|
الشيوعيون والثورات المخملية
مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر
(M.yammine)
الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 21:52
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بعد تجربة الربيع العربي البادئة في تونس ومصر والمستمرة حتى الآن في سوريا العصيّة رغم أن "الثورة السورية" جمعت تحت العباءة الأميركية الغربية الإسرائيلية قوى الظلام الفاشية (داعش والنصرة) الممولة سعوديا وقطرياً وتركياً (الإسلام السياسي السنّي) وقوى "اليسار الجديد" التروتسكي النزعة والرافض لأي مهادنة طبقية مع قوى الممانعة البرجوازية المتخاصمة مع الإمبريالية ولأي فترة سماح لأنظمتها الدكتاتورية التعسفية بحسب رأيه؛ وبعد تجربة فنزويلا حيث استطاع مادورو ,بفضل تحالفاته الدولية وأد "الثورة المخملية" والحفاظ على مكتسبات ثورة تشافيز؛ وأخيرا بعد تجربة بيلوروسيا غير المعروفة نتائجها بعد، هذه الجمهورية التي حافظت مدى 26 سنة من حكم لوكاشنكو على جزء كبير من الإرث السوفياتي، وتجربة لبنان الذي عاش بعد الحرب الأهلية 30 سنة في ظل نظام نيوليبرالي كان موئلاً للفساد بكل أشكاله واستكمل النظام الحر الذي اعتمده لبنان منذ الاستقلال.. بعد هاتين التجربتين الأخيرتين اللتين لم تنتهيا فصولاً بعد، بتنا نرى أن كل هذه الثورات التي حصلت بعد انهيار النظام الاشتراكي العالمي بقيادة الاتحاد السوفياتي وشاركت فيها الفئات الشعبية عن كامل حق لو نظرنا إلى الفساد المستشري في هذه الأنظمة التي لجأت إلى قدر متميز من الإجراءات النيوليبرالية مسايَرةً للعصر الجديد ففقدت جزئيا طابعها التقدمي والشعبي، نفَذ من خلالها الإمبرياليون، تقودها في نهاية المطاف الإمبريالية نفسها عبر منظمات المجتمع المدني وغيرها التي "ربّتها على يدها" ولا تزال تمولها وتدربها بلا انقطاع وبنفس طويل. وهذا ليس ذنب الشعب نفسه الذي يشارك في هذه "الثورات" ويرتضي قيادة عتاة رأس المال العالمي لها إذا ما أدرك هذه الحقيقة بغياب قيادته الخاصة، عل هذه "الثورات الملونة" - رغم تلونها بغير اللون الأحمر - تغير في واقعه شيئا ولن تغير شيئا ولن تكون غير ما هي عليه، بل ذنبُ أحزابه الطليعية التي عزفت عن العمل التنظيمي التحضيري البعيد عن الأعين، كما أقلّت من العمل الشعبي "الشارعي" والقطاعي والمحلي، فلم تستطع أن تجتذب طليعة الطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة ذات الأفكار الثورية إلى حظيرتها بسبب قصورها النظري وترهلها واعتيادها على أجواء الديمقراطية البرجوازية الخادعة وسقوطها في الانتهازية الفكرية والسياسية. ومن مظاهر هذا أنها ما فتئت تعقد اجتماعاتها الجماهيرية الكبرى في المطاعم وكأنها نادٍ لمحبي البيرة مثلا بدلا من التمرس في النضال السياسي بالتحريض على الإضرابات وقيادتها وعلى العصيانات والتظاهرات والاعتصامات المتحركة وبدلا من إقامة المهرجانات الشاملة التي تستخدم فيها الفن والنقاش السياسي معاً كي تجتذب إلى أفكارها والى التحاور معها الشبيبة الصاعدة والنشطة، فتبقى بهذا أسيرة "لقاءات السمر بين كبار العُمُر!". زد على ذلك العودة إلى تنظيم وإنشاء المؤسسات الإنتاجية التعاونية وغيرها وبمال تعاوني تشاركي لتشغيل الكثير من الاختصاصيين الذين تخرجوا بالآلاف من الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية سابقا، فتلمّهم بذلك ضمن دائرة نفوذها ولا تتركهم لقمة سائغة لكبار المتحكمين بسوق العمل والتوظيف الرسمي في البلد وتابعين لهم لاحقا في السياسة، وتؤمن للثورة المقبلة الموارد المالية اللازمة. نحن الآن أمام مفترق طرق على صعيد النضال الإنساني، فالبرجوازية تنتقل إلى أساليب أكثر شراسة وفاشية قد تجعل النضال من أجل العدالة الإنسانية أصعب بكثير. ووباء الكورونا الكذبة اليوم ليس سوى ترامبلين للعبور إلى نظام يصبح فيه الفقر المطلق والعبودية المطلقة علامتي الحضارة الأساسيتين. من دون عمل جماهيري ثوري واسع النطاق تَنفذ الأحزاب الشعبية من خلاله من منصة الوقوف ضد هذه الحرب الهجينة المسماة كوفيد-19 وفضح مفاصلها أمام الجمهور الواسع واستغلالها لطرح كل القضية العمالية والشعبية برمتها والنضال لا من أجل الدولة المدنية التي تخطاها الزمن كشعار إذ لن تغير شيئا في اللعبة الاقتصادية والسياسية المحلية، بل من أجل الديمقراطية الشعبية كخطوة نحو الاشتراكية، أي نحو الملكية العامة لكل شيء في المجتمع ينتج شيئا ما على مستوى الحاجة الاجتماعية الشاملة، لن نستعيد ثقة الجماهير بنا. الجماهير الثورية تستهويها أكثر الشعارات الراديكالية التي لا يمكن أن يقيسها البرجوازيون عليهم بينما الجماهير العادية يستهويها الوسَطي ولذلك كانت في زمن السلم تنتخب دائما الاشتراكيين الديمقراطيين وليس الشيوعيين. وهنا لا بد في زمن العولمة وهيمنة رأس المال المالي الرجعي حتى الفاشية السافرة على اللعبة الاقتصادية العالمية من اعتماد أفعل أشكال التحالف سياسيا وتنظيمياً مع الأحزاب الشيوعية والعمالية واليسارية في البلدان الشقيقة وسياسياً مع شبيهتها البعيدة. فالعولمة أي الأممية الرأسمالية هي النقيض للعولمة أو الأممية الاشتراكية البروليتارية أي أممية الأجراء، ولا يمكن أن تجابه وحدة الرأسماليين إلا بوحدة نقيضهم. وبما أن الأممية الاشتراكية البروليتارية انحسرت بضرب النظام الاشتراكي السوفياتي، والطبيعة لا تحب الفراغ، فإن العولمة البرجوازية تتمدد وتتحكم بمصير البشرية حتى إشعار آخر. وهذا ما ساعد الإمبرياليين والمغامرين الكارهين البشرية أمثال بيل غيتس صانع الكورونا ومسوقها وسوروس صانع الثورات المخملية ومسوقها على تسويق مشاريعهم الفاشية لدى معظم حكومات العالم الرأسمالي القديم والمستجد.
#مشعل_يسار (هاشتاغ)
M.yammine#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاح بيل غيتس أداة لاستعباد البشرية الفاقدة روح الثورة
-
تقاتل الإمبرياليين على الغاز... والهجوم التركي!
-
رجعت حليمة...!!!
-
منظمة الصحة العالمية تدعو جميع دول العالم إلى الكف عن فرض ال
...
-
بين هيمنة وهيمنة الأقربون أولى بالمعروف!
-
-قنبلة موقوتة- لبيروت
-
انفجار بيروت قد يكون هجوماً إرهابياً: خبير لجنة مكافحة الإره
...
-
خواطر ما بعد افتضاح اللعبة القذرة!
-
بيل غيتس والمحكمة الدولية
-
عالم الأوبئة غونداروف: الإجراءات المتخدة ضد الكورونا لا لزوم
...
-
أبطال الماضي وأبطال الحاضر
-
عقوبات الكورونا إمعان في إفقارنا!
-
المصير الأسود ينتظرنا ما لم نسقط سياسة حكوماتنا المأجورة!
-
التاريخ يعيد نفسه!!!
-
الخطوة التي لا بد منها للخروج من الجمود!
-
فيروس متلون بألف لون، ولا يصيب إلا المؤمنين به!!
-
اللقاحات سبب أمراض الجهاز العصبي
-
مؤامرة الفيروس التاجي: أهل المال راهنوا على الاقتصاد الرقمي
...
-
المؤرخ أندريه فورسوف: خمس مهام رئيسية مطلوب من خلال الجائحة
...
-
كاتاسونوف: التطعيم كخفض طبي لعدد السكان
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|