أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهادي حاجي - التحديث و الحداثة














المزيد.....

التحديث و الحداثة


محمد الهادي حاجي
باحث متحصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع

(Hajy Mohamed Hedi)


الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 15:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التحديث والحداثة:
غالبا ما يرسم الباحثون في علم الاجتماع حدودا فاصلة بين مفهومي الحداثة والتحديث، وعلى الرغم من هذا الفصل المنهجي إلا أن التداخل بين المفهومين يكاد يكون كبيرا، فكثيرا ما يقع استعمال مفهوم التحديث للدلالة على الحداثة، وكذلك يستخدم مفهوم الحداثة للإشارة إلى مفهوم التحديث.مما يجعل "مصطلح الحداثة وكأنه نص مفتوح على كل مضامين التقدم المعاصر، بحيث أنك لا تفرّق بشكل صارم بين مضمون مصطلح "الحداثة" وبين مضامين مفاهيم "التحديث" و"التقدم" و"العصرية" أو "التجديد". ويمتد التداخل ليشمل المعايير والقيم وأنماط السلوك واللباس وطراز السكن أي كل مناحي الحياة في آخر المطاف"يختلف مفهوم الحداثة عن مفهوم التحديث في اللغتين الفرنسية والإنجليزية، فالحداثة هي موقف عقلي تجاه مسألة المعرفة إزاء المناهج التي يستخدمها العقل في التوصل إلى معرفة ملموسة. أما التحديث فهو عملية استجلاب التقنية والمخترعات العلمية والتكنولوجيا الحديثة حيث يقع توظيفها في الحياة الإنسانية دون إحداث أي تغيير عقلي أوذهني للإنسان، كما أن التطورات في مستويات الانتاج والاستهلاك والبنية التحتية تعكس مستوى لعملية التحديث، وهو ما يعني مظهرا من مظاهر الحداثة و"قشورها"، بينما تعني الحداثة في الأصل اللحظة الواعية التي تتمثل في إحداث التحولات العميقة في مستوى البنية الاجتماعية، فهي حالة للروح الاجتماعية وتتجلى في مظاهر الجسد الاجتماعي. أما التحديث فقد يكون حالة من حالات الاستيراد المنظم لشكليات الحداثة مثل استيراد المكننة والتكنولوجيا وأنظمة التعليم وأنماط الاستهلاك، "فالحداثة هي موقف للروح أمام مشكلة المعرفة، إنها موقف للروح أمام كل المناهج التي يستخدمها العقل للتوصل إلى معرفة ملموسة للواقع أما التحديث فهو مجرد إدخال للتقنية والمخترعات الحديثة" .
ويمكن القول في هذا السياق إن الحداثة لها وجهان: خارجي وداخلي، يتمظهر الوجه الخارجي في المنجزات المادية والتطور العلمي والتكنولوجي المحيط بالإنسان، ويتجلى الوجه الداخلي في السلوك والقيم الإنسانية، فهي لا تقوم بذاتها، "وإنما تتأصل في النسق الاجتماعي الذي يشمل الوجهين المادي والمعنوي".
ويربطعبد الله العروي الحداثة بمجموعة من الثورات اقتصادية وثقافية وعلمية ودينية وفكرية، وهي ثورات متداخلة ومتلاحقة، وهي تشكل أساس كل التحولات التي عرفتها أوروبا، والتي يطلق عليها لفظ الحداثة. إنها وهي ثورات امتدت بالتدرج في عموم أوروبا والغرب، لتنتشر بالتدريج في بقية أصقاع العالم لتكون فترة تاريخية ومجموعة وقائع وأحداث ومؤسسات، وكذلك أفكار وقيم ومثل ومحددات فكرية وثقافية.وعليه فيمكن اعتبارها البحث المستمر للتعرف على أسرار الكون من خلال التعمق في اكتشاف الطبيعة والسيطرة عليها وتطوير المعرفة بها، ومن ثم الارتقاء الدائم بموضع الانسان من الأرض. أما سياسيا واجتماعيا فالحداثة تعني الصياغة المتجددة للمبادئ والأنظمة التي تنتقل بعلاقات المجتمع من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية، من الاستغلال إلى العدالة، ومن التبعية إلى الاستقلال، ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن سطوة القبيلة أو العائلة أو الطائفة إلى الدولة الحديثة، ومن الدولة التسلطية إلى الدولة الديمقراطية" ، "فهي رؤية جديدة للعالم مرتبطة بمنهجية عقلية مرهونة بزمانها ومكانها"
ويطلق مصطلح الحداثة على مسيرة المجتمعات الغربية منذ عصر النهضة إلى اليوم، ويغطي مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية". أما عند كارل ماركس واميل دوركايم وماكس فيبر فتتحدد الحداثة بكونها نسقا اجتماعيا شموليا متكاملا، له خاصيات القناعة والتنظيم، وكلاهما يقوم على العقلانية في مختلف المستويات والاتجاهات. ويحددها "جيدن "ضمن نسق من الانقطاعات التاريخية عن المراحل السابقة حيث هيمنة التقاليد والعقائد الدينية، لتتميز بأنماط وجود وحياة وعقائد مختلفة جذريا عن التي كانت سائدة في المراحل التقليدية السابقة، ومن هنا عرفت الحداثة السرعة والتنوع والشمول وخاصة في مجال التكنولوجيا والمعرفة العلمية.
"فالحداثة ظاهرة اجتماعية كلية تتطلب مقاربة سوسيولوجية متعددة الأبعاد، منفتحة على بقية العلوم الأخرى على أن مفهوم المجتمع الذاتي لم يكن إلا اكتشافا من اكتشافات الحداثة" .
و يمكن الإشارة في هذا السياق إلى أن التحديث يرتبط بالتغير، وهو أحد أنواعه وأحد العوامل المؤدية للتنمية، فهو عملية شاملة تؤثر فيها عديد العوامل الداخلية والخارجية، المادية والثقافية المتفاعلة، وهو يشير إلى التحول في المجتمع من حالة إلى أخرى، وهو تغيّر مقصود ومخطّط في تكاليفه ووسائله.
فالتحديث هو حالة خاصة من التنمية، وهذه الأخيرة هي نوع خاص من التغير الاجتماعي، بينما التصنيع هو الأكثر تحديدا ودلالة ووضوحا. فالتحديث هو نتيجة للتصنيع في الغرب،بينما هو سبب للتصنيع في الدول النامية، ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن التغير هو المفهوم الأكثر شمولية رغم اختلافه باختلاف المرجعيات النظرية.
و يمكن في هذا السياق الإشارة إلى عوائق التحديث التي تتمثل في إعادة إنتاج الثقافة لذاتها واستمرارها، ومن ذلك العوائق المرتبطة بالثقافة السياسية التقليدية التي تقوم على الولاء وطاعة الأشخاص وغياب المؤسسات، إضافة إلى العوائق الاجتماعية المؤسسية التي تكبل الفرد وتحول بينه وبين التحرر من أسر البنيات التقليدية كالعشيرة والقبيلة والأسرة التقليدية، هذا إلى جانب العوائق الفكرية أوالابستيمولوجية الرافضة لمنطق العلم وسيادة المعرفة ومناهجها القائمة على الملاحظة والتجربة والاستقراء والفرضية والاختبار، وذلك مقابل اللجوء إلى التأويلات الغيبية والخرافات في كل مجالات الحياة .
محمد الهادي حاجي –باحث في علم الاجتماع-تونس



#محمد_الهادي_حاجي (هاشتاغ)       Hajy_Mohamed_Hedi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معوقات التغير الاجتماعي
- مفهوم البنية في علم الاجتماع
- القيم :لمحة حول المفهوم
- التوجهات النظرية والمنهجيّة في علم الاجتماع الطبي وسوسيولوجي ...
- ددور الإعلام في عملية التغير الإجتماعي
- المجتمع التقليدي من وجهة نظر علم الاجتماع
- السلوك الاستهلاكي
- االاندماج الاجتماعي
- التنمية والعولمة
- قراءة في مفهوم التنمية من منظور علم الاجتماع


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهادي حاجي - التحديث و الحداثة