أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد اللطيف - نزعه الانسان للفساد والقتل : هل هي من صفات و طبيعه الانسان؟














المزيد.....

نزعه الانسان للفساد والقتل : هل هي من صفات و طبيعه الانسان؟


علي عبد اللطيف

الحوار المتمدن-العدد: 6648 - 2020 / 8 / 16 - 11:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اختلف البشر في فهم مكامن النفس البشريه ونوازع الخير والشر فيها. فمن عزاها الى عوامل بيولوجيه تتحكم بها جينات خلق بها الانسان مسؤله عن تصرفاته وسلوكه مع بني جنسه او المخلوقات الاخرى و البيئه التي يعيش فيها. واخرون قالوا ان سلوك الانسان مكتسب من التربيه التي نشأ
عليها و الظروف التي يعيشها تنعكس خيرا او شرا في سلوكه مع الغير و تفاعله مع محيطه الجامد منه او الحي.
يقول الله سبحانه و تعالى" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال اني اعلم ما لا تعلمون " .."البقرة (30)... صدق الله العظيم.
لقد ذكرت الايه اعلاه ان الملائكه اجابوا الله سبحانه بتسائل عن سبب جعله ادم خليفه في الارض وهو الذي يفسد في الارض و يسفك الدماء.

فكيف عرفت الملائكه هذه النوازع عند البشر؟ هناك عده آراء:
الرأي الاول : ان كلامهم هذا قد سبقه اعلامهم من الله سبحانه وتعالى لان الملائكه لاتعلم الغيب ولا تعمل بالظن كما جاء في تفسير البيان. وهذا مروي ايضا في تفسير القرطبي وابن كثير باسناد ابن عباس وابن مسعود وقتادة وابن جريج وابن زيد وغيرهم.
الرأي الثاني: علمهم بذلك قياسا الى المخلوقات التي سبقت ادم (ع) الخليفه الذي اختاره الله في الارض ( البيان ج 1 ص 133). وكما نقله القرطبي أن الملائكة قد شهدت افساد الجن في الارض وسفكهم الدماء لان الارض سكنت من الجن قبل بني ادم.
وفي سفر التكوين وهو الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى اشاره لجود انسان عاش على الارض قبل ان يخلق الله ادم (و قال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر و على طير السماء و على البهائم و على كل الارض و على جميع الدبابات التي تدب على الارض. فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا و انثى خلقهم. و باركهم الله و قال لهم اثمروا و اكثروا و املاوا الارض و اخضعوها و تسلطوا على سمك البحر و على طير السماء و على كل حيوان يدب على الارض) . تكوين1 :26-28. كما يذكر ان ادم خاف من ان طرده من الجنه و نزوله الارض سيقتله كل من يجده على الارض (انك قد طردتني اليوم عن وجه الارض و من وجهك اختفي و اكون تائها و هاربا في الارض فيكون كل من وجدني يقتلني ). تكوين4 : 14
الرأي الثالث: هو ما فسره العلامه الطباطبائي عندما مزج بين الخصائص الروحيه والماديه للبشر وعلاقاتهم الاجتماعيه في دارهم الجديده – الارض و ماسيحصل بينهم تبعا لهذه الخواص البشريه والتي عرفتها الملائكه مسبقا : ( ان الموجود الارضي بما انه مادي مركب من القوى الغضبية والشهوية والدار دار التزاحم محدودة الجهات وافرة المزاحمات مركباتها في معرض الانحلال وانتظاماتها واصطلاحاتها مظنة الفساد ومصب البطلان لا تتم الحياة فيها الا بالحياة النوعية ولا يكمل البقاء فيها الا بالاجتماع والتعاون فلا تخلو من الفساد وسفك الدماء) الميزان ج1 ص 115.

لكن هل يوجد تفسير اخر للايه 30 من سوره البقره؟

الايه واضحه التركيب, فهي حوار بين الله سبحانه وتعالى والملائكه.
يبدا الحوار عندما اعلم الله سبحانه وتعالى الملائكه بموضوع الخليفه ليجيبه الملائكه بتخوفهم من نزعه "الفساد والقتل" والتي ستسود البشر سكان الارض ليحسم الله سبحانه وتعالى الامر بعدها بقوله " اني اعلم ما لا تعلمون".
لتفكيك المحاوره عقليا نصل الى تفسير ان الملائكه قد جربوا سابقا طبيعه المخلوقات التي سبقت ادم (ع) والتي تميزت بفسادها وحبها للقتل وهذا ما اخبروا به الله سبحانه وتعالى.
الامر الثاني هو ان الله سبحانه وتعالى قد وضع "العلاج" لتخوفات الملائكه لكنه لم يعلمهم عندما قال لهم " اني اعلم ما لا تعلمون".

فما هو العلاج الذي لم يخبر الله سبحانه وتعالى الملائكه به؟

ميز الله سبحانه وتعالى الانسان عن باقي مخلوقات مملكه الحيوان بالعقل... فالعقل هو القابليات الذهنيه و القدرات المتعلّقة بالإدراك، والتقييم، والتذكّر، وأخذ القرارات،والتي تنعكس على الأحاسيس، والتصورات، والعواطف، والذاكرة، والتفكير، والرغبات، والدوافع، والخيارات. كل هذه القدرات العقليه و الذهنيه مرتبطه بوظائف الدماغ العليا الموجوده في المخ.
لذلك اصبح الانسان قادرا على التمييز والاختيار بين الخطأ و الصواب مما ادى الى نشوء ضوابط و محددات السلوك القويم التي انتشرت بين افراد المجموعات البشريه المكونه للمجتمعات والتي انتهت بالعقد الاجتماعي الذي يحكم العلاقه بين المجتمعات وبين البشر في المجتمع الواحد.
ان كل الضوابط والقوانين الاجتماعيه والتي تحدد سلوك البشر تختصر بكلمه "العيب". فمن العيب ان ترتكب الخطأ ومن العيب ان تفسد ومن العيب ان تقتل. هذه القيمه "الاخلاقيه" والتي اوجدها العقل المميز لتوجيه سلوك البشر سبقت القوانين الوضعيه والتي اوجدت "العقوبه" مقابل "الجريمه" والتي هي سلوك فاسد او ارتكاب لفعل القتل.
الامر الاخر والذي جعله الله علاجا لنوازع البشر في الفساد وسفك الدماء هو"الدين" الذي بعثه الى البشر عن طريق الانبياء. ان مهمه الانبياء هو ابلاغ و تعليم الانسان تعليمات الله سبحانه وتعالى و ضبط سلوك البشر من خلال امرين : العبادات والمعاملات. فالعبادات هي الطقوس الدينيه والتي تعبر عن عباده الانسان لله سبحانه وتعالى وخضوعه لخالقه اي ضبط علاقه البشر بخالقهم والمعاملات هي كل مايصدر عن الانسان فيما يتعلق بعلاقته باخيه في الخلق اي انها الضابط المحدد لمعاملات البشر"السويه" فيما بينهم.
ان ثنائيه العقل-الدين هي ما يقوم سلوك البشر ليرشده بشكل واعي لاختيار "الخير" و الامتناع عن الاتيان بسلوك "الشر" وغايته في الفساد والقتل. ففي المجتمعات التي تخسر فيها قيم "العيب" المستنبطه من اعمال العقل نحو الخير او / و تخسر قيم "الدين" تنزلق وبسرعه لهاويه التفسخ الاجتماعي والذي يسود فيه " الفساد و القتل" في نزعته البدائيه التي خلق عليها البشر.



#علي_عبد_اللطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دواء الصرع -الفنتوين- العراقي وعلاقته بطريقه الفحام-الخياط ل ...
- تخطيط الدماغ و تخطيط الأعصاب والعضلات في العراق: تاريخ تخصص ...
- المرأة فى قصص محمود البدوى
- حـريق القـــاهرة فى قصص محـمود البـدوى
- حرب اكتوبر1973 فى قصص محمود البدوى


المزيد.....




- -لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة ...
- الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
- الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا ...
- رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
- زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح ...
- الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد ...
- طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
- موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
- بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد اللطيف - نزعه الانسان للفساد والقتل : هل هي من صفات و طبيعه الانسان؟