|
قراءة في كتاب لتوماس مونرو
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 6939 - 2021 / 6 / 25 - 10:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لمدة ثلاثة أرباع القرن .. أصبنا .. بكارثة حكم ديكتاتورى أوليجاركي .. عسكرى أمني ..أقرب للفاشيستية .. لم نبرأ منه حتي يومنا هذا .. بل لا يبدو قي الأفق أن الأحفاد سينجون من براثنة قريبا . العالم كله ( شرقة و غربه ) يرانا علي حقيقتنا ..شعب مقهور يئن ..مبتلي بالديكتاتورية .. متخلف .. إلا نحن .. فقد إعتادنا علي الحكم الفردى في دولة توتالية .. عسكرية التوجهات .. و قوانين طواريء مستمرة .. و جباية مجحفة .. لا نعرف مصيرما تحصله .. و لا مسيره.. و يوم تعطي للشعب بعض فتاته تعتبر منه و منحه و مكرمة ..من الزعيم المفدى ( بالروح و الدم ) حكم ( سافل ) دام و إستمر حتي تصور البعض أنه من الطبيعي أن نبقي علي حالنا هذا لا نتغير.. و أننا كشعب لا يصلح لنا إلا الحكم الفردى القاسي .. وأن كل ما علينا أن نرجوه هو أن ترفق بنا السماء ..و يحن قلب الديكتاتور.. و ينظر بعين الرضا لالام رعيته ..فيجود عليهم من خيره. في كتابه ( التطور في الفن ) كتب ( توماس مونرو ) في الفصل الثاني و العشرون الجزء العاشر ( الديكتاتوريات الحديثة ). (( إن وضع قدر كبير من السلطان في يد زعيم عسكرى لا يخضع لإنتخاب شعبي عام يعرض البلاد لخطر الديكتاتورية )) . نعم هذا صحيح ..و ها نحن نعيش تحت وطئة حكم زعماء عسكريون يجبرون الشعب علي إنتخابهم في (عرس ديموقراطي) مفتعل و مزور.. معروف نتيجته قبل أن يبدأ ..نعاني من ديكتاتورية متقلبة المزاج .. و مخططات متعارضة .. متضاربة .. أخرها ما كتب عنه مستر مونرو عام ( 1972 ) (( و غني عن البيان أن ظروفا من هذا القبيل تنزع إلي مؤازرة فن تخطيط المدن علي نحو واسع.. فن يتجه نحو إقامة التماثيل الضخمة و الهائلة فيصور الحاكم بشكل يسمو فوق البشر )) بقي أن يرى (في الفنجان) أن الحاكم في مصر سوف يقيم في العقد الثالث من القرن التالي أبراجا ضخمة في الصحارى .. دون داعي أو سبب تخطيطي إلا تقليد دول الخليج ..و المباهاه الفارغة بأنه سيرفع العلم علي أطول سارى في التاريخ .. و يبني مقرا لاله حربه .. أكبر و أوسع من البانتجون الأمريكي الذى يحكم العالم منه . . و قصور و مقرات للحكومةو البرلمان .. لا داعي لها . ((في الزمن الماضي كانت الديكتاتوريات عادة فترات فاصلة يتولي فيها رجل واحد الحكم بين نظامي حكم أثبت و أرسخ و قد ظهرت الديكتاتوريات بعد إنهيار الملكيات التي لانت قناتها و أصبحت عاجزة عن تحقيق مطالبها في السلطة كما حدث مع كرومويل و نابليون و ظهرت ديكتاتوريات أيضا بعد إنهيار الجمهوريات التي شلتها الخلافات شأن أثينا قبل عهد فيليب المقدوني و روما قبل يوليوس قيصر .. و كثيرا ما سبقت الديكتاتوريات حكومات أوليجاركية لا يلبث رجل فيها حتي يغتصب السلطة من فم الأخرين )). و هو ما حدث لنا بعد 1952.. إنقلاب علي الملكية .. حكومة أوليجاركية .. ثم رجل واحد يغتصب السلطة من فم الأخرين .. ثم بعد 2011 إنهيار جمهورية ( مبارك ) .. حكومة أوليجاركية .. ثم رجل واحد يستولي علي السلطة . الفارق أنها لم تكن مرحلة فاصلة بين نظامين راسخين كما قال مونرو .. بل ديكتاتورية ( راسمالية دولة فاشيستية ) تسلم لاخرى ( إنفتاحية كومبرادورية ).. ثم بعد ثورة شعبية قصيرة .. تعود أكثر عنفا و تجبرا .. و إستغلالا .. لصالح شريحة كومبرادورية .. تتسيد قمة المجتمع (( وربما يحدث في بعض الأحيان أن تعقبها عودة إلي الملكية الوراثية ( إما أن تكون ملكية الديكتاتور بإعتبارة مؤسسا لإسرة مالكة جديدة أو ملكية ترجع فيها إلي العرش الأسرة المالكة الشرعية السابقة ) و كثيرا ما يتم إعلام الديكتاتوريات علي أنها وسيلة مؤقته لإسترداد النظام - و ربما قصد منها ذلك - غير أن من العسير علي من يرقون معارج السلطة العليا عن طريق العنف ( و بذلك يخلقون العديد من الأعداء ).. أن يتخلوا عنها قانعين راضين أو مطمئنين أمنين .. مثل الواحد منهم مثل من يقبض علي أسد من ذيلة ثم أن ممارسة السلطة المطلقة تشكل عادة في النفس و قد يستمتع بها المرء بشكل لا يتيح له التخلي عنها بغير كفاح )). و هكذا بعد إنتخابات شكلية ( لمرتين ) و إستمتاع السيد الرئيس بالسلطة المطلقة .. و القصور و الطائرات الخاصة المحمية .. و المواكب الحافلة .. و بأهازيج المطبلتية الذين لا يتوقفون عن حديث الإنجازات .. و الأموال الطائلة التي تنفق بكلمه من سيادته و لا يمكن مراجعتها .. تقرر تغيير الدستور .. و سوق النعاج ليقولوا ( نعم ) .. يرقصون أمام اللجان ((لتبق يا ريس رئيسا لنهاية العمر)) .. و في الغالب .. سيكون الحكم وراثيا .. في إسرة حضرتك ..بما يتميز أفرادها .. من خصال و حكمة لا يمتلكها أبناء الرعاع و السوقة مثلنا . ((و تشترك الديكتاتوريات الحديثة مع القديمة في نواح عدة بما في ذلك ما يعلنه زعماؤها من أنها إجراء مؤقت و أنها خطوات نحو شكل أفضل من الحكم المستقر الذى يتولي فيه الشعب أو خير عناصر الشعب الحكم في هدوء و سلام و بموافقة الشعب كله )). نعم .. هذا ما رايته بنفسي ثلاث مرات .. مع عبد الناصر .. و مبارك الذى قال أنها مدة رئاسة واحدة .. ثم إمتدت لثلاثين سنة .. و حاليا نعيش مع إنجازات الرئيس و التي لن تتوقف مع نهاية المدة الثانية للحكم .. رغم أنه من البداية قال أنه لا يطمع في السلطة هو والقوات المسلحة .. ((ولقد استشعرت القوات المسلحة - انطلاقا من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة.)).. و أن ميدان التحرير موجود إذا ما أراد الشعب تغيير الوضع .. و أنه في هذه الحالة سيغادر .. دون أى مقاومة. ((و وصل كثير من الديكتاتورين إلي السلطة علي أنقاض ملكيات ولت كما حدث في المانيا و روسيا أو علي أنقاض جمهوريات ضعيفة كما حدث في الصين و منها ما يشكل نكوصات جزئية عن الحكم النيابي إلي الحكم العسكرى الإمبراطورى المستبد .. و هي تختلف عن الصنف الاخر في تجنبها أو تأجيلها العودة إلي الملكية الوراثية و في إحتفاظها ببعض مظاهر الحكم النيابي )). حكم نيابي صورى .. علي نوابه أن يهتفون مع كل قانون ظالم (هايل هتلر ) و علي رئيس مجلس النواب أن يصرح بأن ولاؤة لمن أجلسه علي كرسية .. و هو ليس بالتأكيد الشعب . (( و يعتمد حكم الديكتاتور أو حكم مجلس القيادة الديكتاتورى إعتمادا محفوفا بالمخاطر علي الهيمنة علي أوليجاركية أكبر قليلا تتألف من القادة العسكريين و رؤساء الأحزاب الذين غالبا ما يأتمرون سرا بعضهم ببعض )). و هو ما كانوا يسمونهم أهل الثقة لا أهل الخبرة .. و اليوم هم حضرات اللواءات و الضباط العظام الذين يتولون رئاسة كل مخارج و مداخل أجهزة الحكم .. و الإقتصاد ... بما في ذلك البرلمان و أجهزة الإعلام . ((و علي كل حال فإن الديكتاتور الحديث يدرك ضرورة الإسراع فورا ببناء جهاز عسكرى معقد و إدارة بيروقراطية تحت سيطرته و ربما إتخذ دستورا تحرريا ديموقراطيا و لكنه يظل في واقع الأمر دستورا معطلا إلي أجل غير مسمي و في الحين نفسه تنزع دولته أن تكون مغلقة خلافا للديموقراطيات المفتوحة)). و هو ما حدث مرتين .. في زمن عبد الناصر .. و فقد الجيش سلاحه في اليمن و سيناء .. و اليوم بعد تخصيص مليارات الدولارات التي أخذت كقروض و ديون .. لشراء حاملتي طائرات و غواصات .. و معدات عسكرية لا نعرف لماذا أو كيف أو متي ستستخدم . ((و هي مغلقة نسبيا من الداخل إزاء التعبير عن الأراء المعارضة لنظام الحكم و عقيدته .. كما أنها مغلقة من الخارج حيال دخول مؤثرات خارجية بل إزاء حرية مواطنيها في السفر .. علي أن هذه النواحي تخضع لتنوعات كثيرة بين أنواع معينة من الأمم و عندئذ قد يعمد نظام الحكم إلي تشديد قبضته أو إرخائها بصورة تتناسب و الأخطار السائدة التي تهدده من الداخل أو الخارج)) . لقد عشت هذه الفترة التي كان من الصعب فيها السفر للخارج حاملا قروش معدودة ..و كان شراء كتاب علمي مستورد أو رواية أجنبية يتطلب عمل جمعية أو التقسيط علي شهور .. و كان حلم المصرى الهروب بأى وسيلة .. حتي لو إنتهي به الأمر لغسيل الأطباق في مطاعم بلاد الواق الواق . ((و الديكتاتورية الفاشية شأن أسبانيا تحت حكم فرانكو تعمد في الأرجح الأغلب إلي إستثارة الوازع الديني الكنسي أكثر مما تفعلة ديكتاتورية شيوعية حيث يشتهر النظام الشيوعي بسمته الإلحادية التقليدية و كثيرا ما كانت الكنائس متحالفة مع الملكية و الرأسمالية كما في حال فرنسا و روسيا في القرن الثامن عشر و من ثم فإن أى ثورة ( بروليتارية ) تنزع في البداية .. إلي معارضة هاتين الهيئتين ..)). و هو ما شاهدناه .. سواء في حكم عبد الناصر أو السادات ..أو الأخوان المسلمين حيث يلتحف الحاكم ببردة الدين .. و التقوى .. و الصلاح .. كوسيلة لتجميع تأييد الناس و دعمهم . ..أو اليوم .. حيث يتحالف حزب النور السلفي و الكنيسة القبطية ..مع الضباط المزيحين للإخوان .. و يملون علي المجتمع إرادتهم .. وعظا أو قسرا ((و تنزع الديكتاتوريات العصرية إلي إستخدام العلم وسيلة لدعم نظم حكمها ( غير مقتصرة فحسب علي العلوم الفيزيائية و التكنولوجيات) بل تتجاوزها إلي علم النفس و علم الإجتماع بإعتبارها وسائل و أساليب للتأثير علي عقول الجماهير داخل الوطن و خارجه .. و يستخدم الفن بطريقة منظمة كوسيلة نفسية إجتماعية و ذلك في الغالب لغايات سياسية سمتها الإضطهاد و العدوان وفي نفس الحين و بنفس الطريقة يجرى إستخدام الإيديولجيات و النظم الدينية و الفلسفة وسائل لغايات عملية علي نحو يتسم في كثير من الأحوال بإلحاد ساخر أشد مما كان في الإمبراطوريات القديمة و من أجل أغراضة و مأربه يعمد الديكتاتور المعاصر إلي إستخدام أى إيديولوجية تكون اليق للسيطرة علي الإتجاهات و العواطف العامة بين أفراد شعبه و الشعوب الأخرى )) . و هو الأمر الذى برعت فيه أجهزة الأمن .. كيف يمكن التجسس علي الأخرين .. و كيف تستخدم أساليب علم النفس الجماعي في خلق ميديا داعمة و مؤيدة للحكم .. أو إستخدام الرشاوى من مواد تموينية و أموال للحصول علي تأييد من الشعب للإستفتاءات و الإنتخابات سيئة السمعة . ((الإيديولوجية الرسمية في الدول الفاشية فقد تكون ظاهريا مسيحية أو إسلامية .. و الدولة الإستبدادية المطلقة تعتبر الحرية و الفردية و الشكلية الإسلوبية و مذهب اللذة المستهتر في فن مجتمع ديموقراطي و ليبرالي ضربا من عوامل الضعف في المجتمع فهي تفضل أن يكون الفن قابلا للفهم و أن يروق للجماهير علي أن يحمل الرسالة المرغوبة رسالة الطاعة و مطابقة الجماعة )). لذلك إختار النظام وزيرة ثقافة لم تقرأ في حياتها كتاب كامل .. و لا تستطيع التمييز بين الفن الهابط السوقي الذى تمنح أصحابه الجوائز و التشجيع و المناصب .. و الفن الأصيل الذى يفوق مدركاتها فتهمله و تتجاهله . ((و يجنح الديكتاتوريون المعاصرون إلي فعل القدماء منهم بإستخدام الفنون وسيلة لدعم نظمهم عن طريق نشر مبادئهم في عقول الجمهور فحالما يستقر غبار الثورة يعود الفن تحت الرعاية و يخضع لنظام صارم فإن قيصر و أل مديتشي و نابليون كانوا ولعين بالفن و المعرفة و كذلك كان بعض أتباع هتلر المقربين و لكن ستالين لم يبد إهتماما يذكر بهذا الجانب)) . و هو ما نشاهده اليوم من تجميع كل مخارج و مداخل الفنون .. لتسيطر عليها مؤسستان .. الأزهر .. و الأمن .. تشكل كل منهما رقابة .. لصيقة تصل إلي سجن المؤلف و الناشر ..أو الممثل او المغني و المنشد .. و مطاردة العناصر المعارضة أو المتمردة علي القفص الحكومي الضيق للإبداع . ((و الدولة المغلقة لا يوجهها المستهلك و إنما توجهها الحكومة في شئون الفن و غيرة من السلع الإستهلاكية فالناس تتلقي ما ترى الحكومة أنه نافع و خير لهم و كثير ما يخصص للفن نصيب من الدخل القومي يتناسب مع قيمته بوصفة و سيلة لغايات إجتماعية )). لقد أنشأ عبد الناصر أول تلفزيون في المنطقة .. و إذاعات بكل اللغات .. خصوصا صوت العرب .. و إستخدمها حتي في تحويل هزيمة 67 لنصر والأن تشترى أجهزة الأمن الجرائد و المجلات .. و محطات البث التلفزيوني و الإذاعي .. و تديرها بواسطة محدودى الذكاء و الثقافة .. فتخسر المليارات .. و تنتج أجهزة التوجيه المعنوى أفلام حماسية ذات صبغة خطابية فاشلة .. حتي أنها لم تصل إلي أفلام الستينيات عن الناصر صلاح الدين .. و إنت من الأحرار يا علي . ((و يركز الحكم الفاشي من الناحية النظرية علي الاقل علي طبقة الملاك و المديرين المناهضة لسيطرة العمال .. و يتجه إلي تنمية بيروقراطيته الخاصة به مستخدما عناصر تنتسب لطبقات مختلفة سابقة و لزم أن يكتسب النظام .. شيئا من تأييد الكتل الجماهيرية و كذا المفكرين و المديرين و غيرهم من المشتغلين بعقولهم)) في حالتنا و بناء علي توصيات البنك الدولي .. تم خلق طبقة من الرأسمالية الطفيلية التي تتكسب من إنشاء المدن و الكبارى و شق الطرق .. و بناء القصور و عمل الإحتفالات ..مع جهاز بيروقراطي عميل .. يستمتع بسرقة الجماهير .. و أعمال السطو علي المال الخاص و العام .. أما تأييد الجماهير فيأتي من مسرحيات هزلية يقوم بها المسئولين تجاه بعض من المعدمين أو المحتاجين أو المطرودين من منازلهم لعمل الإنجازات ..أو بالزن علي الودان من أجهزة البث و الدعاية
((لو إستعرضنا تواريخ فرنسا و المكسيك و روسيا لتجلي لنا فيها إنطلاق عظيم في الطاقات و القدرات البشرية بعد ثوراتها ..فيعمد القادة الجدد و هم في نشوة النصر الأولي و ربما بعد إعمال شيء من التدمير في الفن الذى يمجد النظام القديم إلي تأكيد المثل التحررية الليبرالية و تشجيع وسائل التعبير عنها بأشكال جديدة في الفن . و هنا قد يجد قسم ضخم من الطاقة المحررة طريقة إلي الفنون منتجا موجة صغيرة أو كبيرة من الإنتاج الأصيل علي أن الدور المتكرر الذى يعقب الثورة لا يلبث أن يجيء سريعا بالعكس .. فإن المثالين التحرريين الذين أطاحوا بالنظام القديم يلقون هم أنفسهم نفس المصير علي يد رجال لا يقلون عنهم قسوة و لكنهم يفوقونهم في الطابع العملي و الذكاء العنيد الواقعي و قد تنهار الحرية أمام الأوليجاركية أو الديكتاتورية و الدعوة إلي التضامن و النظام و عندئذ يعتبر الفن المطلق الحرية خطرا )) هذا هو ما حدث بعد إنقلاب يوليو 52 .. لقد تم تنحية .. من وصموا بأنهم رجعيون في كل المجالات .. و حل محلهم مجموعة من المتحمسين للتغير .. سرعان ما تحولوا إلي إنتهازيين ..يطبلون و يزمرون للسياسة الجديدة عن طريق الأغنية و المسرحية و أفلام السينما .. ثم بعد ذلك التلفزيون . و حدث هذا بعد إنتفاضة 2011 إزدهرت بعض الفنون .. بين الشباب .. ثم تم تعويقهم و إبعادهم .. و في بعض الأحيان سجنهم .. و خرجت علينا قوافل المصفقين و المطبلين بعد ذلك يحتلون الشاشة الصغيرة و الكبيرة و أذن المستمع و بصرة . ((و في مقابل ذلك يستخدم الفن علي نحو مضطرد كوسيلة لتقوية النظام الجديد و يخضع لنظام صارم .. و تتحول الأرصدة المالية و القادرون من الرجال الأكفاء من الفن إلي شئون الإدارة و الصناعة و التسليح )). و مع ذلك (( يمكن أن تزدهر فنون الترف الأرستقراطي .. فنون التباهي الأنيق و المظاهر و التسلية اللطيفة في ظل ظروف إجتماعية إقتصادىة تنطوى علي قدر كبير من الظلم و عدم المساواة مع الكدح المضني و الإنخفاض في مستوى المعيشة لدى الصناع المتواضعين الأذلاء . )) ما علينا إلا زيارة منتجعات الساحل الشمالي .. أو قاعات الأفراح في الفنادق الخمسة نجوم .. أو في دور الضباط .. لنرى كيف إستطاعت الأموال المنهوبة قسرا من الشعب المحتاج أن تخلق مساحة من الترف .. لم نشهدة من قبل .. وفن غريب عنا سواء في الملابس أو المجوهرات .. أو أصناف الطعام و الديكورات .. أو الفقرات الترفيهية . ((في نظم الحكم التي هي أكثر إستبدادا و أوتوقراطية تتوقف الأمور علي الخلق الشخصي للحاكم و كبار معاونية بقدر أكبر مما تتوقف علية في حالة ملكية مقيدة أو جمهورية ديموقراطية فإن نظاما أوتوقراطيا للحكم صغيرا كان أو كبيرا يمكن أن يكون قاسيا و ظالما في وقت من الأوقات مركزا جهودة علي العدوان في الخارج و إستغلال جماهير الشعب في الداخل )) ((و الديكتاتورية لها عادة نظام حزبي قوامة حكومة أقلية مستبدة متراصة الوحدة ( توتالية ) لها حزب واحد لا غير يحتوى علي نخبة من مجموع السكان.. و قد تنشأ خلافات حول السياسة و لكنها تسوى عادة علي مستوى عال بطريقة التصويت أو التأمر أو العنف داخل الدائرة الأوليجاركية ..و يسمح بتوجية النقد إلي صغار الموظفين و ذلك فيما يتعلق بتنفيذهم الأهداف المقررة )). الديكتاتورية كاتمة للأنفاس .. لا تسمح إلا لصنائعها بالنمو و التواجد .. و رغم ما قيل عن تقدم حدث في فترة الستينيات .. بإنشاء أكاديمية الفنون .. و وزارة الثقافة .. و ظهور بعض العظماء مثل نجيب محفوظ و يوسف إدريس و محمدعبد الوهاب و أم كلثوم .. إلا أن هذا كان إستمرارا للنضوج الفني .. الذى صاحب فترة بدايات القرن العشرين .. و لم يكن بسبب نظام الديكتاتورية العسكرية الفاشية .. التالي .. الذى غنوا له و مجدوه .. حتي يستطيعوا الإستمرار . . ثم توقف الإبداع لتحل محله .. تفاهات تعبر عن الوضع الجديد . الفن في مصر اليوم ..ينحصر في الأغنية الشعبية الراقصة .. و مسلسلات التلفزيون الممرضة المحرضه علي العنف و الفساد و الإبتذال .. أما النحت و التصوير .. فهي من المحرمات .. و ما ينتج لا يصل إلي مستوى كبار الفنانين الذين عشنا في ظل إبداعاتهم في بدايات القرن .. و لا زالت أعمالهم بالمتاحف لا يشاهدها أحد .. السينما التي كانوا يسمونها القوة الناعمة للمصريين .. أصبح يقودها الجزارون .. و الممولون العجزة و يفرضون ذوقهم السقيم .. أما تلك المباني التي تنشأ علي عجل في المدن الجديدة .. فهي تحمل قبح و إبتذال ..زمنها و من يأمرون بإقامتها .. إن الملابس و الحلي و الأثاث .. أصبح إما مستورد أو قبيح الصورة سيء الصناعة غالي الثمن .و الكتابة و الشعر أصبحت رموزهما ( سلوى بكر ) و ( شوقي حجاب ) ..و التمثيل ( محمد رمضان ).. أما نجم شاشات التلفزيون فهو ( عمرو أديب ) . ((في الزمن الماضي كانت الديكتاتوريات عادة فترات فاصلة يتولي فيها رجل واحد الحكم بين نظامي حكم أثبت و أرسخ )).. و لكن في حالتنا .. كما يحدث في جمهوريات الموز ..ديكتاتورية تسلم أخرى .. تتطلع (نظريا) إلي مستقبل مشرق تنعم فيه البلاد بالرخاء و السلام .. متصورا أن رأسمالية الدولة هي الطريق .. و الاخر يتصور أن الإسلام هو الحل .. و اليوم أصبح إتباع توجيهات البنك الدولي و جماعات المرابين هو الطريق للوصول للجنة الموعودة جنة غامضة ..لا تكشف عن زمن حدوثها أو تفاصيلها . و في كل الأحوال ينشغل الديكتاتور بالمراحل الأولي لإقرار الوضع الجديد بقهر و تصفية معارضيه و صبغ البلاد تدريجيا بالصبغة التي يراها مناسبة له لتقوية قبضته و إستمرار زمنه . .. و يقوم علي نحو مضطرد بالقضاء علي أثار من سبقه.. حتي لو كانت ملكية عامة أو مشروعات أقامتها أنظمة قبله. و لكن كما يتدهورالمجتمع .. بسبب التفاوت الرهيب في الدخل و إسلوب الحياة .. فإن الفن علي كل المستويات يبرز هذا التغير .. ليظهر السوقي .. و تحبط عبقريات و كفائات لا تستطيع الصراع في مكب القمامة الفاشيستي .
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخنوع و الفتونه وجهان لعملة واحدة
-
الطغيان (الشرقي) .. و العمران .
-
ثمان سنوات مرت علي بيان 3 يوليو 2013 .
-
تسلط الجيش علي الشعب.. فهزم
-
المشكلة أننا لا نلعب .. بجد
-
من ناصر للسيسي خراب و سقوط .
-
الشدة السيساوية .. قادمة لا محال
-
لا كرامة لمتنبيء بين قومه
-
الإنسحاب من التواجد في مجتمع فاشل
-
أكاذيب و دجل في أخبار الكهان
-
أسئلة و أجوبة عن الكون(2 )
-
أسئلة و أجوبة عن الكون
-
تأملات مصرية.. في قضايا مصيرية .(( جزء 3من 3 ))
-
تأملات مصرية.. في قضايا مصيرية .(( 2 / 3 ))
-
تأملات مصرية.. في قضايا مصيرية .(( جزء 1 من 3 ))
-
عندما حكمنا الاطفال.. لمدة قرنين .
-
الصراع و الغدر مع حكم الاتابكة .
-
جولة إستكشاف في عقل معادى .
-
ليست شوفونية .. و لا تبشير بدين مصرى.
-
إنحسار دورالطبقة الوسطي .
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|