|
الأردن والكرد على ضوء زيارة رئيس الإقليم لعمان
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 6939 - 2021 / 6 / 25 - 16:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لن اتناول العلاقات التاريخية بين الهاشميين ، او المملكة الأردنية الهاشمية وبين الكرد ، فهي من شأن المؤرخين لانها بدأت منذ عصر الإمبراطورية الأيوبية ، ومرت بمراحل متعددة ابان العهد العثماني ، والنزوح من والى فلسطين ، انتهاء بالانتداب الفرنسي لسوريا ، ومرحلة الاستقلال ، وتنصيب الملك فيصل ملكا على العراق وعلاقاته بكردستان العراق ، حيث شهدت تلك المراحل استقرار عائلات من أصول كردية في مناطق ومدن الأردن ، ولعبت دورا في بناء الدولة الأردنية ، وتطوير اقتصادها ، وتعزيز مؤسساتها الإدارية ، والعسكرية . العلاقات السياسية الأردنية الكردية بالعصر الحديث وبدأت بتواصل الزعيم الراحل مصطفى بارزاني مع الراحل الملك حسين ، الذي كان له مواقف إيجابية معروفة من القضية الكردية في العراق خصوصا ، ومن العلاقات العربية الكردية بالمنطقة عموما ، وتطور هذا التواصل فيما بعد الى علاقات دبلوماسية بين عمان واربيل ، وزيارات المسؤولين الكرد العراقيين الى الأردن وخاصة الرئيس السابق لإقليم كردستان مسعود بارزاني ، والرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني . من المعلوم ان كلا من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، والملك الأردني الحسين بن طلال ، كانا من الزعماء العرب القلائل الذين توسطوا مرارا بين قيادة كردستان العراق والنظام العراقي ، حرصا منهما على وقف النزيف ، وتحقيق السلام ، وصيانة علاقات الصداقة الكردية العربية ، وقاما سوية او كل على حدة بالتدخل مرارا ان كان بناء على رغبة الطرفين ، أو كمبادرات ذاتية وذلك بعكس حكام سوريا البعثيين الذين كانوا يصبون الزيت على النار ، وارسلوا جيشهم لمحاربة الثورة الكردية ونصرة توأمهم البعثي ببغداد ، وحاكم الجزائر هواري بومدين الذي تحول طرفا ضد الشعب الكردي بكردستان العراق ابان تنظيمه لاتفاقية الجزائر المشؤومة بين الشاه وصدام . منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي ، وبدايات التسعينات ،كنت أقوم بزيارات دورية الى عمان بغية اللقاء مع عدد من رفاقي بقيادة ( حزب الاتحاد الشعبي ) سابقا الذين كان بمقدورهم الوصول الى هناك لانه اقرب نقطة الى سوريا ، وعلى هامش تلك الزيارات كنت أتواصل مع الأصدقاء في الجالية الكردية الأردنية ، وجمعية صلاح الدين الايوبي الخيرية الكردية ، كما قمت بالقاء محاضرة حول العلاقات الكردية العربية بمعهد شومان ، ولانني دعيت في تلك الفترة رسميا لحضور ( المجلس الوطني الفلسطيني ) الذي عقد بعمان وذك باسم الحركة الكردية فاغلب الظن كنت مكشوفا امام اعين الرقيب في الأجهزة الأمنية لذك البلد الذي اعتبرته صديقا . رب ضارة نافعة في احدى زياراتي بتلك الفترة تلقيت ايصالا من كشك الامن العام المسؤول عن ختم جوازات القادمين وكنت احمل جواز سفري الألماني ، يتضمن وجوب مراجعة دائرة المخابرات بعمان خلال اربع وعشرين ساعة من تاريخ الوصول ، وقد خلق ذلك قلقا لدي وتوقعت الكثير من الاحتمالات كان من بينها اسوؤها أي تسليمي الى سوريا ، ولااخفي انني مررت بلحظات صعبة في تلك الساعات ، وفكرت مليا الا ان قررت الاتصال بالصديق الراحل الدكتور اشرف الكردي الذي كان الطبيب الخاص للملك الراحل ويحظى بالاحترام الشديد من لدن العائلة المالكة . اتصلت بالدكتور اشرف وشرحت له ماحصل وابديت القلق ، ولم تمضي ساعة حتى حضر الراحل الى الفندق الذي أقيم فيه واستقبلته وهم مبتسم كعادته ومازحني : " على أساس الاكراد لايخافون " فاجبته : عانينا الكثير من الأنظمة الحاكمة عزيزي " ثم بدأ بتهدئتي قائلا انهم لايريدون ايذاءك أو اعتقالك بل يرغبون بالتحدث معك كقائد سياسي كردي ، واسهب : المخابرات عندنا بالأردن تختلف عن الأجهزة الأمنية في أنظمة المنطقة ، وهم رجال سياسة ومختصون بالقانون ، يحاورون خصومهم واصدقاءهم بكل شفافية ، ويخدمون بلدهم .." . وفي صباح اليوم الثاني تلقيت اتصالا هاتفيا بغرفتي ، من شخص قال لي انه بانتظاري امام الاستقبال لنقلي الى المكان المحدد بايصال المطار ، ورافقته الى مبنى المخابرات ، ولم يكن بعيدا عن فندقي ، ثم انتهى بي المآل الى مكتب فخم يجلس امامي شخص مكتوب على طاولته ( المقدم ... ) ورحب بي ثم عرف عن نفسه انه مسؤول ملف سوريا والعراق ومن ضمنه الملف الكردي بالبلدين ، وكان ودودا وشرح لي اننا هنا لا نستدعيكم بل نريد التحاور معكم بشأن القضية الكردية ، واردف نريد علاقات مع حزبكم في سوريا ، ومع الحركة الكردية بالمنطقة . كانت اجابتي السريعة تقديم الشكر على الاهتمام ، وتبيان اننا في ( الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا ) لانبني العلاقات مع الدول والأنظمة ، واننا حزب صغير ، علاقاتنا تقتصر على حركات التحرر والقوى التقدمية ، وفي الوقت ذاته يمكنني مساعدتكم وعلى الفور في بناء علاقات مع الحركة الكردية بالمنطقة ، ومركزها الرئيسي كردستان العراق ، ثم استأذنني وخرج لمدة ماتقارب الربع ساعة وابلغني عن موعد مع ( الباشا ) غدا تعقبه مادبة غداء . أحضروني بالموعد المحدد من الفندق الى مكتب رئيس المخابرات اللواء – سميح بطيخي – الذي كان بغاية الود ، والاطلاع الواسع على تفاصيل القضية الكردية ، وبدأنا بالحديث وشرحت لهم أحوال الحركة الكردية بشكل عام ، وباالاخير وجه لي السؤال المحدد : هل يمكنك بحكم موقعك مساعدتنا في بناء علاقات وتواصل مع الاخوة في كردستان العراق وتحديدا مع قيادة الرئيس مسعود بارزاني ؟ فاجبت : ساحاول وقد انجح ، طبعا كنت متاكدا ان الاشقاء يريدون الخروج من عزلتهم واختراق الحصار المفروض عليهم من نظام صدام ، وتامين منافذ ، ومعابر الى العام الخارجي . مساء ذلك اليوم اتصلت بمكتب الأخ الرئيس مسعود بارزاني لاعلمه من حيث المبدأ ماحصل ، وكان جوابه بالإيجاب والاستعداد للتواصل مع الأردن ، ثم أبلغت الأصدقاء وتوجهت الى أربيل لتنظيم زيارة الأخ نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم آنذاك ، واتفقنا على تاريخ الزيارة على ان اسبقه الى عمان عدة أيام لترتيب تفاصيل الزيارة ، واتفقت مع الدولة المضيفة على استقبال الأخ نيجيرفان بشكل رسمي وفي صالة كبار الزوار بالمطار وبالإضافة الى المحادثات مع رئيس المخابرات سيتقابل مع الملك عبد الله الثاني . وقد حصل مااتفق عليه بالكامل ، وعقد السيد نيجيرفان والوفد المرافق له لقاءاته الرسمية ، وعقد الاتفاقات العديدة التي لامجال لذكر تفاصيلها التي تخص الاشقاء ، ثم اختتم زيارته بمأدبة عشاء على شرفه أقامه رئيس الحكومة الاردنية بحضور شخصيات سياسية مرموقة ورؤساء حكومات سابقون ، وشخصيات كردية اردنية من بينهم الراحل الدكتور اشرف الكردي ، وعلى هامش الزيارة التقى بمبعوث الرئيس الفلسطيني الأخ أبو مازن الذي ارسله من رام الله خصيصا الى عمان . ومن ذلك اليوم بدأت العلاقات الكردستانية الاردنية ، وكان الأردن اول بلد عربي يفتتح قنصلية باربيل ، ثم كانت الخطوط الجوية الأردنية السباقة في تسيير الرحلات من عمان الى أربيل والسليمانية ، كما افتتح الاشقاء مكتبا غير معلن بعمان لمتابعة وتنسيق العلاقات .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقاش هادئ في مسألة ساخنة
-
من شروط الحوار المثمر داخل الحركة الكردية السورية
-
مناقشة الخيار الديموقراطي البديل في اعادة بناء الحركة الكردي
...
-
معرفة الماضي ، تنير الحاضر ، وتحصن المستقبل
-
الكرد السورييون الى أين
-
قضية للنقاش ( 192 ) في تعريف : - أطراف الحوار -، -حرية العمل
...
-
الساعون الى تشويه الذاكرة التاريخية لكرد سوريا
-
الكرد في الذاكرة السورية
-
مراجعة نقدية في تشخيص أسباب امتداد مرا
...
-
قراءة لشهادة رياض حجاب حول – ب ك ك –
-
خمسة قضايا استراتيجية في لقاء رئيس إقليم كردستان
-
في أسباب الحرص على سلامة إقليم كردستان
-
في استشراف آفاق النهوض في الحالة الكردية السورية
-
في تسييس نسب آل الأسد
-
القطار السوري المتوقف
-
الشهيد مشعل التمو لم يخرج من جلده يوما
-
ثورات الربيع وقضايا القوميات ..الثورة السورية مثالا
-
سبعة عشر عاما على هبة الربيع الدفاعية في القامشلي
-
مشروع البرنامج الوطني المقدم من حراك – بزاف –
-
كل الدعم للنشطاء الحقوقيين السوريين بالخارج
المزيد.....
-
مشاهد فيديو تُظهر ارتفاعًا هائلاً في الأمواج والفيضانات مع د
...
-
أين يقع -أروع أحياء العالم لعام 2024- بحسب -تايم آوت-؟
-
سارعوا بنقله خارجًا.. دب -أشيب- يسبب الرعب لزوار منتزه بعد م
...
-
من كان أديب الشيشكلي الرئيس السوري الذي اغتيل في البرازيل؟
-
برلمان تونس يناقش مشروع تعديل القانون الانتخابي المثير للجدل
...
-
الطيران الإسرائيلي يشن سلسلة غارات مكثفة على قرى شرقي لبنان
...
-
الكويت.. أم تحاول قتل طفلتها بحقنة أنسولين بعد افتضاح أمرها
...
-
ملياردير فرنسي يؤكد مساعدته لبافل دوروف في تأمين -شقة سرية-
...
-
محاكمة شاب سوري بتهمة خطيرة في كوريا الجنوبية
-
أذربيجان.. الكشف عن قاتل درونات ليزري في معرض ADEX 2024 في ب
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|