أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام ابراهيم عطوف كبة - -موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (2-7)















المزيد.....

-موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (2-7)


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 10:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"المنطق التجريبي"و"منطق البحث"

يجادل جون ديوي،اغزر كاتب بين الفلاسفة البراغماتيين في كتابه(مقالات في المنطق التجريبي)ضد المثاليين الذين يفصلون الفكر البشري عن العمل.انه يقول بأن التفكير لا يبدأ من(حقيقة وجود عقل في كل كائن بشري،مهمته مجرد المعرفة)(13).على العكس: (ان التفكير هو ادارة للسيطرة على المحيط،السيطرة التي تتم باعمال لا يمكن ان تقوم من دون سابق حل للموقف المعقد الى عناصره الاولية الاكيدة،وبنفس الوقت تحقيق الامكانيات الناتجة عن ذلك.ان التفكير هو اسم للحوادث والاعمال التي تنطوي عليها عمليات الفحص التحليلي والاختراع والاختبار..الخ.ان هذه الحوادث والاعمال طبيعية تماما.ان التفكير هو ما تفعله بعض الكائنات القائمة)(14).وهكذا فان التفكير،في رأي ديوي،هو نشاط للعضويات البشرية المحددة في تبادل تأثيرها مع محيطها،وهو(اداة للسيطرة على المحيط).بل ان ديوي يؤكد بعد ذلك(على ان الايدي والاقدام والاجهزة والادوات من جميع الانواع،هي اجزاء من التفكير بشكل لا يقل عن التغيرات الطارئة على الدماغ)(15).
وفي كتابه(المنطق – نظرية البحث)يواصل ديوي توسيع رأيه(الطبيعي)عن التفكير: (ان الخصائص التي تميز البحث الموجه،تتطور عن النشاطات البيولوجية التي لا تتميز بالخصائص المذكورة.فاذا انكر الانسان ما فوق الطبيعة وجب عليه تحمل المسؤولية الفكرية للاشارة الى كيفية امكان ربط المنطقي بالبيولوجي في عملية تتسم بالتطور المستمر)(16).ومن وجهة النظر هذه،يجادل ديوي ايضا ضد كامل المفهوم الذي يجده مميزا لجميع(المنطق الشكلي)من ان التفكير يجد منطلقه في جملة وقائع(معطاة)- ادراكات حسية،احساسات،معطيات حسية،او اي شئ مماثل.
انه يقول بأن المنطق الشكلي(صاغ مشكلة المنطق لربط الفكر المنطقي بمواد الاحساس).الا انه بقيامه بذلك(اهمل سمته الاساسية:السيطرة على المحيط بأسم التقدم الانساني والرفاه)(17).انه يقول بأن التفكير لا ينبعث من حدوث نوع خاص من الوعي او المعرفة(المباشرة)يطلق عليها اسم(الانطباع الحسي)،انه بالاحرى (كامل الموقف) – اي مجموع مركب العلاقات المعقدة بين الانسان ومحيطه – الذي يثير التفكير.(ان مفهوم التفكير كنشاط مستقل،يحدث بشكل ما،بعد سابقة مستقلة،ويؤدي في النهاية الى نتيجة مستقلة،لا يقدم لنا الا معجزة جديدة مستعصية على الفهم)(18).
ان افتراض ان التفكير يعالج وقائع حسية(معطياته)كما يقول في كتابه(المنطق)،هو(خرافة فظيعة)(19).ان الوقائع الملاحظة ذات الاهمية لكل عملية تفكير او بحث حقيقية،هي دائما(مختارة)،ويجب ان يجري عليها(الاختيار).ان الوقائع،كما يقول ديوي في كتابه(البحث عن اليقين)ليست(معطاة)بل(منتزعة)(20).كذلك يعارض ديوي فكرة ان (الاشكال المنطقية)المعبر عنها في الفكر – اشكال الحكم واساليب الاستقراء- هي بشكل ما سمات خالدة وضرورية وكامنة في صلب التفكير،وكنشاط عقلي او روحي خالص ومستقل.ان هذه الاشكال بالاحرى قد تطورت في التاريخ الطبيعي للفكر البشري،كمشروع لغرض السيطرة على المحيط.لقد كتب جون ديوي: (ان جميع الاشكال المنطقية بخصائصها،تنشأ من عمليات البحث نفسه،وهي تعني بالسيطرة على البحث لامكان اصداره التأكيدات اليقينية.ان الاشكال المذكورة تمد جذورها في اعمال البحث.ان البحث يمكن ان يطور خلال مجراه الدائب الاشكال وخلال المقاييس المنطقية التي ستخضع لها البحوث المستمرة)(21).
يقول ديوي: (من المدهش انه في وجه تقدم الاسلوب التطوري في علم الطبيعة،يمكن لاي عالم منطقي ان يصر على التأكيد بوجود فارق جامد بين مشكلتي الاصل والطبيعة،مشكلتي النشوء والتحليل،مشكلتي التاريخ والحقيقة..).ومع ذلك فان الفلاسفة والمناطقة يصرون على اعتبار التفكير(كشئ قائم بذاته،له بذاته بعض الخصائص والعناصر والقوانين المعينة)(22).انهم يترددون بين اعتبار(الخصائص المنطقية)كشئ(كائن في العقل)،وبين اعتباره كخصائص لازمة للتركيب الاونتولوجي – اي الوجودي – للعالم(23).ان كلا الرأيين بعيدان عن الصواب.ان الاشكال المنطقية ليست (جاهزة)بأي معنى من المعاني،ولكن (مختلف اشكال الآراء تميز مراحل مختلفة في تقدم سير البحث)(24).
والآن لنلخص جوهر هذه الاقتباسات المختلفة.ان جون ديوي في كتاباته عن المنطق يقدم رأيا عن التفكير يتميز بما يلي:
1. ان التفكير ليس نشاط(العقول)التي تنحصر مهمتها في التأمل والمعرفة،بل انه نشاط العضويات البشرية المحددة،الناشئة عن تبادل التأثير مع المحيط كأداة للسيطرة عليه.
2. ان عمليات التفكير لا تستند على حدوث معطيات الحس،التي يمكن النظر اليها باعتبارها(معطيات)نهائية- اي كما يقول الكانتيون،يجب تنظيمها في وحدة الادراكات وتحليلها وتنسيقها بالطرق المقدمة من قبل مختلف الوضعيين،الكانتيين الجدد(نيو كانتيين)والكانتيين المتأخرين(البوست كانتيين).ان التفكير لا ينشأ من حدوث مثل هذه الوقائع بشكل معجز،بل من التفاعلات مع المحيط،والمجهود للسيطرة عليه واعادة تشكيله.ويجب اكتساب واختيار وفحص نفس وقائع الملاحظة المستخدمة في عمليات البحث.
3. ان الاشكال المنطقية وطرق الاستقراء المعبر عنها في عمليات التفكير،ليست اشكال تفكيرية جاهزة،او ابدية،بل انها تتطور في عملية التاريخ الطبيعي للتفكير.
ان ديوي يبدأ بهذه الآراء حول طبيعة التفكير وكأنه يجادل ضد المثالية.ان التفكير ليس نشاطا(للعقول)في(تأملها)لوقائع حسية(معطاة)بل انه نتاج التفاعل بين الانسان ومحيطه.ولكنه من هذا الجدل الظاهر ضد المثالية،ينطلق لصياغة استنتاجات حول قوانين الفكر او المنطق موجهة مباشرة ضد المادية.فليس هناك في نظره اي منطق يعبر عن القواعد الضرورية للتعبير الصحيح عن انعكاس الحقيقة الموضوعية في الفكر.ان مهمة التفكير ليست عكس الحقيقة الموضوعية بصورة اكثر امانة وشمولا،بل تطوير الافكار والاساليب النافعة والملائمة للاغراض العملية وحسب.وهكذا فان جدال ديوي ضد بعض المبادئ التقليدية للمثالية،ماهو الا الخطوة الاولى في جدله ضد فكرة كون الفكر يمكن او يجب ان يعكس الحقيقة الموضوعية،وعليه فما هو الا حجة تنتهي الى اعادة التأكيد على المضمون الجوهري لنفس النظرة المثالية التي ادعى مهاجمتها.
وهنا يظهر طابع التحايل الذي يميز الفلسفة البراغماتية بصورة عامة.فتحت ستار الجدل ضد المثالية توجه البراغماتية دائما جدلها الرئيسي ضد المادية لاعادة الموقف المثالي بتعابير مختلفة.ان هذا الطابع التحايلي(للاسلوب)البراغماتي،سبق ان اشار اليه الفيلسوف الامريكي هاري ويلز،وسبق ان سماه(حجة الثلاث خطوات): (الخطوة الاولى – مهاجمة المثالية،الخطوة الثانية – التأكيد على المفهوم البراغماتي للحقيقة باعتبارها(ما يثبت نفعه)،بدل مفهوم عكس التفكير للحقيقة الموضوعية بأمانة،والخطوة الثالثة – اعادة المثالية بكلمات مختلفة).


الهوامش

(13) جون ديوي: (مقالات في المنطق التجريبي)،ص 23،بالانكليزية.
(14) نفس المرجع،ص 30-31.
(15) نفس المرجع،ص 14.
(16) نفس المرجع،ص 25.
(17) نفس المرجع،ص 21 – 22.
(18) نفس المرجع،ص 175.
(19) جون ديوي: (المنطق)،ص 428،بالانكليزية.
(20) جون ديوي: (البحث عن اليقين)،الفصل الرابع،بالانكليزية.
(21) جون ديوي: (المنطق)،ص 4.
(22) جون ديوي: (مقالات في المنطق التجريبي)،ص 93.
(23) نفس المرجع،ص 419.
(24) المنطق،ص 309.



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (1-7)
- اختطاف افراح شوقي يرفع الى الواجهة ملف جرائم الميليشيات وافع ...
- قانون الحشد الشعبي والميليشيات
- الشبيبة الديمقراطية العراقية وذكرى ميلاد اتحادها المجيد
- الحط من القيمة التاريخية لثورة 14 تموز في العراق - تعقيبا عل ...
- ديناميكا الفوضى في الطبيعة والمجتمع والنموذج العراقي
- وطنيون ام همج ورعاع؟!
- متى كانت مسابقات ملكات الجمال فعالية ماسونية ؟!
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- داعشيات ما قبل الداعشية
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 24 والأخير
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 23
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 22
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 21
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 20
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 19
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 18


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام ابراهيم عطوف كبة - -موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (2-7)