|
مقدمة 2 _ علم المستقبل
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6646 - 2020 / 8 / 14 - 17:27
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
مقدمة 1 _ علم المستقبل
لنتأمل طبيعة الساعة القادمة ( فترة 60 دقيقة ) من بدء لحظة القراءة ؟! بالنسبة لنا الأحياء الآن ، جميعا وبلا استثناء ، هي جزء من الحاضر ، وبعد 60 دقيقة تصير في الماضي ( وليس في المستقبل قطعا ) . بينما نبقى نحن ( الأحياء ) في الحاضر ، ومن يموتون خلال الساعة ، يصيرون مباشرة في الماضي . بالمقابل ، الساعة المحددة نفسها ، هي بالنسبة لمن لم يولدوا بعد في المستقبل . كيف يمكن تفسير ذلك بشكل علمي ( منطقي أو تجريبي ) ، بالتزامن مع فهمه ؟! توجد حتى اليوم أربع نظريات ، أو مواقف عقلية وفكرية ، تفسر الحاضر والزمن . وهي تشمل مواقف جميع البشر من الزمن ( والوقت ) ، والحاضر أيضا بلا استثناء . بعبارة ثانية ، مع اختلاف النظرة والموقف من الزمن بين الأفراد إلى درجة التناقض ، يمكن تصنيف مواقف جميع الأفراد ، بين أحد التوجهات الأربعة . فهي تشمل الموقف الإنساني من الزمن ، بداية من الانكار ووصولا إلى الموقف التجريبي ، مرورا بالمنطق وشرط عدم التناقض . 1 النظرية الكلاسيكية ، وهي مشتركة بين نيوتن وافلاطون ، وحتى يومنا 14 / 8 / 2020 ، ما تزال تمثل الموقف الإنساني السائد من الزمن . وتعتبر أن الزمن مطلق ، وموضوعي ، ويتحرك من الماضي إلى المستقبل . ومشكلتها الأساسية في الفهم المعكوس لاتجاه حركة الزمن ، من المستقبل إلى الماضي وليس العكس ، وهذا ما يمكن ملاحظته والتأكد منه في أي نقطة على سطح الكرة الأرضية بلا استثناء . كما توجد مشكلة ثانية ، يعبر عنها موقف نيوتن من الحاضر ، والذي يعتبر أن الحاضر فترة لا متناهية الصغر ، ويمكن اهمالها في الحسابات العلمية . بينما حركة الزمن مركبة ، ومزدوجة : 1 _ الحركة التعاقبية من المستقبل إلى الماضي ، بسرعة ثابتة هي التي تقيسها الساعة 2 _ الحركة التزامنية من حاضر 1 إلى حاضر 2 إلى حاضر 3 إلى ...حاضر س ، وعتبتها سرعة الضوء ، وهي تتجاوز سرعة الضوء غالبا . 2 النظرية النقدية ، ويشترك معها موقف التنوير الروحي ، وهي تنكر وجود الماضي أو المستقبل . وتعتبر أن الزمن ، تركيب عقلي ، وليس له وجود موضوعي بالفعل . أهمية هذا الموقف تتركز في الاهتمام الحقيقي بمشكلة الحاضر ، وكيفية الحضور الإنساني في العالم . ويعتبر الفيلسوف الألماني هايدغر ، أحد أهم من فكروا بمشكلة الحاضر . نقطة ضعف هذه النظرية ، والنظرة معا ، واضحة ومباشرة فكلنا خبرنا الماضي ونعرف أن المستقل قادم معنا أو بدوننا ، ومع ذلك لهذه النظرية أهميتها حتى اليوم . 3 النظرية الحديثة ، وأهم أعلامها اينشتاين وستيفن هوكينغ ، ويشاركهم الموقف كثيرون من العلماء والفلاسفة وغيرهم من المهتمين بفكرة الزمن . وهي تعتبر أن حركة الزمن حقيقية ، لكنها ليست في اتجاه واحد ، ومحدد . وهذه النظرية تقف خلف فكرة السفر في الزمن ، وغيرها من الأفكار الغريبة . وأهميتها تتمحور في تحرير العقل من المواقف المسبقة من الزمن ، واعتبار أن حركته فقط من الماضي إلى المستقبل . لكن للنظرية مشكلاتها ، وهي تتناقض في جوانب عدة ، مع الملاحظة والمنطق . 4 النظرية الجديدة للزمن ، وهي ما أعمل عليها ، لتكملتها ومعالجة بعض نواقصها وتناقضاتها ، حيث صياغتها الأولية منشورة على صفحتي في الحوار المتمدن . وهي تمثل خلاصة النظريات الثلاثة السابقة ، بالإضافة إلى فكرتها المحورية والتي تتركز على اعتبار أن اتجاه حركة الزمن : من المستقبل إلى الحاضر ثم الماضي أخيرا . النظرية في طور الاختبار . .... مثال تطبيقي لنتأمل السنة القادمة 2021 ، بدلالة نظريات الزمن الأربعة : 1 _ بحسب النظرية الكلاسيكية يتقدم الزمن ، بنفس السرعة التي تقيسها الساعة ، بشكل موضوعي ومطلق ، من الماضي إلى الحاضر ، والمستقبل في المرحلة الثالثة . وهذه النظرية تنسجم مع الملاحظة والشعور ، ومع الموقف الديني والفلسفي أيضا . لكن بعد تكرار الملاحظة ، ومع الانتباه إلى تحول الحدث ( الأحداث والأفعال بلا استثناء ) إلى الماضي ، بنفس السرعة الموضوعية والتي تقيسها الساعة ، تحدث مفاجئة صادمة بالفعل حيث الحركة الموضوعية من الحاضر إلى الماضي ( وليس العكس ) . فعل قراءتك الآن ، يتسرب مباشرة إلى الماضي ، ويستحيل أن ينتقل إلى المستقبل . ولا تنتهي المفاجأة الصادمة هنا ، بل نحن الأحياء نبقى في الحاضر طوال حياتنا _ ومعنا الأشياء والأشخاص _ وبقية تفاصيل الواقع ومكوناته ! وهنا تفشل النظرية الكلاسيكية ، في تفسير ما يحدث في الحاضر . مع نجاحها في توقع المستقبل الموضوعي ( فقط بعد عكس اتجاه الزمن ) . 2 _ بحسب النظرية النقدية ( موقف الانكار ) وهذا الموقف ينسجم مع الملاحظة والشعور أيضا ، ومع موقف التنوير الروحي . لكن بسهولة نتذكر الأمس ، والماضي الشخصي . ونعرف تماما أن يبتعد عن الحاضر ( وعنا أيضا ) بسرعة ثابتة ، هي التي تقيسها الساعة . بالتزامن مع اقتراب المستقبل من الحاضر ( ومنا أيضا طالما نحن ما نزال أحياء ) بنفس السرعة الثابتة . وهنا تفشل النظرية النقدية في تفسير ما حدث ، وتهمل ما سيحدث بصورة مؤكدة . 3 _ بحسب النظرية الحديثة ( الاتجاه غير الثابت لحركة الزمن ) هذا الموقف مصدره فيزياء الكم ، واستبدال اليقين التجريبي الكلاسيكي ، بالاحتمال وعدم اليقين . سؤال ستيفن هوكينغ " لماذا نتذكر الماضي ولا نتذكر المستقبل " يغني عن الشرح . النظرية الحديثة غير منطقية بطبيعتها ، مع ذلك فهي تمثل التطبيق الأهم في التفكير الإبداعي أو التفكير من خارج الصندوق . وقد كان لفكرة اينشتاين " الزمن بعد رابع للمادة " الدور الرئيسي في تشكيل فكرة النظرية الجديدة . 4_ بحسب النظرية الجديدة ( حركة الزمن من المستقبل إلى الماضي ) يمكن تفسير وصول الغد ( والمستقبل كله ) إلى الحاضر ، بالتزامن مع ابتعاد الأمس ( والماضي كله ) عن الحاضر ، بنفس السرعة التي تقيسها الساعة . يمكن تفسير ذلك بشكل منطقي وتجريبي أيضا ، بعد فهم اتجاه حركة الزمن ، وسرعتها الثابتة . .... بالمقارنة بين سنة 2021 وبين سنة 2019 ، سنة أمامنا في الغد والمستقبل ، مع سنة خلفنا في الأمس والماضي تتضح الفروق بين المواقف الأربعة . أعتقد أن ، النظرية الجديدة تتضمن ما سبقها والعكس غير صحيح . سنة 2019 ، هي في الماضي ، وموجودة بالأثر . سنة 2021 ، هي في المستقبل ، وموجودة بالقوة . كيف سيكون الوضع ، بعد لحظة وصول يوم 1 / 1 / 2021 ؟ سنة 2021 تكون قد صارت هي الحاضر ، وموجودة بالفعل . بينما تكون سنة 2019 قد ابتعدت في الماضي ( بشكل مؤكد ) . .... ملحق 1 الموقف من الزمن ، لا يختلف بين فرد وآخر فقط ، بل بالنسبة لنفس الشخص ، المؤلف أو الكاتب أو المتحدث ، وأحيانا خلال النص الواحد أو حتى الفقرة أو الفكرة الصغيرة ، يختلف الموقف إلى درجة التناقض . والسبب كما أعتقد ، يمكن تفسيره بالاستناد إلى الفرضية السائدة ، بأن العلماء يعرفون ( أمثال اينشتاين وزملائه وتلامذته ) أو عبر موقف : هذه ليست مشكلتي . موقفك العقلي من الزمن يحدد نوعية حياتك ، ليس أقل من معتقدك الديني أو السياسي . موقفك العقلي من الزمن ، أكثر أهمية من موقفك من المثلية الجنسية أو الالحاد أو غيرها من القضايا المطروحة على وسائل التواصل الاجتماعي ولو بشكل غير مباشر ، فهو ينعكس على حياتك المباشرة عبر سلوكك اليومي في البيت والشارع . .... " الانسان عدو ما يجهل " الزمن هو أكثر ما يجهله الانسان ، المعاصر ، وخاصة العلماء . أعرف هذا الأمر ، واتعايش معه بصعوبة شديدة . لا أعرف ماذا أفعل .... سوى متابعة الكتابة في هذا الموضوع ، مع محاولة تبسيط الأفكار إلى أقصى ما يمكن . أذكر نفسي ، بأن أسلافي كان مصيرهم القتل والحرق ( بورنو وغاليلي وابن المقفع ...) أذكر نفسي ، بأن واجبي الأول متابعة بحث موضوع الزمن ، والحاضر خاصة . .... أثار هذه التداعيات قراءتي لمقدمة كتاب حنة أرندت " الفجوة بين الماضي والمستقبل " ، الكاتبة المعروفة والمحترمة بين أصدقائي جميعا . كتاب عنوانه " الفجوة بين الماضي والمستقبل " ، يضمر الزعم بمعرفة الماضي والمستقبل . أعرف هذا الأمر بالتجربة ، سنة 1998 شاركت في بحث ، ذكرته سابقا " تحرير المستقبل من الماضي تحرير الماضي من المستقبل " كنت بنفس الموقف ، موقف مؤلفة " الفجوة بين الماضي والمستقبل " .... لولا مشاركتي بتلك المسابقة ، لما اكترثت بفكرة الزمن ( طبيعته وماهيته ) . كنت مثل الغالبية المطلقة ، أجهل أنني لا أعرف شيئا عن الزمن سوى اسمه . ربما ما أزال على جهلي السابق في معرفة الزمن ؟! لكنني على الأقل أحاول ، تحديد جهلي ، بالتزامن معالجة جوانب النقص في تصوري للحاضر خاصة . أعتقد أن كتابتي عن الزمن خاصة ، جديرة بالاهتمام واعتذر إن لم تكن كذلك . أذكر نفسي غالبا ، بانها على الأقل نوعا من التفكير العميق والصبور ... ملحق 2 لا أحد يعرف ما هو الحاضر ، حدوده وطبيعته . أكثر من ذلك ، لا نعرف شيئا عن العلاقة الحقيقية بين الحاضر والمستقبل ، أيضا العلاقة بين الحاضر والماضي ( حدودها وطبيعتها ، وماهيتها ) . نكاد إلى اليوم ، في الفلسفة والعلم أيضا ، لا نعرف عن الزمن سوى اسمه . في الحد الأدنى ، توضح النظرية الجديدة للزمن حدود الجهل الحالي بالزمن ، واعتقد أن بعض الأفكار الجديدة مثل اتجاه حركة الزمن ، وسرعته التعاقبية والتزامنية أيضا ، تمثل خطوة حقيقية ( وصحيحة ) على طريق المعرفة العلمية للزمن والحاضر خاصة . .....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقدمة 1 _ علم المستقبل
-
علم المستقبل ، مع الهوامش والملحقات
-
علم المستقبل _ الزمن بين الفلسفة والفزياء _ حوار مفتوح ....
-
علم المستقبل 4
-
علم المستقبل 3
-
علم المستقبل 2
-
علم المستقبل
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 3 مع فصوله
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) بب 3 ف 3
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 3 ف 2
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 3 ف 1
-
الجزء الثالث _ الباب الثاني مع فصوله الثلاثة
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 2 ف 3
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 2 ف 2
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 2 ف 1 تكملة
-
الجزء الثالث _ ب 3 ف 1
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 1 مع فصوله
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 1 ف 3
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 1 ف 2
-
الجزء الثالث _ الكتاب الخامس ( الزمن ) ب 1 ف 1
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|