مصر: الديكتاتورية العسكرية لرأس المال تشن حربها
محمد حسام
2021 / 1 / 2 - 21:26
مع موجة جديدة من انتشار الوباء يصاب المجتمع بالجمود والتبلد، حتى مع ارتفاع الأرقام الرسمية للمصابين لتتخطى حاجز التسعمائة حالة في اليوم. الجماهير تدرك أنه لن ينقذهم أحد، وأن الحكومة ستقف عاجزة إلا من الكلام والقاء اللوم علي الجماهير، هذا يحدث في ظل محاولات النظام إنقاذ ما تبقى من ماء وجهه، وتكتم شديد بدأ من الموجة الأولى على وضع مستشفيات العزل، وحصار للأطباء والعاملين فيها ومنع مناقشة وضع تلك المستشفيات للحد الذي وصل إلي اعتقال أطباء ومناضلين وجهوا اعتراضات على تعامل النظام مع الوباء. من الواضح أن النظام قرر عدم اجراء ولو حتي إغلاق جزئي، مع تحول الجامعات لبؤر تفشي الوباء، بجانب أماكن العمل بالطبع. حتى لو قرر النظام إجراء اغلاق جزئي فسيكون أشبه بمسرحية الإغلاق الماضي.
هذا ويستمر الاقتصاد الرأسمالي المصري الهش في التأثر على وقع الأزمة العالمية، وانخفاض مستمر لمعدلات النمو، وانخفاض قدرة شرائية لدى معظم الجماهير المصرية، حيث 73,5% من المصريين تأثر دخلهم سلباً، ونصف الأسر المصرية لجأت إلى الاقتراض من الغير، 17% منها عاشت على مساعدات الجمعيات الخيرية، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ووضع سياسي داخل نفق مظلم يزيده النظام عتمة بمرور الوقت. كل هذا لا يجعلنا نتفاءل بمصيرنا في المستقبل القريب في ظل نظام اجتماعي وسياسي مأزوم يجرنا جميعاً إلي التهلكة.
حرب طبقية اقتصادية تشن على الجماهير
يواصل النظام الرأسمالي المصري نزيفه الحاد، ولا يوجد في يد النظام من أدوات لاحتواء الأزمة إلا مزيد من الاقتراض وبيع مؤسسات وموارد الجماهير. وعليه قرر بدء مرحلة جديدة من الإجرام الاجتماعي والاقتصادي.
استفاد النظام من دفعة جديدة تصل حوالي ملياري دولار من قرض جديد تتعدى قيمته خمس مليارات دولار، فلأول مرة يلجأ النظام الرأسمالي المصري، تحت قيادة عبد الفتاح السيسي، لهذا الكم من الاقتراض الخارجي، هذا العام فقط ارتفع الدين الخارجي بنسبة 13,6% وفقا لما صرح به البنك المركزي. يقول الخبراء الاقتصاديين للنظام أن نسب الدين تلك، بشكل عام والخارجي بشكل خاص، في حدوده الآمنة، لكن واقع حياة أغلبية الجماهير، منذ بداية السياسية التوسعية في الاستدانة سنة 2016، تقول عكس ذلك، من انخفاض لقيمة العملة وارتفاع جنوني في الأسعار ونسب تضخم مهولة ورفع الدعم عن السلع الغذائية، وخصوصاً أن جل تلك القروض مصحوبة بشروط “فتح” السوق للإمبريالية.
هذا المعدل المرتفع باستمرار للاقتراض، في ظل تراجع معدل النمو ليصل إلى 2,6%، أي ثلث ما كان متوقعاً في بداية العام، يفاقم الأوضاع بشدة. وأيضا في ظل توقعات ازدياد معدل الفقر من 38% إلى 44,5%، أي بزيادة يمكن أن تصل لأكثر من 15% من الواقعين تحت خط الفقر مما كان قبل أزمة الوباء، بحسب تقرير صادر عن معهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط في شهر مايو الماضي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الخط الوهمي للفقر الموضوع من قبل الحكومة تتحدد قيمته في 857 جنيهاً فقط، بمعنى أن من يتقاضى 900 جنيهاً أو 1000 جنيهاً شهرياً فقط -لا تكفيه ليأكل فضلاً عن الايجار والفواتير والمواصلات والعلاج- لا يحسب من الفقراء بنظر حكامنا، أي أن نسبة الفقر الحقيقية أعلى بكثير من الأرقام الرسمية المتداولة، وستصبح أعلى بأكثر من أكثر سيناريوهات النظام ومراكزه البحثية تشاؤما. هذا بالإضافة إلي عجز في الميزان التجاري الذي يقدر بـ 10,5%، مع متوقعات انخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات العاملين من الخارج بـ 10% إلى 15%، وهذه هي المصادر الرئيسية للعملة الصعبة، وهو ما يتم التغلب عليه عادة بالاستدانة، وتراجع سوق العقارات بـ 50% نتيجة الوباء، مع ما يمثله هذا السوق بالنسبة للنظام كونه كان قاطرة تحقق النمو في السنوات الماضية، مع ما يحمله هذا من مخاطر على النظام المالي.
اعلن النظام علي لسان عدة مسؤولين عن حزمة قوانين في ظل خطة لتسليم البلاد بكل ما فيها أسيرة لتكالب الرأسماليين، من تخصيص أراضي وإعفاءات ضريبية على الأرباح تصل لعشر سنوات ومساعدة حكومية لاستيراد الأدوات من الخارج ومنها إعفاءات جمركية ومنح وضمانات علي تحويل الأرباح للخارج بدون قيود، بمعنى آخر يقول النظام للجماهير أن “هذا ربكم الأعلى فاعبدوه”، فليأت رجال الأعمال إلينا من الداخل والخارج ونحن سنضمن لهم أكبر نسبة ربح في العالم، حيث أقل تكاليف ممكنة مع أكبر نسبة ربح ممكنة، عمالة رخيصة وضرائب منخفضة ومنعدمة في بنود معينة، حيث لا قيود ولا معوقات لتوليد وتراكم الأرباح ونقلها، وكل هذا علي حساب الجماهير وفي حماية الدولة وقواتها المسلحة.
النظام أيضاً يخطط لبيع عدة شركات مملوكة للدولة، منها الشرقية للدخان وأبو قير للأسمدة وغيرهم، بحج واهية وهي أن تلك الشركات تتكبد الخسائر، وأي عاقل لا يمكنه ان يصدق أن شركة مثل الشرقية للدخان لا تحقق أرباح مهولة، ولكن من الواضح أن الحكومة تريد تعظيم “القيمة الاستثمارية”، كما تحب أن تقول الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط، على البيع. خلف هذه الاسماء البراقة “تحفيز الاستثمار” و”تعظيم القيمة الاستثمارية” سيطرح النظام تلك الشركات وغيرها ومعها مصير الآلاف للمزاد، هذه هي الحقيقة ولا تخدعنا جميع الأقاويل الملتوية والمنمقة حول “التشارك” بين القطاع العام والقطاع الخاص أو طرح الشركات “للمساهمة العامة” أو غيرها من مصطلحات الخبراء الكذبة، فجميعها مسميات منمقة للبيع والخصخصة.
هذا بخلاف تعديلات في قانون التعدين ستسمح للمستثمرين بالاستحواذ على النسبة الأكبر من ملكية وأرباح المناجم لأول مرة في تاريخ البلاد، وألا تزيد نسبة الدولة عن 20%، هذا ما يسمونه “تشارك”، ألا تزيد نسبة الدولة عن 20% تذهب أغلبها في جيوب كبار الموظفين المدنيين والأمنيين والسماسرة والوسطاء وغيرهم، وينعم رجل الأعمال بال 80% الباقية، ولتذهب الجماهير العاملة والفقيرة إلي الجحيم أو تنتظر ما تتكرم به الدولة عليهم من فتات ساقط من مائدة الرأسماليين. أول من تلقف هذا الخبر بفرح هو بالطبع امبراطور الاستثمار في الذهب الملياردير نجيب ساويرس، الذي بدأ بالتفاوض مع الدولة من أجل شراء 51% من أسهم شركة شلاتين للثروة المعدنية، من الواضح أن الضباع تتجهز لنهشنا.
وهنا نأتي للنقطة الأهم وهي طرح عدة شركات مملوكة للقوات المسلحة للبيع، بشكل مبدئي سيتم طرح الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافى) والشركة الوطنية للبترول. في السنوات الماضية تغول جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة في الاقتصاد ليشمل جميع القطاعات بداية من الإنشاءات والبترول ووصولاً للمواد الغذائية والاستهلاكية ومنافذ بيعها مروراً بالأدوية، واليوم نبدأ مرحلة جديدة جاء الاعلان عنها على لسان الديكتاتور عبد الفتاح السيسي وهي البدء في بيع جزء من نشاط القوات المسلحة الاقتصادي للمستثمرين. هذه الخطة استقبلتها المؤسسات المالية الدولية -منفذة أجندة البلدان الإمبريالية- بفرح شديد، واستقبلها مصاصي الدماء الرأسماليون في الداخل والخارج بالأفراح والاستعداد للتصارع على الغنيمة الثمينة.
مفتاح فهم هذه الخطوة هو فيما قالته وزيرة التخطيط هالة السعيد في آخر لقاء تلفزيوني لها “نحن تدخلنا وقمنا بالاستثمار، سواء الدولة أو جهاز الخدمة الوطنية أو شركات عامة، تدخلنا في أوقات معينة، لأن هذا كان التوجه الاستراتيجي لخلق توازن في السوق”، أي أن الدولة الجمهورية، التي كانت لتوها خارجة من أزمة سياسية طاحنة طوال ثلاث سنوات الثورة، لم تعمل على الحؤول دون سقوط الرأسمالية فقط وانما أيضاً أنفقت أموال الجماهير لإنشاء “كيانات قوية”، على حد وصف الوزيرة، لبيعها. من الواضح أن بعض تلك “الكيانات القوية” التي دفع ثمنها الجماهير غالياً أصبحت عبئا على البيروقراطية الحاكمة واستنفذت دورها، وجاء الوقت لبيعها على طاولة المفاوضات مع الامبريالية وجني ثمار السنوات الماضية.
القوات المسلحة، درع النظام الجمهوري الرأسمالي عن حق، قامت ليس فقط بحماية النظام بشكل مادي ومسلح، وانما عبدت الطريق بالوسائل القسرية الأكثر قسوة ووحشية لمزيد من تسلط رأس المال علينا، عن طريق تحويل الميزانية العامة في مغامرة غير محسوبة بأموالنا لبناء شبكات طرق لخدمة الاستثمار ومدن جديدة ولامعة لتستقبل شركات المستقبل، كل هذا على حساب أغلبية الجماهير ولمصلحة أقلية ضئيلة في أعلي هرم المال والسلطة في البلاد وأصدقائهم الخارجيين. هذا هو الدور الذي قامت وما زالت تقوم به القوات المسلحة بقيادة الديكتاتور عبد الفتاح السيسي، ازالة جميع العوائق الأمنية والسياسية وبعض التخلف المجتمعي والحكومي أمام كبار الرأسماليين والإمبريالية.
المعادلة التي كانت أمام الدولة وقائدها عبد الفتاح السيسي هي، وضع سياسي غير مستقر داخلياً، هروب رجال الأعمال واستثماراتهم وخوفهم من مد الثورة، ثورة برغم أنها كانت بدأت في التقهقر إلا أنها كانت لاتزال حاضرة وبقوة في الأذهان، تحجر بيروقراطي مزمن في أجهز الدولة التنفيذية، ولأجل حل هذه المعادلة ما كان يجب إلا تنفيذ مجازر على جميع الأصعدة من قمع إرهابي للجماهير، لإعادة هيكلة قسرية لجهاز الدولة ومخصصاته المالية بدون وضع حساب للتكلفة الاجتماعية، لتحويل ميزانية الدولة، التي تمثل الضرائب منها ما يفوق 75% واقتراض عشرات المليارات من الدولارات لخلق عملية تراكم بيروقراطية لرأس المال تقوم بها الدولة لتقديم البلاد على طبق من فضة لضباع رأس المال في الداخل والخارج.
وهكذا خرجت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط تزف إلينا الخبر السار “سيعود كل شيء إلي الشعب”، بالطبع ما تقصده الدكتورة هالة بالشعب ليس العاملة والعامل اللذان يعملان أكثر من عشر ساعات بلا حماية وفي ظل ظروف عمل سيئة وبمقابل يكاد أن يبقيهم على قيد الحياة مطحونين في دائرة الاستدانة والتسديد، وبالطبع ليس الفلاح الفقير الذي يحارب من أجل بيع محصول أرضه في ظل هيمنة الشركات علي السوق، ولا بالتأكيد ملاين الفقراء والعاطلين عن العمل والشابات والشباب الذين لا يبدو في مستقبلهم أي بارقة أمل في ظل هيمنة مطلقة للرأسمال علي رقابهم بحماية الدولة، من تقصدهم الدكتورة هالة السعيد بـ”الشعب” الذي سيعود إليه كل منجزات الدولة من تراكم في السنوات الماضية هو نجيب ساويرس وأحمد هيكل واصدقائهما قاطني المدن المسورة والسادة رجال الأعمال الإقليميين (إماراتيين وسعوديين وقطريين وإسرائيليين وغيرهم) وبالطبع الأسياد الدوليين، هذا كله في معرض التحالف المقدس والأبدي بين الجنرالات والرأسمالية. هؤلاء هم “الشعب” الذي تعمل من أجله الدولة، هؤلاء هم “الشعب” الذي تم اعتصارنا في حرب اجتماعية واقتصادية من جانب واحد طوال السنوات الماضية، وهذ الحرب الطبقية ضدنا لن تتوقف مادام هذا النظام الاجتماعي قائماً.
الوضع السياسي
في ظل هذه الأوضاع مازال يقبع الآلاف من العمال والشباب الثوري في سجون الديكتاتورية العسكرية الحاكمة، ومن الواضح أن النظام اتخذ قرار بعدم خروج أي من المعتقلين السياسيين على الأقل في الوقت الحالي، ليرهب بهم المجتمع ليكمل خطته للمجزرة الاجتماعية والاقتصادية. يلجأ النظام لما يسمى بسياسة “التدوير”، وهي فتح قضايا جديد لمن يصدر في حقهم قرار بالإفراج نتيجة انقضاء مدة الحبس الاحتياطي (سنتين)، وبهذا يبدأ العد من جديد ويستمر مسلسل القهر المجتمعي.
بالموازاة مع هذه الأجواء أقام النظام انتخابات مجلس النواب، التي انتهت بفوز متوقع وساحق للتحالف الحكومي “القائمة الوطنية من أجل مصر” بقيادة حزب “مستقبل وطن” الذي انشأته الدولة ليكون ذراعها السياسي الكاريكاتوري، هذه الانتخابات تتقاسم عدة أوجه تشابه مع انتخابات مجلس الشعب عام 2010 التي سبقت الثورة بعدة أشهر، حيث أدلة تزوير فجة وبينة للعيان ورشاوي انتخابية بشكل علني في الشوارع واستغلال فقر الجماهير وشرائهم بخمسين جنيهاً، هذه هي قيمة المواطن وصوته لدى الدولة، وعدم نجاح أي من التكتل المعارض في الدورة البرلمانية السابقة. هكذا يضمن النظام أن تمرر القوانين بدون أي ازعاج من أي نوع حتى لو لم يكن ذلك الازعاج قادراً على المواجهة.
ومن أبرز الأحداث في الساحة السياسية في الفترة الماضية هي القبض على ثلاثة من العاملين في “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية“، والذين أفرج عنهم بعدها بعدة أيام بعد حملة وضغوطات دولية للإفراج عنهم. وعلي الأغلب فإن النظام لم يكن ينوي الاستمرار في اعتقالهم بقدر ما كان يهدف لإيصال رسالة انه يستطيع اعتقال العاملين في الجمعيات الحقوقية والبحثية بغض النظر عن علاقاتهم بالحكومات الغربية، وذلك ما حدث بالفعل مع عدة أشخاص عاملين في هذه الجمعيات ما زال بعضهم قابعين في السجون حتي الآن. ولعل ما حدث مع الشاب الايطالي جوليو ريجيني الذي قتل في مصر أبرز هذه الأمثلة وأكثرها تطرفاً وغموضاً، حيث اتضح الآن انه من المؤكد قد قتل علي يد أجهزة الأمن المصرية، ويبقى الخلاف حول هل كان قتله خطأ غير مقصود أم انه كان مقصود، وانا شخصياً عندي شبه يقين ان قتله والإعلان عن إيجاد جثته وإخبار السفارة الايطالية كل هذا مقصود بقرار واعي هدفه إيصال رسالة للعاملين الأجانب في مصر “ألا تعبثوا معنا”، وأنه على الجميع، بغض النظر عن الجنسية، الالتزام بالخطوط الحمراء التي يقرها النظام.
هذه المنظمات الحقوقية والبحثية، التي بشكل أو بآخر لم يتبقى غيرها كمنابر مسموح لها بالعمل السياسي، يسمح لها النظام في ظل توازنات خارجية معينة، لا أن تتحول لحزب سياسي ولكن أن تخلق مساحة آمنة نسبياً ووحيدة للشباب الباحثين عن الفعل السياسي، هذه المنظمات نتيجة “حيادها” المنافق والمصطنع تقوم بدور رجعي كباب للتنفيس عن رغبة في العمل السياسي لدى الشباب، لكنه عمل سياسي “أكاديمي” ملتزم بسقف الدولة وأخلاقيات البورجوازية بتخفيض سقف الخطاب لمجرد خطاب “حقوقي” يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن الانتماء الطبقي والسياسي، وبالتالي هذه قناة آمنة للعمل السياسي الاستعراضي ليس أكثر، وتخضع للرقابة بالنسبة للدولة والرأسمالية.
خاتمة
أمام كل هذه المعطيات القاتمة، من وضع اقتصادي أصبح يتسم بالنهب واللصوصية الفجة وأصبح يتخذ شكل الحرب الاجتماعية والطبقية أكثر فأكثر، ووضع سياسي في بيات شتوي تحت تهديد سلاح وسجون الديكتاتورية العسكرية، ومجتمع أنهكته النكبات والهزائم وجاء الوباء ليكمل عليه، أمام كل هذا على الأغلب نحن علي مشارف سنوات عجاف سنتجرع فيها الكثير.
لكن الجماهير تتعلم بالتجربة المؤلمة الحية، والمقاومة الشعبية في الريف وأطراف المدن ضد قانون التصالح وجباية الأموال في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، وإضراب عمال شركة “الدلتا للأسمدة الكيماوية” في طلخا احتجاجاً على بيع أراضي الشركة لبناء مجتمع سكني فاخر وتشريد 2500 عامل، واضراب عمال شركة “الإسكندرية لتداول الحاويات” احتجاجاً علي تخفيض الأرباح، كل هذه النضالات الجماهيرية والعمالية وغيرها ليست إلا بذرة لما يحمله المستقبل.
تسارع وتيرة الأزمة سيجبر الجماهير علي البحث عن بديل ثم الانتفاض عاجلا أم آجلا عندما تتبدد ما تبقى من أوهام، ما يجب أن يشغل بالنا نحن الماركسيون والثوريون ليس اندلاع الثورة، فهذا شيء حتمي تحت وقع تناقضات النظام الرأسمالي، ولن يستطيع النظام العسكري بكل ما يمتلكه من آلة عسكرية وأمنية ومخابراتية جبارة أن يوقف عجلة التاريخ، لكن ما يجب أن نفكر فيه حقاً هو كيف نضمن انتصار الثورة المقبلة وهو ما ليس حتمي، لأنه يعتمد علي العامل الذاتي، عامل وجود منظمة ماركسية ثورية تقود الجماهير عندما تنتفض وتثور للاستيلاء علي السلطة السياسية لضمان انتصار الثورة القادمة. هذه هي مهمتنا، العمل على بناء منظمتنا الثورية والاستعداد ليوم الفصل القادم لامحالة.
في النهاية، ونحن على مشارف الذكرى الحادية عشر لثورتنا المهزومة أود أن استرجع ما قالته الماركسية الثورية العظيمة روزا لوكسمبورغ “الثورة هي النشاط الانساني الوحيد الذي يمكن تحقيق النصر فيه عبر سلسلة من الهزائم”. فلندرس التاريخ ونحلل الحاضر ونتجهز للمستقبل.
نحو بناء تنظيم ماركسي ثوري
تسقط قوات قمع الشعوب (الشرطة والجيش)
تسقط حكومات رجال الأعمال
لا حل سوى انتصار الثورة الاشتراكية بحكومة عمالية