آدم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 6859 - 2021 / 4 / 4 - 20:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نظرية المؤامرة , لماذا هي نظرية و ليست فرضية ... ؟
الفرضية قابلة للخطأ و الصواب , لكن اصحاب نظرية المؤامرة لا يريدونها هكذا , و انما حين يتحدثون بها فهم يَكونون في حالة من القناعة التامة و كأن هذه المؤامرة قد اجتازت مرحلة الافتراض و الأثبات بنجاح غير قابل للتشكيك .
المؤامرة هي فعل لقوة خفية غير ظاهرة للعيان , تتحرك هذه القوة بإرادة خفية ايضا .
من اين تستمد هذه القوة الخفية قوتها ... ؟
هذا ما لا يعرفه إلا قادة المؤامرة نفسها الذين يُخيل للبعض أنهم يجتمعون في غرف مغلقة , و هذه الغرف لا يُعرف لها مكان ...!
فمن خلال نتائج المؤامرة فقط يَعرف اصحاب نظرية المؤامرة أن هنالك مؤامرة ما قد حدثت ... !
منذ الحقبة الأولى التي اصبح فيها الأنسان كائنا معتقداتيا اخذ يرمي فشله و عدم قدرته للتعامل مع التحديات التي تواجهه على قوة غيبية تجعله ليس غير قادرا على مقاومتها فقط بل و راضخا لإرادتها ايضا .
خيوط نظرية المؤامرة الأولى نسجها العقل البشري منذ القدم , منذ أن تشكلت لديه بدايات القدرة على التفكير , فخلق الأنسان فكرة وجود قوة غيبية و جعل منها أول المتآمرين عليه .
القوة الغيبية صارت بالنسبة للإنسان المعتقداتي هي التي تتحكم بالأحداث دون ارادة منه , فصنع لها الأصنام ليعبدها و ليتقي غضبها , فكانت الأديان .
في كل مرة يفشل و يعجز فيها الأنسان المعتقداتي عن تفسير اسباب ما يجري من احداث يكون السبب هو مؤامرة تنفذها ارادة فوقية لا يمكن تجاوزها .
بالإضافة الى كل ذلك , فإن نظرية المؤامرة تجنب اصحابها ضرورة البحث عن الأسباب الموضوعية و الذاتية للأحداث التي تجري حولهم و التي لها تأثير مباشر عليهم أو تلك الأحداث البعيدة التي لها تأثير غير مباشر عليهم .
لقد كانت المعاناة الأولى للإنسان هي من قسوة الطبيعة و لأن الآلهة المعشعشة في عقل المعتقداتي هي المسيطرة على الطبيعة , صنع الأنسان الأصنام تجسيدا لألهته و عبدها و سيطرت عليه تلك النظرية الأولى لتآمر القوى الغيبية التي تقول له :
إن لم تعبدني و تقدم لي القرابين فسوف أتآمر عليك و ذلك من خلال غضب الطبيعة .
و هكذا كانت الآلهة هي المؤامرة الأولى التي ابتدعها الأنسان .
و حين يعجز الأنسان المعتقداتي في السيطرة على مجريات الأمور يشعر و كأن من يحرك الأحداث هي سلطة اعلى من قدراته , سلطة رسمت له الماضي و الحاضر و المستقبل و هو لا حول له و لا قوة .
منذ القدم رافقت نظرية المؤامرة مراحل الحياة المختلفة و اخذت اشكالا و صورا مختلفة مع اختلاف المكان و الزمان و الحالة التي عليها المجتمعات البشرية .
ابرز ابطال المؤامرة في العصر الحديث هم اعضاء في النخبة التي تجلس فوق ارادة الشعوب ... !! هكذا يقول من يؤمن بنظرية المؤامرة .
و حين يَردْ ذكر نظرية المؤامرة في زمننا هذا قد يأتي معها الى اذهان البعض منا , بشكل لا ارادي , الجوانب الغامضة للماسونية و للصهيونية العالمية و للدولة العميقة .
#آدم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟