أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 1














المزيد.....

زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 02:53
المحور: الادب والفن
    


جهدت ريما ما في وسعها كي تكون الوليمة لائقة بأبناء عم ابنتها البكر، الذين حضروا في يوم سابق من عمّان. وكان صالح قد قررَ دعوة أبناء العم بالنيابة عن زوج ربيبته، الذي يعيش معها في إحدى بلدات القلمون، أينَ المقر الجديد لخدمته. لقد أرسل خبراً عن طريق الهاتف إلى ديبو، وكان من المقرر أن يحضر مع أسرته في أقرب فرصة سانحة. كون العديد من الأقارب والجيران سيلبون أيضاً الدعوة، تمت التضحية بعجل عمره سنة واحدة ويزن نحو مائة كيلو غرام. هَرْطوشي، الجار المنذور لخدمةٍ كهذه، تعهّد ذبحَ الحيوان وسلخه. ثم مررَ الرجلُ الخبيرُ سيخَ الشوي الثخين من دبر الضحية ليخرج من أسفل حنكه، تاركاً إياه ينضج بهدوء على نار لاسعة. الأولاد، وكان بينهم بيان، راقبوا على الأثر بدهشة الوجهَ الضاحك للعجل المسكين فيما دهنه يقطر إلى أسفل، مُلهماً وقيدَ الحطب وقشور الجوز.
عقبَ الاجهاز على العجل، بحيث لم يبقَ للهررة سوى العظام الزهيدة، تفرقَ المدعوون على أن يعود بعضهم إلى الدار ثانيةً مع حلول المساء. بينما بقيَ الضيوفُ، القادمون من عمّان. أفردت لهم غرفة نوم فارغة في البيت التحتاني؛ وهيَ نفس الغرفة، التي سبقَ أن حلوا فيها قبل أعوام عند قدومهم إلى دمشق هاربين من طالبي الثأر في الموطن الأول. لقد كبرَ أولاد السيد حسني في خلال الأعوام الخمسة المنصرمة، ولكن لم يزدادوا عدداً. شقيقه علي، اقترنَ مؤخراً من فتاة من ماردين، سبقَ أن التقى مع والدها أثناء مرور هذا بالشام في طريقه إلى الحج. من فم الرجل، شمع علي أن أخوة بيروزا لأبيها عقدواً صلحاً مع أولئك الخصوم ممن كانوا يسعون إلى الثأر. فتشجّعَ عندئذٍ، فقامَ بزيارة إلى ماردين، تمكن فيها من بيع أملاك أسرته ثم عاد ليقتسم المال مع أخيه، المقيم في عمّان. بثمن حصّته، استأجرَ علي محلاً خاصاً به لبيع الخضار والفاكهة، يقع على مبعدة أمتار قليلة من محل معلّمه السابق، آكو. كذلك رمم مسكنَ الأسرة، ليغدو في غاية الجدّة والمظهر اللائق.

***
الطقسُ المعتدل في هذا الوقت من الربيع المبكر، استغله صالح للانفراد في الحديقة بضيفه القادم من عمّان، وذلك قبل عودة الأقارب والجيران. ظروف الحرب، علاوة على عثرة استثماراته، جعلتاه يفكّر في إمكانية الانتقال إلى الإمارة الأردنية؛ ثمة، أين نجحَ عددٌ كبير من أبناء جلدته في أعمالهم سواءً في التجارة أو ضمن سلك الدولة. قدّم لضيفه فنجانَ قهوة، وكانا يجلسان تحتَ المنظرة، المتصلة مع مدخل الحديقة عبرَ ممر مسقوف بألواح خشبية صقيلة. ثم ما لبثَ أن عبّرَ للضيف عن هواجسه ومتاعبه، متسائلاً في الأخير: " يقال أن الأعمال التجارية مزدهرة في الأردن، وأن بني قومنا صاروا في الصدارة بين رجال الأعمال؟ "
" نعم، هذا الكلام صحيح إلى حد ما "، قالها حسني في نبرة تحفّظ. وما أسرعَ أن استدرك: " لكنهم لا يرغبون هناك بمزيد من المهاجرين، كون الإمارة فقيرة ". بادرَ الآخرُ إلى القول، مُذكّراً بوجاهته وغناه: " لن أبدأ من الصفر، فأنا ولله الحمد رجل مقتدر وفي وسعي العمل فوراً بالتجارة "
" وأنا بودي مساعدتك، يا أخي. لكنني أشفق عليك من التغرّب في بلد آخر، مثلما حصل معي بشكل اضطراريّ كما تعلم. ولو كنتُ في مكانك، لتوجهت إلى الجزيرة حيث أبناء جلدتنا، فضلاً عن أن أراضيها رخيصة أو حتى مشاعية. وبذلك تكون غربتك هينة، نظراً لسهولة التنقل، ومتى شئتَ في وسعك العودة إلى دمشق "
" المشكلة، أنني لا أعرفُ أحداً هناك "
" سمعتُ أن بعضَ وجهاء الحارة مضوا فعلاً للاستثمار في الجزيرة؟ "
" نعم، وأحدهم ابن جميل باشا الدياربكرلي، غيرَ أنني لا أعرفه بشكلٍ شخصيّ "
" آه، تذكّرتُ أحدَ أقارب أم بيروزا، وهوَ ملا عشير، الذي استقر هناك حديثاً مثلما أعلمني أخي علي "، هتفَ الضيفُ. ثم أردفَ قائلاً، أن من المستحسن سؤالَ أخيه عن الرجل. وكان علي قد مضى غبَّ انتهاء الوليمة إلى المنزل مع أسرته ووالدته، على أن يؤوبَ وحده مساءً لأجل حضور السهرة.
لاحَ الارتياحُ على ملامح صالح. في حقيقة الحال، كان قد فكّرَ في محاولة تجريب حظه في تلك المنطقة من البلاد. كان سبقَ أن عَبَرَ أراضي الجزيرة في سيارته، قبل قرابة العقدين من الزمن، حينَ استعاد بيروزا الصغيرة إلى حضن والدتها بعدما بقيت فترةً طويلة نسبياً في عُهدة أخوتها لأبيها، الذين تمسكوا بها في عناد عقبَ ترملها.

* الرواية الأخيرة من خماسية " أسكي شام "



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الرابع/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثالث/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: بقية الفصل الثاني
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الثاني/ 1
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 5
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 4
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 3
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 2
- زمن موناليزا الحزينة: الفصل الأول/ 1
- بضعة أعوام ريما: الخاتمة


المزيد.....




- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زمن موناليزا الحزينة: الفصل الخامس/ 1