|
تاريخ الدين: الديانة اليونانية القديمة
مالك ابوعليا
(Malik Abu Alia)
الحوار المتمدن-العدد: 6861 - 2021 / 4 / 6 - 14:40
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الكاتب: سيرجي الكساندروفيتش توكاريف
ترجمة مالك أبوعليا
الملاحظات والتفسير بعد الحروف الأبجدية بين قوسين (أ)، (ب)... هي من عمل المُترجم
كان الباحثين مُهتمين بالدين اليوناني القديم قبل أن يدرسوا الديانات الأُخرى غير المسيحية. غالباً ما يُشار الى الدين اليوناني بأنه دين "الجمال". تستند هذه الأمثلة Idealisation الى معرفة ضيقة للغاية ومحدودة الأفق بالدين اليوناني، وخصوصاً معرفته من خلال قصائد هوميروس والتماثيل الكلاسيكية والمعابد وأسماء الآلهة وأشكالها. في الواقع فان في هذه الطريقة في المعرفة سوء فهم واضح. ملحمة هوميروس هي بلا شك ابداع فني للغاية، لكنها تُقدّم فقط صورة غامضة وأُحادية الجانب للديانة اليونانية وكذلك العصر الذي نشأت فيه. أثار موقف هوميروس تجاه الآلهة، والذي كان في الغالب موقفاً لا يوقرها، الشكوك بين اليونانيين أنفسهم في العصور القديمة. أما بالنسبة للمنحوتات والعمارة اليونانية الكلاسيكية، وتماثيل ومعابد الآلهة، فهي بالفعل أمثلة فريدة على الجمال والتناغم الفني، لكنها تُميّز التطور العالمي للفن في اليونان الكلاسيكية وليس المعتقدات الدينية لليونانيين. تُخبرنا تماثيل فيدياس Phidias وسكوباس Scopas وبراكسيتيليس Praxiteles ومعابد هيفيستوس temples of Ictinus ومبنى الكاليكراتيس Callicrates وغيرها من الابداعات بنفس القدر عن الدين اليوناني، كما تُشير الأعمال العظيمة لمايكل انجلو ورفائيل وتيتيان عن طبيعة الدين المسيحي. ان فهم الدين اليوناني يُصبح محدوداً أيضاً عندما يُنظر اليه فقط من زاوية الأساطير. صحيح أن الأساطير اليونانية غنية ومتنوعة ومتألقة، لكن من الخطأ أن ننسب اليها الدين بأكمله أو على الأقل اعتبار الأساطير الجانب الأكثر شيوعاً في الدين اليوناني. ان الجانب الطقوسي منه وبنائه الاجتماعي وأهميته السياسي ودوره الطبقي هي أيضاً جوانب مُهمة في دراسة الدين. ان الخطأ الثالث فيما يتعلّق بمعرفة الدين اليوناني هو الميل الى اعتباره استمراراً بسيطاً وتطوراً للدين الهندو-أوروبي البدائي. الخطأ الرابع هو الخلط بين اليونانية والرومانية. نظراً لأن الرومان حاولوا جعل آلهتهم متشابهة مع تلك اليونانية بعد أن كانت لديهم علاقات طويلة الأمد معهم، فقد اعتاد بعض الباحثين على تسميتهم بالآلهة "اليونانية-الرومانية" أو الاشارة الى الآلهة اليونانية بأسمائها اللاتينية. كانت ديانات اليونانيين والرومان، في الواقع، مُختلفةً بشكلٍ كبير. لا تزال الجذور التاريخية للدين اليوناني ومراحلها الأولى من أصعب القضايا في مجال دراسته. ان عناصر الدين التي تعود الى الحُقبة العامة الهندو-أوروبية المُفترضة، بعيدة وقليلة. وهي تشمل أسماء عدد قليل من الآلهة التي تُشبه اشتقاقياً أسماء آلهة هندو-أوروبية أُخرى: على سبيل المثال زيوس (ديوس Dyēus الالهة السنسكريتي)، والمُشتري Jupiter الروماني (تيو Tiu الجرماني)، وأورانوس وهو (فارونا Varuna السنسكريتي). منذ اكتشاف ثقافة بحر ايجه القديمة في بداية القرن العشرين، بدأ العلماء يتسائلون في العقود الأخيرة، حول كيفية ارتباط الدين اليوناني بمعتقدات أسلافهم مُمثلي بحر ايجه أو الثقافة الكريتية-الميسينية Creto-Mycenaean للألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. دعونا الآن نتفحّص ما هو معروف عن الديانة الكريتية-الميسينية. كان أحد الأشياء البارزة في العبادة الدينية هو الفأس المُزدوج pole-axes، وهو قد يكون صنم خاص أو ربما رمز لأحد الآلهة، والذي يُفتَرَض أنه اله الرعد. تم العثور على العديد من الفؤوس المُزدوجة (بالاضافة الى صور لها) والتي كانت اما كبيرة جداً أو صغيرة جداً بحيث لا يُمكن استخدامها كأدوات. يبدو أن عبادة الفأس المزدوج تربط بحر ايجه بشعوب آسيا الصُغرة حيث كان الفأس المُزدوج رمزاً للاله تيشوب عند الحيثيين.تعني كلمة Labris في اللغة الأركادية(أ) فأساً مُزدوجاً. من المُمكن أن يكون للدرع المُزدوج أهميةً دينية لبحر ايجه. غالباً ما وُجِدَت صور مثل هذا الدرع وقبضته التي تُشبه شكل رقم ثمانية، في الحفريات الكريتية. لا شك أن الناس كانوا يُمارسون عبادة الحيوانات. كان الثور أكثر الحويانات عبادةً. يُشار الى ذلك من خلال صور الثيران المُتكررة ومشاهد معاركها وخاصةً أحدها صورة مُثيرة للاهتمام على شكل وحش بجذع وأرجل بشرية ولكن بحوافر ورأس عجل. أما هذا الوحش رجل ذراعيه على جانبيه. يُذكرنا هذا المشهد بالأسطورة اليونانية عن المينوتور Minotaur، والذي هو نصف رجل ونصف ثور الذي عاش في مجاهل جزيرة كريت. تتضح عبادة الأفعى من خلال العديد من الصورة، خاصةً صور نساء يحملن الثعابين. انها تماثيل اناث لالهة الأفعى أو كاهنة الأفعى المُقدسة. ربما كان الكريتيون يعبدون الطيور أيضاً، مثل الحمامة. تم العثور على صور حيوانات بالاسلوب الهيرالدي Heraldic style، أي حيوانان موضوعان بشكلٍ مُتماثل على جانبي الشكل المركزي. على الأرجح، كان لهذه العبادة الحيوانية الايجيه اصول طوطمية. يبدو أنه كان لديهم ايضاً آلهة حيوانية-انسانية، مُعظمها من الاناث. كثيراً ما ظهرت الشخصيات الأنثوية على صور العبادة. على سبيل المثال، صوّرت احدى الصور امرأة ذات أذرع مرفوعة تقف أمام كلب يرفع يديه أيضاً. تتشابه بعض الأسماء في النقوش التي تم فك شيفرتها مؤخراً مع أسماء الآلهة اليونانية الكلاسيكية- الالهة ارتيميس Artemis وبوسايدون Poseidon وهيرميز Hermes وهيرا Hera وزيوس وهيستيا Hestia، الخ. هناك بعض الدلائل التي تُشير الى عبادة الشمس أو القمر، أي صور العجلات. على ما يبدو كان هناك عبادة للحجارة والأشجار المقدسة. كان لدى الناس مفاهيم دينية حول الكهوف، بعضها مُخصص لدفن الوتى، وبعضها الآخر لأداء الطقوس. لم يتم العثور على مزارات خاصة. ربما كانت الطقوس تؤدّى في الهواء الطلق، وكذلك في الكهوف. على ما يبدو كان هناك كهنة، والأكثر رجحاناً كاهنات. هها تقريباً أكثر الأشياء الرئيسية التي نعرفها عن الثقافة الكريتية-الميسينية. من الصعب استخلاص أي استنتاجات حول طبيعة وأشكال الدين منها. نحن نعلم الآن، ان الناس، على الأقل في الفترة المتأخرة، كانوا من الآخيين Achaeans اليونانيين، لكننا لسنا متأكدين من علاقتهم التاريخية مع اليونانيين في الفترة الكلاسيكية. من الواضح أنهم تعرّضوا للغزو من قِبَل الأيونيين ومن ثم لاحقاً من قِبَل القبائل الدوريانية Dorian التي كانت على مستوى ثقافي أقل تطوراً بكثير. تم تدمير الثقافة الميسينية. لذلك من الخطأ اعتبار الديانة الكريتية-الميسينية مجرد مرحلة مبكرة من الديانة اليونانية. هذه الأخيرة شكّلَت كُلاً معقداً للغاية كانت أجزاءه التي تُشكله ذات أصول تاريخية مُختلفة. ومع ذلك، فمن الواضح أنه تم الحفاظ على عدد كبير من عناصر الديانة الكريتية-الميسينية في معتقدات وطقوس اليونانيين في العصر الكلاسيكي، على الأقل في شكلٍ مُحوّرٍ ومُعدّل. ان لدى الباحثين معلومات مُتاحة لدراسة الدين اليوناني على مدى فترة طويلة نسبياً (لا تشمل العصر الكريتو-ميسيني)، أي معلومات حول فترة تُقارب 1500 عام، منذ بداية الألفية الأولى قبل الميلاد حتى هيمنة المسيحية في القرن الرابع بعد الميلاد. حافظت الديانة اليونانية القديمة على آثار طفيفة، لكن ملموسة، من أشكال المعتقدات البدائية، مثل الطوطمية. أحد الأمثلة الواضحة هي الأسطورة التي تتحدث أن قبائل الميرميدونيين Myrmidons نشأت من النمل، وهي اسطورة تستند على أصلها الطوطمي لاسم القبيلة والذي يعني (النملة). مثال آخر هو أسطورة سكربس Cecrops الرجل الأفعى ذات الأرجل، وهو مؤسس أثينا. يُمكن رؤية العلامات الطفيفة للمعتقدات الطوطمية في الأساطير حول زيوس الذي اتخذ أشكالاً مُختلفة، اما على شكل ثور أو بجعة أو مطر ذهبي بهدف التزاوج مع امرأة فانية. هذه فكرة طوطمية مألوفة لامرأة يجعلها الطوطم تحمل جنيناً. تظهر بقايا الطوطمية، بالرغم من كونها غامضة، في تصويرات العديد من الآلهة الانسانية-الحيوانية، ولكنها تحتفظ بأصلها الحيواني وارتباطها بنوعٍ من الحيوانات وقبيلة مُعينة: على سبيل المثال، أبولو-الذئب، ارتيميس- انثى دب أو دير، هيرميز-كبش، هيرا-بقرة او ماعز، الخ. ربما كانت المحظورات المحلية على حيوانات متنوعة ذات صلة ايضاً، مثل الأسماك في بُحيرة بوسايدون في لاكونيا، والسلاحف على الجبل بالقرب من تيجيا Tegea. كان هناك أيضاً بقايا من عبادات الصيد القديمة. كان أحد الأمثلة الأكثر وضوحاً هو الاحتفال الذي كان يُقام كل عام منذ وقتٍ مُبكرٍ من الألفية الثانية بعد الميلاد، تكريماً لأرتيميس في آخيا. في اليوم الأول من الاحتفال تركب الكاهنة عربة يقودها الغزلان. في اليوم الثاني يتم تقديم القرابين على نطاق واسع: تُلقى حيوانات حية بأعداد كبيرة على المذبح مثل الغزلان والخنازير البرية والدببة وكذلك الحيوانات الأليفة والطيور والفواكه ومن ثم يتم احراقها جميعها. تُذكرنا هذه الطقوس الوحشية بأضحيات وولائم الصيد، ولا تتوافق مع المفاهيم الدينية التقليدية في اليونان القديمة. كان طقوس التأثير السحري على الطَقس مُرتبطةً أيضاً بعبادات الصيد القديمة. كانت الطبيعة السحرية الأصلية البحتة لمثل هذه الطقوس تشوبها صور الآلهة التي تُوجّه اليها هذه الطقوس، لكنها كانت واضحةً مع ذلك. ان لدى بوسانيوس، وهو أحد النبلاء المقدونيين أوصافاً مُثيرةً للغاية لمثل هذه الطقوس التي كانت تتم في أيامه. على سبيل المثال، كانت تتم الطقوس التالية في بلدة ميثانا Methana الصغيرة، من أجل طرد الرياح الليبية الحارقة: يقوم شخصين بقطع ديك أبيض الى نصفين، يحمل كُلٌ منهما نصفاً، ويركضان في اتجاهاتٍ مُختلفة حول الحقل. بعد ذلك يقومان بدفن نصفي الديك في الأرض من حيث بدأوا يركضون. كان الناس يقومون بطقوسٍ أُخرى للسيطرة على الرياح، في مكانٍ قريبٍ من بلدة سيكيون Sicyon. في الليل يتم ترديد تعويذات عند 4 حُفَر بالقرب من مذبح الرياح. كانت طقوس هطول الأمطار أكثر انتشاراً. بالقرب من أركاديا Arcadia وأثناء الجفاف كان كاهن زيوس يرمي غصن بلوط في الماء مما سيُشكل سحابةً ستجلب المطر. في الوقت نفسه، كان الكاهن يُصلي ويُقدّم القرابين الى زيوس. لكن الجوهر السحري الأصلي البحت لهذه الطقوس واضح تماماً. كان الايمان بالعديد من الأرواح الصغيرة جزءاً من هذه المرحلة المبكرة من الديانة اليونانية، مثل حوريات الماء والغابات وأرواح الجبال. كان لدى اليونانيين أيضاً آثار من السحر الأسود يمكن ارجاعها الى العصور القديمة. كان هذا السحر مرتبطاً بشكلٍ مفهوم، بمفاهيم حول الآلهة الكئيبة للعالم السفلي. كانت الالهة هيكات الخطرة أحدها. كان يُردد اسمها وأسم آلهة كاثونية chthonian أُخرى من أجل طرد السحر الأسود. كانت هذه اللعنات والتعويذات مصحوبةً بطقوس شريرة. كان السَحَرة، غير موجودين تقريباً، في الأساطير اليونانية. يبدو أنه تم جَلب الساحرة سيرس Circe والساحرة ميديا Medea من شعوبٍ أُخرى. استمرت أهمية المعتقدات الدينية السحرية لفترة طويلة لتكون طريقةً لفن الشفاء. حتى عندما خطى الطب التقليدي خطوات كبيرة (ابقراط، الخ) استمر اليونانيين في أداء طقوس الشفاء المرتبطة بالعلاج. لم تكن آلهة الشفاء تقتصر على اسكليبيوس Asclepius وابنه ماكييون Machaon، بل وأيضاً أبولو وديونيسوس Dionysus وديميتر Demeter وهيراكليس Heracles وأمفياروس Amphiaraus وبان Pan والعديد من الآلهة المحلية وحوريات الينابيع الشفائية وحوريات انيجريا Anigrian وحوريات الايونيد Ionides. ومع ذلك، فمن الخطأ اعتبار كل هذه الآلهة الشافية، حتى اسكليبيوس بمثابة تجسيد بسيط لسحر الشفاء. كانت، في مُعظم الحالات، أرواحاً حامية محلية تضمنت عبادتها نفس هذه الطقوس ايضاً، واكتسبت صورها سمات المُعالجين الخارقين. من بين بقايا أشكال الدين القديمة جداً، العبادات الذكرية التي يُمكن ارجاع اصولها الى المجتمعات الذكرية السرية. في بعض الأماكن، تم الجمع بين هذه العبادات الذكرية والطقوس الأنثوية المُقابلة لها. على سبيل المثال، قام الرجال بالاحتفال الاستثنائي على شرف الالهة ديميتر في المزار الشجري المُقدس بين بلدتي سيكيون وفيليوس. أما النساء قُمن بهذا التكريم لهذه الالهة بشكلٍ مُنفصل، حيث اجتمعن لهذا الغرض في نيمفون Nymphon. تم الاحتفال كل عام بيوم ذكري بحت في أحد معابد آريس الواقعة على ساحل لاكونيا. كانت الألعاب المحلية القديمة مُرتبطةً كذلك بالمجتمعات الذكرية: الألعاب الاولمبية والنيميانية Nemean وIsthmian والبيثية Pythian التي ارتبطت بالطقوس الدينية. هناك مؤشرات تدل على أنه في وقتٍ من الأوقات لم يُسمح للنساء بالمنافسة في الألعاب. كانت هناك طقوس انثوية صرف لم يُسمح فيها بمشاركة الذكور. كانت على سبيل المثال، بعض العبادات المحلية لديميتر وكورا Cora وديونيسوس. يُمكن ارجاع طقوس الدفن عند اليونانيين ومفاهيمهم المتعلقة بالحياة الأُخرى الى أوقات سابقة. عادةً ما كان اليونانيون يدفنون موتاهم اما في الأرض أو في مقبرة. انقطعت هذه العادة التي تعود الى العصر الكريتي-الميسيني لفترة وجيزة فقط بسبب دخول عادة حرق الجثث على الأرجح عبر الأيونيين (انعسكت هذه الفترة من سيطرتهم في قصائد هوميروس). لكن هذه العادة الجديدة اختفت بسرعة، واستأنف الناس التقليد المحلي بدفن الموتى في الأرض. لم تترك مُمارسة حرق الجثث أي أثر على مفاهيم اليونانيين عن الحياة الأُخرى، الا في بعض الزخارف الأسطورية، مثل صعود هيراكليس الى السماء من لهيب حريق الدفن. على عكس ذلك، تركت عادة دفن الموتى في الأرض بصماتها على أفكار اليونانيين عن مصيرهم. وفقاً لهذه المعتقدات، التي انعكست كثيراً في الالياذة (النشيد الحادي عشر)، عاشت أرواح أو ظلال الموتى حياةً حزينةً تحت الأرض في منطقة اله الموتى هيديس. في الوقت نفسه، كان مصير جميع الأرواح، سواءاً كانوا محاربين شجعان أو مزارعين عاديين، هو نفسه تقريباً، كان عليهم أن يهيموا كظلالٍ يائسة على طول ارض هيديس المهجورة والكئيبة. لكن اليونانيين اعتقدوا أن الناس يُعاقبون بعد الموت على جرائمهم. كان الناس الذين أغضبوا الآلهة، مثل سيزيف(ب) الأسطوري وتانتالوس(جـ) Tantalus وفتيات الدانايدس(د) يُعانون كثيراً في منطقة هيديس. وكان المُعتقد الأكثر انتشاراً هو الاعتقاد بأن مصير الأرواح يعتمد على ما اذا تم تنفيذ طقوس الدفن الصحيحة للميت. ان روح الانسان الذي لم يُدفَن لن تجد السلام في العالم الآخر. لذلك أولى اليونانيين اهتماماً كبيراً لطقوس الدفن. لا شيء في الديانة اليونانية كان مُهماً لعَبَدة الآلهة مثل الموقف من الموتى. لم يُثِر الموت نفسه اي خوف لدى اليونانيين، لكن كانت فكرة أن لا يتم دفن المرء بعد أن يموت وتأكله الكلاب أمراً مُرعباً. لم تؤثر هذه المفاهيم على الأدب فحسب، بل أثّرت ايضاً على الحياة السياسية. يكفي أن نتذكر الحادثة المأساوية للسنوات الأخيرة من الحرب البيلوبونيسية Peloponnesianالمتمثلة بادانة واعدام القادة الأثينيين لعدم جمع ودفن جُثث الجنود الذين قُتِلوا في معركة أرغينوسا Arginusae عام 406 قبل الميلاد. كانت طقوس الدفن جزءاً مُهماً من الدين العائلي-العشائري بين اليونانيين. ظلّت بقاياها بسبب الحفاظ على المجتمع الأبوي العشائري. بالاضافة الى البقايا العشائرية، تمسّك اليونانيون بالعبادة العائلية الصرف. تم تجسيد الموقد المنزلي المُقدّس على أنه الالهة الأنثى هيستيا. كان التجسيد الانثوي للموقد ظاهرةً مُميزةً للأديان التي مارستها العديد من الشعوب كبقايا للمُجتمع الأمومي. مع تفكك المُجتَمَع القَبَلي وظهور العائلات الأرستقراطية، تطوّر شكل جديد من الدين في اليونان: عبادة الأبطال الارستقراطية قال بعض الباحثين أن عبادة البطل كانت ظاهرةً لاحقة بسبب تراجع الايمان بالآلهة. يبدو أن هذا غير صحيح. كانت كلمة Hero في اللغة القديمة على نقوش القبور تعني المُتوفى. في البداية، كان الأبطال هم الأرواح الحامية للعشائر الفردية، اي أنهم هم انفسهم كانوا الأجداد الأوائل. عندما نشأت العائلات الأرستقراطية صار أسلافهم مواضيع خاصة للعبادة. تم رفع الأبطال، أسلاف العائلات الأكثر نفوذاً وأرستقراطيةً الى منزلة فوق الآخرين وازدادت عبادتهم بشكلٍ كبير. كان هيراكليس هو الأبرز في جميع أنحاء اليونان, بالكاد يُمكن اعتباره شخصيةً تاريخية. ومع ذلك، فمن المستحيل الموافقة على النظرة "الأسطورية" بأنه كان الهاً للشمس. كان هيراكليس بطلاً وسلفاً اسطورياً، وجد عشيرة هيراكليد الأرستقراطية (الدوريانيين) التي نشأت منها سلالتا الملوط الاسبارطيين. كانت الحملة الأسطورية للهيراكليد التي أدت الى غزو جزء كبير من البيلوبونيز حدثاً تاريخياً حقيقياً (القرنين الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد). من المحتمل أن هذه الحملة جعلت اسم هيراكليس مشهوراً في جميع أنحاء اليونان وأسفرت عن نشوء أساطير حول مآثره البطولية. أدى تمجيد هيراكليس الى اسطورة صعوده الى السماء وتحوّله الى الى أحد آلهة البانثيون الهيلينستي. مع انحلال المُجتمع العشائري والمُجتمعات الاقليمية، تحوّل تركيز الدين اليوناني الى عبادة الأوصياء والأبطال والآلهة المحلية. كانت العبادات المُجتمعية المحلية التي استمرت حتى نهاية العصور القديمة واحدةً من سمات الديانة اليونانية. تضمنت هذه العبادات المحلية في بعض الأماكن أشكالاً قديمةً للغاية من المعتقدات- أي بقايا الصنمية وعبادة الأحجار والأنهار والينابيع والجبال. في مدينة بسوفيس Psophis، عبد الناس نهر ايريمانثوس Erymanthus الذي كان له معبد على شرفه. كان هناك، في أوركومينوس Orchomenus صخور مقدسة يُفتَرَض أنها سقطت من السماء. عَبَدَ الكارونيين Chaeroneans رُمحاً مُقدساً كان يُعتبر صولجاناً لزيوس. في مدينة ديلفي Delphi كانت هناك صخرة خاصة كان الناس يسكبون الزيت عليها كل يوم، وتُغطى بالصوف في أيام الأعياد. في ساحة مدينة فليوس كان هناك ماعز نُحاسي، وهو موضوع لعبادة السكان المحليين. تم ربط العديد من هذه الأوثان المحلية فيما بعد بالآلهة اليونانية، ولكن دون أن تفقد شكلها الأصلي. في ثيسبيا Thespiae على سبيل المثال، اعتُبِرَ الحجر العادي غير المصقول تصويراً للاله ايروس Eros. في سيكيون، كان هناك هرم خاص كرمز لزيوس ميليشيوس، وعمود يصوّر الالهة ارتيميس. كانت عبادة الحجارة المصقولة عادةً مُنتشرةً في العبادات المحلية. لعبت عبادة آلهة الخصوبة، وهي وصية الزراعة والرعي، دوراً كبيراً في العبادات المحلية القديمة. كانت الألغاز الاليوسينية الشهيرة في الأصل عبادات محلية للآلهة الزراعية، وخاصةً الالهة ديميتر. كانت عبادة ديميتر الزراعية البحتة توجد في فيجاليا Phigalia أيضاً حيث تم تقديم قرابين غير دموية لها مثل الفواكه والعنب وأقراص العسل وصوف الغنم المقصوص للتو. كانت القرابين موضوعةً على مذبح ومُغطاة بزيت الزيتون. تم تقديم هذه القرابين الى ديميتر نيابةً عن المُجتمع بأكمله. كانت طُرُق ضمان الحصاد الجيد التي مارسها سُكان تيثوريا Tithoria مُثيرةً للاهتمام حقاً. حاول التيثوريين سرقة التربة من قبر زيوس وأمفيون أبناء زيوس بالقرب من ثيبيس (طيبة) Thebes ووضعه على قبر أنتيوب (أم زيوس وأمفيون) في مدينتهم. كانوا يعتقدون أن هذه كانت وسيلة جيدة لنقل محاصيل ثيبيس الجيدة الى أراضيهم. ولكن حاول أهل ثيبيس منع التيثوريين من سرقة محاصيلهم، لذلك قاموا بحراسة القبر بعناية. كان للآلهة الهلينستية، في كثيرٍ من الأحيان، خصائص أوصياء الزراعة والرعي. كانت جميع المُعتقدات والطقوس الدينية اليونانية المذكورة أعلاه والتي اتبعها بشكلٍ رئيسي الجماهير والفلاحين، من بقايا أشكال الدين السابقة التي ترجع أساساً الى النظام المشاعي القَبَلي أو الى الفترة التي كان المُجتمع البدائي يتفكك فيها. أما بالنسبة للأشكال الدينية السائدة في الحقبة الكلاسيكية، فقد كان الشكل الرئيسي لعبادة الآلهة خلال ذورة جمهوريات مُلّاك العبيد، هم آلهة البولِس Polis، أي دولة المدينة. وقد شجّعت الدولة هذه العبادة وكان التقيّد بها واجباً سياسياً على كل مواطن. في هذا الصدد، لم تسمح البولِس اليونانية بالحرية. كان التشكيك بالآلهة وأن تقول قصصاً مُضحكةً عنها هو أمر مقبول، كما حدث في قصائد هوميروس التي استهزأت بهم. لم يكن للديانة اليونانية أي عقائد الزامية. ولكن كان من المُستحيل عدم تنفيذ الطقوس المطلوبة لتكريم اله المدينة الراعي، او اظهار عدم الاحترام له، وكانت نتيجة ذلك تلقّي عقوبة شديدة. ومن الأمثلة الحية على ذلك اعدام سُقراط عام 399 قبل الميلاد الذي اتُهِمَ بأنه"لا يعترف بالآلهة التي تعترف بها الدولة،ويُمارس البِدَع الدينية" كما جاء في لائحة الاتهام الرسمية. كانت آلهة البولس متنوعة. بالاضافة الى الآلهة الهيلينستية، كان هناك آلهة وأبطال محليين كانوا يُعبَدون فقط داخل مُجتمعات مدينية مُعينة. اتخذت عبادة البطل التي كانت ذات يوم عبادةً عشائرية السمات المُميزة للعبادة الجماعية المدينية في الفترة الكلاسيكية. كان لكل مدينة أبطالها الذين سُمّيَت المدينة على اسمائهم. في فاليروم Phalerum، المنفذ البحري القديم لأثينا، تم اتخاذ فاليروس Phalerusكبطل (وهو أرغونوت Argonauts اسطوري). وفي اثينا نفسها كان موضوع العبادة هو ثيسيوس Theseus ووالده ايجيوس وآخرين ممن كانوا على ما يبدو رُعاةً للمجتمعات في أتيكا Attica، مثل ايريخثيوس Erechtheus وبوتيس Butes وبيريثوي Pirithoii وأكاديموس Academus وآخرين. عبد الكورنثيين Corinthians البطل كورينث الذين اعتبروه ابن زيوس. أما شعب تيرين Tiryns فقد عبدوا تيرينث حفيد زيوس. عَبَدَ شعب هيرميون البطل هيرميونوس Hermionus.. في لاكونيا Laconia كان الناس يعبدون مينيلوس الذي أقاموا معبداً تكريماً له. في مدينة ميسينيا Messenia عبدوا ابنة تريوباس Triopas، وفي فيراي Pharae عبدوا الاخوين نيكوماخوس Nicomachus وجورجوسوس Gorgasus أحفاد أسكليبيوس Asclepius وهيلرز healers. في اوليمبيا كان الراعي المحلي هو البطل بيلوبس Pelops. في بيزا كان البطل هو حفيد ايلوس Aeolus، وفي مناطق مانتينيا Mantinea الأركادية كانت ابنة اسوبوس Asopus، الخ. أُقيمت المعابد لعبادة الأبطال. كان لكل بطل منطقته المقدسة، وأُقيمت الأعياد وقُدّمَت القرابين على لأجلهم. في بعض المُدن، كانت آلهة البانثيون اليوناني تُعبَد كآلهة محلية بشكلٍ خاص. من الواضح أن العديد من هذه الآلهة كانت في الأصل رُعاةً محليين، ولكن تم رفعها الى مصاف الآلهة اليونانية العظيمة، لأسباب تاريخية مُختلفة. على سبيل المثال، ربما كان اسكليبيوس في الأصل اله مدينة ايبيدوريا، وكانت ارتيميس الهة أركاديا، وهيرا الهة ميسينيا وارعوس ومن ثم ساموس Samos لاحقاً، الخ. حاول اليونانيين في كثيرٍ من الأحيان ربط رُعاتهم المدنيين المحليين بالآلهة اليونانية، اما عن طريق جعلهم أقارب اسطوريين لتلك الآلهة أو مُطابقتهم بشكلٍ مُباشرٍ مع الآلهة اليونانية. عادةً ما تم تحويل اسم الراعي المحلي ذاته الى اسم الاله. على سبيل المثال، أصبح اله نهر ايسمينوس Ismenus في طيبة يُسمّى بأبوللو اسمينوس. أصبح بيو Ptoa الاله الراعي للجبال في المُجتمع البيوشي Boeotian هو أبوللو البيوشي، الخ. يبدو أن بعض ألقاب زيوس العديدة كانت في الأصل أسماءاً لآلهة محلية مستقلة: زيوس انخسميان Anchesmian الذي كان يُعبَد على جبل انخيسموس، حيث كان اله ذلك الجبل. كان زيوس هيباتوس Hypatos هو اله جبل هيباتوس، وزيوس اللافستي Laphystian هو تجسيد لجبل لافيستوس، وزيوس الكروكيتي هو الاله المحلي لمدينة كروكيا .Croceae. في حين كانت الآلهة اليونانية تحرسهم في معاركهم ضد أعدائهم الأجانب، كان الآلهة والأبطال المحليين في منطق المُدُن يحلّون مشاكل مُجتمعاتهم الداحلية. كانت عبادة الرُعاة الحضريين من الآلهة والأبطال انعكاساً ايديولوجياً للانقسام السياسي في اليونان. عندما حلّت الآلهة اليونانية العظيمة محل هؤلاء الرُعاة المحليين، فقد عَكَسَ هذا الاتجاه المُتزايد نحو التوحيد الثقافي والاقتصادي، بل والسياسي للمُدن اليونانية. لم يكتمل هذا الاتجاه نحو التوحيد حتى عصر الاسكندر الأكبر، على الرغم من أنه يُمكن ارجاع آثاره الى العصور القديمة المُبكرة. بدأ انشاء البانثيون الهيلينستي الى جانب عبادة الآلهة المحلية، ربما في وقتٍ مُبكرٍ من عهد المملكة الميسينية. انعكست الوحدة الثقافية لليونانيين، على الأقل الأخيين وأعتُرِفَ بها بوضوح من قِبَلِهِم خلال الفترة الهوميرية، في عبادة الآلهة الأولمبية الشاملة. تم تسهيل ذلك على ما يبدو من خلال الهجرة التي حصلت خلال الغزو الآخي والأيوني واستعمار شبه جزيرة البلقان وبحر ايجه وساحل آسيا الصغرى. لعِبَ الشعر الملحمي ومُنشئوه دوراً مُهماً في تشكيل البانثيون اليوناني. من الصعب للغاية تحديد الأصل الدقيق للآلهة العظيمة في البانثيون الأولمبي. ان صور هذه الآلهة مُعقدة للغاية وخَضَعَ كلٌ منها لتطورٍ طويل. ووفقاً لأفضل الباحثين، فان بعض الآلهة الأولمبية هي آلهة قديمة من الثقافة الكريتو-ميسينية قبل الهيلينستية، والتي تبنّى الآخيون عبادتها. على سبيل المثال، كانت هيرا، الالهة الرئيسية وزوجة زيوس على ما يبدو هي الهة البقر التي كانت الراعية القديمة لميسينيا. تم العثور على آثار عبادة البقر هناك في حفريات هينريك شليمان Heinrich Schliemann الأركيولوجية في شمال غرب تركيا. في الملحمة تم تصوير هيرا على أنها الراعية الخاصة للأرجوليين Argolians. في وقتٍ لاحق، كانت هيرا موضوع عبادة خاص في أرجوليد حيث يوجد أساطير محلية عنها. كان بوسايدون هو اله البحر القديم في البيلوبونيس حيث كان الصيادين الساحليين يعبدوه. ذُكِرَ كثيراً في النقوش الميسينية. تبنّى الأيونيين والدوريين عبادته. لم يكن الهاً للبحر وحسب، ولكنه كان أيضاً راعياً للخيول. تضمنّت عبادة بوسايدون التي انتشرت فيما بعد عدداً من العبادات المحلية واندمجت أو استُبدلَت عدد من الأبطال المحليين. على سبيل المثال كان البطل المحلي في بيوشيا هو اونشيستوس Onchestus الذي أصبح فيما بعد ابن بوسايدون وحتى تم اعتباره مُتطابقاً معه. تم بناء معبد وتمثال لبوسايدون في بيوشيا. كانت أثينا الهةً قديمة، راعيةً للمدينة وتحصيناتها. هناك سبب للاعتقاد بأن لكل مدينة راعيها الخاص وتم تسميته على اسم المدينة. جاء اسم أثينا، الذي أصبح فيما بعد أكثر شيوعاً، من اسم المدينة التي كانت تُعبَدُ فيها أكثر من غيرها. اسم آخر لها هو بالاس Pallas والذي يعني الشخص الذي يُلوّح بحربة. ذَكَرَ بوسانيوس ما يُقارب الـ 50 اسماً لأثينا. كانت في عصره الالهة الأكثر عبادةً في كل اليونان. ذكَرَ كتاب (وصف اليونان) De-script-ion of Greece ما لا يقل عن 73 معبداً ومزاراً تم بناؤها لأجلها في مناطق مختلفة، دون احتساب المذابح والتماثيل كُلٌ على حدة. في هذا الصدد، لم يحل محل أثينا سوى ارتيميس. كانت المعابد تقع عادةً في قلعة البولس. وفقاً للأساطير الكلاسيكية كانت أثينا الهةً مُحاربة. تم تصويرها بدرعٍ كامل، وكانت خصائصها الطوطمية واضحةً أيضاً: بومة، ثعبان تحت الدرع، جلد الماعز وشجرة الزيتون. ربما كانت هذه هي سمات الصور الطوطمية المتعددة التي اندمجت لاحقاً لتُشكّل أثينا. كانت الالهة أرتيميس واحدة من أكثر الآلهة عبادةً عند اليونانيين. تم تكريس حوالي 80 معبداً لها. كانت في الأصل، وبلا شك، الهة محلية. ومع ذلك، ليس من المؤكد اين كان يقع المركز الأول لعبادتها. في ملحمة هوميروس كانت ارتيميس الهةً مُعاديةً للآخيين، لذلك يُفتَرَض عادةً أن عبادة أرتيميس قد تطوّرَت في آسيا الصغرى (المعبد الرئيسي في افيسوس Ephesus) حيث كانت تُعتَبَ-ر وصيةً على الخصوبة. فقط في وقتٍ لاحق قام الناس بعبادتها في اليونان. لكن هناك رأي آخر يقول أنه تمت استعارة عبادة أرتيميس في آسيا الصُغرى من اليونان، وعلى وجه التحديد أركاديا وهو مركز العبادة المستقل والأقدم. كانت ارتيميس في أركاديا الهةً محليةً قديمة ووصية صيد الدببة. صُورَت أرتيميس في الأساطير الكلاسيكية والايقونات على أنها الهة صيد عذراء كأنها تقف مع ظبية. ان علاقة أرتيميس بالظبية هي من خلق أسطوري ولا ينعكس لا في العبادات او المعتقدات. كان أبوللو (ثيبيس) اله بارز في الأساطير اليونانية وهو شخصية معقدة جداً وغير واضحة. يبدو أن تاريخه مرتبط بتاريخ أرتيميس. كان كلا الالهين أخوة في الأساطير الكلاسيكية، وأبناء ليتو Leto (لاتونا Latona) وزيوس. اعتقد بعض العلماء أن ابوللو، كان الهاً أركادياً قديماً مثل أرتيميس، ووصي على الرُعاة. لكن يعتقد معظم الباحثين أنه نشأ في آسيا الصغرى. هذه هي الفرضية الأكثر ترجيحاً على الرغم من اندماج عبادة أبوللو في العصر الكلاسيكي مع العديد من العبادات اليونانية الصرف. تم تصوير أبوللو في الملحمة الهوميروسية مثل أرتيميس، باعتباره مُعادياً للآخيين. لم يرد ذكره في أي نقوش ميسينية. في وقتٍ لاحق تم جلب عبادة أبوللو الى اليونان على ما يبدو من قِبَل الايونيين. تم العثور على معبد أيوني لأبوللو في جزيرة ديلوس. كانت ديلفي مركزاً آخراً لعبادته في اليونان في الفترة الكلاسيكية. كان أبوللو، في الفترة الكلاسيكية، أحد أشهر الآلهة في اليونان، على الرغم من أصله البربري الذي نُسيَ تماماً. يعتبره بعض العلماء تجسيداً للروح القومية الهيلينستية. تم بناء أكثر من 50 معبداً له في مناطق مختلفة. نسَبَ الناس وظائف متنوعة للغاية الى أبوللو. كان أهمها هو التنبؤ بالمستقبل (كاهنات ديلفي the Delphi oracle)، وأبوللو موساغيتيس Apollo Musagetes راعي الفنون والعلوم وهو زعيم الموسيقيين التسعة الذين يُجسدون الفنون والعلوم، أو أبوللو كيثارويدوس Apollo Citharoedus الذي يعزف على القيثارة (غالباً ما صوِرَ وهو يحمل هذه الآلهة الموسيقية). وكان الشفاء من احدى وظائفه، حيث كان أبوللو مُنافساً لاسكليبيوس في هذا المجال وكان له اسم خاص وهو بايون Paeon. كان التطهير من الدنس من وظائفه (يتعلق بالمفهوم الأسطوري حول قوس أبوللو الطبي). وهو كذلك اله الضوء ونظام العالم المُستقر. أما بالنسبة لعلاقة أبوللو بالشمس فلم يتم تفسيرها في معظم المصادر المكتوبة القديمة، لقد كانت تأملات فلسفية لاحقة على ما يبدو. كان اسكليبيوس اله الشفاء شخصيةً أبسط تطورت في اليونان فقط. كان في البداية الهاً محلياً ووصياً على مدينة ايبيدوريا Epidauria، لكنه أصبح لاحقاً أحد أشهر المعابد في اليونان: كان هناك في أجزاء مُختلفة من اليونان ما لا يقل عن 38 معبداً لاسكليبيوس في القرن الثاني للميلاد، مثل عدد معابد زيوس تقريباً. كان بان Pan أيضاً الهاً محلياً نشأ في أركاديا. نشأت الالهة أفرودايت Aphrodite في الشرق. لم يكن هناك أي آثار لاسمها في العصر الميسيني. وفقاً لهوميروس قاتلت الى جانب أحصنة الطرواديين ضد الآخيين. كان اسمها مُرتبطاً بأسطورة ولادتها من رغوة البحر. أطلق عليها هوميروس لقب سيبريان Cyprian نسبةً الى مركز عبادتها القديم جزيرة قبرص. تؤكّد علاقتها الأسطورية بالاله الشرقي القديم أدونيس أنها كانت الالهة الأنثى للخصوبة في آسيا الصغرى. في اليونان أصبحت أفرودايت الهة الجمال والحب وتجسيداً للأنوثة. قامت الأساطير بجعل أفرودايت والدة ايروس Eros وهو الاله الشاب للحب. في اليونان، أصبح الاله آريس Ares الذي أستعاروه من التراقيين في وقتٍ مُبكرٍ من عصر هوميروس (في الالياذة كان أيضاً مُعادياً للآخيين)، اله الحرب الشرس. كان هناك مجموعة خاصة من الآلهة جسّدَت بشكلٍ مُباشر ظواهر الشؤون الثقافية، على الرغم من أن بعض هذه الآلهة تضمنت أيضاً بعض عناصر العبادات المحلية. كان الاله هيفيستوس Hephaestus أحد هذه الآلهة وهو تجسيد للنار على الأرض وتجارة الحدادة. في البداية كان أيضاً الهاً محلياً في جزيرة ليمنوس Lemnos. لم تكن عبادته في اليونان نفسها مُنتشرةً على نطاقٍ واسع، على الرغم من أن هذا الاله الأعرج احتل مكانةً بارزةً في الأساطير. كانت هيستيا أيضاً تجسيداً للنار حيث كانت الهة موقد الأسرة فقط في المنزل. كان هيرميز تجسيداً للأكوام الحجرية أو الأعمدة الحجرية التي كانت بمثابة اشارات طرق في اليونان. كان يُصوّر عادةً على أنه شاهد حجري برأس بشري. أصبح هيرميز راعي الطرق والمسافرين، وفي الأساطير رسولاً للآلهة ومن يقود الموتى الى هيديس. تضمن صورة هيرميز أيضاً عناصراً من العبادات المحلية. كان زيوس، الاله الأولومبي الأعلى أكثر الشخصيات تعقيداً. كان لديه أيضاً خصائص الآلهة المحلية المُختلفة. كانت هناك عدة مراكز لعبادة زيوس التي ألهمت نشوء أساطير مُتنوعة عنه، وأهم هذه المراكز كريت وثيساليا Thessaly. تقودنا الأساطير حول ولادة زيوس في جزيرة كريت والأساطير المتعلقة بالعبادات الكهفية المحلية القديمة الى استنتاج مفاده أن شخصية زيوس تضمنت عناصراً من اله كريتي قديم كان رمزه على ما يبدو الفأس المُزدوج في الفترة المينونية Minoan. ومع ذلك، فان المكوّن اليوناني لزيوس أيضاً لا جدال فيه، وهو يُشكّل جوهر شخصية زيوس. انه اله المطر والخصوبة القديم لثيساليا. جاءت سُحُب المطر التي رَوَت حقول ثيساليا من جب اولومبوس المُغطى بالثلوج واعتقد رُعاة الغنم المحليون والمزارعون أن هذا الجبل الكبير هو الموطن الأساسي لالههم. كانت ثيساليا هي المكان الذي نشأ فيه عدد من القبائل اليونانية. لقد أخذوا معهم عبادة زيوس عندما انتشروا في أنحاء اليونان. اندمجت في زيوس تدريجياً خصائص اله الرعد الكريتو-ميسينية مما قاد في النهاية الى نشوء الآلهة الأولمبية. أصبحت بعض الآلهة الأولمبية، حتى وان كانت ذات أصول قديمة، مُهمةً في ممارسة العبادة في وقتٍ مُتأخرٍ نسبياً. انطبق هذا بشكلٍ خاص على الآلهات ديميتير وكور kore وديونيسوس. لا يُمكن العثور على هذه الآلهة في النقوش الميسينية وهي مذكورة في قصائد هوميروس بشكلٍ عابر. على ما يبدو، كانت الآلهة الزراعية خلال فترة هوميروس التي تميّزت بنمط الحياة الرعوي السائد لا تزال غير ذات أهمية. صارت هذه الآلهة بارزةً في الفترة الكلاسيكية عندما تطوّرت الزراعة. صار ديونيسوس، وهو وصي زراعة الكروم وصنع النبيذ من الأصل التراقي جُزءاً من العبادة اليونانية فقط في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد. انتشرت عبادة ديونيسوس بشكلٍ أكبر من قِبَل الحاكم الكورنيثي بيرياندير Periander of Corinth وحاكم سيكيون كليسثينيس Cleisthenes of Sicyon و بيسيستراتوس حاكم أثينا Pisistratus of Athens. لقد كان هؤلاء الحُكّام مدعومين من قِبَل الجماهير، وأرادوا على ما يبدو، أن يضعوا هذه العبادة الزراعية الديمقراطية في مواجهة عبادة الأبطال الأرستقراطية. كانت الهة الخصوبة ديميتير وبناتها بيرسوفون (كور) تجسيداً للحبوب الزراعية وكانتا الهتين يونانيتين بشكلٍ صرف. كان أهم مركز لعبادتهم هو اليوسيس Elusis التي صارت مشهورةً على نطاقٍ واسع. لم يكن لالهي العالم السُفلي هيديس وهيكات Hecate العظيمين عبادةً يونانيةً عامة/ لكنهما برزا في مُمارسة السحر الأسود. ولكن، ربما كانت هذه الآلهة راعيةً محلية قبل أن تترسخ في الأساطير اليونانية كأسياد للعالم السفلي والموت. كانت عبادة هيديس موجودةً في اليس Elis ومورِسَت عبادة هيكات في جزيرة ايجينيا. لعِبَت آلهة الجيل الأكبر العظيمة كرونوس Cronus وريا Rhea والعمالقة Titans دوراً خاصاً في الديانة اليونانية. عَكَسَت الأسطورة المتعلقة باطاحة زيوس بأبيه كرونوس، وانتصار الأول على العمالقة تغييراً في العبادات. جَلَبَ الآلهة اليونانيون الجُدُد، أي عَبَدة زيوس، جلبوا عبادتهم معهم وحلّ الههم بالتالي محل كرونوس الاله القديم، تماماً كما حلّت الآلهة الأنثوية الجديدة محل الهة الخصوبة الكريتية القديمة. حافظ شعب ايليس على جبل كرونيوس لفترة طويلة على عبادة كرونوس القديمة للغاية. بعد أن حلّ زيوس محل كرونوس، اندمج زيوس معه جُزئياً في الأساطير. يُشير الأسم الوارد عند هوميروس (زيوس كرونيوس) الى أنه تم تعريف هاتين الشخصيتين بشكلٍ غامض على أنهما الهٌ واحد. شكّلَت بعض الآلهة اليونانية صوراً مُجردة الى حدٍ ما، أي تجسيداً لمفاهيم فردية مُجرّدة. هذا هو الحال على سبيل المثال مع بلوتو وهو الأسم الذي كان يعني الثروة والوفرة. ان تطوّر صورة هذا الاله مُثيرةً للاهتمام. جسّد بلوتو الثروة بشكلٍ مُباشر، ولكن نظراً لأن الكنز الرئيسي للمُزارع كان الحبوب التي يتم الاحتفاظ بها عادةً في أقبية وحُفَر تحت الأرض، لم يكن من الصعب حينها تحويل بلوتو الى اله للعالم السُفلي. في الواقع، اندمج مع هيديس تجسيد العالم السُفلي. كانت طبيعة بعض الآلهة الأُخرى أكثر تجريديةً، مثل نيميسيس Nemesis الهة الانتقام وثيميس Themis الهة العدل ومويرا Moira الهة القَدَر ونايك Nike اله النصر، الخ. لقد تشكّلَت هذه الآلهة بشكلٍ عفوي وغير مُعقّد وكانت أسماؤهم مُجرّد كلماتٍ تدل على المفاهيم المُقابلة لها. كانت فكرة أن القَدَر يمتلك سُلطةً على الناس وعلى الآلهة أيضاً، تلعب دوراً كبيراً في الدين اليوناني. انعكست هذه الفكرة عند هوميروس. ومع ذلك، فان الفكرة الرئيسية حول القَدَر الذي لا راد له، لم يُنشؤها الناس، بل كانت تأملات فلسفية-أسطورية للطبقة الأرستقراطية القَبَلية التي عَكَسَت وجهات نظرها في وقتٍ كان فيه النظام القَبَلي يتحلل ويتفكك. ان الأساطير اليونانية هي موضوع صعب للدراسة. بعيداً عن الأساطير المُتعلقة بالدين، فانه لا يُمكن تسمية كل شيء أسطورة، بالمعنى الدقيق للكلمة. ان الكُلّ المعقّد والشامل الذي يُطلَق عليه (الأساطير اليونانية) يتضمن، الأساطير التاريخية والقصص الخيالية والأعمال الأدبية والتنويعات التحررية حول الموضوعات الأسطورية. ولكن نظراً لأن هذه العناصر المتنوعة مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض، فمن الضروري فحص هذه الأساطير على نطاقٍ واسعٍ ككلٍ واحد. في الأساطير الأصيلة، نرى في المقام الأول شريحةً طوطمية قديمة عميقة. ترتبط العديد من القصص حول التحوّلات الانسانية-الحيوانية، لأشخاص يتحولون الى حيوانات أو نباتات أو أشياء غير حية، ترتبط بالأساس الطوطمي للأساطير. جاءت مُعظم هذه القصص الينا عن طريق(التحوّلات) Metamorphoses ، وهو كتاب سردي للشاعر الروماني Ovid، وهو يدور حول كيفية تحوّل بنات مينياس(هـ) Minyas الى خفافيش، وتحوّل القراصنة التيرانيين Tyrrhenian الى دلافين، وتحوّل هياسينث(و) hyacinth ونركسيس(ز) Narcissus الى زهور، وتحوّل دافني(حـ) Daphne الى شجرة الغار، وتحوّل أراكني(ط) Arachne الى عنكبوت، الخ. تعكس أسطورة القراصنة التيرانيين الذين حوّلهم ديونيسوس الى دلافين كعقاب على قسوتهم، الفكرة الدينية لانتصار عبادة ديونيسوس على أعداءه. انعكس تغيّر العبادات أيضاً في الأسطورة حول قتل أبوللو أفضل صديق له عن طريق الخطأ. وتأثرت أسطورة آراكني وتحولها الى عنكبوت بالميل الأخلاقي والديني لادانة المواقف الفاضحة تجاه الآلهة. كانت الأساطير الزراعية حول ديميتر وبيرسوفون (كور) وتريبتوليموس Triptolemus وديونيسوس مُميزة. مثّلَت هذه الأساطير تجسيد بذر الحبوب وزراعتها، ولكنها كانت أيضاً أسطرة للممارسة الطقوسية للألغاز الاليوسينية وألغاز أُخرى مُرتبطة بالعبادة الزراعية. العنصر القديم الآخر في الأساطير هو التجسيد المباشر للظواهر الطبيعية. كانت هذه الخصائص متشابكة في العادة مع الصور المُعقدّة للآلهة وشبه الآلهة. كان لزيوس خصائص تُجسّد الرعد، وبوسايدون جسّد البحر. تجسّدت السماء في أورانوس والأرض في غايا Gaea والشمس في هيليوس Helios والقمر في سيلينا Selena والتي كانت كائنات متحولة انسانية-حيوانية، لكنها لم تلعب أي دور في الدين. يتعلّق هذا أيضاً بالتجسيد الأسطوري للرياح في شكل كائنات متحولة قوية مثل بورياس Boreas (رياح الشمال) وزيفير Zephyr ونوتوس Notus (رياح الجنوب) وآخرين كان يُسيطر عليهم آيلوس Aeolus اله الرياح. لقد لَعِبَ التجسيد الأسطوري لعناصر الطبيعة على الأرض مثل الأنهار والينابيع والجبال والأشجار دوراً أكثر أهميةً في الأمور الدينية. لقد تم تجسيدها في العادة. على سبيل المثال، كانت هناك أسطورة في لاكونيا عن سكان البلاد الأصليين الليليجيين Leleges الذين حكمهم الملك ليليكس Lelex. قام حفيده يوروتاس Eurotas بتصريف مياه البحيرة الى البحر، وهو اليوم نهر يوروتاس. سلّم ليليكس مملكته الى لاكيدايمون Lacedaemon والذي كانت أمه تايغيتي Taygete وأبوه زيوس. يوروتاس قدّم ابنته للزواج من لاكيدايمون. في هذه الأسطورة تظهر الأسماء الجغرافية المعروفة وتخدم بمثابة أسماء لأشخاص. كان الدافع السياسي لهذه الأسطورة (وغيرها من الأساطير المماثلة) هو أن الملوك الاسبارطيين أدعوا نسَبَهم مع هذه الشخصيات الأسطورية. لم تكن الموضوعات الكونية بارزةً في المعتقدات الشعبية لليونانيين. جاءت الأسطورة الكونية الينا من رواية هيزيود وحَمَلَت في طياتها آثاراً واضحة للتأملات الميتافيزيقية التجريدية والمصطنعة. حّمَلَت أقاصيصه آثاراً من الأساطير البولينزية المعروفة (خاصةً أساطيرالماوري Maori) حول أصل العالم، والتي كان من الواضح أنها من تأليف الكَهَنة. بُنِيَت الأسطورة حول التطور، أما فكرة الخلق الالهي فهي غائبة.نَتَجَت غايا (الأرض) والظلام (ايريبوس Erebus) والليل والضوء والنهار والهواء والنهار والسماء والبحر وقوى الطبيعة الأُخرى من الفوضى ما قبل التاريخية. أنجب أورانوس (السماء) والأرض الجيل الأقدم من الآلهة، كرونوس والعمالقة، وأنجبوا بدورهم زيوس والآلهة الأولمبية الأُخرى. تتناقض هذه المفاهيم الأسطورية المُجردة والاستعارية وعديمة اللون مع الأساطير الأكثر اثارةً وحيويةً حول الصراعات بين الأجيال المُختلفة من الآلهة، كرونوس الذي أطاح بوالده أورانوس وأكل أطفاله خوفاً من أن ينقلبوا عليه بعد أن يكبروا، وأخيراً انتصار ابنه زيوس عليه. كما ذكرنا سابقاً، عَكَسَت هذه الأساطير الى حدٍ كبير التغير التاريخي للعبادات. في حين أن فكرة الاله الخالق كانت غريبةً عن الأساطير اليونانية، كان أبطال الثقافة بارزين الى حدٍ كبير. كان أبطال الثقافة آلهةً وعمالقة وكائنات شبه الهية أُخرى. نُسِبَت خصائص شجرة الزيتون والحِرَف اليدوية النسائية الى الالهة أثينا. خَلقَت ديميتر الحبوب، وديونيسوس زراعة الكروم وصناعة النبيذ، وهيرميز أدوات الوزن والقياس والأرقام والحروف، وأبوللو الشعر والموسيقى والفنون الأُخرى. من بين الشخصيات الأسطورية شبه الالهية التي شكلَت أبطال الثقافة كان بيلاسغوس الأركادي Arcadian Pelasgus وابنه ليكاون Lycaon، اللذين قاما، مثل تريبتوليموس الاليوسيني Eleusinian Triptolemus بتعليم الناس كيفية زراعة الأرض (الأسم نفسه يعني حرث الأرض المتكرر ثلاثة مرات)، ومثل اريكثونيوس الأثيني Athenian Erichthonius مُخترع مسابقات ركوب العربات والفروسية. كان بروميثيوس Prometheus شخصيةً مُثيرةً للاهتمام، وهو صديق الانسان. لقد وهب الناس العقل والمعرفة وعلمهم تربية الحيوانات والزراعة وبناء السفن والملاحة ومهارة الأشغال المعدنية والعد والكتابة والعلاج الطبي. كما أعطاهم النار لينتفعوا بها. أثار بروميثيوس الحكيم، الذي اعتنى جيداً بالانسان، غضب زيوس نفسه، وحُكِمَ عليه بالسجن لمدة ألف عام، حيث رُبطَ الى صخرة في منطقة القوقاز ويأتي نسر زيوس اليه ليأكل من كبده كل يوم. بعد سنواتٍ عديدة فقط أطلق هيراكليس سراحه. لم يكن بروميثيوس بطلاً ثقافياً وحسب، بل كان أيضاً عملاقاً قاتل الآلهة. صورته الآساطير كمُدافع نبيل عن الشعب ضد الآلهة القاسية. تُظهِر هذه الأمثلة أن الأساطير حول أبطال الثقافة مثل العديد من الأساطير الأُخرى، لم تكن دينيةً دائماً. الى جانب أبطال أبطال الثقافة الالهيين (أثينا وأبولو وغيرهم) كان هناك عمالقة مثل بروميثيوس يُجسّدون العبقرية الانسانية والقوة والشجاعة والصفات الانسانية المثالية التي ترفع الانسان-في رأي مُبدعي الأساطير- حتى فوق الآلهة. على الرغم من أن هذه الأساطير كانت فانتازية وخارقة للطبيعة، الا أن ما هو خارق للطبيعة لم يكن الفكرة الرئيسية للأسطورة. لم تكن فكرة أسطورة بروميثيوس غير دينية وحسب، بل ومُعادية للدين. لا عَجَبَ أن ماركس قال أن "اول وانبل قديس وشهيد في تاريخ الفلسفة "(1). كان واضعو القانون ومؤسسو وبُناة المُدن وكذلك الفنانين والمغنين والشعراء العظماء، سواءاً كانوا شخصيات نصف اسطورية أو نصف تاريخية، يُشبهون أبطال الثقافة، وحتى أحياناً يكونون متطابقين معهم. من بين الأبطال من النوع الأول كان ثيسيوس Thesues الذي نُسِبَ اليه توحيد أثينا وتقسيم سكان أتيكا الى قبائل وعشائر وتقسيم مهنهم. والمُشرّع الاسبارطي المعروف ليكورغوس Lycurgus، وكادموس Cadmus مؤسس مدينة ثيبيس وآخرين. كانوا أشخاصاً لهم خصائص تاريخية ممزوجة بمفاهيم شبه الهية وأسطورية. ولكن كان هناك عنصر ديني في مؤسسي المُدن والمشرعين هؤلاء. كان معظمهم مواضيعاً للعبادات المحلية. كان الدافع السياسي لهذه العبادة والأساطير نفسها واضحاً: جَعَلَ النبلاء القبَليون امتيازاتهم وسلطتهم تبدو مقدسة ولا يجب المساس بها من خلال تبرير النظام الاجتماعي السياسي الأرستقراطي واضفاء الطابع شبه الالهي على قادته. فئة أُخرى من الشخصيات نصف الأسطورية ونصف التاريخية كانت الفنانين والمُخترعين والشعراء العظماء. كانوا هم المُخترع الماهر دايدالوس Daedalus، والفنان بيغماليون Pygmalion، والمُغني اورفيوس Orpheus وآريون وهوميروس. غالباً ما تم تصويرهم على أنهم تجسيد للحرف اليدوية والمِهَن المشهورة. على سبيل المثال، كان مصطلح دايدالوس يعني التماثيل الخشبية القديمة والاحتفال الخاص التي كانت تُعرَض فيه، هكذا حصَلَ المُخترع الأسطوري على اسمه. ومع ذلك كانت أسماؤهم هي أسماء لمؤسسي عائلات مشهورة لفنانين وشعراء (دايدالوس وهوميروس)، أو أسماءاً لمؤسسي أخويات دينية. كما أن الجوهر الاجتماعي لهذه الأساطير لا يترك مجال للشك حول الميل الواضح لتمجيد طائفة دينية مُحددة، وفي نفس الوقت الرغبة في قصرها على مجال أسرة أخوية واحدة. كانت أساطير العبادة هي الجوهر الأصيل للأساطير الدينية الصرف. كانا مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بهذا الطُقُس الديني أو ذاك، وكانا أساساً (جوهرالطُقُس) نصهم المقدس. غالباً ما كانت الطقوس الفعلية وسيلةً لتمثيل قصة أسطورية. هذا هو الحال، على سبيل المثال، مع الأساطير حول هيرا الحورية Hera nymphe وهيرا تيليا التين كانتا مُرتبطتين ارتباطاً وثيقاً بالغسل السنوي الاحتفالي لمثال هيرا في ينبوع ناوبليا. وأسطورة الخلاف والمصالحة بين هيرا وزيوس والتي تميّزت بالاحتفاليات كل عام في بلاتيا Plataea، الخ. لم تتطور الطقوس، على ما يبدو في هذه الحالات، كما هو الحال عادةً، لغرض تنظيم الأساطير، على العكس من ذلك، تم انشاء الأساطير لاعادة تفسير الممارسات التي كانت في مُعظم الحالات طقوساً قديمة تم نسيان أصلها ومعناها الأول. احتوت الأساطير اليونانية أيضاً على عددٍ كاملٍ من الحبكات الأسطورية المُستعارة. أحدها هو أسطورة الفيضان الذي يُمكن ارجاع اصلها الى بابل لأن مثل هذه الكارثة الطبيعية لا يُمكن أن تحدث بسبب مياه اليونان المنخفضة، البعض الآخر هي الأساطير المتعلقة بالآلهة الذين أتوا من الشرق (ديونيسوس وكابيري Cabiri وآخرين). لا ينبغي الخلط بين الملاحم اليونانية الغنية والحيوية، والأساطير، على الرغم من صعوبة الفصل بين كلتيهما. ان حكايات الأرغوناتس Argonauts وحرب طروادة وتجوالات أوديسيوس Odysseus وملوك طيبة (أوديب، الخ) ليست أساطير بالمعنى الحقيقي للكلمة، على الرغم من أنها غالباً ما كانت تتضمن صوراً ومحتوياتٍ أسطورية. انها بشكلٍ عام أساطير تاريخية تستند الى بعض الحقائق التاريخية. هناك العديد من القصص الخيالية في الأساطير اليونانية التي يصعب تمييزها عن الأساطير على هذا النحو. ان الوحوش المتنوعة والكائنات الخيالية الأُخرى مثل ألعمالقة ذوي العين الواحدة Cyclops والقنطور Centaurs والسيلا Scylla والشريبديس Charybdis وميدوسا Medusa والخطّاف Harpies هي أقرب الى نمط القصص الخيالية منها الى الأساطير، ويتضح هذا من بين أسباب أًخرى لعدم وجود صلة بين هذه الالصور والعبادة الدينية. ومع ذلك، فان هذه الصور تتداخل في النسيج الأسطوري كخصوم للآلهة والأبطال. أيضاً ما يُثير الاهتمام هي الأساطير الأدبية والفلسفية. غالباً أجبرت التقاليد الأسطورية الكُتّاب والفلاسفة على التعبير عن أفكارهم في بصور أسطورية. وهذا مثل الأسطورة حول أصل الفروق بين الجنسين والحب الجنسي كما وصفه أفلاطون في حواريته (العيد) والتي يبدو أنها من تأليفه. تتمتع الأساطير اليونانية، على الرغم من تعقيد وتنوع عناصرها، بقوةٍ فنيةٍ كبيرة. ينعكس هذا في النزعة الانسانية العميقة للشخصيات الأسطورية لليونانيين. هذه الانسانية، التي يُشار اليها عادةً باسم التجسيم الانساني anthropomorphism (أي اضفاء تفسيرات انسانية ووصف انساني على أشياء وأحداث غير انسانية) تتجلى في تصوير الآلهة والأبطال بشكلٍ بشريٍ بحت في المنحوتات واللوحات. ان آلهة وأبطال هيلاس Hellas هم أُناسٌ مؤمثلون بأفضالهم وخطاياهم. لا توجد سمة انسانية غريبة عن الآلهة اليونانية. الخلود هي الصفة الوحيدة التي تُميّز الآلهة عن الناس في نظر الشخص اليوناني المتدين. لم تكن الآلهة قادرة على كل شيء، ولم تكن ذات علم مُطلَق، على الرغم من أنها كانت تفوق مُعظم الناس من حيث القوة والبصيرة. لم تصلنا الأساطير اليونانية الينا، في معظم الحالات، بشكلها النقي، ولكن بتعديلاتٍ شعرية أو حتى فلسفية- في قصائد هوميروس وهيزيود وفي أعمال التراجيديين وبعض الشعراء الغنائيين، بالاضافة الى كتابات الرومان وتنقيحاتهم لقصائد أوفيد وفيرجيل Virgil. ومع ذلك، تم تفسير المادة الأسطورية أيضاً في الفنون اليونانية الكلاسيكية الجميلة مثل أعمال فيدياس Phidias العظيمة وبراكسيتيليس Praxiteles وبوليغنوتوس Polygnotus، الخ. نقل المؤرخون والجغرافيون وبوسانيوس Pausanius والى حدٍ ما هيرودوت، نقلوا الأساطير الى شكلٍ مُشابهٍ للفلكلور. كان للأساطير اليونانية تأثير كبير على تطور فنون وآداب العصور القديمة. في الوقت نفسه، كان للفن والأدب تأثير عميق على الأساطير واضفاء السمات الانسانية على الشخصيات الأسطورية. كانت أشكال العبادة اليونانية بسيطة نسبياً. كان الجانب الأكثر شيوعاً للعبادة هو القرابين. تباينت كمية ودرجة تعقيد العطايا. كان القُربان هو أبسط وأشهر أشكال العطايا، مثل رش كأس من النبيذ على الأرض أو في النار كغذاء للآلهة أو تكريماً لهم. كما وُضِعَت عطايا من الحبوب والفاكهة والزيت للآلهة. وكان الشكل الأكثر تعقيداً وتكلفةً هو تقديم التضحية بالحيوانات، وأحياناً بأعداد كبيرة، وتعتمد على أهمية الاحتفال والهدف. كان يُضحّى بمائة رأس في أهم المناسبات والأعياد. تُشير الأساطير الى أنه تمت التضحية بالبشر في العصور القديمة، على الرغم من أن هذا غير أكيد وقابل للنقاش. اعتمدت طبيعة القرابين أيضاً على من هو موضوعها. عادةً ما تمت التضحية بالحيوانات البيضاء للآلهة الأولمبية، والحيوانات السوداء لآلهة العالم السُفلي. كان يتم حرق الحيوانات السوداء بالكامل ودفنها في الأرض. أما الأُعطيات للأموات فكانت اما توضع على الأرض أو تُدفَن فيها. كانت الأضحيات للأبطال تُحرَق، وكان المُشاركون في الطقوس يأكلون لحوم الحيوانات التي ضحوا بها للآلهة الأولمبية. ومن العناصر الأُخرى للعبادة وضع أكاليل الزهور على المذابح، وتزيين تماثيل الآلهة وغسلها والمواكب الاحتفالية وانشاد الترانيم والصلوات المقدسة، والرقصات الدينية. كانت الطقوس تُنَفّذ دائماً وفقاً لقواعد صارمة لكل منطقة. اعتُبِرَت العبادة العامة مسألةً ذات أهمية للدولة. كان يقود كبار المسؤولين في الدولة طقوس تكريم الآلهة المُجتمعية الراعية للمدن، وكانت تؤخذ بجدية صارمة. أصبحت أهم هذه الطقوس احتفالات وطنية، مثل المهرجانات (الألعاب) الباناثينية Panathenian الكبيرة والصغيرة في أثينا وألعاب هيرميا Hermaea التي أُقيمت في بيوشيا لتكريم هيرميز، الخ. كما شارك الكهنة في هذه المناسبات. بالاضافة الى العبادة العامة، التي كان يقودها مسؤولو الدولة والكهنة، كانت هناك عبادات خاصة Private تُمارس في المنازل. كانت هذه الطقوس متواضعة ويقودها رؤساء العائلات والعشائر. لم يكن الكهنوت في اليونان مؤسسةً بذاتها. كان الكهنة مرتبطين ببساطة بالمعابد المُخصصة لآلهة مختلفة. كانوا مسؤولين عن العبادة اليومية وتقديم الأضحيات المُنتظمة وتزيين تماثيل الآلهة والغسل الطقوس، وما الى ذلك. انخرض بعض الآلهة في العرافة والنبؤات والمعالجة. غالباً ما كانت وظيفة الكاهن تدوم مدى الحياة وحتى يتم توريثها وتنتقل من جيل الى جيل داخل عائلات أرستقراطية مُعينة. كان هذا هو الحال حيث تطوّرت العبادة العامة مُباشرةً من العبادة العشيرية. ولكن عادةً ما كان يتم انتخاب الكهنة، غالباً لفترة قصيرة. في بعض الأحيان كانوا يُنتَخبون لمدة شهر كما كان الحال في أولمبيا. حتى في هذه الحالات، ظل الكهنوت في نطاق الطبقة الأرستقراطية القديمة. عادةً ما كان يتم تعيين الكهنة من العائلات النبيلة. كان على الكاهن أن يُحافظ على نقاوة الطقوس التي يُمارسها وأن لا يشوبه عيوبٌ جسدية وعليه أن يُراعي العفة. لهذا السبب كان الكهنة في بعض المعابد صبياناً. كان هناك في بعض الأحيان كاهنات نساء، وأحياناً فتيات (معبد باندروسوس Pandrosus في أثينا)، وأحياناً من النساء كبيرات السن (معبد ديميتر في هيرميون). كان مطلب العفة أكثر صرامةً عندما يتعلق الأمر بالكاهنات. كانت وظيفة الكاهن شرفاً، ولكنها لم تكن تحمل أي سلطة مُباشرة، خاصةً وأن العبادة الرسمية لم تكن تحت ادارة الكهنة، بل المسؤولين الزمنيين. في هذا الصدد، اختلفت دول أسياد العبيد اليونانية اختلافاً كبيراً عن الدول الشرقية التي هيمَن فيها الكهنة. بالاضافة الى الكهنة، تم تجهيز المعابد بأفراد كان يُدفَع لهم من دخل المعابد وتبرعات المتدينين. غالباً كان للمعابد مزارعها الخاصة وأراضيها المملوكة وعبيدها. احتوت المعابد الأكثر شعبيةً على أشياء ثمينة، وكانمت غالباً كنوزاً مملوكة للأفراد أو للدولة، لأنها كانت الأكثر أمناً. وهكذا تم وضع كنز الجمعية البحرية الأثينية أولاً في معبد أبوللو في ديلوس Delos ثم في معبد البارثينون Parthenon في أثينا. لكن كان للمعابد كنوزها الخاصة بها أيضاً والتي كانت التبرعات مصدراً لها. في القرن الرابع قبل الميلاد كان للمعبد في ديلفي كنزٌ هائل يتكون من 10000 تالانتس(ي). غالباً ما كان كهنة المعبد يُقرضون الناس الأموال بفائدة. عام 377 قبل الميلاد كان معبد ديلوس قد أقرض 47 تالانت الى مُدن وأفراد مُختلفين. وكانت المعابد تقوم بوظيفة البنوك، والكهنة بوظيفة المُرابين. لم تكن هُناك عبادة مُمركزة في اليونان، بالضبط كما لم يكن هناك وحدة سياسية. كانت العبادات المحلية للمدن انعكاساً للانقسام السياسي. ولكن، صارت بعض مراكز العبادة مُهمةً لكل اليونان بسبب السمات الثقافية المُشتركة التي انعكست في الفكرة القومية للهيلينية في مواجهة كل شيء بربري. أصبح معبد أبوللو في ديلفي ومعبد زيوس في اومبيا ومعبد ديميتير في اليوسيس ومعبد اسكولابيوس في ابيدوريا، والتي كانت في البداية مراكز عبادة محلية صرف، نقول، صارت مراكز عبادة معروفة في جميع أنحاء اليونان وأحياناً خارج البلاد أيضاً. كانت المعابد الأُخرى والتي كانت مراكز عبادة قَبَلية أو تجمعات اقليمية، أقل أهميةً. كان هذا هو الحال مع معبد أبوللو في ديلوس، مركز عبادة الأيونيين في آسيا الصغرى، ومعبد بوسايدون في تيناروم Taenarum الذي أنشأه البيلوبونيسيين. استندت مكانة مراكز العبادة هذه التي تجاوزت حدود المُجتمعات والمُدن الى حقيقة أنها كانت اما مواقع كهنة Oracle ديلفي المعروفة، أو أماكن كانت تُقام فيها الألعاب والمسابقات (اوليمبيا)، أو كان يُعرَف عنها بأنها أماكن شفاء اعجازي (ايبيدوريا) أو ألغاز مقدسة (اليوسين). على النقيض من مراكز العبادات في المُدن حيث كان جميع المواطنين مُلزمين في المشاركة، كانت المراكز الدينية اليونانية الشاملة مرموقةً والعبادة فيها طوعيةً تماماً. عَمِلَ الكهنة على الترويج لمكانتها وشرفها من أجل جذب أكبرِ عددٍ من الناس الى هذه المعابد. على سبيل المثال، يُمكن لكهنة المعبد في ديلفي أن يُقدموا نصائح مفيدة للأفراد والمسؤولين من مُختلف المُدن، اولئك الذين يطلبون مشورتهم من مختلف المُدن، بما أنهم كانوا على دراية جيدة بالمسائل السياسية في اليونان وبعض شؤون وظروف المناطق المُجاورة. ومن أجل تحصين أنفسهم ضد أي مُحاسبة لاحقة على أخطاءٍ يرتكبونها، يقوم كهنة ديلفي بالادلاء بنصائحهم ونبؤاتهم بعبارات غامضة ومشوشة. سعى كهنة معبد ديلفي جاهدين للابقاء على تنافس المُدن اليونانية، ولم يعملوا قط توحيدها. على سبيل المثال، اتخذ كهنة معبد ديلفي موقفاً معادياً لليونان عندما كانت بلادهم تتعرض لخطر الغزو الفارسي. وقفوا الى جانب البيلوبونيسيين خلال فترة الحرب الطاحنة في القرن الخامس، ولم يُحاولوا استخدام هيبتهم للمصالحة بين الأطراف المتعادية. كان لمعبد زيوس الأولمبي تأثيراً ايجابياً على الوحدة بين المدن اليونانية. كان هذا هو مركز الألعاب الأولمبية الهلنستية. هذه الألعابـ، التي كانت تُقام مرة كل 4 سنوات، لم تُقرب اليونانيين من بعضهم ثقافياً وحسب، بل وخففت من النزاعات السياسية بينهم كذلك. عادةً ما كانت الحروب الداخلية تتوقف خلال الألعاب. ابتداءاً من القرن السادس قبل الميلاد تقريباً، تطورت اتجاهات دينية جديدة ذات طبيعة شبه طائفية الى جانب عبادات المُدن السائدة والمعتقدات الشعبية القديمة. كانت الديانة الأورفيوسية Orphism أهمها جميعاً. طوّر الأورفيوسيين، دُعاة هذا الاتجاه، معتقداتهم من العقائد التي وضها الشاعر الأسطوري أورفيوس Orpheus الذي من المُفترض أنه عاش قبل هوميروس. لم تستمر الحركة الأورفيوسية في اليونان بعد القرن السادس قبل الميلاد. (الصور الموجودة في ديلفي، وملاحظات الشاعر ايبيكوس Ibycus). لعبَ أونوماكريتوس Onomacritus، الذي عاش في أثينا تحت الحُكم الثلاثي Peisistratos (الذي دام من 546-510 قبل الميلاد) دوراً رئيسياً في تطوير الأورفيوسية. كانت المُستوطنات اليونانية والصقلية، وكذلك أتيكا، مراكزاً لهذا الدين. لا شك أن النُظم الدينية الشرقية قد أثرت كثيراً في تطور الأورفيوسية. كان لديهم نصوصهم المقدسة ولم يصل الينا سوى جُزءٍ منها. كان لدى الأورفيوسيين فكرتهم الخاصة عن الآلهة والأساطير، وكان لديهم تصوراً ذا طبيعة صوفية حول نشأة الكون. وفقاً لهم كان كرونوس Chronos (الزمن) في بداية الوجود. تقول النماذج الأُخرى لهذه الأسطورة أنه كان هناك فوضى وأثير وايروس. لَعِبَ ديونيسوس زاغريوس dionysus Zagreus الاله المُبعَث من جديد، وهو ابن زيوس، دوراً مُهماً في أساطير الأورفيوسيين. هذه الطائفة فقط كان لديها أسطورة حول نشوء البشر، تقول بأن الناس تطوروا من الرواسب والسخام الذين نتَجَ عن تدمير زيوس للعمالقة وصاعقته التي قتلت ديونيسوس زاغريوس. عكَسَت الأورفيوسية الأمزجة الاجتماعية الجديدة التي نشأت من التطورات الاقتصادية وتفاقم لصراع الطبقي خلال فترة الاستيطان اليوناني العظيم. ظهرت طائفة الفيثاغوريين Pythagorian في نفس الظروف. لقد كانت شيئاً مثل الأورفيوسية، ووصلت الى ذروتها في فترة هيلاس العظيمة في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد. لقد لعبت دوراً أساسياً مُهماً هناك لأن الفيثاغورية لم تكن طائفةً دينيةً وحسب، بل كانت مدرسةً فلسفيةً وحزباً سياسياً يُمثل الأرستقراطية. تميّز هذا الدين بالتصوف والايمان بتناسخ الروح وعبادة الشمس والنار. كان للأورفيوسية تأثير على تطور ألغاز ديميتر الاليوسينية. اكتسبت عبادة ديميتر التي كانت في البداية عبادةً زراعيةً بحتة والتي كانت تحت سيطرة العشائر الايوباتريديانية Eupatridean، أهميةً قوميةً تقريباً من القرنين السادس والخامس قبل الميلاد. شارك جميع سكان أتيكا بالاحتفالات على شرف ديميتر. تطوّرَت في اليوسين عبادة سرية على أساس الطقوس الزراعية القديمة. كان الأساس الايديولوجي للعبادة هو العقائد حول الحياة الأُخرى للروح والطقوس الصوفية التي كان المؤمنون يأملون بالحصول على حياة كريمة من خلالها بعد الموت. كانت هذه المعتقدات والطقوس مُرتبطةً بأسطورة هبوط الالهة بيرسيفوني الى هيديس وبحث ديميتر عنها وعودة الأولى الى الأرض. من أجل المُشاركة في ألغاز ديميتر، كان على الشخص الخضوع لعملية "مرور" مرتين. يصل المشارك الى الدرجة الأولى (mystae ) من الألغاز خلال طقوس الربيع، أي ما يُسمى بالألغاز الصغيرة. في الخريف يتم الاحتفال بالألغاز الكبيرة، ويكون هذا في الدرجة الثانية (epoptae). كانت العناصر الرئيسية للاحتفالات هي طقوس التطهّر والغُسُل والصيام. يُشارك من يمرون بهذه الألغاز التي تُقام ليلاً في معبد ديميتر حيث يُشاهدون استعراضاً للأسطورة حول ديميتر وبيرسيفوني ويُعرَض عليهم الرموز المقدسة لهذه الآلهة. يتم انشاد ترانيم لديميتر وبيرسيفوني وديونيسوس وتريبتوليموس وآلهة ذكور واناث مجهولي بدون أسماء، وهم رُعاة الخصوبة. احتوت العبادة الاليوسينية على فكرة غير مألوفة بالنسبة للديانة اليونانية، وهي فكرة الايمان بحياة أُخرى سعيدة. توقفت الديانة اليونانية الرسمية، التي شددت على الحياة على الأرض، ولم تَعِد المؤمنين بأي شيء بعد الموت، باستثناء الوجود الكئيب في هيديس، نقول، توقفت عن أن تكون مُرضية لقسمٍ مُعينٍ من السكان. أثار التناحر الطبقي المُتفاقم الاحتجاج بين الفقراء، وأراد الأثرياء ايجاد بعض الوسائل لتهدئة السَخَط الاجتماعي. تم تطوير هذه الفكرة لابعاد المؤمنين عن حياتهم عن الأرض وجعلهم يُركزون على حياةٍ أُخرى بعد الموت ووعدهم بالمكافأة فيها. تُمثل الألغاز الاليوسينية شكلاً مُبكراً من أشكال الخلاص الديني، والذي سَبَقَ الديانات الخلاصية مثل المسيحية. حدثَ شيء مُشابه لعبادة ديونيسوس التي أُحضِرَت الى اليونان على ما يبدو من المستوطنات اليونانية، أي تراقيا وآسيا الوسطى. كان ديونيسوس، في البداية، تجسيداً لزراعة الكروم وصنع النبيذ. أصبحت هذه العبادة، التي امتدت الي اليونان واحدةً من أكثر العبادات الشعبية انتشاراً. ومع ذلك، فقد كانت هذه العبادة مُرتبطةً أيضاً بفكرة الخلاص. قام الاروفيوسيين، بعد أن تبنّوا عبادة ديونيسوس بتسميته (المُنقذ)، وربطوه بأسطورة زاغريوس الذي قتله العمالقة ولكن أعاده زيوس الى الحياة على شكل ابنه الشاب ديونيسوس. أصبح هذا الاله الذي مات ومن ثُم بُعِث، مُنقذاً للناس (مثل الآلهة الشرقيةأوزوريس وتموز، الخ). تغيّرَ الدين اليوناني بشكلٍ كبير، في كُلٍ من الفترتين الهلنستية والرومانية. كان أول التغيّر هو انتشار الطوائف الأجنبية والمُختلطة. تم تبنّي بعض الآلهة الشرقية في اليونان حتى في الفترة المُبكرة، لكنهم قاموا بجعلها هيلاسية بالكامل لاحقاً. ترسّخَت عدد من العبادات الشرقية الصرف في اليونان، وخاصةً في الفترة الهلنستية الرومانية: عبادة ايزيس وعمون المصري وأتيس وأدونيس من آسيا الصغرى والشرق الأدنى. حَظِيَت عبادة الاله الجديد سيرابيس Serapis ذو المُركّب اليوناني-المصري، الذي ظَهَرَ خلال سُلالة البطالمة، بشعبيةٍ كبيرة. كان العُنصر اليوناني في الثقافة اليونانية-البربرية، والذي يُميّز الفترة الهلنستية، أكثر وضوحاً في العلوم والفن والأدب واللغة، بينما كان للعناصر الدينية الشرقية تأثير أكبر على اليونان. يُمكن تفسير ذلك من خلال معرفة كون أن هذا العصر كان يتميّز بالانحلال وباتجاهه نحو التصوّف النموذجي جداً للديانات الشرقية. كان التأثير الشرقي واضحاً أيضاً في تأليه المُلوك الهلينيستيين. لم تجد عبادة المُلوك أرضاً خصبةً في اليونان، هناك حيث كانت التقاليد الديمقراطية والعقلانية قويةً. لم تؤخَذ محاولات عبادة الاسكندر الأكبر خلال حياته مَحمَل الجد. قال الاسبارطيون أنه اذا أراد الاسكندر أن يكون الهاً فليَكُن الهاً. لكن كان لروح العصر تأثيراً تدريجياً على اليونانيين. تم تأليه ديميتريوس بوليورسيتيس Demetrius I. Poliorcetes ورفعه الى مستوى مُحرر اليونان. كان المُلوك الهلنستيون في الشرق (البطالمة، السوقيين الخ) يُعتَبَرون آلهة. كان للدين والأساطير تأثيرٌ عميقٌ على الفن والأدب والفلسفة في اليونان القديمة. لقد سَبَقَ وذكرنا التنويعات الدينية والأسطورية في الأدب والفن. أثّرَ الدين على الفلسفة، خاصةً في الفترة المُبكرة. انعكست المفاهيم الأسطورية بوضوح في أعمال فلاسفة الطبيعة الأيونيين. على سبيل المثال: فكرة طاليس المالطي بأن العالم أتى من الماء كانت مُشابهة للأسطورة القائلة بأن المُحيط هو أبو كُل الأشياء الحية. غالباً ما استخدَمَ الفلاسفة المثاليون اللاحقون، حتى سُقراط وأفلاطون صوراً أسطورية لتوضيح مفاهيمهم. نما تأثير الدين على الفلسفة في العصر الهيلنستي-الروماني عندما بدأت النُظُم الدينية-الفلسفية في التطور مع تراجع الديمقراطية، مثل أنظمة الأفلاطونية الجديدة والفيثاغورية الجديدة. لكن الفلسفة تأثرت بشدة بالالحاد في اليونان القديمة. يُمكن اعتبار هذا البلد بحق أيضاً موطناً للتفكير الحر، تماماً كما كان مهداً للعلم والأدب والفن. لا يَسَع المرء الا أن يُلاحظ موقف هوميروس المُزدوج تجاه الأفكار الدينية. كانت شخصياته-آخيل وأجاممنون وبويام وهيكتور وأوديسيوس الخ مُبجلةً للآلهة بعُمق، ولم تكن أفعالهم وكلماتهم تُقلل من احترامها. ومع ذلك، عندما تحدّث المؤلف باسمه عن الآلهة وعن صفاتها وسلوكها فلم يكن يُظهر الكثير من الاعتقاد الديني وكان يُشير الى الجوانب السخيفة والمُخزية للآلهة وعدائها الظالم للأفراد أو الشعوب وقسوتها ومكرها وخداعها لبعضها البعض. لقد وَصَفَ عداء هيرا القاسي تجاه الطرواديين، وعداء بوسايدون تجاه أوديسيوس، وحتى تحدّثَ عن ضُعف وعجز الآلهة تجاه الناس (على سبيل المثال انتصار المُحارب ديوميديس Diomedes على الالهة أفرودايت والاله آريس في معركة)، وانتهازيتهم الغرامية. أحد الأمثلة على ذلك، هو قصة خيانة أفرودايت لزوجها هيفايستوس Hephaestus، الذي قرر أن ينتقم منها ومن حبيبها آريس، وبدأ بصنع شبكة معدنية فائقة الجودة كادت تكون غير مرئية، لا سيما أنّه كان ماهراً في الأعمال اليدوية الحرفية، وعلّق الشبكة على فراش أفروديت. وفي زيارة آريس لها حرر هيفايستوس الشبكة ليحبس العشيقان فيها واستدعى كل الآلهة ليجعل من أفروديت حديثاً لهم. تُظهِر هذه القصص أن المؤلف (أو المؤلفين) لم يكن متديناً بشكلٍ خاص: لا عَجَبَ أن اليونانيين الملتزمين دينياً اعتبروا هوميروس مُلحداً، وفكّرَ أفلاطون بأنه في دولته المثالية يجب حظر قراءة هوميروس لأنها كانت غير أخلاقية. من الواضح أنه كان هناك أُناس من بين الطبقة الأرستقراطية العشائرية-القَبَلية من الذين ألّفوا الأشعار والأغاني، كانوا ينتقدون الآلهة والأساطير المتعلقة بها في وقتٍ مُبكرٍ من القرن التاسع الى القرن الثامن قبل الميلاد. تطوّرَ التفكير الحر في الفترة الكلاسيكية. كانت مسرحية اسخيليوس (بروميثيوس مُقيداً) التي يصوّر فيها زيوس على أنه طاغية وحشي وظالم على عكس بروميثيوس الانسان النبيل، مُعاديةً للدين في أساسها. تم تصوير الآلهة أيضاً في مسرحيات يوريبيديس Euripides التراجيدية بشكلٍ غير لائق: هيرا وأبوللو وأفرودايت وآلهة أُخرى قتلت الأبرياء اما بسبب كراهيتهم لهم أو بسبب مخططات شريرة. حتى أن يوريبيديس ذهب الى حد انكار وجود الآلهة. على سبيل المثال مسرحيته التراجيدية (Bellerophontes)، طار البطل الى السماء ليكتشف اذا ما كان هناك أية آلهة بالفعل. بعد أن رأى أن العنف والخداع يسودان على الأرض خَلُصَ الى أنه لا توجد آلهة على الاطلاق وأن كل ما يُقال عنها مُجرد خيال. تجلّى التفكير الحر بقوة في الفلسفة. حتى الأنظمة الفلسفية المُبكرة كانت في الأساس انكاراً للدين. رأي فلاسفة الطبيعة الأيونيين أساس وبداية العالم في مادة أبدية الحركة (الماء والهواء والنار). ان المدرسة الأيلية بمذهبها القائل بأن الوجود كان أزلياً، تُمثّل مفهوماً عقلانياً عن الكون على النقيض من المفاهيم الدينية الفلسفية. سَخِرَ زينوفان، مؤسس هذه المدرسة، من تناقض فكرة الآلهة. ومع ذلك، كان يؤمن باله ذو كيانٍ واحد. طوّرَ امبيدوكليس نظريةً ماديةً ساذجة حول 4 عناصر وقدّمَ أول مُخطط للنظرية التطورية لأصل الكائنات الحية. تطوّرَت نظرية اناكسغوروس الذرية حول الكون لاحقاً على يد الماديين مثل ليوكيبوس Leucippus وديموقريطس Democritus. عَلِمَ اناكساغوروس أن الشمس كانت كُتلةً حارة وملتهبة وأنها ليست الهاً. وتم طرده من أثينا بسبب الحاده. كما قوّضَ السفسطائيون بقيادة بروتاغوروس وجورجياس أُسس الفكر الديني من خلال نظريتهم المعرفية النسبية التي تؤكد أن "الانسان هو مقياس كل شيء". لقد وجّهَ أرسطو العظيم، على الرغم من عدم اتساقه، ضربةً أقوى للدين. واصلت مدرسة أبيقور، في العصر الهيلينستي أفضل تقاليد المادية الكلاسيكية وأعطتها شكلاً أكثر اكتمالاً. لم يتخلص أبيقور من الآلهة تماماً، لكنه طردهم من العالم ومنعهم من التدخّل في شئون الناس. سَخِرَ شاعر العصور القديمة الكبير لوسيان الساموساطي Lucian of Samosata (القرن الثاني الميلادي)، سَخِرَ بلا رحمة من الآلهة، وأظهر بوضوح عبثية القصص الأسطورية عنها. ومع ذلك، فقد استمر الدين اليوناني حتى انتصار المسيحية في الامبراطورية الرومانية. يُمكن العثور على عناصر من الدين اليوناني في الديانة المسيحية.
أ- اللغة الأركادية هي لغة منطقة تُسمى بـ"كاريا" Caria، وهي منطقة تقع في غرب الأناضول. ب- سيزيف، هو شخصية اسطورية أغضب اله الموت، فعاقبه زيوس بأن يحمل صخرةً من أسفل الجبل الى قمته، فاذا وصل القمة تتدحرج الى الوادي، ومن ثم يعود ويُعيد الكرة، هكذا الى الأبد. جـ- وهو شخصية من الأساطير اليونانية، كان ملكاً شريراً. عاقبه زيوس أن يشعر بالعطش والجوع الى الأبد، حيث وُضِعَ في بركة من الماء وفوقه أغصان متدلية من الفاكهة يستطيع الوصول اليها، ولكنه لا يحصل عليها، وكلما أراد ان يشرب من البركة انحسر الماء منها. د- كُنّ بنات داناوس الخمسين. وكان من المفترض عليهن أن يتزوجن ابناء عمهن ايجيبتوس الخمسين. قامت 49 فتاة منهن بقتل أزواجهن، وحُكِمَ عليهن بحمل الماء لملئ وعاء كبير مثقوب من أسفله. هـ- بنات الملك مينياس ملك اورخومينوس، احتقرن طقوس الآلهة، وكعقوبة لهن تحوّلن الى خفافيش. و- وهو ابن اله النهر كفيسوس، كان شاباً جميلاً جداً ومغروراً وأنانياً، تحوّل الى زهرة (النرجس). عَكَسَت هذه الأسطورة أيضاً الحب اللامبالي، والأنانية. ز- في الأساطير اليونانية، كان هياسينث أميراً أو الهاً سبارطياً جميلاً ومُحباً للاله أبوللو. ذات يوم كان هو وأبوللو يلعبون لعبة رمي القرص ويتنافسون على ذلك. رمى أبوللو القرص أولاً بقوةٍ كبيرةٍ جداً لدرجة أن القرص اخترق الغيوم في السماء. ركض هياسينث ليمسك به ويُثير اعجاب أبوللو، ولكن عندما اصطدم القرص بالأرض ارتد الى الخلف وضرب رأسه وأصابه بجروحٍ قاتلة. حاول أبوللو أن يُنقذه، ولكنه لم يستطع. عندما مات هياسينث بكى أبوللو لائماً نفسه. خَلَقَ أبوللو زهرة (الياقوتية) من دم هياسينث ونقش على بتلاتها كلمة "ياللحسرة". حـ- تقدم الأسطورة أبولو كإله للرماية والطب والموسيقى والفن والشعر اليوناني وعُرِف عن أبولو أنه كان محاربًا بارعاً. وقد نشب نزاع بين أبولو الذي نصب نفسه كإله للرماية مع إله الحب ، كيوبيد. والأخير كان يعتقد أنه وحده من ينبغي أن يكون إلهاً للرماية ، بسبب مهارته الفائقة مع القوس والسهم. تذكر الأسطورة ، بأن أبولو يهين كيوبيد ، الذي عاد لاحقًا لينتقم من أبولو وكان مسلحًا بسهمين: أحدهما مصنوع من الذهب ويلهم الحب والآخر مصنوع من الرصاص ويلهم الكراهية. يقوم كيوبيد بإصابة أبولو بالسهام الذهبية مما يجعله يقع في حب حورية النهر التي تسمى دافني. و يطلق على دافني سهم الرصاص مما يجعلها تكره أبولو. على الرغم من كراهية دافني له، لم يتلاشى حب أبولو ومحاولاته المستميتة لإقناعها بحبه، لكنها رفضته باستمرار وحاولت الهروب منه. في النهاية ، شفق كيوبيد على أبولو وتدخل لمساعدته على إقناع دافني ، بحب الإله أبولو الذي كان مرتبطًا بها عبر السهم الذهبي ولم يستطع تركها. ولشدة يأسها وفي محاولة لإنقاذ نفسها، دعت دافني والدها الإله بينيوس. "غيّر شكلي وأخرجني من هذه الورطة". رد بينيوس على نداءها فتغير شعرها إلى أوراق الشجر، وتبدلت سواعدها إلى أغصان وأقدامها إلى جذور تتشبث بالأرض فقد تحولت إلى شجرة غار نبيلة. وبالرغم من كل ذلك لم يتلاشى حب أبولو لدافني ودأب على زيارتها وحافظ على أوراقها فوق رأسه كاكليل. ط- تحدّت البشرية آراكني الالهة أثينا في مسابقة للنسج. عندما لم تجد أثينا أي عيوب في العمل الذي نسجته أراكني، غضبت وضربت الفتاة بأداة النسج خاصتها. بعد أن شنقت آراكني نفسها بدافع العار، تحوّلَت الى عنكبوت. على الأغلب، هذه الأسطورة كانت تعكس أجواء اخافة الناس من آلهتهم وابقائهم في منزلتهم، عن طريق تحذيرهم بأنه لا يجب عليهم وضع أنفسهم في مكانٍ مُساوٍ للآلهة. 1- Karl Marx, “Difference Between the Democritean and Epicurean Philosophy of Nature” in: Karl Marx, Frederick Engels,- Collected Works, Vol. 1, Progress Publishers, Moscow, 1975, p. 31 ي- وحدة التالانت، هو وحدة قياس قديمة لوزن للفضة. التالانت الواحد اليوناني يساوي 26 كيلوغرام من الفضة الخالصة.
ترجمة للفصل العشرون من كتاب: History of Religion, Sergei Tokarev, Translated From Russian To English by Paula Garb, Progress Publishers, Published 1986, Translated 1989. Chapter Twenty: Ancient Greek Religion
#مالك_ابوعليا (هاشتاغ)
Malik_Abu_Alia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة نزع الأيديولوجيا في الفلسفة
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (5)
-
تاريخ الدين: اليهودية
-
المفهوم اللينيني حول الآيديولوجيا العلمية ونُقّاده
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (4)
-
الآيديولوجيا كظاهرة للوعي الاجتماعي
-
تاريخ الدين: الدين في الشرق الأدنى
-
الدمج التاريخي-الثقافي عند الخوارزمي
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (3)
-
مسألة الحقيقة في الفلسفة الماركسية
-
سبارتاكوس في التأريخ السوفييتي
-
تاريخ الدين: الدين في مصر القديمة
-
ابن سينا في تاريخ ثقافة العالم
-
بمناسبة الذكرى الألفية لميلاد ابن سينا
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (2)
-
النشاط والوعي
-
تاريخ الدين: الدين عند الكلتيين القُدامى
-
المصادر التاريخية لأفكار كارل بوبر حول منطق العلم
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (1)
-
مُساهمة في مسألة مقولات المادية الدياليكتيكية
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|