أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - رواية (بير الشوم) لفيصل الحوراني... تدوين لسنة حاسمة فى الشأن الفلسطيني















المزيد.....

رواية (بير الشوم) لفيصل الحوراني... تدوين لسنة حاسمة فى الشأن الفلسطيني


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 23:44
المحور: الادب والفن
    


إذا كان عديد الروائيين ممن يتناولون في رواياتهم حوادث حصلت حديثا، وإن شخوصها أو بعضهم مازالوا على قيد الحياة، ولغرض التخلص من الإحراج واللوم أو الشكوى القضائية، فإنهم يصدّرون رواياتهم بما معناه: إن هذه الرواية من نسج الخيال، وأي تشابه في الحوادث، مع أناس حقيقيين ما هو إلا محض مصادفة، أو ينفي أن يكون الراوي هو الروائي ذاته، ومن ذلك ما فعله جبرا إبراهيم جبرا في روايته (البحث عن وليد مسعود) لا بل أنه في روايته (صيادون في شارع ضيق) يوغل في محاولة النأي بنفسه عن وجع الرأس! يؤكد: “وليس من بين الشخصيات من هو مستند على أشخاص حقيقيين، وليس أيما تشابه بين الراوي جميل فران والمؤلف، إلا في أن الإثنين قد غادرا بيت لحم إلى بغداد عام ١٩٤٨ لشغل منصب تعليمي في إحدى الكليات”.! فإن الروائي والباحث السياسي الفلسطيني فيصل الحوراني، المولود في قرية المسلمية بفلسطين سنة 1939،ونزح مع أسرته نحو سورية بعد حلول الكارثة سنة 1948، وظل يتوق- كما يقول- على الرغم من السنين إلى العودة للوطن، إلى المكان الذي يخصه، المكان الذي حرم من العودة إليه، والناس الذين يتوق للاختلاط بهم، ولا سيما بعد أن عاد رهط من أصحابه؛ بعد أن لاحت فرصة العودة إلى فلسطين، وهنا يشير فيصل الحوراني- كما أرى- إلى إتفاقية أوسلو سنة 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما تمخض عنها من نتائج، ومنها إقامة السلطة الفلسطينية،اقول: فإن الروائي فيصل الحوراني، وهو يتحدث عن نحو سنة من تاريخ فلسطين الحديث، وتحديدا منذ بداية شهر مايس/ مايو 1948، وعن قرية فلسطينية شاء فيصل الحوراني أن لا يسميها، بل سمى القرى المجاورة، وتخفى وراء الراوي المركزي، الذي شاءه أن يظل مجهولا للقراء.

سنة من تاريخ فلسطين
ولأنه رأى أننا سنبحث عن سبب ذلك، فهو يكفينا مؤونة السؤال معللا ذلك:” إن الناس الذين أتحدث عنهم كانوا كلهم عزيزين علي، وما زال كثيرون منهم أحياء، وأنا اخجل من أن يعرفني هؤلاء فيلومونني على ما أفعله حين اقدمهم (..) بالصورة التي كانوا عليها (..)، في حين أنهم تبدلوا، وانتهوا إلى مصائر لا توحي بها الأحداث والمواقف التي سأحكي عنها، أو يلومونني على تحويرات اقتضتها طبيعة الرواية أو أخطاء فرضها ضعف الذاكرة، في الحديث عنهم، أو عن من احبوهم ممن رحلوا”. ص 7 من الرواية.
فيصل الحوراني الروائي الباحث السياسي، الذي عمل امدا طويلا في مركز الأبحاث التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومقره كان في بيروت، وحتى التوغل الصهيوني في لبنان في شهر حزيران/ يونيو 1982، وقيام قوات العدو الصهيوني بنقل محتويات المركز بشاحنات نحو الأرض المحتلة؛ الحوراني كي يتخلص من الحرج فإنه اختار هذه الفذلكة، كي ينعم بالحرية الواسعة في تصوير حياة قرية فلسطينية، على مدى نحو سنة كما أسلفت القول، منذ أن ازمعت قوات الإنتداب البريطانية على أن تجلو من الأراضي الفلسطينية، في منتصف شهر مايس 1948، وقبل ذلك صدور قرار التقسيم الدولي خريف سنة 1947، جزء لعرب فلسطين، وآخر لليهود، وحتى دخول الجيوش العربية، التي كان المجاهدون الفلسطينيون يعوّلون عليها كثيرا، ويتوسمون فيها خيرا، ولكن بيروقراطية هذه الجيوش وبطء وصول الأوامر والتعليمات، لا بل،( ماكو أوامر) باللهجة العراقية، هذه الكلمة التي ذاعت في أوساط الفلسطينيين وقتذاك، وتعني أن لا أوامر! ومازالت في الذاكرة دراسة قيمة كتبتها الباحثة الفلسطينية الدكتورة خيرية قاسمية عن هذا الموضوع، وهي تقدم مذكرات المجاهد الفلسطيني عوني عبد الهادي (توفي سنة 1970).
تلمس ذلك- أي وصول الجيوش العربية- من خلال الوفد الذي قاده ( أبو جهاد) قائد فصيل القرية المجاورة،( قرية الخيام)وصاحب الخطط القتالية الدقيقة للقاء بضابط مصري عالي الرتبة في القدس، كي يعرض أمامه الوضع القتالي الصعب، ولا سيما محاولة ( قوة الهاجاناه) الصهيونية، استعادة معسكر وادي الصرار من المجاهدين، الذين قادهم أبو جهاد ليلة الانسحاب البريطاني منه، وباغتوا قوة الهاجاناه، التي كانت تعد العدة للسيطرة عليه، حتى إذا انهالت الأسلحة من الجو والبحر على الصهاينة، قرروا استعادته، لكن لم يجد لدى الضابط المصري الأنيق الحليق، الذي نزل في مبنى بلدية القدس، سوى الوعود، لا بل جعل الوفد المرافق لأبي جهاد ينتظر خارج المبنى! والأنكى أن الجندي حارس المبنى صرخ بأعضاء الوفد، أن ممنوع الوقوف هنا لامؤاخذة ياحضرات!
تصوير للحياة كما هي
الروائي فيصل الحوراني في روايته (بير الشوم) التي أهداها: إلى أميل حبيبي.. رائدا ومناضلا، كان قريبا من حقائق الحياة والأشياء، فهو بخلاف بعض الخائفين في الدول الشمولية، أو المؤدلجين، يصور الإنسان وخلجاته كما هي في واقع الحياة؛ يصوره في ضعفه وقوته، جبنه وشجاعته، صغاره وشموخه، بخلاف عديد الروائيين الذين قرأت أعمالهم الروائية، مما عرف بأدب الحرب أو المعركة! حيث يؤكدون الجوانب الإيجابية فقط، وهذا مما لا يأتلف مع طبائع الحياة، ولأذكر نموذجا واحداً؛ الرواية القصيرة (مصير إنسان) للروائي ميخائيل شلوخوف، وترجمها حسيب الكيالي.
فيصل الحوراني، يصور الشخصية الانتهازية مختار القرية ( أبو خالد وليد أبو حامد)، الذي مالأ الأتراك حتى إذا رحلوا إثر الحرب العالمية الأولى، تعاون مع قوات الانتداب البريطانية، وظل صديقا للكابتن الإنكليزي، حتى الساعات الأخيرة التي سبقت الرحيل البريطاني ،لا بل إنه أَوْلَمَ وليمة فاخرة لجنود الكابتن الذين جاءوا لتفتيش القرية، حين نما إليهم أن شباب القرية ذهبوا لنجدة مقاتلي قرية مجاورة، وليدرأ عن نفسه وقريته أذى جنود الانتداب، ثم ما لبث أن مد يده للتعاون مع القيادة الفلسطينية في القدس ممثلة بالحاج محمد آمين الحسيني، لكن حين يطلب منه ( أبو جهاد) قائد فصيل قرية ( الخيام) التهيؤ لغرض السيطرة على معسكر وادي الصرار، الذي سيغادره البريطانيون وشيكا، يتذرع بشتى الذرائع كي لا يقاتل، وكي يمنع مجاهدي قريته من الاشتراك في القتال، وتتكرر تجارب التخاذل والجبن والانتهازية، فيقاطعه الناس وهو مختارهم! ، لابل يصل الحال أن يوبخه أحد شباب المجاهدين ( جواد) فضلا عن ( شعبان)، سائق العجلة التي تقل المجاهدين، فتصيبه لوثة تفقده عقله واتزانه.
رواية ( بير الشوم) للروائي الفلسطيني فيصل الحوراني، من روايات التاريخ، التي وثقت سنة مهمة وفاصلة من حياة الفلسطينيين، وهي إذا كانت وقائعها معروفة للناس الذين عاشوا تلك الأيام، فإنها ستكون وثيقة مهمة للأجيال الفلسطينية حالياً ومستقبلا، تبصرهم بالجهد الذي بذله المجاهدون الأوائل، دفاعا عن الأرض والعرض، وتبين لهم الخلافات في الوسط الفلسطيني، بين وحدات ( جيش الإنقاذ) ووحدات ( الجهاد المقدس) فضلا عن خلافات قاصمة بين الأسر الفلسطينية النافذة والمؤثرة، واستغلال العدو لهذه الفرقة ولهذا الاضطراب، كما توثق المشاركة الهشة للجيوش العربية، وغطرسة الضباط واستنكافهم من التعاون مع المجاهدين بحجة الخطط والضبط والربط، وضياع الأوامر ومن ثمّ ضياع فلسطين.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمال عبد الناصر من حصار الفالوجة حتى الإستقالة المستحيلة
- التأريخ الهجري جزء من منظومتنا الثقافية والقومية
- أحمد زكي الخياط.. قبس من أخلاقه ونزاهته
- كانا يغيّران في قصيدهما أبو عبادة البحتري ونظيره أبو فرات ال ...
- حين يمسي المفكر التنويري عنصريا إطلال على بعض آراء إسماعيل م ...
- عزوّ أقوال إلى قائليها
- (لماذا تكرهين ريمارك؟) لمحمد علوان جبر نص روائي مثقف تناوب ع ...
- في رحيل الشاعر والمفكر اللبناني صلاح ستيتية.. خافوا التاريخ
- في الحديث عن القومي العروبي الماركسي محسن إبراهيم
- تاييس رواية الحب العذري العفيف.. الوصايا تتحول وبالاً على مط ...
- مَنْ يتذكر محمد حسيب القاضي. شاعر الثورة الفلسطينية؟
- محمد عوض محمد نقلها عن الألمانية - (فاوست) ونزغات الشر في ال ...
- هل تعاني قريحة الروائيين نضوبا؟
- رواية(هل تحبين برامس؟) لفرانسواز ساكان حين يمسي ضعف المترجم ...
- محمد مهدي البصير.. الشاعر الثائر الذي غادر الشعر والسياسة
- ابتسام عبد الله.. مواهب في القصة والرواية والترجمة والحوار ا ...
- السيد محمد سعيد الحبوبي شاعر الحياة وفقيه الجهاد
- مناقشة هادئة مع المفكر الماركسي الشهيد مهدي عامل
- ذاكرة العراق؛ عبد الحميد الرشودي يدرس حياة الرصافي وآثاره وش ...
- صورة المناضل مهدي بن بركة


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - رواية (بير الشوم) لفيصل الحوراني... تدوين لسنة حاسمة فى الشأن الفلسطيني