انتصار معركة عمال امانور نقطة ضوء في زمن الهزائم..
حسن أحراث
2021 / 2 / 4 - 02:42
انتصار معركة عمال امانور بطنجة وتطوان والرباط بعد ما يزيد عن عام من الصمود والتضحية والمقاومة أكبر من الانتصار في حد ذاته. انتصار هذه المعركة البطولية وفي هذه الظرفية الصعبة، ذاتيا وموضوعيا، من شأنه أن يعيد الثقة في النضال وفي العمل النقابي الكفاحي وفي المناضلين المبدئيين.. انتصار هذه المعركة انتصار لكل الطبقة العاملة ولكل المناضلين من مختلف مواقعهم السياسية والنقابية والجمعوية.. انتصار أحيا الأمل في درب النضال كوسيلة واحدة ووحيدة لانتزاع المكتسبات وفرض الحقوق واستشراف الأفق الثوري، وكآلية لمواجهة الآلة القمعية وإجرام النظام وزبانيته وحواريه من قوى سياسية رجعية، ومنها القوى الظلامية والشوفينية، وقيادات نقابية بيروقراطية وهيئات جمعوية متواطئة..
ليس هناك سر في انتصار هذه المعركة الاستثنائية بكل المقاييس. وإذا كانت هناك "أسرار"، فأولها إرادة العمال التي لا تقهر؛
وثاني هذه الأسرار وحدة العمال والمناضلين المرتبطين بالمعركة؛
وثالث هذه الأسرار عدالة قضية العمال واقتناعهم بحقوقهم المشروعة؛
ورابع هذه الأسرار وجود قيادة نقابية محلية مناضلة وحكيمة ومبدعة، قيادة منتخبة ديمقراطيا، قيادة رفضت كل الإغراءات والامتيازات وقاومت الضغوط والتهديدات وانحازت عن جدارة وبمبدئية وشموخ الى العمال؛
وخامس هذه الأسرار انخراط العائلات في المعركة واحتضانها لها، وهو ما يذكرنا بمعركة الغار، معركة عمال مناجم قطارة (قرب مدينة مراكش) ومعارك أخرى راسخة في الذاكرة العمالية والتجارب النضالية لشعبنا المبدع؛
وسادس هذه الأسرار دعم جنود الخفاء الذين لا يتخلفون تجاه معارك أبناء شعبنا من داخل السجون ومن خارجها؛
وسابع هذه الأسرار الدعم العمالي من داخل المغرب ومن خارجه، ومن داخل النقابات ومن خارجها؛
وثامن هذه الأسرار وجود إعلام بديل يعرف بالمعركة ويفضح المؤامرات التي تستهدفها، إعلام مناضل في مواجهة وسائل الإعلام المملوكة المتخصصة في التضليل والتشويش والطمس؛
وتاسع هذه الأسرار اعتبار المعركة معركة جميع المناضلين والقوى المناضلة من خارج إجماع النظام. فلا حق لأي جهة أن تدعي أنها وراء انتصار هذه المعركة. فإلى جانب صلابة العمال الخارقة وتضحياتهم وعائلاتهم، هناك بدون شك جهود المناضلين من مختلف مواقعهم السياسية والنقابية؛
وعاشر هذه الأسرار تحلي المناضلين المرتبطين بالمعركة بالنفس الطويل والاقتناع الراسخ بأهداف المعركة والاستعداد المتواصل للدعم والتضحية بالغالي والنفيس...
فمن يُنجح معركة بهذا الحجم والزخم النضاليين قادر على قلب موازين القوى لفائدة الجماهير الشعبية المضطهدة وعلى رأسها الطبقة العاملة وعلى وضع حجر الأساس لنهوض سياسي منظم يتجاوز الأعطاب الحاصلة في صفوف المناضلين والقوى والتيارات السياسية المناضلة.
إن انتصار معركة عمال امانور انتصار في زمن الهزائم والردة والخضوع. إنه درس لنا جميعا ودعم لمعركة بناء الذات المناضلة ذات المرجعية الاشتراكية العلمية التي تقوم على ديكتاتورية البروليتاريا؛
إنه انتصار للمفاهيم التي صارت بالنسبة للمثقفين والمنظرين البورجوازيين ولعتاة التحريفيين أدوات متجاوزة وغير متجاوبة مع التطورات الحاصلة على المستويات العلمية والتكنولوجية؛
انتصار معركة عمال امانور هدية للشعب المغربي وللشعب الفلسطيني ولكافة الشعوب المضطهدة، تجسيدا للأممية العمالية (يا عمال العالم اتحدوا)؛
انتصار معركة عمال امانور تأكيد لحقيقة حفر البورجوازية لقبرها وتسريع وتيرة حتفها؛
انتصار معركة عمال امانور دعم لمعارك مناهضة الرجعية والصهيونية والامبريالية؛
انتصار معركة عمال امانور دعم للمعارك العمالية الأخرى، ومن بينها معركة عمال ستروين بالقنيطرة وعمال النظافة بعدة مدن والعمال الزراعيين بشتوكة أيت باها...؛
انتصار معركة عمال امانور هدية واعتراف واحتفاء بالشهداء الذين سقطوا من أجل قضية العمال (أكرر هنا من أجل قضية العمال)، نذكر الشهيدة البطلة سعيدة المنبهي والشهداء الأبطال عبد اللطيف زروال وعمر بنجلون ومحمد كرينة ورحال جبيهة وبوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري وأمين تهاني وعبد الحق شبادة ومحمد بنعيسى والمعطي بوملي وأحمد بنعمار وعبد الرزاق الكاديري ونور الدين عبد الوهاب ومصطفى مزياني (ألف معذرة للشهداء الذين لم تسعفني الذاكرة اللعينة في استحضار أسمائهم إثر هذه الإطلالة السريعة والمتسرعة، لنكمل بعضنا البعض رفاقي بدون خلفيات وبهم نضالي بالدرجة الأولى...)؛
انتصار معركة عمال امانور دعم للمعتقلين السياسيين المناضلين ولكافة ضحايا القمع السياسي وعائلاتهم؛
انتصار معركة عمال امانور دعم للطلبة والمعطلين وللأساتذة ولكافة المتضررين من الإجرام الطبقي للنظام وإملاءات المؤسسات المالية الامبريالية، وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي؛
انتصار معركة عمال امانور تجاوز لبعض المقولات و"الذهنيات" الشائخة التي تعتبر بعض "الرموز" (الفزاعات) المصنوعة مصدرا للحل والعقد...
إن انتصار معركة عمال امانور إدانة للمتورطين في المناورات التي أعاقت هذا الانتصار الذي تأجل كثيرا (أكثر من سنة من المعاناة)؛
إنه أيضا إدانة للمشككين، وخاصة العناصر الانتهازية المحترفة للشعارات عن بُعد والمسيئة للمناضلين، في انتصار إرادة وعزيمة العمال، وفي الحنكة النضالية للمناضلين الجذريين في إدارة الصراع وترتيب الأولويات النضالية؛
إنه إدانة للقوى السياسية الرجعية والإصلاحية المنشغلة بتفاهاتها وبعشقها المرضي للواجهة وللعبة السياسية المغشوشة والمؤطرة بدستور ممنوح يكرس نفس الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المزرية، و"يشرعن" الاستغلال والنهب لخيرات شعبنا، برا وبحرا وجوا؛
إنه إدانة صارخة للقوى السياسية والنقابية التي سهرت على تنزيل المخططات الطبقية للنظام، ومنها جرائم التقاعد والتعاقد؛
هنيئا لعمال امانور وعائلاتهم ولكافة المناضلين وجنود الخفاء..
لا نسعى الى تحميل المعركة أكثر من طاقتها، إلا أنها بالفعل معركة المعارك أو أم المعارك..
وهنا مسؤولية المناضلين.. هنا البداية المتجددة.. إنها معركة متواصلة.. فهل ننسى انتفاضة يناير 1984؟ وهل ننسى انتفاضة 20 فبراير 2011؟ وهل ننسى انتفاضات الأمس القريب أو البعيد؟
لا نريد تمجيد الذات المناضلة، فهذه الأخيرة في غنى عن ذلكّ؛ ولا تنتظر تصفيقاتنا أو ورودنا أو جملنا الإنشائية..
إنه الواجب النضالي تُجاه قضية شعب مكافح...
إن الدعم الذي أتحدث عنه بالنسبة لباقي المعارك دعم معنوي أكثر منه شيئا آخرا.. وما أحوجنا لذلك في ظل الشروط المحبطة الراهنة..
عموما، معذرة رفاقي، معذرة قرائي...
لقد تملكني فرح الانتصار بعد سنوات عجاف، سنوات من الهزائم المتتالية والانكسارات والخيبات وطعنات الغدر من القريب والبعيد...
أن تنتصر اليوم، يعني أن تحيا بعز وكرامة وشهامة..
إننا نحيا ودموع الانتصار لا تتوقف، دموع القوة، دموع الحياة..
من لا يبكي من أجل الحياة والسعادة والحب، لا يستحق الحياة..
نحن الثوار، ننتصر ونبكي..
يبكي الثوار، ويبكي العشاق..
لنوثق هذه التجربة لتكون أرضية طبقية حية في تعبئتنا للمعارك القادمة وفي مواجهتنا للمستقبل الذي بدون شك سيكون قاتما وحاسما. إن الصراع الطبقي معارك متواصلة وليس معركة واحدة، إن انتصارا أو هزيمة...
لنتعلم من العمال، كما نتعلم من الشهداء؛
ليتعلم المناضلون الثوريون من العمال؛
ليعانق المجد صناع المجد...