|
فاطمة تاباعمرانت جوهرة الغناء الامازيغي ببعده الهادف
المهدي مالك
الحوار المتمدن-العدد: 1639 - 2006 / 8 / 11 - 04:29
المحور:
الادب والفن
يتميز فصل الصيف عن غيره بانه فترة الراحة و الاستجمام في شواطئنا الجميلة او جبالنا العالية و كما هي فترة رجوع جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج الى ارض الوطن و الى احضان الأهل و الى احضان أصالتنا العريقة التي تخبرهم بان المغرب له تاريخ طويل و حضارة متميزة و فنون جميلة و هكذا يشرفني ان اسافر معكم الى مبادئنا الامازيغية عبر فنانة اسست مدرستها على اسس الهوية و الانتماء الى هذه الارض و اسلامنا الحقيقي الذي وجدناه عند اجدادنا الكرام و هذه الفنانة التي سنتحدث عنها في هذا المقال جوهرة نادرة في الغناء الامازيغي الذي انطلق منذ بدايات القرن العشرين مع الحاج بلعيد و بوبكر انشاد و الحاج محمد الدمسيري و يعتبر هذا الاخير مدرسة للدفاع عن حقوقنا اللغوية و الثقافية و تعلمنا هذه الاخيرة بان النضال الامازيغي لا يخاف من القمع الهوياتي الذي اراد في الماضي ان يجعلنا نفقد ذاكرتنا الامازيغية من اجل حمل هموم الاخرين السياسية و الايديولوجية و ترك همومنا الاساسية كمحاربة الفقر و التهميش و بناء دولة الحق و القانون. و هذه الفنانة هي الاستاذة الكبيرة فاطمة تاباعمرانت و هي من موالد سنة 1963 بمنطقة عزيزة علينا لانها مثالا للشجاعة و مقاومة الاحتلال الفرنسي في معركة تيزي التي وقعت سنة 1917 حسب ما قرأته في كتاب اعمال الدورة الثالثة للجامعة الصيفية باكادير و كذلك الاحتلال الاسباني و هذا يجعلنا نشعر بالفخر و الاعتزاز تجاه كياننا الامازيغي الذي بدا منذ اللحظة الاولى يدافع عن مقدساتنا و يقاوم الاحتلال الاجنبي و تعتبر المقاومة شيئا نبيلا و ليست ارهابا كما يعتقد البعض . ان فاطمة تاباعمرانت نشئت يتيمة الام و نشئت في وسط محافظ بقيمه الجدية و السيئة في نفس الوقت و انني احترم هذا الوسط الذي ساهم في تربية امهاتنا على قيم الشرف و الوقار ولكنه أي الوسط المحافظ له مجموعة من التصورات تعتقد بان عمل المراة في بعض الميادين كالغناء و الرقص يعد حراما و خروجا عن الطريق المستقيم و اقول و هذا رأيي الشخصي بان الرقص الامازيغي او احواش يختلف عن الرقص المشرقي بحيث ان احواش لا يعترف بالاشياء التي لا تتناسب مع ادبياتنا الخصوصية و احواش يعلمنا الاحترام و الادب و يجعلنا نسافر عبر تقاليدنا الجميلة مثل لبس الجلباب الابيض و قول الشعر او النظم في اسايس أي الميدان في مناسباتنا الدينية و الوطنية و عندنا في سوس شعراء احواش في المستوى مثل لحسين اجماع المعروف على الصعيد الوطني بشعره الجميل و متعدد المواضيع الاجتماعية و السياسية و يدخل هذا الفن ضمن مبادئنا الامازيغية الاصيلة التي تدافع عنها مدرسة فاطمة تاباعمرانت الوجدانية و انطلقت هذه الرايسة كما تسمى عندنا منذ بدايات التسعينات تمشي على خطى الغناء الهادف و على خطى قراءة واقعنا الثقافي و الاجتماعي لمجتمعنا الامازيغي الذي يعشق هذه الاستاذة الكبيرة و التي تحدثت في اغانيها عن مجموعة من القضايا ذات ابعاد مختلفة كالهوية الامازيغية و هي تحمل كنوزنا الغالية مثل اللغة التي مازالت حية و لم تموت برغم التهميش الممارس عليها منذ الاستقلال من طرف الذين امنوا بان المغرب يجب عليه ان يتجاهل كل ما يتعلق بهويته الامازيغية و يسير نحو المشرق بما يحمل هذا المصطلح من المعاني و الادبيات و هذه الاستاذة ادركت بانها صاحبة رسالة نضالية من اجل الدفاع عن عدالة قضيتنا الامازيغية بكل ابعادها و ساهمت فاطمة تاباعمرانت في تعميق الوعي الذي يعد الاساس بالنسبة لحركتنا الثقافية الامازيغية. و ان المتأمل لاغاني فاطمة تاباعمرنت الدينية و هي كثيرة يجد نفسه امام مدرسة اخلاقية تجعلك تتذوق اسلامنا الغالي الذي يدعونا الى الوسطية و التسامح الديني و الدفاع عن الارض و العرض و هذه الاستاذة ابدعت العديد من القصائد الدينية التي تدفعنا الى الاستحضار العديد من ادبياتنا العريقة كمجتمع مسلم و يطرح هذا الاخير مجموعة من الاسئلة حول مسايرة التحديات المطروحة علينا كالتنمية و محاربة التخلف الاجتماعي الذي مازال يعيش في زمن الامية بكل ابعادها الأبجدية و الثقافية و مازال لم يدرك بعد اننا دخلنا الى عصر التطور بكل ادبياته الايجابية و السلبية و العاقل هو الذي يمشي على ايقاع التطور الايجابي و يترك التطور السلبي الذي سيجعله يدخل الى خانة النسيان و تحطيم قيمنا العريقة بدعوة انها لا تتناسب مع هذا العصر . ان هذه الاستاذة هي رمز للتدين و النصيحة و اغانيها الدينية تحمل رسالة تقول لنا بان اسلامنا الخاص لا يحتاج الى محاضرات من احد و خصوصا من الجماعات المتطرفة كالقاعدة و السلفية و غيرهما من تلك الاخيرة التي تشجع على قتل الابرياء و التكفير و جعل الناس يرجعون الى الجاهلية بكل معانيها و نقول لهم لن نرجع الى ذلك العهد الذي يتميز بقتل المفكرين و الكتاب بل سنتقدم في ركاب التطور و الفكر الهادف الى تحطيم اصنام التخلف الديني و هو جعلنا نعيش طوال هذه القرون في الهامش مقابل الغرب الذي استطاع ان يصبح القوة العظمى و هذا الاخير استطاع ان يفعل هذه الثورة بفضل العلم و الديمقراطية و تحطيم اصنام تخلفه الديني بينما نحن المسلمين مازلنا نذهب الى ضريح فلان قصد طلب البركة و هو قد مات منذ قرون غابرة . و ان الحديث عن فاطمة تاباعمرانت كظاهرة صحية في الغناء الامازيغي او امارك ن تمازيغيت لا شك انه حديث طويل و مفيد لان هذه الاستاذة تجسد في قصائدها العديد من مبادئنا الامازيغية و قضايانا الفكرية و الاجتماعية كقضية المراة التي لها مقام كبير في المجتمع الامازيغي منذ اقدم العصور التاريخية ما قبل الاسلام و المراة عندنا تعتبر رمزا للشرف و العفاف و فاطمة تاباعمرانت كسيدة محترمة حاولت في قصائدها توعية النساء على عدة المستويات الدينية و الاخلاقية و المعرفية. و كما اهتمت هذه الاستاذة بترسيخ قيمنا الوجدانية التي تعتبر مدرسة تعلمنا السير على الطريق المستقيم و الاعتزاز و الدفاع عن هويتنا الامازيغية من الذين حاولوا و يحاولون التشويه و طمس تاريخها المشرق في مقاومة التدخل الاجنبي منذ فجر التاريخ لكن المقررات الدراسية لا تعترف بهذا التاريخ بل تعترف بادبيات الظهير البربري التي تتجاهل عبد الكريم الخطابي و حمو الزياني و غيرهما من الذين ضحوا بالغالي و النفيس من اجل تحرير هذا الوطن العزيز الذي نحبه و سنستعد للدفاع عن مقدساته الحقيقية كما فعل اسلافنا المرابطون و الموحدون. و خلاصة القول ان هذه الاستاذة تستحق اكثر من مقالي المتواضع لانها اسست مدرستها الخاصة و التي تخاطب وجداننا الامازيغي و تخاطب هذا الجيل الجديد الذي يتميز بانه جيل حامل لافكار جديدة كالديمقراطية و العلمانية و نحن كجيل جديد علينا ان نحافظ على خصوصياتنا و على مبادئنا الامازيغية التي وجدناه عند اجدادنا الكرام و علينا كذلك ان نساعد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية باجتهاداتنا الهادفة الى تطوير ثقافتنا الاصيلة من الغناء و السينما و غيرهما . و نقول لاستاذتنا الكبيرة فاطمة تاباعمرنت ايوز امقران على غناءك الهادف الذي نعشقه لانه يحمل مبادئنا و همومنا النضالية من اجل تحقيق مطالب حركتنا الامازيغية و في مقدمتها دسترة الامازيغية بكل ابعادها الثقافية و الدينية و الفدرالية و هكذا سيكون المغرب بحق نموذجا على مستوى عالمنا الاسلامي .
و في ختام هذا المقال المتواضع الذي يدخل في اطار الاهتمام بالثقافة الامازيغية و اتمنى ان يكون هذا المقال قد نال اعجابكم و انتظر اراءكم على بريدي الالكتروني
#المهدي_مالك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي
...
-
مقال حول الذكرى الستينية لوفاة الحاج بلعيد
-
السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي
...
-
وجهة نظري الشحصية حول مسالة العلمانية و الحركة الثقافية الام
...
-
السينما الامازيغية بين سؤال الهوية و قضايا المجتمع الامازيغي
...
-
في بحور تاملاتي الشخصية
-
المعاق و التخلف
-
معاني الاحتفال باليوم الوطني للشخص المعاق
-
قراءتي الشخصية لازمة الرسومات المسيئة لمقام رسولنا الاكرم ص
-
تاهيل الحقل الديني في المغرب بين السؤال الثقافي و تطلعات الم
...
-
تاهيل الحقل الديني في المغرب بين السؤال الثقافي و تطلعات الم
...
-
الاسلام بين التطرف و الوسطية
-
التخلف الايديولوجي 2
-
زمن التخلف الايديولوجي 1
-
المدرسة المغربية بين التقاليد و التجديد
-
الخطاب الديني بين هموم المرحلة
-
الذكرى الرابعة لانشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قراءة
...
المزيد.....
-
طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا
...
-
وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
-
تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20
...
-
بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال
...
-
إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
-
فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
-
قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا
...
-
مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق
-
نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني
...
-
الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
المزيد.....
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
المزيد.....
|