أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فلاح اسماعيل حاجم - ديباجة الدستور الدائم لجمهورية العراق















المزيد.....

ديباجة الدستور الدائم لجمهورية العراق


فلاح اسماعيل حاجم

الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 11:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تستعد لجنة دعم الديمقراطية في العراق إلى إقامة حلقة دراسية تناقش خلالها مختلف المقترحات
حول التعديلات التي من الممكن اجراؤها على الدستور العراقي الدائم, وهو عمل شريف سيدخل القائمون عليه التأريخ باعتبارهم روادا حقيقيين لأول حركة دستورية حقيقية (المشروطة العراقية الأولى). ذلك ان جهدهم الكبير هذا سيكون الاساس الذي لا غنى عنه من اجل بناء دولة الحق والمؤسسات الحقيقية وليست المفترضة. ولأني دعيت من قبل اللجنة المذكورة للمشاركة, ارجو ان تكون مادتي هذه اسهاما متواضعا في عمل اللجنة متمنيا للقائمين عليها والمشاركين بها النجاح الباهر.
ان واحدة من الموضوعات التي اصبحت مثار جدل لدى فقهاء القانون بشكل عام والمختصين بالقانون الدستوري على وجه الخصوص هي مسألة تحديد طبيعة ديباجة الدستور القانونية. حيث يمكننا العثور على وجهتي نظر مختلفتين بهذا الخصوص. ففي حين ذهب فريق منهم الى فصل الديباجة عن نصوص القانون الاساسي الأخرى, مؤكدين افتقارها لأية قوة قانونية ملزمة, وبألتالي عدم امكانية اعتمادها من قبل السلطة القضائية, بالاضافة الى استحالة استخدامها لتنظيم علاقات اجتماعية محددة, وذلك لخلوها من القواعد القانونية الملزمة, يرى آخرون ان الكثير من دساتير الجيل الثاني (دساتير ما بعد الحرب الكونية الثانية) نصت صراحة على اعتبار الديباجة جزءا لا يتجزأ من الدستورلا يختلف عن اجزاءه الاخرى من ناحية الزامية القواعد فيه وقوتها القانونية (دستور بوركينو فاسو لعام 1991 وجمهورية التوغو لعام 1992). وربما كان ذلك تماشيا مع المنهج النظري الفرنسي الذي يرى في مبادئ القانون مصدرا قانونيا يجوز اعتماده في المحاكم (السلطة القضائية), مثلما يمكن الاستعانة به لتنظيم علاقات اجتماعية سامية. ولأن الديباجة تتضمن ,في الغالب, المبادئ القانونية مثل مبدأ العدالة والمساواة والتضامن الاجتماعي. .....الخ فلا ضير من اعتبارها جزءا مكملا لدستور الدولة. من هنا جاء الدستور الفرنسي مؤلفا من ثلاثة اجزاء هي نص الدستور المستفتى عليه في العام 1958 بالاضافة الى لائحتي حقوق الانسان الدولية لعام 1948 والاوربية لعام 1950وديباجة الدستور التي اكدت تمسك فرنسا بحقوق الانسان المثبتة في لائحة 1789 والمقرة في ديباجة دستور الجمهورية الرابعة لعام 1946. ان خلو ديباجة الدستور من القواعد القانونية لا يقلل من اهميتها كوثيقة يمكنها لعب دور تربوي وتعبوي بالغ الاهمية, سيما وانها تحدد موقف الدولة من القضايا الاكثر جوهرية مثل الموقف من حقوق الانسان وحرياته الاساسية وقضية المرأة بالاضافة الى موقع الدولة ودورها في المنظومة الدولية.....الخ. وهنا اجد مناسبا الاشارة الى ان الكثير من ديباجات الدساتير ذهبت الى ايجاز الجوانب المشرقة من تأريخ الدولة ومنجزات حضارتها. وربما كان الدستور الاسباني استثناءا, حيث لم تشر ديباجته الى اية اشارة لتأريخ اسبانيا, وربما اراد المشرع بذلك اسدال الستار على تأريخ ملئ بالانقلابات العسكرية والحكومات الدكتاتورية والأنظمة الفاشية. بالاضافة الى ذلك فأن الكثيرين من فقهاء القانون الدستور يبدون متفقين على ان ما تتضمنه ديباجة القانون الاساسي للدولة من قواعد هي اقرب الى قواعد الاخلاق منه الى القواعد القانونية, وتلك ليست نقيصة, بل هي تعزيز للدور التربوي الذي من الممكن ان تقوم به الوثيقة الاهم في سلم المصادر لمنظومة الدولة القانونية. وبهذا الخصوص اجد مناسبا الاشارة الى ان القواعد الاخلاقية, وبحكم طبيعتها, عادة ما تكون الاقرب الى القواعد الدينية منه الى قواعد القانون الوضعي والذي تحتمل قواعده التجاوز على الاخلاق, مثلما تحتمل تشويه القواعد الدينية, ولطالما انتهكت قدسية القاعدة الدينية وقواعد الاخلاق في خظم صراع المكونات الاجتماعية, وحتى الدينية منها, على الجاه والمال والسلطة. من هنا ارى استحالة المزاوجة بين القاعدتين الدينية والقانونية مع التأكيد على امكانية تعايشهما المثمر شريطة رسم حدود واضحة لحركة كل منهما. لقد جاءت ديباجة الدستور العراقي الدائم, شأنها شأن فصوله الاساسية, نتاجا للمساومة السياسية بين المكونات التي تمكنت, وفي ظروف معروفة, من تشكيل الاغلبية البرلمانية آنذاك, ومن ثم تشكيل لجنة صياغة الدستور. وجاءت ديباجة الدستور تعبيرا واضحا عن الاصطفاف القومي والطائفي مما جعلها اقرب الى بيان لمؤتمر المصالحة الوطنية, منه لديباجة دستور دائم لمجتمع يروم التأسيس لدولة الحق والمؤسسات. واذا كانت الديباجة قد تضمنت الكثير من العبارات مثل التعددية ودولة القانون و العدالة والمساواة, فأن تلك العبارات صيغت بالطريقة التي تجعل من الصعب تسميتها بالقواعد, ناهيك عن اطلاق تسمية المبادئ القانونية عليها. ذلك ان هذه الديباجة (ونص الدستور ايضا), تخلو من اية اشارة الى مرجعية تلك المبادئ, الأ وهو القانون الدولي الانساني. ففي حين اشاد مشرعو دستورنا "بالمؤازرة العالمية من اصدقائنا ومحبينا" لم يكلفوا انفسهم الاستفادة من الموروث الانساني المتنوّر لأولئك الاصدقاء خشية ان يقوم ذلك الموروث بخرق ثوابتنا, رغم انني لم اجد في اي من لوائح الدفاع عن حقوق الانسان وحرياته الاساسية او لوائح القانون الدولي ومعاهداته الخاصة بحقوق المرأة .....الخ ما يمكن ان يسئ لتلك الثوابت. وهنا اجد لزاما الاشارة الى انه قلما تجد دستورا معاصرا لا يعتبر قواعد القانون الدولي واللوائح الدولية المختلفة مصدرا اساسيا من مصادر التشريع الوطني (المحلي). حتى ان الكثير من دساتير الجيل الثاني منحت تلك القواعد الأولوية في حال تنازعها مع القانون المحلي. ذلك ان تلك القواعد تشكل نتاجا لجهد انساني مشترك وطويل الامد شكلت (ثوابتنا) رافدا مهما منه.
واذ تعذر على مشرعينا الاستعانة بالتراث الانساني لصياغة ديباجة دستور دولتنا الدائم, فأن تراثنا الوطني ليس فقيرا, وكان بامكانهم اختزال ما يمكن اختزاله من شريعة حمورابي, او الاستعانه بنهج الامام علي الوضاء وبلاغته النادرة.

- استاذ جامعي متخصص بالقانون الدستوري*
موسكو
22-6-2006



#فلاح_اسماعيل_حاجم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة قانونية: الوضعية القانونية لعضو البرلمان
- نظرة قانونية: هيئة رئاسة البرلمان
- اعلان حالة الطوارئ في العراق - بين الضرورة القصوى ومتطلبات ح ...
- الرجل المناسب في البرلمان المناسب
- نظرة قانونية: الاحزاب العراقية واشكالية التنسيق بين النشاط ا ...
- مبدأ المساواة ومهمة تفعيل دور المرأة في الحياة السياسية
- نظرة قانونية: المعالجة القانونية لتشكيل الحكومة
- نظرة قانونية: الفيدرالية ومبدأ تدخل المركز بشؤون الاطراف
- نظرة قانونية:الدستور العراقي واشكالية تنظيم العلاقة بين المر ...
- نظرة قانونية: جرائم الدكتاتور بين التشريع المحلي وقواعد القا ...
- نظرة قانونية: قراءة سريعة في مسودة الدستور الدائم لجمهورية ا ...
- نعم...لابد من مشاركة عراقيي الخارج في الاستفتاء والانتخابات
- نظرة قانونية: مبادئ الدستور
- نظــرة قــانونيــة: الدســتور الــدائـم واشــكاليــة العلاقـ ...
- نـظـرة قـانـونيــة: الاســتفـتاء و مـحاولــة تـبـريــر الأخـ ...
- نظرة قانونيــة: لجنــة صياغــة الدستور بين الاستحقاقــات الا ...
- نــظرة قــانونيــة: اللجــان البـرلمانيــة
- نظــرة قانونيــة: الدستــور الدائــم ومهمــة الاصــلاح السيا ...
- نظرة قانونيــة: المعالجــة القانونيــة لمسؤوليــة الجهاز الت ...
- نظرة قانونية: المعالجة القانونية لتنظيم العمل داخل الجهاز ال ...


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فلاح اسماعيل حاجم - ديباجة الدستور الدائم لجمهورية العراق