محمد البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 21 - 18:52
المحور:
الادب والفن
يوميات صغيرة في الحجر الصحي -3-
بداية الحجر
أطل الربيع اليوم ، صاحت الصغيرة
وفعلا فتوقيته هو اليوم ،يوم يدل على الانشراح والفسحة والخروج للمروج الخضراء ،يوم لا كباقي الأيام يودع فيه العالم جوا قارسا ويستعد لاستقبال مناخ دافئ يحفز الأشجار على استعادة رونقها والحقول على إضفاء بهجة على الحياة النباتات تتخلص من السبات لتنبعث في الأرض معلنة خروجها من سجن طبيعي معتاد كل سنة وهكذا الأيام
لكن هل هذا اليوم هو كذلك ؟
لم يكن ،فقد أعلنت الدولة انطلاق حالة الطوارئ الصحية التي تفرض على الجميع عدم الخروج ومغادرة المسكن إلا لسبب جلي وبوثيقة يوقعها عون السلطة أو قائد المقاطعة التي تقيم فيه أو من يفوضه لذلك والسبب هو الحد من التنقلات والتحركات التي قد تثير العدوى وتجعلها خبزا يوميا لدى المواطنين .لكن الذي وقع في اليوم الأول أن توزيع الوثيقة كان سببا للناس للتجمهر مما طرح احتمال العدوى طبعا.
سناء ارتدت لباسها الربيعي واستعدت للخروج دون أن تدرك القرار ،فقد ألفت الذهاب لإحدى الحدائق المجاورة في بداية الربيع للاحتفال واللعب مع الفراشات المتناثرة هنا وهناك والتي بدأت تظهر قبل يومين في محيط البيت .
طلبت من أبيها التوقيت المناسب للخروج لتخبر صديقاتها بالتوقيت على أمل اللقاء هناك ،لكن ملامح الأب كانت بادية لا خروج منذ اليوم
وملاذا ياأبي ؟ هل ستحول المنزل لسجن ؟
بنيتي لقد اقتضت مصلحة بلادنا وصحتنا أن نلتزم بيوتنا،ولا نغادرها إلا للضرورة مع اتخاذ كل الاحتياطات اللازمة والضرورية وعدم الاختلاط مع الناس والحفاظ على مسافة منهم تجنبا للعدوى.
هل هذا يعني أنني لن استطيع مغادرة البيت ؟
طبعا،الجميع لن يغادروا بيوتهم،حفاظا على أرواحهم .
كيف هل الخروج يعادل الموت أو المرض ؟
طبعا تقريبا ،فكل من غادر بيته مهدد بتلقي عدوى مرض كورونا من شخص مصاب ،وقد لا يكون عاملا بذلك ،وإذا ادخل العدوى للبيت فسيرتفع عدد المرضى .
انهمرت دمعة حارة على خد البنية ،لكن حين تذكرت حق الحياة أسمى الحقوق مسحتها بشجاعة وابتسمت قائلة من أجلك يا وطني سأبقى في منزلي ؟
شردت قليلا ،شغل الأب التلفاز على أغنية جاء الربيع
ابتسمت الابنة، واستعدت للبقاء في المنزل بشكل عادي محتفلة بفصل الربيع على إيقاع الأغنية الجميلة والمناظر الخلابة في التلفاز
21 مارس 2020
#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟