|
بصدد مقاطعة الإنتخابات والبديل عنها!
فارس محمود
الحوار المتمدن-العدد: 6971 - 2021 / 7 / 27 - 17:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(في ردود على أسئلة قناة عالم افضل!)
عالم أفضل: منذ بدء الاحتلال ولحد الآن، وقفتم ضد الانتخابات، وطالبتم دائماً بمقاطعتها. السؤال هو لماذا؟ هل هذا الموقف هو موقف مبدئي وثابت للشيوعيين أم مرتبط بشروط الانتخابات أم ماذا؟
فارس محمود: ببساطة، لأنها ليست انتخابات؟ أين هي الانتخابات؟! إنهم أنفسهم يقرّون بأنها ليست انتخابات! أيتحدث أحد عن الانتخابات ولا يتحدث عن التزوير، ولا يتحدث عن السلاح المنفلت او المال المنهوب، وهي نفسها الأموال المنهوبة التي تعيد نفس الوجوه للحكم!
لقد هوجم الحزب الشيوعي العمالي العراقي وتم انتقاده كثيراً على طول الخط بوصفه حزب "انعزالي" وموقفه "متشدد" و"غير واقعي" و"غير ديمقراطي" من الانتخابات و"الانتخابات تعني ديمقراطية" و"الناس تعطي رأيها" والخ.... ليقل لنا منتقدونا ماذا يقولوا الآن؟!
ليس للانتخابات اي صلة بإرادة الناس والتعبير عن نفسها. إنها إرادة نفس الحفنة والمجموعة من طفيلي الطبقة البرجوازية نفسها.
فبالإضافة الى الأموال المنهوبة والسلاح المنفلت، في أي انتخابات يقول العامري (إذا لم نجلب اعلى الأصوات، فهذا يعني ان الانتخابات مزورة!!). إنه يقول هذا بدون أن يكون هناك أي شيء معلوم بعد! تجري الانتخابات أم لا، لا يعرف احداً بعد. ولم تجري الدعاية الانتخابية حتى. لو كان العامري يستند الى مراكز بحثية واستقصائية، وتبيّن ان مثلا 200-250 الف مشارك قد منحوا تياره صوتهم من عدة ملايين، اي تبيّن عن تحقيقه لأغلبية ما، لفهمنا قوله. ولكنه يتحدث دون أي اساس ليوجه رسالة صريحة للآخرين (لا يمكن حذفنا حتى لو لم نحقق أصوات كافية!!).
خذ مقتدى الصدر مثلاً. إن جزء أساسي من مشكلته وضجته الأخيرة تتمثل مع خصومه بما يلي: (أنتم لا تريدون أن يكون رئيس الوزراء من التيار الصدري او ان رئاسة الوزراء المقبلة يجب ان تكون بيدنا). لماذا بيدك؟! على أي أساس هذا؟! إذن، أين مكانة الانتخابات والتصويت ورأي الناس، لا أعرف، لا أحد يعرف!! إنها مهزلة! الانتخابات في العراق مهزلة بكل معنى الكلمة. أعلن الصدر انسحابه من الانتخابات، تحدث كل "ابناء العملية السياسية" عن لا يمكن اجراء الانتخابات بغياب التيار الصدري!! في أي انتخابات في العالم، يتم تعليقها أو تأجيلها جراء انسحاب طرف؟! ان هذا يجري في العراق فقط!! ببساطة، لأنها ليست انتخابات!
إن وسائل الإعلام بيد حفنة، حفنة من اللصوص والفاسدين وسارقي ثروات المجتمع... يتكلمون عن إن سعر المقعد البرلماني هو مليونا دولار. بوسعك ان تشتريه إذا أردت. ثمة سماسرة يذهبون ليزوّروا الاصوات، يشتروا الذمم، يرشوا اخرين، يتلاعبون... ويسلموك المنصب! في اي انتخابات في العالم، ورأيتم ذلك بأم أعينكم في انتخابات رئيس مجلس النواب عام 2018، يصوّت عضو مجلس النواب المقترع، ويلتقط صورة بهاتفه النقال لاسم من صوّت له كإثبات ودليل على انه قد صوّت لفلان الفلاني، ويضع تصويته بعد ذلك في الصندوق الاقتراعي، وبعد يسلمه لسمسار من صوت له، ليستلم أموالاً طائلة مقابل ذلك!
في 2018، كانت نسبة المصوتين 18% من الذين لديهم حق التصويت، ويُقال إن الرقم أقل من ذلك. إن الاغلبية الساحقة من هذه الـ 18% هو تصويت الاجهزة الامنية التي يصل تعدادها اكثر من مليون منتسب من جيش وشرطة وأمن ومكافحة ارهاب وحرس حدود ومليشيات الحشد و... الخ من اجهزة، وهم أناس مجبرين بحكم مهنتهم ومعيشتهم، إذ عليهم أن يصوتوا لأولياء نعمتهم. وفق المحاصصة، وزعت الوزارات على الاحزاب. أي من هم منتسبون في وزارة ما يعطون اصواتهم للحزب او المليشيا المستوزرة للوزارة المعنية. فمنتسبو الداخلية يمنحون صوتهم لمرشحي قوات بدر، ووزارة الكهرباء للتيار الصدري وهلم جرا... لم تصوت الا قلة ضئيلة جداً من "عامة الناس". ناهيك عن شراء ذمم وفقر وعوز الناس عبر توزيع بطاقات الأرصدة التلفونية او البطانيات او وجبات الطعام البائسة وشراء ذمم شيوخ العشائر عبر إهدائهم المسدسات والأموال وغيرها.
إنها عملية ليست لها أية صلة أو ربط بانتخابات و"ناس" ... فعلى أي أساس نؤيدها؟!
من جهة أخرى، ان موقفنا من الانتخابات لا يتم اتخاذه على العموم، أية انتخابات، بوصفه أمر ثابت و"مبدئي" وجزءً من مبادئنا". الموقف من الانتخابات مرهون بظروفها، اي توفر افضل ظروف لتعبير الجماهير عن إرادتها بصورة حقيقية وواعية.... رغم إن نموذجنا المنشود هو النموذج المجالسي.
عالم افضل: ولكن إن رفضتم الانتخابات، ما هو بديلكم؟! ( الجزء الثاني **)
فارس محمود: للأسف، عممت البرجوازية وأشاعت، ارتباطا بمصالحها دون شك، تصويراً للسلطة مفاده إن من يحكم يجب أن يكون من "النخبة" او "نخبة المجتمع"، من حملة الشهادات، نخب لديها ثروات وامكانيات مالية، وإن أبواق إعلامية تستطيع ان تنفخ بهم وتبرزهم في المجتمع بوصفهم "قادة المجتمع". إن هؤلاء من يستطيعوا أن يأتوا للسلطة ويحكموا.
إن التصور الشيوعي وتصور الحزب الشيوعي العمالي للسلطة يستند الى تدخل الجماهير، أي تصور قاعدي للسلطة. وهناك نماذج تأريخيه بهذا الصدد من مثل السلطة التي أرستها كومونة باريس وثورة اكتوبر في روسيا عام 1917 في السنوات الاولى للسلطة قبل ان تأخذ منحى اخر. إذا يريد أحد أو يفكر بنموذج للسلطة، فهذا النموذج موجود، نموذج قاعدي، في محلات سكن الجماهير، في أماكن عملهم، في الجامعات وأماكن التعليم والدراسة.
لأرسم شيء مخططاتي عام سريع، وجرت نقاشات حوله في الناصرية وكان احمد عبد الستار طرفاً بها. بعد الاطاحة بهذه السلطة بهبة جماهيرية، يمكن القيام فوراً باختيار جمع من (10-15) شخص يقومون من اليوم بمهمة إدارة المحافظة في المرحلة الاولى. من اين يتم اختيار هؤلاء؟! من الممكن أن يكونوا ممثلاُ او اكثر عن نقابة المحامين، وعن نقابة الأطباء، وعن المنظمات العمالية، المهندسين، نقابة المعلمين، عن المرأة، عن الشباب، عن العاطلين، المتقاعدين، ربات البيوت و...الخ. أي من الشرائح الاجتماعية الواقعية للمجتمع.
يضع هذا الجمع، جمع لنسمية مجلس محافظة الناصرية، برنامجه الذي يستند الى مجموعة مهام أساسية فورية تتضمن: مسؤولية الدولة او السلطة التامة عن تأمين حياة ومعيشة سكان المدينة، توفير فرصة عمل أو إقرار ضمان البطالة لكل من بلغ 16 من الشباب والشابات، توفير الخدمات كالكهرباء والماء وغيرها، إدارة أمور الصحة والتعليم والسكن وغيرها من أمور أساسية في هذه المرحلة. ان ميزانية مدينة الناصرية يقارب المليارين دولار. إن هذا مبلغ ليس بقليل. إنه نصف ميزانية بعض الدول. ناهيك عن ان هذا المبلغ يتضاعف قيمته مرات ومرات إن اضفنا له قوة عمل مئات الالاف من القادرين على العمل.
تُقر الحريات السياسية بدون قيد أو شرط، حق التنظيم والتجمع، تُوفر أرضية وأجواء بحيث تستطيع الأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية ان تقول كلامها تجاه اي قضية من القضايا التي تخص إدارة المجتمع وحياته. إذ السلطة تعني إدارة المجتمع في المطاف الأخير. وعندها تستطيع الجماهير ان تعرف ماذا يقول أي حزب أو جماعة وكيف يفكر، وما هي أولوياته و...الخ. أي تكون الجماهير مدركة وواعية ومساهمة فيما يجري بصورة مباشرة. دع فالح الفياض يأتي ويخاطب المجتمع ويقول "ان اولويتنا هو ارسال الشباب لسوريا للدفاع عن السيدة زينب والمقدسات"، ويأتي انسان مثلي او مثلك ويقول ان الاولوية هي غذاء وسكن وتعليم الناس هي الاولوية، وسنرى خلف مَن سيسر المجتمع!!
ونقوم بالشيء ذاته على صعيد البصرة وبغداد وتكريت وسائر مدن العراق. ونرسل ممثلين عن كل هذه المدن الى بغداد لتشكيل السلطة القادمة للبلد، اي الهيئة التشريعية والتنفيذية المقبلة لكل العراق. وتتشكل الوزارات الاساسية من المختصين الكفوئين في الميادين المختلفة (وما اكثرهم في المجتمع!) ويتعهد الجميع بتنفيذ هذا البرنامج بإطاره العام. كما تقوم في غضون 6 اشهر او حتى سنة، ببناء أساس السلطة المقبلة على صعيد قاعدي في كل العراق عبر مجالس الاحياء والمحلات واماكن العمل والدراسة وغيرها. وفي الوقت ذاته، يجب ان لا تتعدى رواتب المسؤولين راتب عامل ماهر، ممثلون يمكن عزلهم مباشرة إن لم ينفذوا مهامهم او خلّوا بواجباتهم او استغلوا مناصبهم.
لو سحبنا كل هذه الثورات من السراق والفاسدين البرجوازيين، وانتزعت الجماهير في البصرة والكوت والانبار كل مصادر ثروات المجتمع من نفط وكمارك وتوظيفها في تحقيق هذا البرنامج، لرأينا أموالا طائلة ستكون في متناول المجتمع ولتحقيق هذه البرامج التي أولويتها هي الانسان في العراق.
إن هذا سبيل حل عملي ومؤثر. أعرف ان هناك الكثيرون من يستهزئون بهذا. ولكن هدفهم واضح أما أن لا يكون للجماهير دور في المشاركة في إدارة المجتمع، أو انهم فريسة التصورات المغرضة الشائعة للبرجوازية. وإلا ما هي الحكمة الخاصة التي يتمتع بها خميس الخنجر او المالكي او الصدر او العامري او الخزعلي مثلاً؟! لماذا ان الشيخ المصلحي الفلاني او الطائفي الفلاني قادر اكثر مني ومنك على إدارة المجتمع؟! لتحقيق هذا الامر، يجب ان يقتنع المجتمع بأن السلطة هي أمر يخص المجتمع، عامة الناس، وتدخلها وارادتها ووعيها، وليس شيء "فوقها" او" غيبي" او....
(أدناه هي جزء من مقابلة اجرتها "قناة عالم افضل" مع مجموعة من قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي، بمناسبة الذكرى 28 لتأسيس الحزب. تم إعداد المقابلة هذه وصياغتها وإضافة بعض العبارات التوضيحية التي لم يسمح بها وقت البرنامج للأسف).
#فارس_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تكتيك قديم... وأهداف أقدم!
-
قضايا من مجابهة الكاظمي-الحشد
-
منْ أنتصر ومن الخاسر في هجوم إسرائيل على غزة؟!
-
انها عنجهية وغطرسة اسرائيل!
-
تكتيك مفضوح: الخزعلي وسعي للتسلل للناصرية عبر بوابة العشائر!
-
اجرام ابشع كثيرا من -إجرام- الأم -الجانية-!
-
أيةُ اهدافٍ يتوخاها استعراض -سرايا السلام- اليوم؟!
-
من المسؤول.. من المستفيد ... وما الحل؟!
-
بصدد اقتحام الكابيتول!
-
لا يفيدكم! ترحلوا يعني ترحلوا!
-
النزعة الايديولوحية اليساروية وانعدام البصيرة!
-
ينبغي ان يرد التهديد إلى نحر اصحابه!
-
حول المؤتمر الأول لحشد العتبات!
-
الاهداف الحقيقة لما خلف زوبعة اردوغان!
-
انه صراع مصالح لا ربط له بمصلحة جماهير سنجار!
-
بمناسبة اليوم العالمي الاول لمناهضة -عقوبة- الاعدام: يجب الغ
...
-
الاتفاقات الاخيرة مع اسرائيل: اكاذيب...حقائق!
-
حلّة جديدة... هدف قديم!
-
تعليق على تعليق رفيق سابق!
-
بصدد الارضية السياسية والاجتماعية لتأسيس الحزب!
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|