في ذكرى هانز غيرد أوفينغر (يونيو 1955 – مارس 2021)
آلان وودز
2021 / 4 / 3 - 09:57
تلقيت للتو الخبر المحزن عن وفاة رفيقي وصديقي القديم، هانز غيرد أوفينغر. لقد كانت صدمة كبيرة لي وآخر شيء توقعت سماعه. كنت قد أرسلت إليه، منذ أسبوعين فقط، بريدا إلكترونيا عندما اكتشفت أنه وابنته روزا، قد أصيبا بفيروس كوفيد 19، فرد علي ليقول إنه يتعافى بشكل جيد وكان يتحرق للعودة إلى مواصلة عمله الثوري.
كان هذا ما كتبه:
«مرحبا آلان،
شكرا لك على التفكير فينا وعلى متمنياتك الطيبة وكلماتك المشجعة. حقا لقد كانت النتيجة الإيجابية قبل أسبوع بمثابة صدمة لنا جميعا في نهاية شتاء صعب. […]
علينا تركيز قوانا الآن على مكافحة الفيروس. وبعد التعافي سنعود بقوة لمواصلة بناء المنظمة.
سأقرأ [وثيقة] المنظورات العالمية بعناية وأتطلع بفارغ الصبر إلى الاجتماع التالي للجنة التنفيذية الأممية عبر الإنترنت. أعتقد أننا جميعا نتوق إلى اليوم الذي يمكننا فيه أن نلتقي مرة أخرى في تورينو وباردونيكيا، أو في أي مكان آخر».
لكن الآن مع الأسف لن نجتمع في أي مكان. لم يعد الرفيق هانز غيرد معنا، وقد ترك وراءه فراغا يصعب ملؤه.
وحسب ما علمته من رسالة موجزة توصلت بها من زوجته ورفيقته، ماريا كلارا، كانت ظروف وفاته مأساوية حقا. لقد بدا أنه بدأ يتعافى (كما قال لي في رسالته) وجاء الاختبار الأخير سلبيا. لكن اتضح أن ذلك غير صحيح.
ارتفعت درجة حرارته وواجه صعوبة في التنفس، ثم توفي صباح الجمعة. لقد شكلت وفاته صدمة أكبر لكونها كانت غير متوقعة على الإطلاق. إنها ضربة مروعة لماريا كلارا ولروزا، وكذلك لكل عضو من أعضاء الأممية.
قابلت هانز غيرد لأول مرة في السبعينيات، وهي فترة عاصفة من الصراع الطبقي على الصعيد الأممي، عندما انضم إلى ما كان يُعرف آنذاك باللجنة من أجل أممية عمالية (CWI) – المنظمة الأممية القديمة التي أسسها وألهمها المنظر البارز والقائد الثوري تيد غرانت.
كان ذلك عام 1974، عندما بدأ هانز، الذي كان ما يزال شابا، العمل في بناء الفرع الألماني للأممية.
أعلم أن تيد غرانت كان له تأثير قوي ودائم على الشاب هانز غيرد، وكان ذلك بمثابة ضوء إرشادي له بقية حياته. لقد كان هانز غيرد، مثله مثل تيد غرانت، يعطي أهمية كبرى للنظرية. كان لديه ذكاء خارق ومعرفة عميقة بالنظرية الماركسية. وكان ذلك بلا شك هو ما دعمه وحصنه خلال أصعب اللحظات.
وكشخص كنت أجده دائما إنسانيا وودودا ولطيفا. كان مستعدا دائما لإلقاء نكتة، وقد كانت إحدى النكات المفضلة لديه هي تعذيبنا خلال الاجتماعات الأممية بغنائه للأغنية الألمانية القديمة Oh Du Lieber Augustin، والتي كان يغنيها بحماس بأسلوبه المفتقر للموهبة الموسيقية.
عندما حدث الانشقاق عام 1992، لم يتردد هانز غيرد ولو للحظة واحدة. لقد انحاز على الفور إلى جانب تيد غرانت، على الرغم من أن ذلك كان يعني الانحياز إلى الأقلية. وحدهم الجبناء البؤساء والانتهازيون من يختبئون وراء الأغلبية.
كتب إنجلز: «كنا أنا وماركس أقلية طوال حياتنا، وكنا فخورين بأن نكون أقلية». ومثلهما، لم يكن هانز يخاف أبدا من أن يكون ضمن أقلية ويقاتل من أجل الأفكار التي يؤمن بها.
بعد ذلك قام بدور مهم جدا في بناء التيار الماركسي الأممي. لقد كان عملا شاقا في ظل ظروف معاكسة للغاية. معظم الكوادر القدماء في الفرع الألماني أصيبوا بالإحباط بسبب المؤامرات البيروقراطية التافية [نسبة إلى بيتر تاف]. لقد انسحبوا حتى قبل حدوث الانشقاق.
لكن هانز غيرد، جنبا إلى جنب مع رفيقته وشريكة حياته ماريا كلارا والرفيق كريستوف وعدد قليل من الرفاق الآخرين، استمروا بتصميم عنيد.
كان هذا التصميم الحديدي أحد أبرز سمات الرفيق هانز. قد يبدو ذلك، في بعض الأحيان، أنه مجرد عناد. لكن هذا العناد هو السمة الضرورية لأي ثوري حقيقي. إنه الخاصية التي تمكننا من الاستمرار، بغض النظر عن كل الصعوبات والعقبات.
وهذا ما فعله هانز غيرد، لقد واصل الكفاح وأبقى الراية مرفرفة في السراء والضراء. أتذكر أن هذه هي الوصية التي اعتاد تيد أن يقولها دائما عند توديعه لرفيق له: «حافظ على الراية الحمراء مرفرفة».
وقد فعل الرفيق هانز غيرد ذلك بشكل صحيح حتى النهاية.
وبفضله أصبح للتيار الماركسي الأممي اليوم فرع ألماني مزدهر، يتألف من جيل جديد من المناضلين العماليين الثوريين الشباب. نحن متيقنون من أنهم سيواصلون الكفاح الذي بدأه هانز غيرد منذ سنوات عديدة، وأن الإلهام الذي قدمه لهم سيمكنهم من الاستمرار في النضال حتى النهاية.
هناك أشياء أخرى كثيرة أود أن أقولها عن هذا الرجل الرائع. لكني سأترك الكلمات الأخيرة لقصيدة ذات نهاية قوية بقيت عالقة في ذهني منذ أيام الدراسة، لكنني لم أكن قادرا على العثور عليها أو تذكر من كان صاحبها حتى أخبرني هانز غيرد، في أحد الأيام، أنه وجدها أخيرا. لطالما اعتقدت أن اسمها “Die Fechter” (المبارزون)، لكنني كنت مخطئا. إنها من تأليف الشاعر الألماني العظيم، جوزيف. ف. فون إيشندورف وتسمى “Trost”، وتعني تعزية. وتنتهي بالكلمات التالية:
Im Walde da liegt verfallen
Der alten Helden Haus,
Doch aus den Thoren und Hallen
Bricht jährlich der Frühling aus.
Und wo immer müde Fechter
Sinken im muthigen Strauß,
Es kommen frische Geschlechter
Und fechten es ehrlich aus.
في الغابة يوجد هناك
بيت متداع للأبطال القدامى،
لكن من خلال بواباته وقاعاته القديمة
يأتي الربيع كل عام كما هو متوقع.
وكلما سقط مقاتلان
مرهقان مستنزفان،
ستأتي دائما أجيال جديدة،
ستخوض حتى نهاية القتال العظيم.
أحر تحياتنا وحبنا وتضامننا مع ماريا كلارا وروزا. اعلما أن كل عضو من أعضاء الأممية يقف إلى جانبكما في هذه اللحظات المأساوية.
آلان وودز، 27 مارس 2021
ترجم عن الانجليزية:
In memory of Hans-Gerd Öfinger (June 1955 – March 2021)