موقع -الشريك المعترف به- يزيد في تقريب قيادة -ا ت ع ت ش- من حزب النهضة وكلمة لمعارضي الانقلاب على الفصل 20
بشير الحامدي
2021 / 6 / 17 - 21:03
أزمة الداخل الاتحاد "جايها جايها" ولا أتصور أن المتنفذين اليوم في الدولة وأصحاب النفوذ الاقتصادي وحتى الصناديق المانحة والمتحكمة في سياسات الحكومة ليس لهم نفس الهدف على المستوى المتوسط والأبعد.
ولا أظن النهضة أو بعض الأحزاب الأخرى لا تدرك ذلك ولا تعمل من أجله أيضا.
الطبوبي صحيح أنه "ولد الماكينة" لكن "ما ليشو في السياسة" وكل مواقفه وكل تحركاته منذ توليه الأمانة العامة يقررها له الشقان المتنافسان في المكتب البيروقراطي: ليبرالي اليسار والقوميين. صحيح أنه "ولد الماكينة" أكثر من أي منهم ولكنه من طينة " صبعين وتلحق الطين" ويهمه أولا وأخيرا رضاء الفوق الفاسد عنه وعن سياساته والتالي فمسألة قربه من النهضة في الأشهر القادمة لن يشكل مفاجأة إلا للذي لا يعرف الرجل. نور الدين لم ينتم للنهضة واعتباره نهضويا هو بمعيار نهضوية مصطفى بن جعفر أو منصف المرزوقي وتجمعية إسماعيل السحباني أو عبد السلام جراد وندائية حسين العباسي ويسارية حفيظ حفيظ مثلا. نور الدين ليس يساريا وليس نهضويا ولا أعتقد أنه مشغول كثيرا بتحديد انتمائه ولكنه سيكون قريبا جدا جدا من الحكومة ومن الحزب الأقوى وبعيد جدا جدا من الشغيلة وسيحرص على ألا تكون سياسات الاتحاد في وفاق مع سياسات الحكومة أي في الأخير في وفاق مع سياسات النهضة وهو ليس مطالبا أن يعلن قربه من النهضة أو حتى يلمح لذلك فالاتحاد هو المطلوب أن يتخونج وهذه المهمة لا تشترط أن يكون على رأس البارونات الكبار خوانجيا بل عليه فقط أن يوصل الاتحاد الذي هو اليوم بكل المقاييس مكتبه التنفيذي لمرتبة ـ الشريك المعترف به ـ ورد نور الدين الطبوبي على قيس سعيد على أن الحوارات الوطنية السابقة التي توجت بجائزة نوبل والتي جمعت الفرقاء سابقا لاقتسام النفوذ والسلطة هي حوارات لقوى وطنية وليست كما قال سعيد ليست وطنية سيفتح صراع ساحة محمد علي مع قصر قرطاج والمستفيد الأول من ذلك حزب حركة النهضة التي ستعمل كل ما في وسعها لتأجيج نار هذا الصراع لتخفيف خناق سعيد حولها وفي تنفس الوقت التطبيع غير المعلن مع قيادة الاتحاد.
الاتحاد تحت قيادته الحالية ضاقت جدا دائرة مناوراته وهو أكثر ما تخشاه بيروقراطية مكتبه التي عملت طيلة السنوات العشر الأخيرة على ضمان موقع الشريك المعترف به. هذا الموقع الذي يبدو أن لا طرف يمكن أن يضمنه لبيروقراطية الاتحاد في الأوضاع الراهنة أكثر من حزب النهضة التي بدورها تلعب لعبة القط والفأر مع جميع الأطراف ربحا للوقت حتى الاقتراب من موعد الانتخابات القادمة.
...
كلمة أخيرة لمعارضي الانقلاب على الفصل 20
أولا معارضة الانقلاب مهمة لابد منها لكنها البقاء في حدودها هو الذي يطرح عديد الأسئلة.
البقاء في حدود معارضة الانقلاب والسكوت عن الطبيعة اللاديمقراطية لقوانين الاتحاد عموما يبرر الموقف الذي يُتداول لدى كثير من النقابيين والمهتمين بالشأن النقابي في أن هؤلاء المعارضين ليس هدفهم دمقرطة المنظمة النقابية بل هدفهم المنافسة على قيادتها واعتلاء بعض المواقع فيها دون اعتبار المشكل الأكبر الذي هو الطبيعة اللاديمقراطية لقوانين هذه المنظمة.
ثانيا معارضة الانقلاب دون تقديم بديل يشمل كل مناحي تسيير المنظمة وتشخيص الانحرافات البيروقراطية لقيادتها التنظيمية والمالية والإدارية والتسييرية وتعبئة النقابيين لفرض هذا البديل يجعل من هذه المعارضة معارضة من أجل التموقع وهذا الأمر لا يجب أن نغمض عنه الأعين وكذلك لا يمكن أن يقع تعويمه بالحديث عن محاولات ضرب "الديمقراطية" داخل الاتحاد لأن "الديمقراطية" المتحدث عنها غائبة في الأصل ولا عبر الحديث عن ضرب "وحدة المنظمة" لأن المقصود بوحدة المنظمة هو وحدة الكادر البيروقراطي ولا عبر الحديث عن وحدة الممارسة وصيانة الاستقلالية وقيام الاتحاد بدوره في الدفاع عن الشغالات والشغالين لأنه وهذا ثابت وخصوصا في العشر سنوات المنقضية أن لا استقلالية لهذه المنظمة ولا سياسة عمالية يمكن الحديث عنها وكل ما هناك تذيل لليمين اللبرالي ولسياسة الصناديق والمؤسسات المالية المانحة و اندماج في منظومة الانتقال الديمقراطي.
ثالثا لذلك نقول وقد قلنا ذلك سابقا وحتى قبل ديسمبر 2010 أن مشروع عمل نقابي مقاوم يتطلب النظر أبعد من الصراع على المواقع القيادية في منظمة نقابية صارت اليوم أكثر من أي وقت مضى مندمجة بالدولة وبرأس المال وتتصرف قياداتها على شاكلة تصرف قيادات حزب ستاليني بيروقراطي وتتيح لها أرضية قانونية بيروقراطية ممركزة وهرمية نافية لكل ديمقراطية أن تتلاعب بكل شيء وأن تحصر القرار بيد المكتب البيروقراطي المركزي وتحديدا بيد أمينه العام.
إن مشروع عمل نقابي مقاوم اليوم يفرض رؤية تقييمية متجاوزة تقطع مع كل المشاريع الفوقية التي لم تؤد لغير مزيد ترسيخ النهج البيروقراطي رؤية يمكن أن نكثفها في "اتحاد قطاعات مستقلة وليس اتحاد المكتب التنفيذي".
هذا هو الحدّ الأدنى الذي يمكن أن تكونه معارضة نقابية للانقلاب على الفصل 20 وللنهج البيروقراطي لقيادة اتحاد الشغل أما غير ذلك فليس أكثر من محاولات نعرف مآلاتها مسبقا.
17 جوان 2021