الشيوعية الجديدة - مناقشة تمهيدية
آسو كمال
2021 / 3 / 18 - 17:36
االشيوعية الجديدة
البحث عن الحزب والدولة ومشاكل الشيوعية المعاصرة
المؤلف: اسو كمال
لفصل الاول
مناقشة تمهيدية
يسعى هذا الكتاب إلى شرح جذور الأزمة السياسية والأيديولوجية التي شهدتها الشيوعية المعاصرة، أي الشيوعية ما بعد السوفييتية والفترة الأخيرة من الحرب الباردة، حيث كان النصف الشرقي تحت مسمى الاشتراكي والجزء الغربي تحت مسمى الليبرالي الديمقراطي. الشيوعية هي حركة مرت بقرنين من النظرية والتطبيق، لكنها تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة تقديم نفسها بالطريقة النظرية والعملية في عصرها. لأن الشيوعية لم تكن قط مجزأة، هامشیة، ومعزولة كما هي عليه الآن.
وفي الوقت ذاته، لم تنمُ الانقسامات الطبقية أبدًا وبلغت ذروتها بقدر التاريخ المعاصر، ولم تتراكم الثروة من قبل قلة من الناس، بحيث يمتلك 1٪ من الطبقة الرأسمالية 45٪ من الثروة والدخل في العالم *1. تزيد وتیرة المركزة لرأس المال في عام 2030، فإن 1٪ من البرجوازية ستحصل على 2.3٪ من دخل المجتمع البشري. *2
غالبًا ما تُرى الانقسامات الطبقية على شكل ثورات وانفجارات جماعية، مثل الربيع العربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أو في مواجهة أزمات الملكية مثل اليونان وإسبانيا، أو في شكل غضب السترات الصفر في الشوارع في فرنسا، وهلم جرا. حرب العمال والطبقات ذات الدخل المنخفض مع الحكومة الديكتاتورية والنيوليبرالية والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
لقد خلقت مرحلة التطور الرأسمالي طبقة عاملة عالمية، لها أسلوب حياة ونضال معولم ضد النظام الرأسمالي العالمي. إذا كانت الشيوعية هي الجزء المثقف للطبقة العاملة، بناءً على الحقائق المذكورة أعلاه، فيجب أن تكون الآن قوة عالمية وأغلبية ورائدة ومنظّمة لهذا الصراع الطبقي الذي يدور في العالم. لكن في الواقع، لم تشترك شيوعيتنا المعاصرة في هذه الادوار حتى الآن، وبالتالي فهي ليست في طليعة هذا الصراع الطبقي، وهي تصارع مشاكل تتعلق بالماضي أكثر منها بالاحتياجات المعاصرة. حيث تنقسم الشيوعية إلى تيارات وأحزاب مختلفة من الماركسية ، الماركسية اللينينية ، التروتسكية ، الستالينية ، الماوية ، مناهضة الرأسمالية والحكمتية ، الاشتراكيين الديمقراطيين والنقابيين إلخ ... لكل منها عشرات المجموعات والفئات الأخرى مثل الكنائس عندما انشق عنها الكاثوليك والبروتستانت، والشيعة والسنة. صفوف الطبقة العاملة مبعثرة بالطريقة نفسها، والنقابات العمالية والنقابة العمالية والتنظيم العمالي الجماهيري، على الرغم من نشاطها ، فهي في خنادق الحماية الذاتية، وفي أماكن أخرى كثيرة إما ممنوعة. أو غير قانونية أو لم يتم تشكيلها. هذا النضال "العفوي" لثورة الشارع والانفجارات الجماهيرية لم يتخذ بعد شكلاً تنظيميًا نشطًا بحيث يمكن تنظيمه على المستوى البديل للسلطة البرجوازية، على المستوى المحلي ومستوى الدولة وعلى المستوى العالمي.
هذه الأزمة هي نتيجة ظاهرتين مختلفتين.
أولهما، الفشل في نموذج وبديل اشتراكي نشأ مع ثورة أكتوبر الروسیة، وعدم وجود نقد نظري وسياسي لفشل هذە التجربة، يمكن اعتباره درس من تجارب ثورات الطبقة العاملة السابقة.
ثانيًا، لم يكن هناك بديل شيوعي واضح للطريقة التي تم بها تنظيم الحزب وجماهیر العمال، والبرنامج السياسي والاقتصادي الذي اعتمد على تغيير الرأسمالية في القرن الحادي والعشرين. بديل يجعل المجتمع الشيوعي متميزًا وربما يصبح شعارًا وبرنامجًا عمليًا في الحركة العمالية.
وفق هذا التحليل، نجد هناك مفهومين وأداتين هما أهم جزء يمكن استخدامه لتفسير أسباب ضعف وأزمة الشيوعية.
أولا الحزب والثاني الدولة.
تلعب هاتان الأداتان السياسيتان دورًا حاسمًا في الثورة والتغييرات التي يمكن للطبقة العاملة من خلالها إحداث ثورة في المجتمع الرأسمالي.
ما هو الدور الذي يلعبه المفهوم الشعبي للحزب الشيوعي والحكومة؛ في أزمة الشيوعية؟
لماذا يرتبط التعلم من التجارب السابقة بالتغلب على النموذج المشترك للحزب والدولة؟
ما هو مكان الحزب والدولة في النظرة الشيوعية للعالم وتقديم مبادئ المجتمع البشري المستقبلي؟
هل الحزب الشيوعي هو حزب النخبة الانفصالية و "زعيم" يحدد حدود المنظمة، أم أنه حزب جماهیري من الطبقة العاملة يتجلى في مجالات مختلفة وبأشكال مختلفة؟
هل الدولة العمالية هي نفسها دولة الحزب الواحد وغياب الحرية السياسية التي كانت موجودة في الاتحاد السوفيتي والكتلة التي تسمى المعسكر الاشتراكي، أم أنها دولة شعبية مؤقتة مرتبطة بالحرية السياسية، وخطواتها؟
حل نفسها بعد زوال خطر الطبقة البرجوازية، هل تلغي تدريجياً أجهزتها فوق الشعبية وبيروقراطيتها؟
هذه وعشرات من الأسئلة الأخرى التي يجب على الشيوعية المعاصرة أن تجيب عليها اليوم من أجل تقديم صورتها السياسية وأيديولوجيتها باعتبارها القسم المثقف من الطبقة العاملة، والتي يمكن أن تأخذ بيد هذه الطبقة وتنظمها، بمواجهة هيمنة الطبقة البرجوازية وسيادتها السياسية، الاقتصادي والاجتماعي وكذلك عرض جميع أوجه الاختلافات معها.
كما أنه ينتقد صراحة جميع أوجه القصور في الماضي بحيث "انها تطرح عدوها ارضا لا لشيء الا لیتمکن من ان یستمد قوة جدیدة من الارض و ینهض ثانیة امامها و هو اشد عتوا، و تنکص المرة تلو المرة امام ما تتصف بە اهدافها من ضخامة غیر واضحة المعالم ، و ذلک الی ان ینشأ وضع جدید یجعل اي رجوع الی الوراء مستحیلا " *3، على حد تعبير ماركس.
في هذا المقال نناقش تاريخ ظهور هذه الأدوات والمفاهيم والمشاكل والخلافات داخل الحركة الشيوعية حول الحزب والدولة. ثم ننتقد التصورات والأشكال التي تسببت الآن في الأزمة وأعاقت تطور الحركة الطبقية للعمالية وصعود العمال إلى السلطة وخلق مجتمع غير طبقي واستغلالي.
من ناحية أخرى، فإن الحزب وعلاقته بالطبقة العاملة والمجتمع الشيوعي، والحزب كمثال للحكومة العمالية المؤقتة، والحزب والثورة العمالية، والحزب والتنظيم الجماهیري، وعنصر الصحوة والحركة الجماهیرية العفوية، ومفهوم النخبة والشعب نناقش الحزب والحزب العمالي والمشكلة الفرقیة والبيروقراطية والمركزية الديمقراطية ومركز وآلية صنع القرار وما إلى ذلك.
من ناحية أخرى، فإن سلطة الدولة والحزب وسلطة المجلس، وديكتاتورية الحزب وديكتاتورية الطبقة العاملة، والحرية السياسية ونظام الحكم، والفرق بين إنشاء أو إلغاء جهاز الدولة، والاقتصاد الشيوعي والدولة، والبرلمان و المجلس والانتخابات وتحديد موظفي الحكومة ندرس الدولة والبيروقراطية، والحكم الذاتي وجهاز الدولة، وأسس إلغاء الدولة، والمجتمع الشيوعي والفكر الشيوعي، والمجتمع البشري، وهكذا.
*1”Global inequality,”: https//inequality.org/facts/global-inequality
*2 https://www.theguardian.com/business/2018/apr/07/global-inequality-tipping-point-2030
*3 الثامن عشر من برومیر لویس بونابرت ل ١٤٣،مارکس انجلس ،مخارات، الدار التقدم