|
من هم أصدقاء أولمرت من الحكام العرب .. ؟
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 11:12
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لقد اضاءت الحرب الإسرائيلية الدائرة الآن في لبنان بجلاء حقيقة الأبعاد الوطنية والقومية الكارثية لمعاهدة " كامب ديفيد " ، التي وقعها أنور السادات برعاية أميركا مع إسرائيل عام 1979 . وتتضح بجلاء أيضاً الأبعاد التطبيقية لهذه المعاهدة وقت انتقال الصراع العربي الإسرائيلي إلى حالة حرب . فهذه المعاهدة التي زعم أنها حررت سيناء من الاحتلال الإسرائيلي المباشر ، قد وضعت مصر كلها تحت الاحتلال الإسرائيلي الأميركي غير المباشر .. سحبت إسرائيل من سيناء لكنها أدخلتها القاهرة .. أبعدت جيوش إسرائيل عن سيناء لكنها حاصرت الجيش المصري في ثكناته .. أوقفت الحرب العسكرية بين مصر وإسرائيل أكثر من قرن لكنها فعلت داخل مصر حربها الاستخباراتية والسياسية ، لقد فتحت أمام إسرائيل المزيد من القوة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً ، وفتحت لها أبواب العواصم العربية ، وسهلت لها التمدد نحو أفريقيا ودول إسلامية في آسيا ، وعزلت مصر عن عالمها العربي ومحيطها الأفريقي وقزمتها . حولت إسرائل الطفيلية وجوداً في الشرق الأوسط إلى دولة عظمى وشريك دولي في تقرير مصير نصف مليار إنسان ، وجعلت من مصر الكبيرة الغنية بتراث حضاري عريق شبه دولة تكابد الاستبداد والفقر والتخلف ,, ويكابد جيشها عار التحول من جيش مقاتل .. من بطل العبور التاريخي .. محطم خط بارليف وأسطورة جيش إسرائيل الذي لايقهر إلى لاعب مناسبات كرنفالاتية لتحية الرئيس " المبارك " أمريكياً
كما أضاءت الحرب الإسرائيلية الآن في لبنان بجلاء أيضاً ، حقيقة أبعاد معاهدة " وادي عربة " التي وقعها عام 1994 " صاحب الجلالة حسين " مع رابين برعاية أمريكية أيضاً . حيث أصبح الجيش الأردني حارساً ل " حدود إسرائيل " أي قاتلاً لمن يحاول من المقاومين العرب والفلسطينيين إقتحام هذه الحدود
إن هاتين المعادتين الأمريكيتين الإشراف والصنع بما تضمنتاه من شروط مجحفة بحق المصير العربي ، قد دفعتا الوضع العربي برمته إلى حالة أ شد سوءاً ، حالة كانت تداعياتها بالغة الخطورة على كل المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والفكرية . وكان الشرخ الفكري والسياسي من أبرز معالمها ، حيث برز إلى السطح تحت عناوين مختلفة ، فكر وسياسة الدعوة إلى الاستسلام باسم السلام ، والتخلي عن المقاومة باسم الواقعية ، والتنازل عن الوطنية الحافظة لتاريخ وقيم وثروات الوطن والحاضنة لإنسانية وحرية وكرامة المواطن باسم " الديمقراطية " الأمريكية المشوهة السالبة لما يمثله الوطن من حدود ووجود ، الذي تجلى بتمامه بما يجري الآن على أرض الواقع في العراق وفلسطين ولبنان
إن هاتين المعاهدتين السيئتي الذكر بين مصر والأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى بضمانة أمريكا ، وما آلتا إليه من تحييد وقتل لطاقات جيشين عربيين في الصراع العربي الإسرائيلي ، هما تحديداً مأشار إليه أولمرت ، عندما قال أن هناك دولاً عربية تقف إلى جانبه الآن في حربه في لبنان . فهو يقوم بعدوانه وهو مطمئن إلى أن الجيش المصري والجيش الأردني لن يحركا ساكناً ضده في هذه الحرب . كما أنه مطمئن إلى أن هذا الشرط العسكري البالغ الخطورة يضعف طاقات عسكرية عربية أخرى . بمعنى أن أولمرت مطمئن إلى أن هاتين المعاهدتين لم تخرجا مصر والأردن من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي فحسب ، وإنما عطلتا إلى حد كبير المفاعيل العربية الأخرى في هذه المعادلة . وكأن أولمرت يقول ، أن لاخطر على إسرائيل من النظام العربي ، فهذا النظام قد سقط بالمعاهدتين المذكورتين وبإتفاقات عربية أمريكية أطلسية وبخيارات مصلحية رأ سمالية ذات أبعاد دولية ، وما تواجهه إسرائيل الآن وحتى اشعار آخر هو الشعوب العربية ، وعلى حدودها بالضبط ، شعوب لبنان و سوريا والأردن وفلسطين ، أماّ شعب مصر والجيش المصري فهما غرب القناة ، ويحول بينهما وبين إ سرائيل صحراء سيناء ، المنزوعة السلاح ، الخاضعة لرقابة شبكة الإنذار المبكر الأمريكية ، والمحروسة بالحرس الجمهوري المحيط بقصور الرئاسة
إذن وبمرارة يصح القول ، أن الأنظمة العربية قد ا ستقالت من الصراع العربي الإسرائيلي ، بل إن بعضها انتقل بكامل الوقاحة إلى جانب المصالح المشتركة مع الكيان الصهيوني تحت الأمر الأمريكي اليومي . ويصح القول أن أولمرت لم يكن كاذباً ، عندما قال أن عدداً من الحكام العرب يقفون معه في حربه ضد لبنان ، فهؤلاء الحكام هم بطبيعة الحال معه إذا هاجم سوريا أو أي بلد عربي آخر يخوض ضده حرباً . إذ هكذا تقضي المعاهدات والمصالح والرذائل المشتركة
ولم يكن أولمرت خائباً في تصوره أن النظام العربي برمته بات يشكل احتياطاً لحروب إ سرائيل . أوليس القمع والاستبداد وزج المناضلين في السجون ، الذي يغيب الشعوب العربية ويدوس حقوقها في تقرير مصيرها ويسبب العجز الوطني نوعاً من الحروب ، التي لها نتائج ومكاسب ؟ أوليست مثل هذه النتائج والمكاسب تأتي في أغلبها لصالح إ سرائيل ؟
من هنا ، تأتي أهمية المقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين كمثال يحتذى للشعوب العربية ، إذ تكاد الظروف أن تكون متشابهة .. نظام ضعيف متواطئ مع العدو .. مستسلم للهيمنة الأميكية .. وعدوان أو تهديد بعدوان خارجي . ومن هنا بالذات يفهم مدى الغضب الذي أثارته المقاومة اللبنانية لدى مبارك وعبد الله الثاني .. ذلك أنها عرت عار الاستسلام والمعاهدات مع عدو ا ستيطاني عنصري فاشي
ولهذا ، ليس صعباً أمام هذا الوضوح في المشهد العربي ، معرفة من هم أصدقاء أولمرت من الحكام العرب .. معرفة أية مهام عاجلة ينبغي أن تتجه إليها الشعوب العربية الآن ، خاصة في مصر والأردن ، من أجل انتصار المقاومة في لبنان .. من أجل إنتصار شعب فلسطين .. من أجل ا ستباق الإعتداءات الأمريكية الإسرائيلية المبيتة لأي بلد عربي قد يستهدفه اليوم أو غداً العدوان
ولهذا أيضاً ، فإن أيادي أطفال قانا الشهيدة في مقدمة أيادينا تلوح بالتحية والإكبار للرئيس الفنزويلي هوجو شافيز ، الذي سحب سفيره من إسرائيل ، إحتجاجاً على همجية إ سرائيل ووحشيتها وإبادتها الطفولة البريئة في لبنان
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي .. 2
-
حرب لبنان .. العودة إلى حقائق الصراع العربي الإسرائيلي
-
حرب لبنان .. والمسؤوليات التاريخية
-
حرب غزة .. والسؤال الآن .. !! ؟
-
وقفة إجلال وتضامن مع حرية الصحافة في مصر
-
بؤس السياسة السورية الراهنة
-
اختراق عابر أم إنذار حرب .. ؟
-
النظام في دائرة النار .. أي مؤتمر تحتاجه سوريا .. ؟
-
مائة شكر وامتنان للحوار المتمدن
-
من القمع السياسي إلى القمع الاقتصادي .. تحولات بالاتجاه المع
...
-
الكواكبي يصارع الأفعى مرتين
-
من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟
-
الطبقة العاملة تدق أبواب دمشق
-
احتفاء ب - حفيد امريْ القيس
-
إعادة إنتاج الاستبداد .. من قمع عرفي إلى قمع - قانوني
-
المعارضة السورية ومفترق الطرق
-
أول أيار .. نضالات ورؤى وأمنيات
-
رحل كمال دون وداع ..
-
انتصار اليسار الفرنسي .. تجربة وآفاق
-
جنرالات الأرصفة
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|