أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الاخلاق عند دوستويفسكي1/ 3














المزيد.....

الاخلاق عند دوستويفسكي1/ 3


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6968 - 2021 / 7 / 24 - 19:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أعتقد أنّ دوستويفسكي أهتم، اهتمامًا منقطع النظير، بمبدأ الاخلاق والقضية الخلقية؛ وذلك من خلال جُل اعماله الروائية، حيث اوضح ذلك على لسان ابطال اعماله تلك.
ونحن، نعد هذا الاديب الكبير بأنه أحد الفلاسفة الاخلاقيين الكبار. ذلك للاهتمام البائن في بعض رواياته، ومنها على سبيل المثال رواية "حُلم العم" وكذلك رواية "الجريمة والعقاب" و "الليالي البيضاء". وهو يطرح كل ذلك على اعتبار أنه فيلسوف اخلاق. فمن الفلاسفة الاخلاقيين الفيلسوف اسبينوزا، صاحب كتاب "علم الاخلاق" والكتاب يعُد من اعظم كتب الاخلاق في العصر الحديث، وجعل اسبينوزا كتابه هذا على شكل هندسي.
ويرى زكريا ابراهيم إن "أهم طابع يُمثِّل النظرية الأخلاقية عند اسپينوزا هو القول إن الإنسان لا يقف بمعزل عن الطبيعة وقوانينها؛ فاسپينوزا قد انتقد بشدة أولئك الذين تصوروا الإنسان على أنه «يقف من الطبيعة كأنه دولة داخل الدولة، ويظنون … أن له سلطانًا مطلقًا على أفعاله، وأن شيئًا لا يتحكم فيه سوى ذاته». فنقطة البداية الأساسية في هذه النظرية الأخلاقية هي الإدراك العلمي للارتباط بين الإنسان وبين الطبيعة بوجه عام؛ ومن ثم تأكيد سيادة فكرة الضرورة في مجال الإنسان بدوره، «فمن المحال ألا يكون الإنسان جزءًا من الطبيعة، أو أن يكون قادرًا على ألا يتأثر إلا بالتغيرات التي يمكن فهمها من خلال طبيعته بوصفها العلة الكافية لها». (فؤاد زكريا- اسبينوزا- ص 196، دار التنوير، بيروت سنة الطبع 2005)
يقول اسبينوزا- وهو يؤكد أن العقل هو مصدر الخير والشر- وبالتالي نحرز عن طريق العقل قضايا الخلقيّة: "إن الرغبة المتولدة من العقل تجعلنا نسعى الى الخير بصورة مباشرة ونتجنب الشر بصورة غير مباشرة" (علم الاخلاق، ص 292، منشورات المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الاولى بيروت – لبنان سنة الطبع 2009)
"...هل هذه الكتب اخلاقية أو لا، لأنها إذا كانت كتبًا غير اخلاقية.. لا يجوز لكِ اطلاقا أن تقرئيها، ستتعلمين منها أشياء قبيحة". (دوستويفسكي – الليالي البيضاء- ص 56، المركز الثقافي العربي، لسنة 2016، بترجمة إدريس الملياني)
يعتقد دوستويفسكي أن الكتب المختلفة الاتجاهات والاغراض والاهداف، هي تحمل ما تحمل بين طياتها: من افكار ومبادئ وقيم، ونظريات ذو ابعاد مختلفة، جديرة بأن تحرّف الانسان عن كثير من القيم غير الانسانية وغير الاخلاقية، بطريقة او بأخرى، لأنه ليس جميع الكتب هي بمنأى عن الانحراف، أو لدس السّم بالعسل. ثم أن هناك كتب تطرح قضايا واتجاهات معينة، تكون ذو اغراض ايضًا معينة، وتكون كذلك مدفوعة الثمن، كالقضايا السياسية الفكرية او الدينية او العرقية او غيرها، او حتى الحزبية والايديولوجية تتبنى فكرة بعينها، وقد ننخدع ببعض مضامين تلك الكتب البراقة. لكن الكتب التي تتعلق بالأخلاق، وفلسفتها، والتي تسعى الى بث روح المحبة والوئام في كافة طبقات المجتمعات المختلفة، او التي تسعى الى التسامح ونبذ الفرقة، وتروم تطبيق مبادئ حقوق الانسان، وتؤكد على أن البشر هُم سواسية، ولدوا احرارًا وسيعيشون احرارًا كذلك، فلا فضل انسان على انسان آخر، الا بالعلم والاخلاق والمعرفة. فكلما زاد الانسان علمه واخلاقه سيكون محترمًا وسط المجتمع الذي يعيش فيه، وينظر اليه المجتمع بالإعجاب والاكبار، ويكنّ له كل الاحترام.
لهذا يطرح أحد ابطال روايات دوستويفسكي السؤال التالي: "لماذا أفضل إنسان في العالم يخفي دائمًا شيئاً عن جاره ويبقى صامتا أمامه؟، لماذا لا يستطيع المرء أن يفضي صراحة، هنا، والآن بكل ما في قلبه، ما دام يعرف أنه لن يتكلم هذرًا؟ لأن كل شخص يريد أن يظهر نفسه اقصى مما هو في الواقع، كأن الناس جميعًا يخشون تشويه عواطفهم اذا هُم عبرّوا عنها قبل الاوان". (الليالي البيضاء، ص 79، مصدر سابق)
والسؤال، رغم أنه سؤال يتعلق بالأخلاق، لكن فيه قيم فلسفية سامية أخرى، وطالما كون موضوعنا يتعلق بالأخلاق حصرًا، وما حولها، سنركز على موضوعة الاخلاق. فبطل هذه الرواية يشكل على كثير من الناس، الذين هم يعُدون من افضل الناس، لكنهم، مع ذلك يخفون على جيرانهم، وهم اقرب الناس اليهم، لأنه في تماس معهم، يراهم ويرونه صباحًا ومساءً. ومع ذلك يحاول أن يخفي قضايا كثيرة عن جاره (غير القضايا الشخصية طبعًا). فهذه يعدها دوستويفسكي أو بطل الرواية، صفة ذميمة لا تمنو عن اخلاق حميدة. والاهم من كل ذلك هو: أنّ هذا الشخص، الذي يعتبر شخص فاضل، والفاضل لا يخرج منه ألا الكلام النقي، الكلام الذي يكون في محله، فهو كلام بعيد كل البعُد عن الهذر والقبح، بل كلام موزون يحمل من القيم ما لا يخجل هو منه، ولا يجعل من جاره أن يحمل عليه الحقد والضغينة.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسبغ وضوء القصيدة
- (ليلة اغتيال محسن المجنون) للقاص أحمد السلمان.. وميشيل فوكو
- (أحوال الزهرة) نصوص طالب حسن.. وفلسفة الجمال الكانتية
- قصة (الحصاوي) للقاص سعدي عوض الزيدي خطوب بطعم الالم
- (كم مضى من الوقت؟) لوليد حسين وفلسفة التاريخ
- قصيدة (غذّ سيّرك) للشاعر سرحان الربيعي ومبدأ الشك الديكارتي ...
- في (وصايا العائد) عمر السراي ماذا قال للطلقة التي قتلت حُلمن ...
- في قصيدته - قرب حانة (المرايا)- عبد الحُرّ يؤرخ للجنون وللذك ...
- الشعور النفسي اللامجدي في (ليل وشباك) للشاعر كاظم الميزري
- القلق الوجودي في (أيُّها الترابيُّ) للشاعر جبار الكواز
- في (أصنام أم نعوش) قاسم وداي الربيعي يتمرّد على الواقع المري ...
- مأساة شعب في (للمفتاح وجوه عدّة) للروائي مهدي علي ازبيّن
- (البهلوان) لأحمد خلف سردية تغتال السأم
- (أنين الضفدعة) ل عبد الامير المجر نهاية بطعم الرحيل
- تجلي المعنى في (للآن ألتمسُ بريقاً) للشاعر وليد حسين
- الحس الواقعي والتطلع للحرية في ديوان (بحثا عن رغيف المعنى)
- مبدأ الشك بين المعرّي ونيتشة2 /2
- مبدأ الشك بين المعرّي ونيتشة1 /2
- طاعون البير كامو وفايروس كورونا1 /2
- طاعون البير كامو وفايروس كورونا2 /2


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الاخلاق عند دوستويفسكي1/ 3