أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب عبد السلام - جامعة الخرطوم..المركز الثقافي الفرنسي و بالعكس.. كلام في الزمن الحضاري














المزيد.....

جامعة الخرطوم..المركز الثقافي الفرنسي و بالعكس.. كلام في الزمن الحضاري


الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)


الحوار المتمدن-العدد: 6999 - 2021 / 8 / 25 - 23:43
المحور: المجتمع المدني
    


الجامعة الفرنسي و بالعكس

المكان هو نافذة على مكان أخر، لا يوجد مكان برئ او محايد فهو يحيل وجدانيا إلى إنتماء حضاري يجعل داخله جزاء من "عالم أخر".
هذا المكان الذي يعيد إستيلاد العقل و العاطفة فيتحول من كونه منتميا لجغرافية ما إلى كونه جسرا نحو مكان أخر من الرؤى و التطلعات.
هندسة جامعة الخرطوم صممت لتغير وعي طالبها فتنقطع علاقته "تماما" بالمجتمع و المكان الذي ولد فيه و يصبح جزاء من مجتمع عالمي جديد يتأسى فيه خطى العولمة و الطاقية البريطانية، هي المكان الذي يخلط ابناء الارياف بابناء المدن المختلطين بدورهم بابناء مدن اشد تعولما فيحدث بينهم ذلك التبادل الحضاري الذي لن يخرج منه محمد احمد او العوض على ما كانا عليه بل تجدهم و خلال تلك السنوات الأربع في اروقة هذه الجامعة و طوبها و دهاليز مكتبة المين التي لا تفضي إلى مكان بل إلى عالم و رؤى و كأنها ممرات سرية تقود روح الداخل فيها إلى روح ذلك الأوروبي فتجلس في معيته متأسية متلهفة، إن الأمر أشبه بوقع الكعبة المقدسة او المسجد النبوي و "الروضة التي ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة" هنا لا يمشي السائر في عالم مريئ و محسوس بل هو يمشي في حديقة غناء ما لا أذن سمعت و ما لم يخطر بقلب بشر..يسير في اشواقه و كلماته و ما لا يعبر عنه بالكلام بل ب الإنجذاب السحري إلى ذلك الفيض النبوي..مأخوذا بتصير هويتك و معناك على صورة حيز و سراج لا يقول المعنى بقدر ما ينعكس عليه المعنى و بقوة عليه.
هذه هي أروقة قانون و إطلالة مكتبة المين الشامخة بثبات الجبال مطلة على الحضارة و الحداثة و الحياة التي سيجتهد المتخرج منها على إبقاء وهجها في مسيرته الحياتية و الدأب و الكد على إتمام ذلك الحلم الحضاري الذي غير وعيه بنفسه و بواقعه، لذلك تجد ابناء الجامعة دائمو التهجس بإتمام تلك الرحلة و الوفاء لمواصلة ذلك الميلاد الجديد..الميلاد الذي يجعل من المدخل الجنوبي لهندسة و تلك الأنفاس الشغوفة المتلاحقة و كأنها مناداة للمين و لإروقته، للنهل من السير دون كلل و ملل عن السير فيه لحاقا بما "مر قبل قليل من هناك"، لحاقا بحدوث تلك الرؤية و الدفقة التي يحدثها المكان في ثواني الزمن..لحاقا بالزمن الحضاري المنعكس على هذا الطوب العتيق و هذه الأروقة و الممرات السرية الشبيهة بمعمل سيرن العملاق و هو يلاحق ما يشبه العدم بيد أنه عدم يؤكد كل شئ.
ذات الأمر ينطبق على حرم المركز الثقافي الفرنسي حيث يرفرف علم الثورة الفرنسية و حيث تخرج بسرعة من الجامعة غير معترف بما يجري بين الجامعة و الفرنسي من حيوات تنظر إليها و كأنك تشاهد التلفاز و كأنك تقفز بين حجرين في بركة ماء، الزمن الفرنسي قليل الأبهة و الكثير الحضور و المعنى، الزمن الأشد تمعنا في الثقافة و العقل، فتصير فيه و كأنك مثقف متنسك و زاهد بعكس أبهة المين التي تجعلك في اوج عالم إمبراطوري صاخب و في أوج حيوات و مجتمعات و كلمات أشد معانقة للحياة في هيئتها البيروقراطية العملية الوظيفية الأكاديمية، بعكس شرفة الفرنسي المتواضعه ومكتبته المتسعه و دهليزه المفضي لمعرض الرسم، هناك في تلك الحمى الفرنسية تنسى الخرطوم و السودان و تنتقل بين العواصم الأوربية موظفا اول اليوم و مثقفا في أخره.
و لكني أقول ان أمدرمان تحاول... و لكن هيهات.. فهي و هي تراقب الخرطوم خارج عن وقع قداستها المبجلة.
بالعودة إلى الزمن الجامعي اقول ان الالاف بل عشرات الألاف ممن تخرجوا من الجامعة فعلوا ذلك و كأنهم تخرجوا من مدرسة اكثر ثانوية من ثانويتهم السابقة دون أن يستشعروا تلك الجاذبية الحميمة لتلك الأروقة بيد أنني لا أشك البته انهم ممسوسون بذلك الحنين الخفي لهذا الطوب و تلك القاعات و تلك الأيام..فهي جاذبية يؤثر وقعها في كل شئ و لكن بدرجات متفاوته بحسب كثافة الحس و روحانيته و هيامه خلف الا مرئي في كل شئ.



#الطيب_عبد_السلام (هاشتاغ)       Altaib_Abdsalam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الاسلام الإستشراقي إلى الاسلام التاريخي
- اركون قارئا و مقرؤاً
- إستعراب السودان / حوار مع البروفيسير عبد الله علي إبراهيم
- المهدي السوداني
- تدوين تاريخ السودان المفقود
- السودان من حكم الفونج الأفارقة إلى حكم الجلابه العرب..قرأة ف ...
- القربان البشري بين الرؤية الإستشراقية و الرؤية النقدية
- ما هي الفلسفة؟ حوار جماعي مع خالد تورين
- محمود محمد طه بعيون محمد اركون / الإسلام السوداني و إمكان ال ...
- من شاعرية اللفظ إلى شاعرية المعنى.. نحو رؤية جمالية جديدة.
- تأملات في رحلة المعراج.. في تحيين المتخيل العربي
- من تاريخ التفكيك إلى تاريخ الصيرورة... نحو نظرية جديدة في ال ...
- بين العرب و المغول - تأملات جديدة في حاضر التاريخ
- فوكو نيتشويا
- من حداثة التقليد إلى حداثة التأويل
- تأملات في مشروع محمد أركون
- الاحتفاظ و الإنتشار.. تصور جديد للمرأة و الرجل
- تأملات في سورة القدر
- الحزب الشيوعي السوداني من المؤسسة إلى الرمز
- الوحي


المزيد.....




- صحيفتان بريطانيتان: قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نت ...
- كاميرا العالم توثّق الوضع الإنساني الصعب بدير البلح وسط غزة ...
- أول دولة أوروبية تدعو نتانياهو لزيارتها بعد مذكرة الاعتقال م ...
- -اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام ...
- -نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما ...
- ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين ...
- آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
- إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
- هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم ...
- 4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - الطيب عبد السلام - جامعة الخرطوم..المركز الثقافي الفرنسي و بالعكس.. كلام في الزمن الحضاري