صوت الانتفاضة
الحوار المتمدن-العدد: 6773 - 2020 / 12 / 28 - 00:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ظهر مسرح العبث كنمط جديد من الدراما التمثيلية، وكما يقال فأن هذا النمط المسرحي انبثق كردة فعل على الظروف التي مرت بها اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، كانت مشاهد الدمار قد خلقت نفسية منكسرة ومحطمة، وقد جسدت اعمال كثيرة ذلك الواقع من خلال هذا المسرح، قد تكون أهمها مسرحية صموئيل بيكيت "في انتظار غودو".
في العراق هذا النمط المسرحي لا نشاهده على خشبة المسرح، بل يجري تمثيله على ارض الواقع، فالعبث واللامعقول هو السائد، مثلا دائما ما نشاهد مسرحية الكاظمي والميليشيات، فهم يطلقون الصواريخ، والكاظمي يلقي القبض على البعض منهم، وهم يقومون باستعراض عسكري في بغداد، ويلوحون بالتصعيد، فيقوم الكاظمي بإطلاق سراح المعتقلين، ويتكرر المشهد العبثي هذا في كل مرة، حاله حال مسرحيات بناء ميناء الفاو او مزاد العملة او الإصلاحات او تشكيل لجنة، على العموم فالجماهير دائما ما تتفاعل مع هذه الاعمال المسرحية، فهي محطمة ومحبطة نفسيا.
يلتقي مسرح العبث العالمي بالمسرح العراقي بالكثير من الخصائص والسمات، منها قلة عدد الممثلين "الكاظمي وأحد قادة الميليشيات" "الكاظمي وتشكيل لجنة" "الميليشيات والإصلاحات"؛ أيضا الاحداث تدور في مكان ضيق جدا "المنطقة الخضراء" "الجادرية" "الحنانة" "شارع فلسطين"؛ عدم الثقة بين شخصيات المسرح، وبالحقيقة فأحد اهم سمات مسرحنا هو عدم الثقة التامة بين الشخصيات، فالكاظمي لا يثق بقيس الخزعلي، ومقتدى لا يثق بهادي، والحلبوسي لا يثق ببرهم صالح، والبارزاني لا يثق بطالباني، وهكذا؛ أيضا فمسرح العبث لا توجد فيه حلول للمشاكل التي تطرح، وفي المسرح العراقي ومنذ سبعة عشر عاما لم تحل اية مشكلة، كلها معلقة، الميليشيات، النفط والغاز، الإقليم والمركز، قضية كركوك، وغيرها الكثير؛ أخيرا فأن شخصيات مسرح العبث تبدو عليها الحيرة والقلق والخوف من المستقبل، وهذه سمات نجدها واضحة جدا على شخصيات المسرح العراقي، فكل قادة العملية السياسية البغيضة وقادة الميليشيات يبدو عليهم القلق والحيرة، والخوف من المستقبل، فهم يدركون انهم ممثلين طارئين، ويعرفون ان المخرج "الأمريكي-الإيراني" سيطردهم او يقتلهم في اية لحظة.
مسرحية الامس بين الكاظمي والميليشيات، أضحت مكررة ومملة، بل باتت نكتة سمجة، حتى ان الجمهور قل تفاعله مع هذا التكرار، فمشاهد اعتقال أحد قيادي الميليشيات، ونزول هذه الميليشيات للشارع، واستعداد جهاز مكافحة الإرهاب للتدخل، بعدها يقوم المالكي وهادي العامري بالتهدئة، ثم يطلق سراح هذا القيادي، انه بالفعل مسرح اللامعقول، مسرح العبث، يلهون به أكبر قدر من الجماهير، خصوصا وهم في المشاهد الأخيرة من مسرحيتهم، فقد انتهى دورهم، وآن أوان اسدال الستار على هذا العرض العبثي القذر، الذي استنزف حياتنا كلها.
#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟