أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بدر أبو نجم - لا شيء مشترك بين آية ومحمد الدرة سوى الخوف














المزيد.....

لا شيء مشترك بين آية ومحمد الدرة سوى الخوف


بدر أبو نجم
صحفي وكاتب فلسطيني

(Bader Abu Nijem)


الحوار المتمدن-العدد: 6779 - 2021 / 1 / 5 - 10:31
المحور: المجتمع المدني
    


عندما انتشر الموت في كل أرجاء غُرفِ العناية المركزة، لم تختار الممرضة آية ابنة العشرين عاماً أن تجلس على شكلِ الجنين كما في رحم أمه بإرادتها، ولكن الموت كان ينتشر رويداً رويداً من حولها.. شيءٌ ما هناك قد حدث!.
ربما لم تكتشف آية للوهلة الأولى سبب انتشار وباء الموت بين أسرةِ مرضى "كوفيد19" في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر الشقيقة، لكنها بالتأكيد كانت تراقب عن كثبٍ وهي تجلس كالقرفصاء منهكة وحزينة، أو كجلسة الشهيد الطفل محمد الدرة عندما أفرغ جنود الاحتلال رصاص بنادقهم في جسده وجسد والده في قطاع غزة عام 2000، لا شيء مشترك بين آية ومحمد الدرة سوى الخوف والإنكماش على النفس في حضرة الموت.
لم تكن تعرف الممرضة آية علي محمد علي، والتي بدأت تخطو خطواتها الأولى في عملها كممرضة متدربة في مستشفى الحسينية، أنها ستكون حديث وتعاطف العالم بعد انتشار مقطع فيديو لها وهي تجلس على أرضية إحدى غرف العناية المركزة في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية منهكة وخائفة، وذلك بعد نفاذ الأوكسجين من قسم العناية الذي أودى بحياة أربعة مرضى. ففي مشهدٍ غير مألوف بالنسبة لآية فإن رؤية الموت والاحتضار لأول مرة وبهذا الحجم سبب صدمة لها، على عكس زملائها الممرضين الذين اعتادوا على رؤية مثل تلك الحالات المرضية.
آية التي تعمل ضمن الفريق الطبي المُكلف برعاية الحالات في العناية المركزة، والذي يقتصر دورها على تقديم العلاج والطعام والتعامل المباشر مع المرضى، لم تكن قد شاهدت لحظات الاحتضار.. هو الاحتضار والتجهز للموت، فرائحة الموت كانت تملأ المكان، فانهارت وانكمشت على نفسها، وتركت عيناها مفتوحتان قليلاً تراقب عن كثبٍ ما يجري في أروقة الغرفة دون أن تستطيع أن تفعل شيئاً سوى الخوف.
بتوقيت الموت، بدأت الساعات الأولى لليوم المشؤوم في نحو الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم السبت الماضي، بعد نفاذ الأوكسجين عن قسم العناية المركزة الذي يمكث فيه مرضى كانوا يقاومون فيروس كورونا.
لم يمتلك والد آية حزنه وشعوره بالقلق تجاه ابنته عندما شاهد بمحض الصدفة مقطع الفيديو المتداول بسرعة الفيروس عبر مواقع التواصل والتي أصبحت فيه آية البطلة وحديث وتعاطف الناس معها، فاندفع مسرعاً نحو المستشفى وعند وصوله حدث ما لم يتوقعه، فرفضت آية حينها أن تترك مكانها، وقالت أمام حضرة الموت المنتشر، إنها لن تذهب مع والدها إلى البيت، لأن عملها يعتبر أمانة ومسئولية كبيرة، ولا يجب أن يتخلى أحد عن واجبه ودوره، فقررت بعد انتهاء ساعات عملها في تلك الليلة المشؤومة، أن تعود في اليوم التالي لتباشر عملها.
تقول آية بعد ركود الموت بساعات "اللي حصل كان عندي ضغط رهيب وصدمه بسبب إني أول مرة أتعرض لمناظر الموت دي لذلك فقدت القدرة على الحركة وجلست في غرفة العناية المركزة، ومكنتش أتمنى ده يحصل عملنا كل اللي نقدر عليه وأكتر علشان ننقذ المرضى".
وبحسب المعلومات فإن محبس الأوكسجين الموصل إلى أنابيب وحدة العناية المركزة كان يعمل بضغط 5% بدلاً من 10%، بسبب قرب نفاد مخزون الأوكسجين، ولم يكن أحد من الطاقم الطبي المتواجد في المناوبة يعلم حقيقة الوضع، الأمر الذي تسبب في فاجعة مستشفى الحسينية.
على وقع ما حدث في مستشفى الحسينية، ومع آية بالتحديد، وفي ظل جائحة كورونا، لا بد للبعض منا وخصوصاً ممن يستهتروا بالضوابط التي تفرضها الدول للحيلولة من انتشار الفيروس، أن يفكروا ملياً أن من يتحمل أعباء هذا الاستهتار هو القطاع الصحي والطبي بما يحوي من أطباء وممرضين، وهم من يقفوا في خط الدفاع الأول للتصدي للفيروس من جهة ولاستهتار البعض منا من جهة أخرى.
توجه آية رسالة بعد الحادثة بأيام عبر إحدى الوكالات الصحفية المصرية وتقول "إن الموجة الثانية شديدة الخطورة ولابد من الحرص التام.. لازم الكل يلتزم، الموجة دي أصعب، والحالات كتيرة غير المرة اللي فاتت، وحالات الوفاة كتيرة، أنا كنت شغاله في الموجة الأولى ومكنتش بالشكل ده".



#بدر_أبو_نجم (هاشتاغ)       Bader_Abu_Nijem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة حفلة مزار النبي موسى.. المتهم بريئ حتى تثبت إدانته
- ماذا نفهم من كتاب أوباما -أرض الميعاد-
- عامٌ مسروق
- هل سيطوي لقاح كورونا الصفحة القاتمة من تاريخ البشرية؟
- ميس أبو غوش.. خمسة عشر شهراً من العزلة
- كشف المستور: في تعطل المصالحة والعودة للتنسيق الأمني
- اسير فلسطيني وعروسه يتحديان المستحيل
- الرهان على بايدن أم على قوانا الذاتية؟؟


المزيد.....




- أول دولة أوروبية تدعو نتانياهو لزيارتها بعد مذكرة الاعتقال م ...
- -اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام ...
- -نقل لاجئين سوريين من مساكنهم لإيواء أوكرانيين-.. مسؤول ألما ...
- ألمانيا: انتقادات حادة لشركات خاصة تدير مراكز إيواء اللاجئين ...
- آلاف من طالبي اللجوء غادروا ألمانيا طوعا بمقابل دعم مالي
- إردوغان يعلق على مذكرة اعتقال نتانياهو من الجنائية الدولية
- هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم ...
- 4 ملايين عائلة مهددة بالتفكك في الولايات المتحدة بسبب خطط تر ...
- أول تعليق لإردوغان على مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتانيا ...
- الرئيس التركي اردوغان يؤكد دعمه لقرار الجنائية الدولية باعتق ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - بدر أبو نجم - لا شيء مشترك بين آية ومحمد الدرة سوى الخوف