أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحمرة الفاقعة














المزيد.....

الحمرة الفاقعة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 6855 - 2021 / 3 / 31 - 02:06
المحور: الادب والفن
    


اكتشفتُ أن زوجي يخونني بعد سبع سنوات من الزواج.
كنتُ أما لمايا ذات الخمس سنوات، وسالم ذي الثلاث سنوات ورائد الذي لم يبلغ من العمر أكثر من سنة، وزوجة لسائد، الطبيب الجراح الذي تزوّجته بعد قصّة حب كبير، وتلهّف واشتياق وتنازلات.
كنتُ معلّمة للغة العربية حاصلة على اللقب الأوّل من جامعة حيفا منذ عشر سنوات، وعلى اللقب الثاني منذ سبع سنوات، أعمل ربّة منزل ومربية أطفال، بعد أن تركتُ العمل اضطرارا منذ خمس سنوات.
كان الاكتشاف مرعبا، لم يكن لا على البال ولا على الخاطر. كيف؟ وقد تنازلتُ عن كلّ شيء من أجله، رضيتُ بحبّه ولم أطلب سوى رضاه. ذلك الرجل الوحيد الذي أحببته وظننتُ أنه يحبني وأنني محظوظة بحبه الذي سيدوم طوال العمر.
حدث الأمر مصادفة، إذ كنتُ أرتّب مكتبه في البيت، وقعت عيناي على وريقة تحت ملفاته.

«لاقيني بكرا حد البوابة الخضرا في الجنينة الساعة خمسة ونص».

كنت أعرف تماما تلك البوابة. لم توجد في مدينتنا أكثر من بوابة خضراء واحدة في جنينة. ثم إنها لم تكن غريبة عني وعنه. ياما التقينا هناك أنا وهو قبل سنوات، قبل زواجنا، مثلما تطلب منه الآن تلك المرأة الأخرى... المجهولة.
لا بد أنها إمرأة.
كيف أعرف؟ حدسي لا يخطئ.
كانت الساعة التاسعة صباحًا وكان عليّ الانتظار ثماني ساعات ونصف حتى أكتشف من هي تلك المرأة الأخرى.
داهمتني والأفكار. ترى، من تكون؟ هل هي زميلة من زميلاته؟ إنه يعمل ساعات طويلة في المستشفى، يكون معهن أكثر مما يكون معي! معي ومع أولادنا.
هل هي شقراء؟ بيضاء؟ طويلة؟ نحيفة؟ ناهدة؟ فاتنة؟
يا لغباء الرجال! كيف يسهل على المرأة أن تسحر مثل هذا الطبيب الجرّاح الذي حظي بكل ما أراد وطلب؟! والله لم أنقِص عليه شيئا لا يوما ولا لحظة.
ماذا يريد بعد؟
أراد أن أترك عائلتي لأتزوّجه... تركتهم.
أراد أن أترك عملي لأتفرّغ له... تركته.
ولو أراد أن أحضر له القمر لأحضرتُه.
أهكذا يكافئني؟! بهذه البساطة يدوس على حبّنا ويختار تلك المرأة الأخرى، الحمقاء، متجاهلا أولاده، أولادنا، وبيته، بيتنا، ومشاعر زوجته، مشاعري؟!
ذهبتُ إلى تلك البوّابة الخضراء منذ الخامسة تماما، واختبأتُ وراء الشجيرات. جلستُ أراقب المكان، أتأمّل البوّابة وأنتظر.
مرّت الدقائق بطيئة، ثقيلة. ترى، كيف تبدو المرأة الأخرى؟ لا بد أنها ممشوقة القامة، نحيفة الجسم، ذات شعر أشقر طويل، ملوّنة الشفاه بالحمرة الفاقعة. هذه هي المرأة التي يحبّها سائد. أنا أعرفه من زمان، أعرفه تمامًا، لكني لم أكن أعرف إلى أيّ حد تصل حماقته حتى يتجرّأ ويخونني بعد كل ما فعلته من أجله، وكل ما مرّ بنا من فرح، وترح وأمل وخيبة. عشر سنوات مرّت كالخيال، سبع سنوات من الزواج وثلاث سنوات من المعرفة قبل الزواج.
أهكذا يفعل بي؟؟ أهكذا يرمي كلّ شيء وراءه دون أي اعتبار؟؟
الخامسة وعشرون دقيقة.
ها هو سائد قد وصل، يقف عند البوّابة الخضراء، يتأمّل ساعته بقلق. يتحرّك بعصبيّة.
لماذا لا أخرج إليه وأفاجئه؟ لماذا لا أمنع هذا اللقاء بأيّ ثمن؟ لماذا أراقب ما يحدث دون أن أحرّك ساكنا؟ عليّ أن أمنع المرأة الأخرى من الوصول إليه والاستحواذ عليه. لكن، كيف؟؟
الساعة الخامسة والنصف.
ما زال سائد واقفًا هناك وحده. يتأمّل حوله. ترى، هل هو خائف من اللقاء؟ هل يشعر بتأنيب الضّمير؟ هل يفكّر بي؟ بأولاده؟ أم لا يشعر بشيء سوى تلك المرأة الأخرى، الخبيثة؟
تأخّرت المرأة وهو ما يزال ينتظرها، وأنا أنتظرها بفارغ الصّبر مثله تمامًا! وربما أكثر!
ماذا سيفعل حين تصل؟ هل سيأخذها في حضنه؟ يخبّئها في صدره؟ يدفئها بحبّه؟
هل سيقبّلها؟
وأنا، ماذا سأفعل وأنا أرى ذلك؟ وماذا سأفعل بعد أن أكتشف الخيانة؟ هل سأهجره وأطلب الطلاق؟ وماذا عن الأولاد؟ مع من سيكونون؟ وأنا، أين سأسكن؟ هل أعود إلى أهلي بعد أن عصيتُهم وتركتُهم من أجل هذا الزواج؟ كيف سأعيش؟ هل أعود إلى العمل مرة أخرى؟ هل سأحبّ مرة أخرى؟ وأتزوّج مرة أخرى؟ وماذا مع الأولاد؟ أين سيكون موقعهم بيننا؟
فجأة... شعرتُ بحماقتي.
قمتُ من مكاني وتركتُ المكان.
هرعتُ إلى أقرب محل واشتريتُ صبغة للشعر الأشقر وحمرة فاقعة... وعدتُ إلى البيت.
(كفر كما/ الجليل الأسفل)



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة الأخرى
- «حياة جديدة» إصدار جديد للكاتبة حوا بطواش
- «ذات الشعر الأحمر» استكشاف للعلاقة الصراعية بين الآباء والأب ...
- سألتزم الصمت
- «بورتريه» الحب وتقلّبات الزمن
- المجهود، القدر والقطة سوشي
- «العميد» مأساة اللاجئين في المخيمات السورية
- أمل بلا نهاية
- شخصيات كرهتها في مسلسلات رمضان
- اختيار
- وقفة مع الذات
- «مسافة أمان» مساحة من الفرح والعذاب
- رسائل ليست كالرسائل
- ثمن الاختيار
- أحبّك اليوم
- التغيير واللغة
- أحيانا أريد أن تذهب
- كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 2
- كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 1
- الصّراحة جارحة


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - الحمرة الفاقعة