تحليل أسباب الأزمة التي تعاني منها الحركة النقابية الفلسطينية في الأراضي المحتلة
جهاد عقل
2021 / 2 / 6 - 14:34
عَقد الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين مؤتمره السادس أيام 27-28 كانون ثاني 2021 في قاعة "الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية" في مدينة أريحا والتي تغير اسمها لاحقًا ليكون "جامعة الاستقلال" والتي "تختص لوحدها ودون المؤسسات الجامعية في فلسطين بالتعليم العالي في مجال العلوم الأمنية والعسكرية والشرطية، لتكون بذلك رافدًا أساسيًا للمؤسسة الأمنية الفلسطينية" كما جاء في "نبذة عن الجامعة" بموقعها الالكتروني.
لقد أثار انعقاد هذا المؤتمر النقابي في قاعة مؤسسة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية حفيظة وغضب العديد من النقابيين والباحثين والحقوقيين، ومنهم من اعتبر ذلك هو "خضوع قيادة الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين للمؤسسة الحاكمة وأذرعها الأمنية، وتنازل عن استقلالية الاتحاد النقابي"، وأشار البعض منهم الى أنَّ هذا التراجع كان بداية في المؤتمر الخامس للاتحاد، لكن المؤتمر السادس اعتبره أحد النقابيين "تدهورًا خطيرًا في الحركة النقابية ومكانتها". لكننا وبعد هذه المقدمة القصيرة نتناول هنا بحثًا أكاديميًا هامًا، تطرّق إلى حقيقة هذا التدهور في مكانة واستقلالية الحركة النقابية الفلسطينية في الأراضي المحتلة وضمن السلطة الفلسطينية والتي تشير إلى حقائق تتعلق بتراجع مكانة النقابات الفلسطينية، بل وسيطرة أجهزة السلطة عليها وفقدان استقلاليتها في ظل فقدان قاعدة عمالية مرتبطة بها وتحميها، وعليه سنعود للتطرق للمؤتمر السادس في مقال آخر وطرح مختلف الآراء بخصوصه.
//بحث يُشَخص واقع الحركة النقابية الفلسطينية اليوم
تحت عنوان "الحركة العمالية والنقابية والبحث عن العدالة الاجتماعية في فلسطين -دراسة حالة" أجراه الباحثان أيمن عبد المجيد (باحث ومنسق وحدة المسوح مركز دراسات التنمية، جامعة بير زيت) ورانيا أبو غبوش (باحثة إحصائية واقتصادية)، صدرت الدراسة عن "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" و"معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة" في الجامعة الأمريكية ببيروت.
محتويات البحث فيها: "ملخص تنفيذي"، القسم الأول: "تأطير الدراسة في سياق منهجي ومفاهيمي"، القسم الثاني: "المؤشرات الاقتصادية وسوق العمل الفلسطيني"، القسم الثالث: "الحركة النقابية والعمالية في فلسطين"، القسم الرابع: "النتائج والتوصيات والاستنتاجات الرئيسية والمراجع".
ما يلفت الانتباه في هذا البحث هو تشخيص دقيق لحال الواقع النقابي الفلسطيني والتراجع الكبير في الدور النضالي للحركة النقابية الفلسطينية التي كانت في طليعة النضال المطلبي والوطني منذ تأسيسها قبل قرن من الزمن، بالرغم من حالة التشتت التي أصابتها بعد النكبة وما لحقها من حروب واحتلال في العام 1967، ونهوضها دائمًا من هذه الأزمات لتقود الطبقة العاملة في مسيرة نضالية كفاحية، حافظت خلالها على استقلاليتها، وديمقراطيتها (مثل إجراء انتخابات نقابية في غزة في سبعينيات القرن الماضي رغم صدور أمر عسكري إسرائيلي بمنع اجراء الانتخابات النقابية) والوقوف في طليعة النضال الوطني.
//اتفاق عمان لتوحيد الحركة النقابية والتمثيل الفصائلي
يستعرض البحث مختلف القضايا والعقبات التي تواجه الحركة النقابية عامة، وتم إجراء استبيان ميداني حول علاقة القاعدة العمالية بالحركة النقابية وقيادتها وإذا كانت منظمة فعلاً، ومعضلة التراجع في دور الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الذي يعتبر الإطار النقابي الوحدوي الأكبر بعد توقيع اتفاقية عمان بتاريخ 24/1/1994 باشتراك جميع الكتل السياسية الوطنية/ النقابية، بما فيها كتل اليسار. كان لهذا الاتحاد دور نضالي هام في مراحل سابقة، إلا أنه ومنذ قيام سلطة مكافحة الفساد بالكشف عن خروقات مالية، أدت الى إبعاد عدد من قادته النقابيين، وأبقت على أمينه العام، هناك من يعتقد من النقابيين المخضرمين من قوى اليسار خاصة، بأن السلطة الفلسطينية "وضعت يدها" عليه – أي الاتحاد، وهذا ما يتوصل اليه الباحثان في استنتاجات بحثهما والتي سننقل معظمها لأهميتها، حيث يؤكدان على ظاهرة الترهل البيروقراطي التي سيطرت على مختلف قياداته، وخضوعها لأجهزة السلطة الفلسطينية الحاكمة، وفي هذا الخصوص يستخلص الباحثان وبعد طرح وتحليل مختلف القضايا التي تواجهه الحركة النقابية الفلسطينية ما يلي:
"يتضح مما سبق، أن هناك ممارسات ومضايقات واضحة على حرية العمل النقابي، حيث ترى الحكومة وأجهزتها الأمنية أن المساس بالخطوط التي رسمتها الحكومة والسلطة ستجابه بالقمع. وبات هذا واضحا في كيفية التعامل مع إضراب المعلمين، ونضالات نقابة الموظفين العموميين، والحراك الخاص بقانون الضمان الاجتماعي، وتجميد أموال وإغلاق حسابات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، في حين تغيب المهنية والقوة القانونية الرادعة لدى النقابات ضد القمع الممارس عليها، ودخولها في مفاوضات ضعيفة لا تتسم بالقوة مع الحكومة، وما يثير التساؤل هو ما إذا كانت بوليسية الدولة وضعف الحركة النقابية والقوى العمالية الضاغطة، وضياع حقوق العاملين، وغياب العدالة، عوامل ستؤدي إلى مقاومة ضد مصادرة الحركات الديمقراطية، وتقوية النقابات لصفوفها؟ أم أنها ستزيد من الصراع القائم وقناعة الدولة بنجاعة أسلوب القمع وتراجع العمل النقابي، ليعيش أزمة جديدة أكثر من أزماته القائمة؟" هذا الاستخلاص يؤكد ما سمعناه من عدد من النقابيين بخصوص الأزمة التي تعيشها الحركة النقابية الفلسطينية.
//قيادة نقابية بعيدة عن القاعدة العمالية
أما بخصوص ابتعاد القيادات النقابية عن القاعدة العمالية وعدم وجود بيانات مسجلة بعدد الأعضاء لديها وحجم تسديدات رسوم العضوية جاء ما يلي: "عند نقاش معلومات حول القاعدة النقابية ودورها مع القيادة النقابية، لمسنا الافتقار إلى القاعدة المعلوماتية والبيانية والإحصائية، سواء في عدد المنخرطين في عضوية الاتحادات النقابية، أو في حجم التسديدات المالية. وإن دل ذلك على شيء، إنما يدل على الوهم الذي تسوقه الحركة النقابية حول حجم العضوية فيها، وعلاقتها مع قواعدها النقابية، وحجم التزامها بالنضال المطلبي مع قاعدتها في الواقع العملي، حيث تم تزويد فريق البحث بأرقام مختلفة ضمن كل اجتماع، وهي نسب وأرقام تقديرية في غالبها".
ويقترح الباحثان علاج هذه الفجوة بـ: "أنه على الاتحادات والنقابات العمالية أن تثبت على أرض الواقع أنها تقدم للعاملين والعاملات ما يعزز الثقة بها من تحقيق للمطالب وحماية لحقوق الطبقة العاملة، الذي يشكل الأساس الرئيس وراء تشكل الأجسام النقابية المختلفة، بعيدا عن نخبوية العمل النقابي باتجاه جسر الفجوة بين القاعدة العمالية وقيادات العمل النقابي". خاصة وأنه كان للنقابات دور هام وتمثيل حقيقي للعمال يشير له الباحثان بكتابتهم ما يلي: "بعد تاريخ طويل من العمل النقابي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، من حيث الدور النقابي والسياسي والحقوقي والوطني الذي أدته النقابات، أخفقت في العقدين الماضيين» بعد أوسلو« في الحفاظ على مكانتها في صفوف الطبقة العاملة، حيث تراجعت النقابات تمثيليا بأجندتها، ونشأت فجوة في التفاف القاعدة النقابية حولها". عليها أن تتخلص من تبعات "أوسلو" التي أدت الى: "خلق كادر بشري وظيفي ضمن عمل مكتبي مترف ومترهل، بعيدا عن القاعدة العمالية".
//فقدان التمويل الذاتي والاعتماد على التمويل الدولي
"لقد خلق هذا النهج منظور عمل جديد في النقابات العمالية نحو التمويل الدولي، بعيدا عن الأجندة النقابية العمالية، وتداخل العمل النقابي مع عمل المجتمع الأهلي حيث أصبحت النقابات تقوم بما يجب أن تقوم بها المؤسسات الأهلية، والعكس صحيح، لتقوم بعض المؤسسات الأهلية بدور العمل النقابي. أحدث هذا أيضا حالة من الصراع على الموارد المالية بين الأجسام النقابية".
ويطالب الباحثان بموقف واضح بخصوص العلاقة مع الهستدروت من خلال سؤالهما كالتالي: "هناك سؤال مركزي ما زال شائكا، لم يجب عليه» الاتحاد النقابي المعني «، يتعلق بالعلاقات مع الهستدروت، وهي إشكالية تتمحور حول سؤالين رئيسيين: السؤال الأول مرتبط بقضايا التطبيع مع مؤسسة صهيونية، والسؤال الثاني مرتبط بنوعية السياسات والبرامج التي يتم العمل عليها من مستحقات العمال، والتي هي بالتأكيد حق عمالي أساسي".
أما بخصوص العلاقات النقابية الإقليمية والدولية وانعكاس ذلك على نشاطها وضرورة أن تنطلق تلك العلاقات من المصلحة النقابية الفلسطينية وليس عكس ذلك بالقول: "تنقسم النقابات في علاقاتها الأممية والإقليمية مع المنظمات والاتحادات المختلفة، بحيث تنعكس حالة الصراع الأممي والإقليمي على الحالة المحلية. ومن المعروف أن البعدين الدولي والإقليمي في النضال العمالي المشترك، يحتاجان إلى أجندة تنطلق من الحالة الوطنية الفلسطينية والنقابية، وليس من منظور الصراع في الإقليم والعالم، في ما يتعلق بالرؤى للقضايا العمالية، سواء كانت منطلقات منظمة العمل الدولية، أو الاتحادات الأخرى".
//السلطة الفلسطينية داعمة لرأس المال والمعادية للتنظيم النقابي الحر
أما على الصعيد المحلي والعلاقة مع الحكومة وواجب الحركة النقابية اتجاه السياسة التي تنتهجها السلطة الفلسطينية الداعمة لقوى رأس المال فعلى الحركة النقابية: "الضغط على الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق مطالب العمال، وتحسين ظروف العمل، والحد من البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجتمعية". ويضيف الباحثان عبد المجيد وابو غنوش بعدها ما يلي: "وإن دلت تلك المداخلات العمالية على شيء، فإنما تدل على أن الحركة النقابية بأزمتها القائمة حاليا بحاجة إلى العديد من تصويب الممارسات في حياتها الداخلية، وممارساتها في الحياة الاقتصادية الفلسطينية البنيوية، والمرتبطة بهيكلة الاقتصاد الفلسطيني ككل. وذلك من خلال البنية القانونية والحد من تغول الرأسمال المحلي، وسياسات الحكومة التي تناصر رأس المال من خلال خصخصة السوق، وترك المجال فيه للأقوى، وتشجيع الذود عن إنتاجية الاقتصاد الفلسطيني لصالح اقتصاد تبعي استهلاكي، غير قادر على التعاطي مع التحديات المختلفة التي تواجهها الحركة العمالية، سواء مشكلة البطالة كقضية بنيوية، وقضايا العدالة الاجتماعية، وتوفير بيئة عمل لائقة وحامية للحقوق، انطلاقا من منظور ديمقراطي في الحياة الداخلية ومطلبي يحافظ على حقوق العمال".
//ضرورة تغيير إستراتيجيات العمل النقابي
ويدعو الباحثان أيضاً الى القيام بـ: "تغيير استراتيجيات العمل في قضايا التوعية والضغط والمناصرة، وبناء قاعدة عمالية تكون ضاغطة وواعية ومسلحة بمفاهيم العدالة الاجتماعية والحقوق والمطالبة، وقادرة على قراءة خارطة الاقتصاد السياسي الفلسطيني والذي بدوره يفرض حالة بنيوية واضحة المعالم. وعليه، لا بد من الانتقال في التدريب والتوعية من التدريبات» الاستهلاكية «، إلى تدريبات إنتاجية تساهم في تعزيز العمل الجماعي التشاركي وتغيير حياة القاعدة العمالية".
والى أهمية ارتباط النقابات بالكادر العمالي بدون ذلك: "لن تثبت النقابات جدواها وفعاليتها والتفاف القاعدة حولها، من دون أن ينعكس تأثير عملها على الأرض. وعليه، يجب أن تكون برامجها وخطط عملها واقعية، ومحددة بجداول زمنية قابلة للتطبيق، والبعد عن الشعارات التي تقود عمل الحركة النقابية في المرحلة الحالية، وخاصة ما بعد» أوسلو «، وربط النقابات حياتها بالحكومة التنفيذية، وكثرة الخلافات وحدتها، وغياب التنسيق واللقاء على الحدود الدنيا للحركة النقابية".
وانتهاج السبيل النضالي في مواجهة الحكومة بالقيام بـ: "الضغط على الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق مطالب العمال، وتحسين ظروف العمل، والحد من البطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجتمعية".
وإن دلت تلك المداخلات العمالية على شيء، فإنما تدل على أن الحركة النقابية بأزمتها القائمة حاليا بحاجة إلى العديد من تصويب الممارسات في حياتها الداخلية، وممارساتها في الحياة الاقتصادية الفلسطينية البنيوية، والمرتبطة بهيكلة الاقتصاد الفلسطيني ككل. وذلك من خلال البنية القانونية والحد من تغول الرأسمال المحلي، وسياسات الحكومة التي تناصر رأس المال من خلال خصخصة السوق، وترك المجال فيه للأقوى، وتشجيع الذود عن إنتاجية الاقتصاد الفلسطيني لصالح اقتصاد تبعي استهلاكي، غير قادر على التعاطي مع التحديات المختلفة التي تواجهها الحركة العمالية، سواء مشكلة البطالة كقضية بنيوية، وقضايا العدالة الاجتماعية، وتوفير بيئة عمل لائقة وحامية للحقوق، انطلاقا من منظور ديمقراطي في الحياة الداخلية ومطلبي يحافظ على حقوق العمال".
//لا بد من معالجة المشاكل التنظيمية والبعد عن الشعارات
ويدعو الباحثان الى أهمية: "معالجة المشاكل التنظيمية والقانونية الداخلية، وتوثيق صلة الحركة النقابية مع قاعدتها العمالية، الأمر الذي يؤهلها للقيام بدور فعلي بنيوي في حياة الحركة العمالية في ظل غياب الأطر التشريعية، وضبابية واقع السلطة القضائية الخاصة بقضايا العمال، وفي ظل تمدد السلطة التنفيذية، الذي أدى بدوره إلى سلب الحقوق، وتمرد القطاع الخاص، وعدم رضوخه لأية مطالب نقابية/عمالية، بالإضافة إلى تعزيز الشعور لدى العمال بسهولة استبدالهم في ظل سوق فلسطينية صغيرة محددة، تشوبها الفوضى ونسب البطالة المرتفعة".
كما "لن تثبت النقابات جدواها وفعاليتها والتفاف القاعدة حولها، من دون أن ينعكس تأثير عملها على الأرض. وعليه، يجب أن تكون برامجها وخطط عملها واقعية، ومحددة بجداول زمنية قابلة للتطبيق، والبعد عن الشعارات التي تقود عمل الحركة النقابية في المرحلة الحالية، وخاصة ما بعد» أوسلو «، وربط النقابات حياتها بالحكومة التنفيذية، وكثرة الخلافات وحدتها، وغياب التنسيق واللقاء على الحدود الدنيا للحركة النقابية".
ولا بد من قيام التنظيم النقابي بخطوات لـ: "تعزيز الرقابة والمساءلة والمحاسبة داخل الأجسام النقابية على التجاوزات التي تطال أية إساءة أو استغلال للنفوذ بحق الطبقة العاملة، وتطوير النقابات لأنظمتها الداخلية ولمواقف أعضائها من القضايا الاجتماعية، وحكمها بالفعل لمنابر العضوية» والتوظيف «، من منظور الإيمان الفعلي والممارسة الحية لمفاهيم العدالة والحرية داخل التنظيم النقابي وخارجه.
لا بد من ميثاق شرف نقابي يحارب كل أشكال التمييز والفساد، يعزز الوصول إلى القاعدة النقابية، ويدعم مسلكيات التقبل والانخراط التشاركي، ويتصدى لكل أشكال التمييز على أساس العمر والجنس، ويكون بمثابة ميثاق شرف يمهد لحياة وبيئة نقابية تستجيب وتؤسس للعدالة الاجتماعية في الحالة الفلسطينية.
كذلك على النقابات أن تولي أهمية خاصة للقواعد العمالية، سواء تلك المنضوية في صفوفها أو تلك الخارجة عنها، والتي تقع ضمن المناطق الجغرافية المختلفة، والانتقال من المركز إلى الأطراف والهوامش، لتكوين حراك جماعي نقابي في حياة النقابات، من خلال برامج عمل مشتركة تساهم في خلق وعي فكري وأيديولوجي في العدالة الاجتماعية والمساواة وغيرها من القضايا الاجتماعية".
ولا بد من ضرورة وأهمية العمل من أجل التغيير: "البنيوي في عمل النقابات. جاء ذلك على حساب البرامج التي تؤسس لمنظومة العدالة الاجتماعية التي تنطلق من منظور تشاركي لتغيير واقع الطبقة العاملة. كما خلق الانقياد للتمويل الدولي ثقافة عمل تستند إلى ردود الأفعال والمصلحة الذاتية للنخب النقابية على حساب العمل التنظيمي المؤسس للعمل النقابي ولمصالح الطبقة العاملة.
ساهمت راهنية العمل النقابي العمالي الحالي في خلق كادر بشري وظيفي مترف ومترهل، من خلال مشاريع بعيدة عن مصالح واهتمامات القاعدة العمالية، مما أحدث تغيراً وترهلاً- يكاد يكون بنيويًا -في العمل النقابي الذي أصبح عملا يجاري» مؤسسات الأنجزة«(أي المؤسسات غير الحكومية) يرتبط بالتمويل الدولي. فرافقه تراجع في التمثيل النقابي والتفاف القاعدة العمالية حول تلك المؤسسات".
//لا بد من الدفاع عن مصالح الكادحين
"وعليه، خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات السياساتية التي شمل سياسات تلتصق بمنظومة مبادئ وقيم تقود عمل الاتحادات والحركة النقابية العمالية وترتبط بمبدأ العدالة الاجتماعية ومنظومة الحقوق، ومنظور الصمود والتمكن وتعزيز قيم الاستقلالية المالية، وتعزيز الديمقراطية الداخلية، والنهج التشاركي للعمل مع القاعدة العمالية. على أن يتم ربط السياسات ببرامج عمل تؤسس لعملية تغيير ذات صلة بمصالح القاعدة العمالية، وبتوزيع الأدوار وتعزيز الشراكة بين الأجسام والاتحادات النقابية، بعيدا عن التشتت والازدواجية في العمل. وذلك بهدف الوصول إلى تعزيز الثقة في العمل النقابي وتقويته، والمساهمة في خلق بيئة مستجيبة للعمل الجماعي التشاركي، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والانتخاب في العمل النقابي والتمثيلي، وتبني منظور يستند إلى العدالة الاجتماعية، ونضال موحد في محاربة التمييز والفقر والحد من البطالة لتغيير فعلي في حياة الطبقة العاملة والكادحين".
هذا بعض ما جاء في هذه الدراسة الهامة لأوضاع الحركة النقابية الفلسطينية اليوم، والتي نعتبرها كوثيقة تشخيص وإصلاح لحال الحركة النقابية الفلسطينية من أجل التخلص من أزمتها الراهنة خاصة سيطرة الجانب السلطوي عليها.