أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبة مسعودي - أي عالم يخترعه الفنّ؟ قراءة في كتاب -الفنّ والمقدّس- لأمّ الزين بنشيخة















المزيد.....



أي عالم يخترعه الفنّ؟ قراءة في كتاب -الفنّ والمقدّس- لأمّ الزين بنشيخة


هيبة مسعودي
باحث

(Messaoudi Hiba)


الحوار المتمدن-العدد: 6560 - 2020 / 5 / 10 - 17:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أيّ عالم يخترعه الفنّ؟
قراءة تحليلية في كتاب الفنّ والمقدّس لأمّ الزّين بنشيخه المسكيني
التقديم الكتاب:
الفنّ والمقدّس نحو انتماء جمالي إلى العالم كتاب للباحثة والأكاديمية في الجامعة التونسية أمّ الزّين بنشيخه المسكيني، صدر مؤخرا عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، في 283 صفحة وثلاثة أقسام في ما يلي قراءة تحليلية لمضمون الكتاب.هتي

إنّ "الفنّ والمقدّس"ثنائي مفهومي مثّل إشكالا فلسفيّا يطفو في كل مرّة على سجالاتنا الفكرية، منذ أنّ ولجت الردّة الدينية إلى أوطاننا بعد ما يُعرف بالربيع العربي، يعود إلينا من جديد ونحن قد خلّنا أنّ مثل هذه الإشكالات حسم العقل الإنساني في أمرها منذ ردح غير يسير من الزمن. بيْدأنّ كتاب الفنّ والمقدّس نحو إنتماء جمالي إلى العالم للأكاديمية أم الزين بنشيخه، يستعيد ذات الإشكال استعادة لا تُعدّ من قبيل التكرار والاجترار في شيء لأنّ المقدّس في كل مرّة "يغيّر من عناوينه"، ليكون فضاءًا فكريِّا حمأ يستوجب الاستعادة من أجل ترسيخ نوعا من الإنتماء الطريف في فكرته والعميق في دلالاته كشكل من المدّ المتعجّل لكل الدلائل وكل منها يصيب مرماه في إعادة تشكيل للعلاقات وتنشيط للأحداث والوقائع الكونية تدشينا "للانتماء الجمالي إلى العالم". فكيف لها أنّ نتأوّل هذا الانتماء من خلال إعادة تنشيط للفنّ والمقدّس؟ وكيف لنا أنّ نوّقع هذا الإنتماء المخصوص بعدما صارت الانتماءات إمّا سياسية حزبية أو هووية قبلية أو شيء من هذا القبيل لأنّنا ما سمعنا قطّ "بالانتماء الجمالي للعالم"؟ وأيّ إقتدار تعدنا به صفحات الكتاب، أي ما شكل هذا التواشج المستّجد بين الفنّ والمقدّس؟ وكيف يَقدّ لنا انتماء جماليّا بعدما دأبنا حروب التدمير وسطوة العنف ووئد الفنّ باسم المقدس؟ أي هل هذا الطرح المعاصر للإشكال يأزر جهودا فكرية عالمية معاصرة اتخذّت من العنف مستقرّا تفكيكا أينما كان مأتاه قصد التبديد وتخليص الإنسانية من شروره؟
يكتب رولان بارث في مؤلفه لذّة نّص" هو قارئ النّص لحظة إلتذاذه بالقراءة. في هذه اللحظة تنقلب الأسطورة التوراتية القديمة فلا يعود اختلاط الألسن عقابا وتبلغ الذات المتعة عبر تعايش اللغات وهي تشتغل جنبا إلى جنب: نصّ لذّة هو بابل سعيدة. " إنّه عيْن التوصيف الذي يتملّك القارئ وهو يلتهم الإحداثيات السجالية التي يتقفى عمقها كتاب الفنّ والمقدّس، إلتذاذ يبلغ أشدّه مع إلتحام النظريات الفلسفية،الوقائع التاريخية، الحروب الدينية والآثار الفنية التقليدية منها والمعاصرة في طراز التكنولوجيات الحيوية. إنّها خيمياء غريبة تتفاعل في ما بينها،على ذات الصفحات، لا لتزايد على بعضها البعض في روايات الانتصار والصمود، ولا لتؤرخ لبشاعات الحروب وعنف الكراهية، بل لتبرع في ارتسام شروط إمكان التعايش الآمن والممكن بين المقدّس والفنّ في ضرب من صناعة المستقبل بإعتبارها صناعة تزدهر في العقول المتمّسكة بالأمل والفلسفة المرحة ، وصناعة المستقبل تتقن انتقاء شكل الانتماء إلى العالم الذي تعبّر عنه إرادة الإنسان المعاصر. فكيف لأمّ الزين بنشيخة أنّ تروّض كل هذه الوقائع والنظريات المشحونة بالكره والإكراه لتتقن صناعة مستقبل الفنّ والمقدّس؟
المقدّس بين تعدّد الأشكال وإحراج الإنبعاث من جديد
تتساءل الكاتبة منذ الصفحات الأولى من المقدمة "ماهو شكل المقدس الذي يخصّنا نحن اليوم في حضارة عودة الديني إلى ديارنا على إيقاع الدماء والجوع إلى القرابين؟ وأيّ معنى لهذه العودة إلى الديني في عالم قرّر فيه العقل العالمي المرور إلى سرعة مغايرة،أي إلى براديغم ما بعد ديني ومابعد علماني معا؟ " إنّها أسئلة إشكالية مضاعفة الدور، من جهة تعلن عن خطّة معالجة المفهوم المشكل، فما عاد مقدّس الأمس يعنينا، لتبقى الدعوة مفتوحة أمام تخيير شكل المقدّس المعاصر الذي يرتضيه كل منا حسب اختياره ، ونحن على يقين أنّ التخيير لا يكون متاحا إلا في ظّل التّعدد. وحده إجراء التخيير يهدينا شيئا من الحرية حتى في صلب المقدّس ذاته الذي ظنناه في منآى عنها.
إنّ المقدّس المعاصر الذي نحن بصدد اكتشافه، يدعونا إلى أبعد من ممارسة حرية التخيير إنّنا مدعوون إلى الوجود النشط في ما يخصّه، ممّا قد يضعنا أمام فراضية أكثر حيوية للعقل المعاصر، فراضية اختراع المقدّس الذي نرتضيه للتعبير عنّا لأنّنا إزاء "رسم الخرائط وتعيين الحدود بين أن تؤمن وأن تفكّر وأن تبدع " فنمرّ من مجرد التخيير إلى ضرب من الخلق في درء للتعريفات الصدئة التي مازال تحافظ على دغمائتها بعض القراءات.
من جهة أخرى، تبوح لنا الأسئلة المطروحة عن راهنية قصوى تحرّك هذا البحث بخاصة والبحوث المعاصرة لنا عموما، فثّمة راهنية حارقة وحاجة فكرية ملّحة حرّكت سجيّة التفكير الفلسفي بغية تنشيط الثنائي المفهومي والعلاقات الثاوية بينه في شكل من الانبعاث من جديد تغيب فيه التلقائية وتحضر التغيرات السياسية التي تعيشها الدول العربية كمحرك رئيسي، يزّج بالتفكير في أفق" أسئلة الربيع العربي والإرهاب الإسلاموي وذلك في صلب ضرب من الوضعية التأويلية التي تحاول فحص المسافة بين النصوص المكتوبة في لغة الغرب والواقع الموقّع بحبر لغة الضاد الدموي "سنتخذ من أسئلة الأكاديمية مشكاة تنير درب هذه القراءة راسمة بذلك الخيط الهادي. أمّا عن سؤال المقدّس الذي يخصّنا، فقد اختار الكتاب أنّ يرسم توبوغرافيا بيّنة لمفهوم المقدّس في حدّ ذاته، كانت ديباجتها مع فلسفة دوركايم قافلة إحداثياتها مع كتاب الإيمان الحرّ لفتحي المسكيني مرورا بمرسيال إلياد، ميشال ليريس ، رينيه جيرار وريجيس دوبراي.وهو ما ينّم عن جهد واضح في الإحاطة بالقراءات الحديثة والمعاصرة للمفهوم رغم قدم تاريخ ظهوره ما يناهز"النصف مليون سنة" لأنّ المقدس الذي ينهمّ به هذا الكتاب ليس في ثوبه المتهرئ القديم الذي ما عاد يناسب زماننا ولا المرحلة التاريخية التي نحن بصدد التفكير فيها وضمنها بل هو مفهوم يستوعب ما قبله، يفكر فيه، ويُدشّن وجوده المستقل.
تدوّن الباحثة في علاقة بالمفهوم "يعود من جديد مغيّرا من عناوينه، فهو مقدّس ما بعد ديني أو علماني أو جمالي أو مقدّس الحياة اليومية." لتؤكد على العودة المرافقة للدين السياسي، لكن الانبعاث من جديد لا يبخس المفهوم حقّه في التعدّد المنضوي على ثراء حقيقي، ينتصر على إكراه القراءات التي تسجنه في ماهو ديني صرف. ورغم أنّ الكتاب يدافع على المفهوم في ثرائه ورحابة تعدّده خاصة في شكله الجمالي بماهو اقتدار على اختراع انتماء طريف للعالم. فإنّ الالتزام بالموضوعية البحثية جعله يرسم خارطة واضحة للمفهوم مستعرضا بذلك أهمّ النظريات والكتب التي فكرّت ودوّنت المقدّس المعاصر في أطرف أشكاله. فكان لزاما علينا أنّ نستحضر باختصار هذه الأشكال دون أن نتناسى أنّ الكتاب لا ينفكّ عن تذكيرنا باللحظة الفكرية التي تخصّنا فهو ليس كتابا في تاريخ الأديان بل كتاب يفكر في المقدس والفنّ لذلك يميّز بين نوعين من المقدّس وينخرط في الاشتغال عليهما:
- المقدس الديني: يتمظّهر المقدّس في التحام بالدين. فالمقدّسات لا تكون ضرورة إلاّ مرتبطة بالرؤية الدينية. فكرة تبلورت خاصة مع عالم الاجتماع الفرنسي إميل دور كايم في كتابه الأشكال الأساسية للحياة الدينية 1912 واستُأنفت مع الألماني كارل أوتو(1922-2017) ومرسيال إلياد عالم الأنتروبولوجيا وتاريخ الأديان(1907-1986) خاصة في مؤلفه المقدّس والدنيوي والواضح أنّ الواوا التي تتنصّف المفهومين تحيل على التضاد في الزمان، المكان والوجود البشري حتى في إقتسام السماء والأرض.
- المقدّس خارج حدود الدين: وهي نظريات حديثة، تعبّر عن انعتاق المفهوم من عبودية الديني الضّيق نحو أفق أكثر شساعة تحيل إلى تحرّر المقدّس من الإلزامات الميتافزيقية ليحطّ على الأرض جنب إلى جنب مع الإنسان المعاصر في شيء من المعاصرة الطريفة.
هذا الوجه المتحرّر من المقدّس نلمحه مع كتاب المقدس في الحياة اليومية (1938) لميشال ليريس أين نعثر على مقدّسات تنبع من حياتنا اليومية من" أشيائنا المحبوبة جدا، بعض ذكريات الطفولة، بعض الأشياء العزيزة علينا. " إضافة إلى شباب المقدّس(2012) عنوان لريجيس دوبري فيه يرفع صفة الإطلاقية على المقدّس، ليؤكد ليس هنالك مقدّس مطلق على ممر الزمان، وإنّما المقدس المعاصر يتخذ من التكنولوجيا المعاصرة مطية ليعيد شبابه. لنقفل بآخر الإصدارات تقريبا في هذا الضرب الثاني من المقدّسات الثائرة على السطوة الدينية على المفهوم، مع كتاب الايمان الحرّ(2018) لفتحي المسكيني وقد دوّن "إذ لا تحتاج المجتمعات ما بعد دينية إلى الإلحاد بل فقط إلى تحرير الإيمان من الأديان النظامية" ليعيد بذلك كل أشكال التقديس حتى الإيمان إلى العقل البشري والأفق الأرحب الذي لا يضيق أبدا أفق الإنسانية.
إذا الفنّ والمقدّس نصّ ليس ككل النصوص يوفر لك فرصة مراقبة مفهوم المقدّس عن كثب ومرافقته في رحلاته التوسعيّة منذ انبلاجه مع "الذبيحة التأسيسية" إلى الانتشار والتّوغل في حياتنا اليومية بهشاشتها وماديتها، فالمقدّس صار حقلا حمأ يدلو فيه كل فكر بعمقه خاصة فيما يتعلّق بالضرب الثاني "المقدّس خارج حدود الدين" أين خيّر كتابنا أن يحطّ رحاله تأصيلا للانتماء الجمالي. فكيف نضّدت أمّ الزين بنشيخه هذا الانتماء في إعادة قراءة الفنّ والمقدّس؟
التسامح والانتماء الجمالي للعالم: الكونية الجمالية نموذجا
ليس النّبش في تاريخية المفاهيم بالأمر الهيّن خاصة المفاهيم العملية من قبيل التسامح، فهو العود إلى ما قبل البداية، لأنّ ما قبل المفهوم، يمنح الباحث حقيقة الشروط الماقبلية القاضية بضرورة اختراع هذا المفهوم بذات دون غيره. كتاب الفنّ والمقدّس انتقى لنفسه هذه الشعاب الوعرة، فعاد إلى ما قبل انبلاج مفهوم التسامح أي الأزمة الدينية المسيحية في القرن السادس عشر، أزمة ما كان لها أن تنتهي لو لا التسامح التنويري، بيدأنّ أمّ الزّين بنشيخه تحيلنا إلى تفصيل مهمّ لا يمكن أن تقدمه المعاجم والقواميس. فتكتب "التسامح يولد دوما من استحالة ما في التسامح مع شخص أو خطاب... " هاهنا يتراءى لنا بمثابة اللحظة الحاسمة التي تقيم فيها الاستحالة سدّا منيعا أمام قبول الآخر، فتُترجم في شكل عنيف تتعاظم فيه الأنا سواء كانت فردية أو جماعية قبالة الآخر... فكان لابّد من رسائل تشرّع هذا المفهوم. لكن هل قيمة التسامح ظلّت حكرا على المقدّس؟ أم مثل هذه القيمة كان لابّد لها أن تُستضاف في المجالات الأخرى منها الفنّ؟
تكتب أمّ الزّين بنشيخه" لقد تُرجم التسامح التنويري جماليّا " لتعلن بذلك الولوج في خطّ تأويلي مستحدّث، لا يدخل الحداثة الجمالية من جهة المفاهيم المعتادة، أي من جهة الجميل والاستقلالية الفنية والرائع... وإنّما هي حداثية لأنّها ترجمت التسامح التنويري في حقل الجماليات ليكون الانتماء الجمالي إلى العالم ممكنا ، انتماء كان رهين فسحة من التسامح بين نقد العقل المحض ونقد العقل العملي من خلاله لم يعد الفنّ أو الحكم الجمالي حكرا على فرد أو فئة بعيْنها. فلئن كان التسامح التنويري إيقاف لصراع تناحري بين الكاثوليك والبروتيستانت، حربا ضارية بين ما يُعتبرا طرفا نقيض، فإنّ التسامح الجمالي الكانطي كان هو الآخر إيقاف لصراع خفيّ بين العقلانيين والتجريبيين. فالتسامح يكون ممكنا حينما يأتي منطق المستحيل بين الثنائيات المتصارعة.
إنّ"الفنّ تجربة كونية " هكذا تتأوّل الباحثة الإقرار الكانطي كضرب من ضروب التسامح داخل الجماليات بمعنى قبول الأنا الجمالي لكل التجارب الفنية الكونية ليعدّ بذلك "انفتاح على الآخرين والاعتراف بهم بوصفهم ينتمون معنا إلى العالم نفسه الذي نتقاسمه جميعا ". فالتسامح الجمالي، قد دثّر كونية طريفة دون مفاهيم في نقد ملكة الحكم، كونية لا تشبه الكونيات الأخرى ، غيرأنّها الأجدر بالتّحقق حينما حُكم على كونية القيم وغيرها بالإجهاض والاتصاف بالطوباوية التي لاترى النور إلا في النظريات.
إنّنا نكتشف حسب هذا التأويل، أنّ نقد ملكة الحكم "مستعد للتكلّم من جديد" في كل مرّة، اقتدار يوازي اقتدار المؤول على استخراج المعاني المتمنّعة عن التّجلي. ذات هذا الاقتدار أمكن تأويل آخر نقديات كانط في هذا الكتاب بمثابة رسالة في التسامح الجمالي تفتح للجميع نوعا من الانتماء الجمالي أو وفق العبارة المتسامحة لفتحي المسكيني"الهجرة إلى الإنسانية" بمطيّة الحقل الجمالي. رُبّ هجرة إلى الأفق الأرحب لقبول الآخر الفنّي في كثرته التي لا يظّل فيها الإقصاء ولو لفرد واحد ممكنا بعدما أيقنت الإنسانية وجوب مقاومة التعصّب أينما حلّ، وأينما خيّرت العصابات الداعمة له تبديل جغرافيته.إنّ "الكونية الجمالية هي شكل من الانتماء السلمي المدني إلى العالم " فيها يمكن الإقرار بالقضاء على التعصّب الفنّي والإنفراد بالحكم الجمالي.
لقد عُرف كانط بحكم الذوق كقارّة جديدة يضيفها إلى عالم الجماليات ليُقرّ"إنّ حكم الذوق لا يمكنه أن يكون ، أنانيّا، لكن ينبغي أنّ يكون ضرورة ذا قيمة تعددية. " هاهنا نتوقف عند ما أبعد من المفهوم حدّ ذاته، إنّه عمق الدلالة وتأصّل مفهوم التسامح في حكم الذوق ليكون بذلك قطعا باتا مع الذاتية أو الذوق المنغلق على نفسه. وهذا ما تُلخصه أمّ الزين بنشيخه بقولها "معايير الذائقة الجمالية على الرغم من كونها تنبع من الذات فهي تنخرط دوما في نوع من الكونية الجمالية. " ومفهوم الكونية الجمالية ما فتئت الباحثة تدافع عنه منذ الكتابات الأولى كانط راهنا. أو الإنسان في حدود العقل والفن يخرج عن طوره. أو جماليات الرائع من كانط إلى دريدا لتثّبته في هذا الكتاب أيضا، حرصا على جدواه في افتراع مقدّس ما بعد ديني أي المقدّس الجمالي" إنّه يشتقها بادئ الأمر من الطابع اللانفعي للجميل نفسه. ولأنه لذّة بلا منفعة، بوسع الجميل أن يفتح الذوق الجمالي على مطلب الكونية، بما هي وفق عبارات كانط الصريحة، ضربا من" الصلاحية المشتركة للجميع. " غير أنّ ما تستميت هذه الكونية الكانطية في الدفاع عنه في الفنّ والمقدّس كونها نابعة من مفهوم خاص إنّه التسامح .
الجمالية في مدرسة فرنكفورت: بيْن الصفح والاعتذار وقبول الآخر
إنّ التسامح التنويري لم يُترجم جماليّا في الإستطيقا الكانطية فقط، بل تّم تأويله في النظرية الإستطيقية لأدرنو على شاكلة أخرى في تعابير متباينة قريبة من التسامح، منها "الإعتذار". إنّ جماليات القبح من هذا المنطلق جمالية في الإعتذار بمعنى علينا أن نعتذر فنيّا عن ما يحدث في عالمنا المتشظي بين ضوضاء ضحايا الرأسمالية المتوحشة ودويّ التفجيرات الإرهابية. فثّمة "إحساس بالذنب" تُجاه ما نعيشه من فضاعات في العالم، كان لابّد من احتوائها في التجارب الفنيّة الحديثة والمعاصرة فنعيد تشكيل القبح في تشكيلاته الأكثر فظاعة لأن "الظلم الذي يقترفه كل فن مرح وبخاصة فن التّسلية، إنّما هو ظلم في حق الأموات والألم المتراكم الصامت. " إنّ الفنّ عليه إن لا يدير أعماله جهة الجميل البهيج والترفيه البرجوازي الحقير، عليه أن يلعب دور صفاء بركة نرسيس ليعكس ما حوله من هيمنة و إستحواذ.
في تتبع لخطى التسامح التنويري في النظرية الاستطيقية، تكتب أم الزين بنشيخه "حينما يعجز العقل إذ عن التسامح، تظهر الحاجة الرمزية إلى الفنّ " وكأنّما عجز العقل لا يخلق مكانا للتعصّب والالتجاء إلى العنف، فثّمة انتصار آخر لا يقلّ أهميّة عن انتصارات العقل، إنّه الفنّ بوصفه قوة رمزية تمنحنا اقتدار عظيم من جهة نتائجه. إنّه اقتدار التسامح هذا الذي نلتجئ إليه كلّما استحال اللقاء بين الذوات الإنسانية. فكيف للفنّ أن يتّسع لرحابة التسامح في عالم القبح والرذيلة؟
ههنا علينا الإقامة في الفويرقات الثاوية بين الجميل والقبيح في فلسفة أدرنو، فويرقات أوّلتها أمّ الزّين بنشيخه في خدمة التسامح التنويري لتواصل تنشيط انتماءنا الجمالي إلى عالم "قبيح كفاية" كما وصفه أدرنو وهو"عالم الآلام المتراكمة في ضمير الإنسانية. " كما يتراءى لصاحبة كتاب الفنّ في زمن الإرهاب. كيف لنا أن نعيش هاهنا في عالم استحالت فيه شروط إمكان تصوّر الإنسانية؟ أيحقّ لنا الانحياز للقبح في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة؟ هل فيه شيء من ضالتنا حول التسامح؟
أسئلة نجد صداها في الفنّ والمقدّس لتكتب أمّ الزين بنشيخه مدافعة عن خيار أدرنو في الانتصار إلى القبيح الفنّي "من أجل أن يفضح أشكال البؤس والحيف، في ضرب من الإنصاف الرمزي لما استحال إنصافه بالطرق القانونية." ما عاد القانون حاميا للحياة الإنسانية في زمن السطوة والهيمنة، وما عاد الحق باستطاعته كفكفة شرور الإرعاب وقهقهة الإمبريالية المهيمنة التي بسطت سطوتها حتى على الثقافة، وصوّبت أطماعها نحو الفنّ في ثوب الجميل علّه يكون عزاء منعشا. هكذا ليس القبيح الفنّي مجرد طرازا جماليا ، يدثّر ضربا مختلف من الجماليات، جماليات القبيح، بل يمكن تأويله في شكل من المقاومة للجميل المتواطئ في التسلية والمتعة المزيفة من جهة، وهي مقاومة للانسياق وراء الظلم المستتر والابتذال المنتشر بحثا للانخراط في الصروف الممكنة للاعتذار القصدي عن قسوة عنيفة لتغدو"الآثار الفنية نسخا للحي الخبري طالما أنّها تعطيه ما يدفع عنه في الخارج ومن ثّم تحرّره ممّا تُعدّه له التجربة الخارجية المشيئة إنّه إنصاف بمعنى الاصطفاف وراء الأضعف حتى يكتسب ثقلا إضافيا يجعل إمكانية التسامح ممكنة في زمن تغتال فيه حتى إمكانية التسلّح بالأمل، هذا الذي ترفض الأكاديمية اعتباره مجرد مفهوم نظري ليكون "مقياسا علميا حاسما " في الفصل الرابع. إنّ فسحة الأمل مازالت ممكنة مادام الفنّ أو القوة الرمزية في العالم انتقت لنفسها مكان الحقيقة في درء للتنميق والتزويق، والإيمان بالوعي الحقيقي المنتصر للقبح "ذلك أن الوعي المُشيّى يسترجع على سبيل التعويض ما يُحرم البشر منه على مستوى المحسوس المباشر "
في ذات السياق نجد استحضارا لكالاكاوسكي بقوله" الفنّ هو طريقة في الصفح عن خبث العالم وفوضاه. " لتكون الآثار الفنية ثنايا تجرّب الاعتذار تارة والصفح طورا منتقية مسار النقد الفاضح لتستّر الجميل الحقير المراوغ في إيهامنا. فالحقيقة متمنّعة تعشق قول "أزهار الشّر " شعريا وموسيقى شوبنبارغ اللامقامية ففي فوضاها وعدم انتظامها تجيد الإنصات إلى هسهسة الجنون القسري كنتيجة حتمية لمابعديات الحروب، وثغاء اللاجئين أمام حدود الدول المتبجّحة بالديمقراطية والقيم الإنسانية. إنّ الفنّ يوسّع في طاقات استيعاب التسامح ملء الأشداق، آملا في اقتدار الاعتذار وتنشيط ما بقى من إمكانيات الاعتراف بألم الآخر في قبحه وشططه.
إذن، من هذا المنظور يغدو الفنّ في طرازه القبيح قابلية كثيفة لقول التسامح والانتماء بشكل كوني إلى العالم في قبحه واقعيا وجماليا في آن، مادامت فلسفة الفنّ عند أدرنو تسمح بهذا الالتحام بين العالم الواقعي وعالم التجارب الفنية بعدما استحال في نظريات سابقة اختزلت الفنّ في وعد بالسعادة الميتافزيقية.
غير أنّ التسامح الثاوي في تفاصيل الوقائع الفنية والحريص على الانفتاح على الآخر في إحالة على ضرب من التفاعلية القائمة على التحاور، تجده بيّن في الجمالية التواصلية لفيلسوف مدرسة فرنكفورت هابرماس، حيث تلحقه أمّ الزين بنشيخة بالقراءات الممكنة في دروب التسامح التنويري. فالفنّ "تجربة تواصلية قادرة على صقل العلاقات بين الناس" وهو شكل من الأشكال الرمزية للاعتراف بالآخرين والتواصل معهم كذوات تنتمي جماليا إلى كونية تواصلية.
هاهنا علينا أن نستخلص، أنّ الحداثة الجمالية في عموميتها وفي عمق دلالاتها رغم تباين النظريات وإختلاف مدارسها مثّلت فرصة للتسامح المؤدي إلى الاعتراف بالآخر كما أنّها افترعت لنا انتماء مخصوصا إلى العالم الجمالي. فتكتب أمّ الزين بنشيخه"في وسعنا الانتماء إلى ذاكرة بهيجة من أنفسنا،هي ذاكرة المستقبل بوصفه مسافة التسامح الوحيدة... وذلك هو أحد شروط التوجه على درب مقدس جمالي عالمي مضّاد لعولمة السوق من جهة، ولأصوليات تستثمر في الدين خارج مواقعه من جهة ثانية. " إنّ الحداثة بهذا المعنى تصنع من لّدن النظريات الجمالية المنخرطة في عمق الوقائع الفنيّة مقدّسا جماليا متسامحا. هكذا استطاعت الحداثة أنّ تنهي تاريخا مقرفا من العنف المقزز الذي ألحقه اللاتسامح بالإنسانية. لكن ماذا لو أخطأنا الطريق ولم نحسن اختيار المقدّس الذي نريد؟ ماذا لو تعثّرت خطى الإنسان المعاصر ليعود إلى الوراء تاريخيا حيث لم يكن التسامح ممكنا؟
فراضية الارتداد إلى اللاتسامح واستحضار الحروب للاعتبار
لا يتناسى كتاب الفنّ والمقدّس التّرحل بين وقائع تاريخية مشينة وحروب فاغرة فاه الكره والقتل المروّع، فنعثّر على توصيف دقيق" كنائس ومعابد دمّرت بالكامل وأيقونات وتماثيل حطّمت...إعدامات على الدولاب وعظام تهشّمت، دحس ونهش وحرق وأوصال قُطّعت إربا إربا... " هي حال الإنسانية دون تسامح، وحال كل فكر ينّصب نفسه في عرين الحقيقة ورفعة القيمة دونما رغبة في الالتفات إلى من حوله لعلّه قد أخطأ التّموقع في ضرب من النرسيسية المتكابرة. والحقيقة أنّ هذا الجانب المظلم من تاريخ الإنسانية واقع، بل يمثّل جزء لا بأس به من تاريخنا تعود إليه أمّ الزّين بنشيخه في شيء من التحذير و شدّ الانتباه إلى ماض ليس بعيد يجعلنا نتساءل لماذا يعود بنا الكتاب إلى حرب الأيقونات iconoclasme تحديدا؟ أهي حرب تاريخية انتهت أم مازالت تعايشنا في شكل من المعاصرة؟
يبدو أنّ عالمنا العربي لايستعيد إشكالات فكرية لإعادة الخوض في غمارها، بل يستعيد حروبا وكروبا أيضا، لا للملهاة والاستمتاع، بل لتجريب حجم الارتداد إلى وراء واكتشاف بعد المسافة التاريخية الفاصلة بينا وبين الشعوب، نقول هذا رغم توفر فرصة طيّ الهوة العميقة عبر الاعتبار. لكن هيهات الوعي ليس سلعة تكنولوجية أو جهاز إلكتروني يمكن شراؤه توهما مواكبة العصر، بل هو دربة تختزل عسر مخاض لمجموعة بشرية أو هو طريق وعرة لا ينجح في تخطيها إلا العقل الرصين. لذلك ينوّه الكتاب إلى حرب أيقوناتنا المعاصرة " كانت حروب أديان لعلّنا نعيش على وقعها وعلى وقع عودتها على نحو أكثر فظاعة في العصر الحالي. "
فهنالك الفظائع نعيشها في استعادة للاتسامح بين الفنّ والمقدّس دفعت إلى النبش في ذاكرة المفهوم الحزينة من القرن الثالث الميلادي في روما إلى حدود القرن الثامن عشر في أوروبا، ذاكرة اختزلت في مفهومين"التحريم والتحطيم" في ثلاث محطات بحثية عميقة رصدّها الكتاب شيطنة ترتيليان للفنانين، أوغسطين ومدينة الله والحقبة البزنطية. غيرأنّنا نعثر على استثناء للوقائع الإسلامية تبررها الباحثة بقولها "لا نقف عند اللحظة الاسلامية لأنّنا لا نعتقد أنّها معنية بمعاداة الصور " "لتكتب الباحثة"لقد ارتبطت مسألة تحريم الصور أو حرب الأيقونات بالخصومة التي أقامتها الكنيسة الكاثوليكية مع الديانات الوثنية. " فهي ظاهرة يهودية مسيحية.
هاهنا كان لابد لنا من الاعتبار من وهيج هذا الدمار متسائلين حثّا لسجية التفكير لشيء من الراهنية التي تخصّنا، في زمن الإرهاب والإرعاب أنحتاج اليوم إلى التسامح أم إلى العدالة؟ إلى التوبة أم إلى العقاب؟ إلى الرحمة أم إلى القصاص؟ " أسئلة حارقة ومثلها في الكتاب الكثير تشّق عباب الحيرة بحثا عن أجوبة نحن الأحوج إليها، لأن هذا الكتاب لا يستعيد إشكالاته من حاجة خارج عنه، إنّه يعايشها في نوع من المعاصرة كما نعيشها نحن أو أشّد، ممّا يقود في بعض الأحيان الأسطر إلى السخط عنا ونحن لا نعتبر من نعيق البوم فوق خراب اللاتسامح وإلا كيف تسلل إلينا في زمن الديمقراطية والكونية كل هذه الضحايا وعدد القتلى.
بمثابة الخاتمة: راهنية الكتاب توازن بين الهووي والكوني.
يدوّن رولان بارث متحدّثا عن أفق انتظار القارئ لنّص ما"ألاحظ خلسة لذة الآخر " يبدو أنّه ذات الأمر يحدث مع الأكاديمية أمّ الزين بنشيخه وهي تطّعم نّصها بها يُثير لذّة الآخر وما يُغري القارئ خاصة وإنّها ترافقه وتفكر معه في نّص وفق في الجمع بين راهنية عالمية و أخرى هووية: راهنية عالمية لا يمكن درؤها خاصة وأنّ الحداثة حاولت استئصال المقدّس، غير عابئة بالحاجيات الروحية للإنسان، استئصال عبّر عنه ماكس فييبر بقوله"الحداثة نزع لقداسة العالم" إنّه نزع كلّفنا الكثير من"التصّحر الروحي"أو ما توصّفه بنشيخه "بالجوع الهائل للمقدس " وهو ما "يغرقنا في دوّامات العنف المعمّم" من إرهاب وإقصاء وكراهية. إذ هو القفر الروحي الذي طغى على الإنسانية يحتّم إعادة الخوض في"الفنّ والمقدس". لا من جهة إعادة ما قيل قبل هذا القحط، بل إنّه من الوجاهة تشخيص هذا العطب الروحي الذي ما انفك الكل ينذر بالكارثة. أمّا عن الراهنية الهووية: نكتشفها في انتقاء معجم هووي ما تنفك الباحثة تردده من قبيل" ديارنا الربيع العربي حلب..." فالكتاب يعود على وقائع بعينها يوّقع ضربا من الراهنية التي تنبعث من وجع الوطن العربي أو ديارنا كما توصفّه أم الزين بنشيخه وما أحوج ديارنا إلى إعادة الاشتغال على"الفنّ والمقدس"، هي الحاجة إلى تنشيط علاقات وتعريفات تآكلت وزاد التطرّف في اختلالها بعد الارتداد الديني إلى أوطاننا.



#هيبة_مسعودي (هاشتاغ)       Messaoudi_Hiba#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكتب نتنياهو يعلن فقدان إسرائيلي في الإمارات
- نتنياهو يتهم الكابينيت بالتسريبات الأمنية ويؤكد أنها -خطر شد ...
- زاخاروفا: فرنسا تقضي على أوكرانيا عبر السماح لها بضرب العمق ...
- 2,700 يورو لكل شخص.. إقليم سويسري يوزع فائض الميزانية على ال ...
- تواصل الغارات في لبنان وأوستن يشدد على الالتزام بحل دبلوماسي ...
- زيلينسكي: 321 منشأة من مرافق البنية التحتية للموانئ تضررت من ...
- حرب غزة تجر نتنياهو وغالانت للمحاكمة
- رئيس كولومبيا: سنعتقل نتنياهو وغالانت إذا زارا البلاد
- كيف مزجت رومانيا بين الشرق والغرب في قصورها الملكية؟
- أكسيوس: ترامب فوجئ بوجود أسرى إسرائيليين أحياء


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبة مسعودي - أي عالم يخترعه الفنّ؟ قراءة في كتاب -الفنّ والمقدّس- لأمّ الزين بنشيخة