله ابداً ابداً لكنه يبقي عالقاً في مقدمة الذاكرة لا يبرهها هو رجل ضخم فارع الطول فطوله لا يقل ابداً عن الثلاث امتار الاربع علي اسوا تقدير . هو رجل عملاقي من العماليق القدامي رمي به الدهر الي تلك الديار ليقطن تلك الروابي و التلال الامنة في جبال النوبة . و يقولون انه عمل في شبابه الباكر في حرفة العشماوي او الشناق في سجن بورتسودان الشهير المشأوم . فقد تم اختياره اختياراً موفقاً كما لو انه اوجد مخلوقاً لجنس هذه الخدمة التي تشبهه فهو مع اوصافه انفة الذكر يمتاز بالقسوة المفرطة و غلاظة القلب و احمرار العيون جباراً لا يرأف بضحاياه . اذ كان يجتث الرؤوس جثاً بمهنية و مهارة يحسد عليها . ان اقرب صورة او تشبيه يمكن ان يقربكم الي شخصية ابودب هي صورة البطل الفلسطيني جليات الواردة في العهد القديم من الكتاب المقدس . لم يدم ابو دب في العشماوية و شنق الناس زمن طويلاً فعاد الي موطنه علي عجل من أمره تاركاً خدمته و عمله ، حتي دون ان يأخذ مستحقات او مكافأت عمله الممتاز . اختار ابو دب الاقامة بموطنه الاصلي او مهده ميلاده و مرتع صباه في ضاحية أمجان القريبة من كوبنق ريفي هيبان جبال النوبة . أحب اب دب و اراد بأن ينأي بنفسه بعيداً جداً عن هواجس عويل وصرخات الضحايا من الذين شنقهم في سجن بورتسودان الكبير لكن هيهات . فقد ظلت تلك الارواح المزهقة و الدماء المراقة تطارده و تأرقه ليل نهار كالخيال احلام . تزوج ابو دب بأمرأتين او ثلاث نساء أملاً النفس بالسلو و السهو و النسيان لكن بلا فائدة ترجي . عاش اب دب بين الناس هنا غريب الاطوار متقلب المزاج عصبي الهوي . فهو اغلب الاوقات تنتابه من وقت لأخر نوبات هيجان فيخرج الي الغابات مثيراً الرعب و الخوف في تلكم النواحي بصرخاته الهستيرية التي تعيد الجبال اصدائها رجع الصدي بترديد الجبال أصواتاً مخيفة مفزعة تطير النوم من العيون و تزلزل العناقريب تحت النائمين فوقها . في سبتمبر من خريف العام 1980 م ، و ان كنت لا اكذبكم فتلك الايام في تاريخها و توقيتها تصادف هذه الايام تماماً . زروة الخريف و الامطار هنا تهطل لساعات طول تمتد الي ايام انها مواسم كورس الانجيل و النهضات الروحية السنوية . بعض خيرات الخريف اينعت و تم قطافها من تبش و باميه و العيش الريف و الكرجقل او القرع ، امتلئت البطون و الناس شبعانين تريانين . الارواح و الانفس معاً في سمو نشوتها من الانتشاء و الامتلاء الروحي و البدني معاً . لم يعد أمر من الامور كالجوع مثلاً يستحق القلق او الانزعاج . الفتية و الفتيات يعدون العدة و يجهزون انفسهم لمواسم مهرجانات و كرنفالات الحصاد القادمة . الاستعدادات بدأت قدم و ساق لتهيئة الاجواء بغية الذهاب الي ميادين المصارعة ساعات النهار و من ثم الخروج في الليالي القمرية الي ساحات الغناء و الرقص و الطرب الاصيل . في تلك الايام المباركات لم يرد الي اذهان الجميع ما يمكن ان يعكر صفاء اعياد الحصاد هذا العام ، فلم يمت احد في القبيلة او المنطقة بكاملها . الموسم واعد بالخير الكثير الجزيل الوفير و ها تباشرها تتوارد في شكل عطايا و تقدمات أتي بها المؤمنين الي الكنائس بسخاء في الاسبوع الاول من الكورس . كل المؤشرات تشير الي دنو مواكب الافراح و الاتراح حيث تتم اللقاءات ، كلام في الحب وعود فخطوبات و اعراس و اسر جديدة سعيدة . لكن كما الشاعر قال. مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ * تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ في ظهر ذاك اليوم الاسود هطلت امطار كثيقة في الظهر و استمرت في الهطول المتواصل حتي المغرب أعقبته شكشاكة او رزاز مستمر حتي منتصف الليل . هذا الامر جعل الناس يأوون الي جحورهم مبكرين قبيل حلول الظلام ملتفين حول بعضهم في حميمية اسرية . كل القطاطي كانت تعلوها الادخنة من نيران التدفئة و طبخ الاطعمة الشهية اللذيذة من بليلة عيش الريف و القرع بالسمسم و قدور اللحوم المختلفة . انداح الغروب سريعاً ليعقبة ظلمة ظلماء و سكون موحش يكاد المرء يمسك بتلابيبه لو لا الرعود و البروق التي تبرق لتضيئ ظلمات هذة الليلة التي لا تشيئ بخير . عند الساعة الثامنة او نحو التاسعة دوي في الارجاء الهادئة الساكنة دوي طلقات من بندقية مرمطون بحسب خبرات الناس هنا في تمييز اصوات البنادق و الرصاص . كان مصدر الطلق الناري أتي من مكان ما بأتجاه الهاوية علي الطريق الرئيسي بين هيبان كوبنق عند حله قبرص منها الي الشواية حتي كادقلي . حدث الكل نفسه يا تري من الذي خرج ليصطاد في مثل هذا الوقت الموخل في الظلام و الرطوبة و الوحشة و الخوف ؟ بالطبع لم ينتظر الجميع أية اجابة من الاخر . كم لم احد يخرج من الناس بيوتهم لأستجلاء الامر فناموا مبكرين كعادة أهل الريف . الا ان احد الافراد لم تثنيه حب الاستطلاع و التطفل ، فقد كان بيته قريباً جداً من موقع الحدث فخرج يشق الظلام بعصاه . حتي اذا صار عند الطريق ابصر شبحاً طويلاً ضخماً يشق الظلام فظنه في بدء الامر انه لوجهاً لوجه امام البعاتي . استجمع صاحبنا قواه و بواقي شجاعته و هو يرتعد مرتجفاً من حول المصيبة التي دفع نفسه اليها مؤنباً نفسه علي الاستعجال ناسياً بأن في العجلة الندامة . اختبئ وراء جذع شجرة كبيرة مندساً بين الحشائش مترتجفاً تكاد ارجله ان لا تحملانه لكنه تقوي و تشدد ريثما تعبر العاصفة و الا اهلكة هذا الشيطان الرجيم . ابرق الرعد برقاً أضاء كل المكان فتمكن من رؤية الشبح الهائل بوضوح ، الشبح البعاتي هو ابودب بشحمه و لحمه . انه ابودوب يحمل علي كتفه مرمطونه المعرف و اقفاً فوق جثةً هامدة و هو يتكلم بكلمات اللعن و الشتيمة و النبذ متوعداً خصومه و الاعداء بالويل و الثبور و عظائم الامور . كان ابودب يتكلم مزمجراً وهو هائج الثور منفعلاً مرتجفاً مردداً بصوت عالي بعض الاسماء من الذين حسبهم الاعداء الحقيقين له . و هو يقل ساقتلكم فرداً فرداً يا كلاب مكرراً : اليوم اليوم بدأت حربي معكم ايها الاوغاد الجبناء . شق ابودب طريقه عائداً من حيث أتي مدبراً مكفهراً . و عندما علم صاحبنا المختفي المندس و تيقين بتواري ابودب خلاف الاشجار و الصخور الي ما وراء التلال و تأكد بأنه لن يرجع تسلل من الحشائش يجرجر اقدامة بصعوبة الي مكان الجثة الملقاة في منتصف الطريق علي بعد مترين من الهاوية . تفرس في وجه القتل و أمعن النظر ليتعرف عليه فعرفة جيداً لكنه لم يتجرأ علي لمسه او جس نبضه لتأكيد من حياتة و موته . فقد كان متأكداً كل التأكيد من كلام ابودب و كلام ابودب عن الحياة و الموت لا يحتاج تحليل او تفسير فهو ملاك الموت نفسه . قفز صاحبنا مسرعاً الي كوخه ليجد زوجته في حيرة من أمرها قلقة تخرج و تدخل لا تلوي علي شيئ فهاجت في وجهه انت مشيت وين بالليل دا يا مجنون انت . فأشار اليها بكلتا يديه اسكتي اسكتي يا مجنونة انت انا ما ناقص !!! كان صاحبنا مضطرب و كل اوصاله ترتجف و رغم اجواء الرطوبة و الشكاشاكة ظل لوقت طويل يتصبب عرقاً كما لوكان في قدرة او صاج علي النار . لم يهدأ و لم يستكين ابداً ابداً حتي جاء الهزيع الاول من الفجر و صياح ديك الصباح . استجمع الرجل اشلاء و اشتات قواه الغائرة المنهارة المهزومة ليطلب كأس المديدة التي بردت فقد طلبت زوجته من البنات الاسرع بعمل مديدةً سخنة لأبيهم الذي استبدت به حمةً محمومةً شديدة لا شك ستصرعه و ترديه قتيلاً قبل حلول الصباح . كانت الزوجة تحاول ان تنادي الجيران لكنه كان يمنعها و يصدها بصرامة فتتراجع . و بعد ان ارتشف جغمتين من المديدة التي اعيد تسخينها . همهم يقول فلان كتلوه ... فلان كتلو ... ابودب كتل فلان ... انا شفته ابودب بعيوني الاتنين ديل . انا كنت مفتكرو بعاتي لكن لما البرق برق تأكدت منو جيد دا ابودب ذاتو ... دا ابودب دا ابودب يا جماعه ما تخالطوني ساكت . انا متأكد منو دا ... يا جماعه دا ابودب ذاته . كل هذا الهستيريا و الهلوسة لم يتدخل احداً سوا الزوجة او البنات تقاطعه في كلامه . عند الفجر الباكر كان احد الاهالي مسرعاً في طريقه الي سوق هيبان فكاد ان يدوس الميت بأقدامه فقز مفزوعاً مخلوعاً الي الناحية الاخر و الا كان سقط ميتاً هو الاخر في الهاوية في الناحية الاخري . فهب راكضاً الي المنزل القريب ليجد أهله في وجوم تام مذهولين تتلاطمهم الانواء في الاتجاهات الاربعة ليعلم من الزوجه ان زوجها خرج في الليل ليعود متغيير الاحوال مضطرب . ها هو لا يزال طول الليل يردد بانه رأي ابودب و ان ابودب قتل فلان و هو متأكد من ذلك . لم يشرق شمس ذاك الصباح حتي كان الخبر قد انتشر و عم القري و الحضر و كما يقولون انشر الخبر كأنتشار النار في الهشيم . هب الجميع الي مكان الحادث أطفال شيب و شباب النساء و الرجال معاً . ليروي كل منهم فيما بعد روايته عن الحادثة بشكل مغاير عن الروايات الاخري . لكنهم اتفقوا قلب رجل واحد أن ابودوب هو القاتل و لا شخص سواه ... و قال بعضهم بأن يحمل في جيبه لسته به نحو اكثر خمسمه و عشرون رجلاً من رجال القبيلة بعضهم في أمن و أبل و كوبنق و اخرين في مركز هيبان . و بينما الجميع علي حالة من الانفصام النفسي الامني الاجتماعي عاجزين لا يلون علي شيئ من أمرهم او ماذا يفعلون . وردهم للتو نبأءاً مباشراً من مصدر موثوقً به يقول بتأكيد لا يشوبه شك من بين يديه . هذا النبأ الجديد يخبرهم بأن ابودوب كتل الشيخ علان . و علان هذا لمن لا يعرفونه هو واحد من الاباء الاوائل المأسسين لمركز هيبان و الكنيسة و السوق و التجارة في كل المنطقة و ما جاورها حتي أقصي تلودي . رجع ابودب الي منزله مباشرةً بعد قتله لفلان ليستريح قليلاً علي سبيل استراحة المقاتلين ، اخذ غفوة من نوم استرد فيه انفاسه و عافيته . استعاد من ذاكرته لستة برنامج اليوم التالي لجدول حروب الاخوة الاعداء . و من ثم خرج في الهزيع الثاني متجهاً الي منزل قريبه علان و كان منزل علان يقع في التلة الغربية و لا يبعد عن منزل ابودب أكثر من ميلين او يقل . كان علان شيخ طاعن في السن شبعان من الايام قنعان من الحياة . و قد اختار شيخنا الانعزال طوعاً مفضلاً الابتعاد عن ضجيج هيبان ودوشوتها ليعودة الي أمجن مسقط الرأس . اقام سكن شبه متعزلاً الناس وحيداً في كوخه المواضع يتناوب الاهل و الاقارب في مساعدته و تقديم الخدمات الضرورية من الاكل و الشراب الخ . دخل ابودب منزل العجوز ليجده ملقياً علي فراشه . وكان يحمل بندقيته علي كتفه الايسر و ساطوراً بيده اليمني ، كان العجوز مستغرقاً في نوم عميق لا يدري ما يكيده المكائد و الاقدار . فسمع وقع اقدام ابودوب علي الباب يدفعه دفعاً كما لو كان ينوي هدم المنزل علي قاطنه . ليسمعه و هو قول أي ابودوب بصوت مسموع يا علان ... يا علان لماذا اخسر فيك طلقة من بندقيتي انا بحاجة اليه لأهداف اخري . ان هذا الساطور كافً جداً لأنجاز المهمة المناط بك . هوي ابودب بساطوره علي عظام هيكل العجوز كمن يشق حطب الحريق بضربات ممتاليه ليكتب النهاية الحتميه لشيخ كان ينتظر الموت بل كان يشتاقه و يتوق اليه اكثر من لهفة ابودب لقتله . خرج ابودب من منزل ضحيته الثانية بخطي متثاقلة تبدو علي وجهه المثقل بالتعب و الاسئ هيئة الجندي العائد من ساحة القتال و هو منهزم منكسرجرجر ورائه ازيال الخزي و العار . تخيلته يثوب الي رشده في لحظة صحو لضميره الميت من زمان مردداً خيبته و خذلانه .... لماذا كتلت علان يا ابودوب ... ما ذنب علان حتي تقتله بهذه البشاعة يا ابودوب ... انت ليس الا حشرة حقيرة يا ابودب العار كل العار عليك يا ابودب و هاذا سار ابودب عائداً داره و الخزئ و العار و اللعنات تتبعه تلاحقه تتطارده تكاد ان تصرعه . كان الوقت صباحاً و المشمس مشرق و الاجواء الطبيعية صافية لا تكدرها الا شناعة افعال البشر و خساسة النفوس و وضاعة الانسان و نفسه العمارة بالسوء . شاهد الكثيرين من الاهالي في أمجن ابودب خارجاً من منزل الضحية و لما كانوا يتهامسون فيما بينهم بأخبار مقتل فلان تأكدوا تمام بأن علان قتل هو الاخر . لم يكلف احدهم نفسه الذهاب الي منزل علان لأستجلاء الامر بل اندفع كل أهل أمجن كبيرهم قبل صغيرهم صوب كوبنق . و كانوا يصحيون كالمجانين او كمن مسهم الجن يصحيون بالعويل و النهيب ابودب كتل علان ... ابودب كتل علان ... ابودب كتل علان . لم يتريث أهل كوبنق هم الاخرين فأندفعوا مهرولين صوب مركز هيبان التي سبقتهم اليها ناس أبل و واو و أتني علي التوالي ... الي هنا في مركز هيبان تواردت الانباء بنشوب حرب و قتال في ابل و كوبنق و أمجن يقودها المعتوه الشهير ابودب لوحده ضد كل أهل المنطقة و لا احد يجروء صده او كبح جنونه . وصلت الاخبار مشوهة اية تشويه بعضهم يقول بأن ابودب قتل خمسة اشخاص و اخرين يأكدون بالقسم الغليظ بأن عدد القتلي اكثر من عشرة انفار علي اقل تقدير . و هنالك يقول بان عدد الجرحي كثر لم يتم حصرهم بعد .. بينما الاخرين صاروا يتلون من خيالاتهم الواسعة قوائم مختلفة تحوي اسماء من يستهدفهم ابودب في حربه التي بدأت ليلة الامس القريب . و كان بعضهم يصرح بأن ابودب الان في طريقه الي هيبان فقد رأه بعضنا في تخوم ابل يزحف عليهم زحف جيش المغول علي بغداد . و اخرين يأكدون بأن ابودوب الان علي مشارف تبلدي الصلاة و علي بعد خطوات من حجر الاسماء . فلم يتركوا لأهل هيبان فرصة سوي اللوذ بالفرار منها صوب الجنائن ثم الي اويا و قيل بأن أهل اويا وجدوا انفسهم اخيراً في الازرق .... تلك كان ارهاب الرجل الواحد اسمه ابودب الذي حوصر فيما بعد بتلاحم الجيش و الشرطة في هيبان ليتم القبض عليه حياً ... تم ترحيله الي سجن كادقلي التي قضي بها سنين قلائل ليفرج عنه في واحدة من الافراجات التي كان النميري يعلن عنها من وقت لأخر . عاد ابودب المفرج عنه الي أمجن و قيل بأن سبعة شياطين كبار اشر كثيراً من الشياطين الاولي اختارت ان سكنته . الامر الذ جعل ابودب يخرج كل ليل من بيته ليمارس رياضة الركض في الادغال و الاحراش حافي القدمين الا من الحوافر الطبيعية التي اكتسبها من فجخه للصخور و الدوس علي الشوك . لم يلبس ابودب حداءاً كل حياتة . فلا مقاس تناسب أقدامه الطويلة العريضة الضخمة فحتي لو وجدت فهي ستتمزق ارباً ارباً تحت وطئ ثقله و جهامته . كانت النسوة المسكينات تجري وراء هذا المجنون المخبول الذي لا يتعب و لا يفتر و هن يرددن صيحاته بالاوامر هاو .. هاو .. هاو هاو هاو من مغرب الشمس الي مطلع الفجر ... تجرحت ارجلهن و تشوهت اجسادهن الهزيلة بالأشوك و الحجارة تعبن من قسوة و من اللهث و العبث جرياً خلف عبقرية جنونه القاتل . و اخيراً قررنا الفرار و الهروب من جهيم ابودب لينجيين بأنفسهن الي مركز هيبان . لا ادري خاتمة المطاف الذي أل اليه مصير هذا العشماوي التعيس ابودب . كما لا يدري الكثيرين منا النهاية التي انتهاها اسامه بن لادن أمات في البحر او البر ام لا يزال حياً سيبعث بعث الطالبان فللهىفي خلقه شئون و مجون .
تجيئ ذكري أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م هذا العام مرتبطةً ارتباطاً وثيقاً بعودة الطالبان الي كابول . و هذه الذكري الشوم لا يفصم عن عري الارهاب العالمي الرتبط باسامه بن لادن و صديقة الحميم ايمن الظواهري و من بعيد لبعيد رفيقهم كارلوس . فلا يكاد يأتي ذكري تلك الاحداث الارهابية المروعة حتي تقفز الي الاذهان تلك الشخصيات المرعبة التي ظلت تأرق العلم لعقدين من الزمان . فقد أحدثت افاعيلهم تلك ما أحدثت من تدعيات القيت بظلالها المظلمة علي كل ارجاء العالم . و لا شك انها غيرت مجري التاريخ سلباً و ايجاباً فرغم مرور عشرون عام من وقوعها فأحاثها تروي كأحداث اليوم . ها هم الطالبان يعودون مجدداً الي كابول و يحتلون افغانستان كما لو انهم يأكدون للعالمين بأمكانية دوران عقارب الساعة الي الوراء . علي كل حال فالغد لناظره قريب فلسنا هنا للحديث عن المرحومين بلادن و الظواهري و لا كابول و الطالبان . لكننا بصدد تناول قصة من قصص الارهاب بأختلاف الزمان و المكان لكن يبقي الارهاب هو الارهاب بوجهه الشيطاني الكالح الشنيع . فليس للأرهاب دين و لا قبيلة او جنس و لون . بطلنا الارهابي اسمه ابودب و ما ادراك بأودب . هنا جاهداً تذكر ملامح الرجل فيخيل لي انني رأيته غير مرةً في حياتي في أمكنة و أزمنة مختلفة ً. و يراودني شك كبير بأنني لم اقابله ابداً ابداً لكنه يبقي عالقاً في مقدمة الذاكرة لا يبرهها هو رجل ضخم فارع الطول فطوله لا يقل ابداً عن الثلاث امتار الاربع علي اسوا تقدير . هو رجل عملاقي من العماليق القدامي رمي به الدهر الي تلك الديار ليقطن تلك الروابي و التلال الامنة في جبال النوبة . و يقولون انه عمل في شبابه الباكر في حرفة العشماوي او الشناق في سجن بورتسودان الشهير المشأوم . فقد تم اختياره اختياراً موفقاً كما لو انه اوجد مخلوقاً لجنس هذه الخدمة التي تشبهه فهو مع اوصافه انفة الذكر يمتاز بالقسوة المفرطة و غلاظة القلب و احمرار العيون جباراً لا يرأف بضحاياه . اذ كان يجتث الرؤوس جثاً بمهنية و مهارة يحسد عليها . ان اقرب صورة او تشبيه يمكن ان يقربكم الي شخصية ابودب هي صورة البطل الفلسطيني جليات الواردة في العهد القديم من الكتاب المقدس . لم يدم ابو دب في العشماوية و شنق الناس زمن طويلاً فعاد الي موطنه علي عجل من أمره تاركاً خدمته و عمله ، حتي دون ان يأخذ مستحقات او مكافأت عمله الممتاز . اختار ابو دب الاقامة بموطنه الاصلي او مهده ميلاده و مرتع صباه في ضاحية أمجان القريبة من كوبنق ريفي هيبان جبال النوبة . أحب اب دب و اراد بأن ينأي بنفسه بعيداً جداً عن هواجس عويل وصرخات الضحايا من الذين شنقهم في سجن بورتسودان الكبير لكن هيهات . فقد ظلت تلك الارواح المزهقة و الدماء المراقة تطارده و تأرقه ليل نهار كالخيال احلام . تزوج ابو دب بأمرأتين او ثلاث نساء أملاً النفس بالسلو و السهو و النسيان لكن بلا فائدة ترجي . عاش اب دب بين الناس هنا غريب الاطوار متقلب المزاج عصبي الهوي . فهو اغلب الاوقات تنتابه من وقت لأخر نوبات هيجان فيخرج الي الغابات مثيراً الرعب و الخوف في تلكم النواحي بصرخاته الهستيرية التي تعيد الجبال اصدائها رجع الصدي بترديد الجبال أصواتاً مخيفة مفزعة تطير النوم من العيون و تزلزل العناقريب تحت النائمين فوقها . في سبتمبر من خريف العام 1980 م ، و ان كنت لا اكذبكم فتلك الايام في تاريخها و توقيتها تصادف هذه الايام تماماً . زروة الخريف و الامطار هنا تهطل لساعات طول تمتد الي ايام انها مواسم كورس الانجيل و النهضات الروحية السنوية . بعض خيرات الخريف اينعت و تم قطافها من تبش و باميه و العيش الريف و الكرجقل او القرع ، امتلئت البطون و الناس شبعانين تريانين . الارواح و الانفس معاً في سمو نشوتها من الانتشاء و الامتلاء الروحي و البدني معاً . لم يعد أمر من الامور كالجوع مثلاً يستحق القلق او الانزعاج . الفتية و الفتيات يعدون العدة و يجهزون انفسهم لمواسم مهرجانات و كرنفالات الحصاد القادمة . الاستعدادات بدأت قدم و ساق لتهيئة الاجواء بغية الذهاب الي ميادين المصارعة ساعات النهار و من ثم الخروج في الليالي القمرية الي ساحات الغناء و الرقص و الطرب الاصيل . في تلك الايام المباركات لم يرد الي اذهان الجميع ما يمكن ان يعكر صفاء اعياد الحصاد هذا العام ، فلم يمت احد في القبيلة او المنطقة بكاملها . الموسم واعد بالخير الكثير الجزيل الوفير و ها تباشرها تتوارد في شكل عطايا و تقدمات أتي بها المؤمنين الي الكنائس بسخاء في الاسبوع الاول من الكورس . كل المؤشرات تشير الي دنو مواكب الافراح و الاتراح حيث تتم اللقاءات ، كلام في الحب وعود فخطوبات و اعراس و اسر جديدة سعيدة . لكن كما الشاعر قال. مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْركُهُ * تَجْري الرّيَاحٌ بمَا لَا تَشْتَهي السَّفَنُ في ظهر ذاك اليوم الاسود هطلت امطار كثيقة في الظهر و استمرت في الهطول المتواصل حتي المغرب أعقبته شكشاكة او رزاز مستمر حتي منتصف الليل . هذا الامر جعل الناس يأوون الي جحورهم مبكرين قبيل حلول الظلام ملتفين حول بعضهم في حميمية اسرية . كل القطاطي كانت تعلوها الادخنة من نيران التدفئة و طبخ الاطعمة الشهية اللذيذة من بليلة عيش الريف و القرع بالسمسم و قدور اللحوم المختلفة . انداح الغروب سريعاً ليعقبة ظلمة ظلماء و سكون موحش يكاد المرء يمسك بتلابيبه لو لا الرعود و البروق التي تبرق لتضيئ ظلمات هذة الليلة التي لا تشيئ بخير . عند الساعة الثامنة او نحو التاسعة دوي في الارجاء الهادئة الساكنة دوي طلقات من بندقية مرمطون بحسب خبرات الناس هنا في تمييز اصوات البنادق و الرصاص . كان مصدر الطلق الناري أتي من مكان ما بأتجاه الهاوية علي الطريق الرئيسي بين هيبان كوبنق عند حله قبرص منها الي الشواية حتي كادقلي . حدث الكل نفسه يا تري من الذي خرج ليصطاد في مثل هذا الوقت الموخل في الظلام و الرطوبة و الوحشة و الخوف ؟ بالطبع لم ينتظر الجميع أية اجابة من الاخر . كم لم احد يخرج من الناس بيوتهم لأستجلاء الامر فناموا مبكرين كعادة أهل الريف . الا ان احد الافراد لم تثنيه حب الاستطلاع و التطفل ، فقد كان بيته قريباً جداً من موقع الحدث فخرج يشق الظلام بعصاه . حتي اذا صار عند الطريق ابصر شبحاً طويلاً ضخماً يشق الظلام فظنه في بدء الامر انه لوجهاً لوجه امام البعاتي . استجمع صاحبنا قواه و بواقي شجاعته و هو يرتعد مرتجفاً من حول المصيبة التي دفع نفسه اليها مؤنباً نفسه علي الاستعجال ناسياً بأن في العجلة الندامة . اختبئ وراء جذع شجرة كبيرة مندساً بين الحشائش مترتجفاً تكاد ارجله ان لا تحملانه لكنه تقوي و تشدد ريثما تعبر العاصفة و الا اهلكة هذا الشيطان الرجيم . ابرق الرعد برقاً أضاء كل المكان فتمكن من رؤية الشبح الهائل بوضوح ، الشبح البعاتي هو ابودب بشحمه و لحمه . انه ابودوب يحمل علي كتفه مرمطونه المعرف و اقفاً فوق جثةً هامدة و هو يتكلم بكلمات اللعن و الشتيمة و النبذ متوعداً خصومه و الاعداء بالويل و الثبور و عظائم الامور . كان ابودب يتكلم مزمجراً وهو هائج الثور منفعلاً مرتجفاً مردداً بصوت عالي بعض الاسماء من الذين حسبهم الاعداء الحقيقين له . و هو يقل ساقتلكم فرداً فرداً يا كلاب مكرراً : اليوم اليوم بدأت حربي معكم ايها الاوغاد الجبناء . شق ابودب طريقه عائداً من حيث أتي مدبراً مكفهراً . و عندما علم صاحبنا المختفي المندس و تيقين بتواري ابودب خلاف الاشجار و الصخور الي ما وراء التلال و تأكد بأنه لن يرجع تسلل من الحشائش يجرجر اقدامة بصعوبة الي مكان الجثة الملقاة في منتصف الطريق علي بعد مترين من الهاوية . تفرس في وجه القتل و أمعن النظر ليتعرف عليه فعرفة جيداً لكنه لم يتجرأ علي لمسه او جس نبضه لتأكيد من حياتة و موته . فقد كان متأكداً كل التأكيد من كلام ابودب و كلام ابودب عن الحياة و الموت لا يحتاج تحليل او تفسير فهو ملاك الموت نفسه . قفز صاحبنا مسرعاً الي كوخه ليجد زوجته في حيرة من أمرها قلقة تخرج و تدخل لا تلوي علي شيئ فهاجت في وجهه انت مشيت وين بالليل دا يا مجنون انت . فأشار اليها بكلتا يديه اسكتي اسكتي يا مجنونة انت انا ما ناقص !!! كان صاحبنا مضطرب و كل اوصاله ترتجف و رغم اجواء الرطوبة و الشكاشاكة ظل لوقت طويل يتصبب عرقاً كما لوكان في قدرة او صاج علي النار . لم يهدأ و لم يستكين ابداً ابداً حتي جاء الهزيع الاول من الفجر و صياح ديك الصباح . استجمع الرجل اشلاء و اشتات قواه الغائرة المنهارة المهزومة ليطلب كأس المديدة التي بردت فقد طلبت زوجته من البنات الاسرع بعمل مديدةً سخنة لأبيهم الذي استبدت به حمةً محمومةً شديدة لا شك ستصرعه و ترديه قتيلاً قبل حلول الصباح . كانت الزوجة تحاول ان تنادي الجيران لكنه كان يمنعها و يصدها بصرامة فتتراجع . و بعد ان ارتشف جغمتين من المديدة التي اعيد تسخينها . همهم يقول فلان كتلوه ... فلان كتلو ... ابودب كتل فلان ... انا شفته ابودب بعيوني الاتنين ديل . انا كنت مفتكرو بعاتي لكن لما البرق برق تأكدت منو جيد دا ابودب ذاتو ... دا ابودب دا ابودب يا جماعه ما تخالطوني ساكت . انا متأكد منو دا ... يا جماعه دا ابودب ذاته . كل هذا الهستيريا و الهلوسة لم يتدخل احداً سوا الزوجة او البنات تقاطعه في كلامه . عند الفجر الباكر كان احد الاهالي مسرعاً في طريقه الي سوق هيبان فكاد ان يدوس الميت بأقدامه فقز مفزوعاً مخلوعاً الي الناحية الاخر و الا كان سقط ميتاً هو الاخر في الهاوية في الناحية الاخري . فهب راكضاً الي المنزل القريب ليجد أهله في وجوم تام مذهولين تتلاطمهم الانواء في الاتجاهات الاربعة ليعلم من الزوجه ان زوجها خرج في الليل ليعود متغيير الاحوال مضطرب . ها هو لا يزال طول الليل يردد بانه رأي ابودب و ان ابودب قتل فلان و هو متأكد من ذلك . لم يشرق شمس ذاك الصباح حتي كان الخبر قد انتشر و عم القري و الحضر و كما يقولون انشر الخبر كأنتشار النار في الهشيم . هب الجميع الي مكان الحادث أطفال شيب و شباب النساء و الرجال معاً . ليروي كل منهم فيما بعد روايته عن الحادثة بشكل مغاير عن الروايات الاخري . لكنهم اتفقوا قلب رجل واحد أن ابودوب هو القاتل و لا شخص سواه ... و قال بعضهم بأن يحمل في جيبه لسته به نحو اكثر خمسمه و عشرون رجلاً من رجال القبيلة بعضهم في أمن و أبل و كوبنق و اخرين في مركز هيبان . و بينما الجميع علي حالة من الانفصام النفسي الامني الاجتماعي عاجزين لا يلون علي شيئ من أمرهم او ماذا يفعلون . وردهم للتو نبأءاً مباشراً من مصدر موثوقً به يقول بتأكيد لا يشوبه شك من بين يديه . هذا النبأ الجديد يخبرهم بأن ابودوب كتل الشيخ علان . و علان هذا لمن لا يعرفونه هو واحد من الاباء الاوائل المأسسين لمركز هيبان و الكنيسة و السوق و التجارة في كل المنطقة و ما جاورها حتي أقصي تلودي . رجع ابودب الي منزله مباشرةً بعد قتله لفلان ليستريح قليلاً علي سبيل استراحة المقاتلين ، اخذ غفوة من نوم استرد فيه انفاسه و عافيته . استعاد من ذاكرته لستة برنامج اليوم التالي لجدول حروب الاخوة الاعداء . و من ثم خرج في الهزيع الثاني متجهاً الي منزل قريبه علان و كان منزل علان يقع في التلة الغربية و لا يبعد عن منزل ابودب أكثر من ميلين او يقل . كان علان شيخ طاعن في السن شبعان من الايام قنعان من الحياة . و قد اختار شيخنا الانعزال طوعاً مفضلاً الابتعاد عن ضجيج هيبان ودوشوتها ليعودة الي أمجن مسقط الرأس . اقام سكن شبه متعزلاً الناس وحيداً في كوخه المواضع يتناوب الاهل و الاقارب في مساعدته و تقديم الخدمات الضرورية من الاكل و الشراب الخ . دخل ابودب منزل العجوز ليجده ملقياً علي فراشه . وكان يحمل بندقيته علي كتفه الايسر و ساطوراً بيده اليمني ، كان العجوز مستغرقاً في نوم عميق لا يدري ما يكيده المكائد و الاقدار . فسمع وقع اقدام ابودوب علي الباب يدفعه دفعاً كما لو كان ينوي هدم المنزل علي قاطنه . ليسمعه و هو قول أي ابودوب بصوت مسموع يا علان ... يا علان لماذا اخسر فيك طلقة من بندقيتي انا بحاجة اليه لأهداف اخري . ان هذا الساطور كافً جداً لأنجاز المهمة المناط بك . هوي ابودب بساطوره علي عظام هيكل العجوز كمن يشق حطب الحريق بضربات ممتاليه ليكتب النهاية الحتميه لشيخ كان ينتظر الموت بل كان يشتاقه و يتوق اليه اكثر من لهفة ابودب لقتله . خرج ابودب من منزل ضحيته الثانية بخطي متثاقلة تبدو علي وجهه المثقل بالتعب و الاسئ هيئة الجندي العائد من ساحة القتال و هو منهزم منكسرجرجر ورائه ازيال الخزي و العار . تخيلته يثوب الي رشده في لحظة صحو لضميره الميت من زمان مردداً خيبته و خذلانه .... لماذا كتلت علان يا ابودوب ... ما ذنب علان حتي تقتله بهذه البشاعة يا ابودوب ... انت ليس الا حشرة حقيرة يا ابودب العار كل العار عليك يا ابودب و هاذا سار ابودب عائداً داره و الخزئ و العار و اللعنات تتبعه تلاحقه تتطارده تكاد ان تصرعه . كان الوقت صباحاً و المشمس مشرق و الاجواء الطبيعية صافية لا تكدرها الا شناعة افعال البشر و خساسة النفوس و وضاعة الانسان و نفسه العمارة بالسوء . شاهد الكثيرين من الاهالي في أمجن ابودب خارجاً من منزل الضحية و لما كانوا يتهامسون فيما بينهم بأخبار مقتل فلان تأكدوا تمام بأن علان قتل هو الاخر . لم يكلف احدهم نفسه الذهاب الي منزل علان لأستجلاء الامر بل اندفع كل أهل أمجن كبيرهم قبل صغيرهم صوب كوبنق . و كانوا يصحيون كالمجانين او كمن مسهم الجن يصحيون بالعويل و النهيب ابودب كتل علان ... ابودب كتل علان ... ابودب كتل علان . لم يتريث أهل كوبنق هم الاخرين فأندفعوا مهرولين صوب مركز هيبان التي سبقتهم اليها ناس أبل و واو و أتني علي التوالي ... الي هنا في مركز هيبان تواردت الانباء بنشوب حرب و قتال في ابل و كوبنق و أمجن يقودها المعتوه الشهير ابودب لوحده ضد كل أهل المنطقة و لا احد يجروء صده او كبح جنونه . وصلت الاخبار مشوهة اية تشويه بعضهم يقول بأن ابودب قتل خمسة اشخاص و اخرين يأكدون بالقسم الغليظ بأن عدد القتلي اكثر من عشرة انفار علي اقل تقدير . و هنالك يقول بان عدد الجرحي كثر لم يتم حصرهم بعد .. بينما الاخرين صاروا يتلون من خيالاتهم الواسعة قوائم مختلفة تحوي اسماء من يستهدفهم ابودب في حربه التي بدأت ليلة الامس القريب . و كان بعضهم يصرح بأن ابودب الان في طريقه الي هيبان فقد رأه بعضنا في تخوم ابل يزحف عليهم زحف جيش المغول علي بغداد . و اخرين يأكدون بأن ابودوب الان علي مشارف تبلدي الصلاة و علي بعد خطوات من حجر الاسماء . فلم يتركوا لأهل هيبان فرصة سوي اللوذ بالفرار منها صوب الجنائن ثم الي اويا و قيل بأن أهل اويا وجدوا انفسهم اخيراً في الازرق .... تلك كان ارهاب الرجل الواحد اسمه ابودب الذي حوصر فيما بعد بتلاحم الجيش و الشرطة في هيبان ليتم القبض عليه حياً ... تم ترحيله الي سجن كادقلي التي قضي بها سنين قلائل ليفرج عنه في واحدة من الافراجات التي كان النميري يعلن عنها من وقت لأخر . عاد ابودب المفرج عنه الي أمجن و قيل بأن سبعة شياطين كبار اشر كثيراً من الشياطين الاولي اختارت ان سكنته . الامر الذ جعل ابودب يخرج كل ليل من بيته ليمارس رياضة الركض في الادغال و الاحراش حافي القدمين الا من الحوافر الطبيعية التي اكتسبها من فجخه للصخور و الدوس علي الشوك . لم يلبس ابودب حداءاً كل حياتة . فلا مقاس تناسب أقدامه الطويلة العريضة الضخمة فحتي لو وجدت فهي ستتمزق ارباً ارباً تحت وطئ ثقله و جهامته . كانت النسوة المسكينات تجري وراء هذا المجنون المخبول الذي لا يتعب و لا يفتر و هن يرددن صيحاته بالاوامر هاو .. هاو .. هاو هاو هاو من مغرب الشمس الي مطلع الفجر ... تجرحت ارجلهن و تشوهت اجسادهن الهزيلة بالأشوك و الحجارة تعبن من قسوة و من اللهث و العبث جرياً خلف عبقرية جنونه القاتل . و اخيراً قررنا الفرار و الهروب من جهيم ابودب لينجيين بأنفسهن الي مركز هيبان . لا ادري خاتمة المطاف الذي أل اليه مصير هذا العشماوي التعيس ابودب . كما لا يدري الكثيرين منا النهاية التي انتهاها اسامه بن لادن أمات في البحر او البر ام لا يزال حياً سيبعث بعث الطالبان فللهىفي خلقه شئون و مجون .
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلة وجدانية لسبر اغوار عوالم المثال العالمي اسعد كومي
-
البطل استفن ارنو يواري الثري في أرض المعركة .
-
البطل استفن ارنو يواري الثري في أرض المعركة
-
في انتظار قرار اقالة والي شمال كردفان
-
ملف مناهج التربية المسيحية علي طاولة وزارتي التربية و الشئون
...
-
التربية المسيحية في السودان ما لها و ما عليها
-
الجنيه السوداني المنهار و حتمية تغييره
-
الراحل استيفن أمين ارنو : لن اكون وزيراً غير شرعياً
-
امبروطوريات الاتصالات السيئة من يكبح جماحها ؟
-
لمرضي السكري جربوا عصير الدوم بنفعكم ... !
-
القتل و الموت سمبلا في الابيض عروس الرمال !
-
أوسلو : وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ راودتني اليه !
-
مبادرة حمدوك تتلقي ثمانية ضربات مقابل صفر !
-
علاء الدين عمر ( زول من الزمن الجميل )
-
عواطف عبدالنبي كودي ( بطيخ ) انا تمام زي الحمام .
-
عشرون نقطة تكشف مؤامرات تلفون كوكو ضد مصالح جبال النوبة
-
الجنرال تلفون كوكو في متاهته الاخيرة !
-
الثعبان عدو الانسان الاول
-
من وحي مدرسة كاودا ؟ 2
-
وداعاً عملاق القصة السودانية عيسي الحلو
المزيد.....
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
-
بعد القطيعة.. هل هناك أمل في تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق؟
...
-
ضابط أوكراني: نظام كييف تخلص من كبار مسؤولي أمن الدولة عام 2
...
-
رئيسة البرلمان الأوروبي: ما يحدث في ألمانيا اختبار حقيقي لأو
...
-
مباشر: قتلى وجرحى في ضربة إسرائيلية على مبنى سكني وسط بيروت
...
-
أوكرانيا تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة دفاع جوي حد
...
-
غارات إسرائيلية مكثفة على وسط بيروت والضاحية
-
أوكرانيا تطالب الغرب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ رو
...
-
عشرات الشهداء والجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة من غزة
...
-
كيف يواصل الدفاع المدني اللبناني عمله رغم التهديدات والاستهد
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|