طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 05:12
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
انضم الاقتصاديان اليمينيان فريدريك هايك وميلتون فريدمان إلى فيلسوف العلم كارل بوبر ليؤسسوا, بعد الحرب العالمية الثانية, النيوليبرالية, باعتبارها رأسمالية "براغماتية". الرأسمالية هي الدين الحقيقي الوحيد, حسب النظرية, وبالتالي فإن أي إجراءات ضرورية لدعمها ينبغي ان تتسم بالبراغماتية.
Capitalism, the State Religion
https://www.counterpunch.org/2020/04/10/capitalism-the-state-religion/
وقد اشترك كارل بوبر مع احد فرسانه, عالم الاعصاب جون ايكلز الحائز على جائزة نوبل في الطب, في تأليف كتاب يزعم ان ارادة الانسان تتمتع بحرية مطلقة, وهي مجرد ظاهرة "دماغية-فيزيائية كوانتيمية" تخضع لقرار "النفس", والنفس نفسها هي تركيبة دماغية تأمر "الدماغ!" باتخاذ هذا القرار او ذاك! انهما يسعيان عبثا لبعث الحياة في العلم البائد, الفيزياوية النفسية, التي اشرت اليها من قبل في معرض حديثي عن "الماركسية و-علم الاقتصاد العصبي!-"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=671587
وهذه المقالة هي خاتمة للسلسلة او بما هو مقامها ان كان لا بد من خاتمة.
ومنطق كتابهما,
The self and Its Brain
(النفس ودماغها)
Karl Raimund Popper, John C. Eccles
https://books.google.at/books/about/The_Self_and_Its_Brain.html?id=J5Tf_-Jt3ZIC&re---dir---_esc=y
غني عن القول, هو منطق الحلقة المفرغة, ويناقض مفهوم الدماغ لعديد من الفلاسفة والعلماء (الفيلسوف الفرنسي ميرلو بونتي الذي كان محرر مجلة الازمنة الحديثة, على سبيل المثال) باعتبار الدماغ هو الجسد باكمله في تفاعله المتبادل مع محيطه الخارجي, او ما يسمى عادة Embodiment of Brain. وبالتالي فان الفرد, حسب دين الرأسمالية البراغماتية وعلم اعصابها, هو المسؤول الاول والاخير عن فقره اوغناه, شقاءه او سعادته. انه دين يردد اصداء الداروينية الاجتماعية والبقاء للاقوى او للأغنى ماديا. انه دين بلا اخلاق, فليس المهم كيفية جمع الثروة, بل مقدارها! قيمته 10 ملايين: He is worth 10 millions.
والارادة الفردية, بمنطق هيغل, تتحقق في دورتها من خلال الارادة المطلقة للدولة البروسية, والتي نشهد بزوغ عصرها الرينساني الجديد على يديّ زعماء مثل ترامب, بوتين, وفيكتور اوربان في هنغاريا.
تنزع الرأسمالية القداسة عن كل شيء وتخضع كل الظواهر والاشياء إلى المبدأ الماديّ وللتفاوض والترشيد المادي المتزايد، فتختفي كل الاسرار. "ولعل هذا ما عناه ماكس فيبر حينما تحدث عن أن زيادة عملية الترشيد، أي إخضاع كل العلاقات،وضمنها العلاقات الإنسانية، إلى حسابات دقيقة تنتهي بنا إلى تحويل العالم بأسره إلى حالة المصنع الذي سيفضي بنا إلى القفص الحديدي التعاقدي، حيث لا تراحم ولا دفء وإنما حسابات دقيقة باردة، وهذه هي نفسها عملية «تهويد المجتمع» على حد قول ماركس."
- دكتور عبد الوهاب المسيري-
http://islamport.com/d/1/aqd/1/321/1381.html
2/401
وحتى الجنس او الُسكرْ او القهوة, على حد تعبير المحلل النفسي الماركسي سلافوي جيجك, تفقد مضمونها, فالجنس يصبح جنسا رقميا او افتراضيا virtual, والسكر خاليا من السعرات الحرارية sweetener, والقهوة خالية من الكافائين decaffeinated!
We want coffee without caffeine, beer without alcohol and World Cup without football.
https://twitter.com/slavojiek/status/1012608971100827648
ولو كان جيجيك مطلعا عن كثب على احوال العراق, لقال عنه بلا شك انه "دولة بلا دولة"!
الرأسمالية البراغماتية او النيوليبرالية هي دين ما يسمى العملية السياسية في العراق. انه دين بلا اخلاق, بل انه نقيضها اللاديالكتيكي, وذلك باعتبار ان التاريخ قد انتهى, تقول السردية النيوليبرالية, وانتهى بالتالي معه الديالكتيك! ولذلك, بسبب لاديالكتيكيته رسميا, سيقى الفساد ضاربا اطنابه بوحود هذه العملية السياسية, واية دعوة للتخفيف عنه, ناهيك عن القضاء عليه, بدون الغاء العملية برمتها, هي مجرد ضحك على الذقون وتجسد هي الاخرى مظهرا آخرا من مظاهر الدين البراغماتي-النفاق وسيلة براغماتية لتعزيز الحالة القائمة. ودعوات المؤذن "حي على الفلاح, حي على خير العمل!" تزيد من الفساد وتفاقمه. انه دين الفساد بكل انواعه, حيث ان كل اطراف العملية, وباختلاف قناعاتهم-اقنعتهم وبمختلف تسمياتهم, من شيوعيين رسميين او اسلامويين او اقطاعيين قوميين او ديموقراطيين- مدنيين, كما يسمون انفسهم, الخ, يدينون كلهم بدين واحد, دين الرأسمالية البراغماتية, بدلالة ان كلهم وافقوا على القرارات النيوليبرالية للحاكم المدني للعراق, بول بريمر, وهي القرارات التي تتحكم في اقتصاد وسياسات هذه العملية- كما واننا ايضا لم نسمع اية دعوة من قبل هذه الاطراف لالغاء هذه القرارات والحد من هيمنتها, ودعوة كهذه بالضرورة ستخرجهم عمليا من العملية السياسية التي هي قدس الاقداس بالنسبة لهم.
وميلتون فريدمان وزملائه في مدرسة شيكاغو للاقتصاد هم عرابو بول بريمر وغيره من المحافظين الجدد في ادارة بوش الابن الذي امر بغزو العراق
Klein demonstrates quite clearly the manner in which Friedman’s ‘disciples’ – his powerful admirers and student graduates of the Chicago School of Economics – known as the ‘Chicago School’´-or-the ‘Berkeley Mafia’ were intimately involved in the dismantling of democratic structures across many continents from the ‘Southern Cone’ of Latin America to Central Europe, Russia, the Middle East and Asia. Among Friedman’s disciples Klein clearly identifies former US Secretary of Defence, Donald Rumsfeld – of whom President Richard Nixon said in 1971, ‘He’s a ruthless little bastard. You can be sure of that’ – former US Chief Envoy to Iraq, Paul Bremer along with a host of other conservative Washington Republican luminaries including US Vice President, Dick Cheney"
Naomi Klein: The Shock Doctrine: Review
https://www.researchgate.net/publication/254584154_Naomi_Klein_The_Shock_Doctrine_Review
-------
وفي الولايات المتحدة, بدأ وباء الكورنا مع المسافرين الحرفيين الذين جلبوا المرض معهم من الخارج. في حين أن هذا امرعرضي في نهاية المطاف, إلا أنهم يستطيعون تحمل التباعد الاجتماعي بينما لا يستطيع العمال "الأساسيون" ذلك. التقارير تفيد بأن العمال السود واللاتينيين يموتون بشكل غير متناسب من Covid-19 بسبب عدم المساواة الاقتصادية. يعاني هؤلاء العمال "الأساسيون" من نفس المعدلات العالية لوفيات الأطفال, وانخفاض متوسط ------العمر المتوقع والوفيات المبكرة من أمراض يمكن الوقاية منها ومعالجتها كامراض القلب ومرض السكر.
في مناطق مثل ديترويت, ميشيغان, نيو أورليانز, لويزيانا, شيكاغو, إلينوي وميلووكي, وويسكونسن يعاني السكان الأمريكيون من أصل أفريقي من معدلات الإصابة والوفيات التي تتجاوز بكثير نسبة السود من إجمالي السكان. الأرقام مقلقة. في لويزيانا, 70 في المائة من إجمالي الوفيات الناجمة عن فيروس الكورونا هم من سود ، على الرغم من أنهم يشكلون ثلث السكان فقط. في شيكاغو ، 67 في المائة من الذين ماتوا بسبب الفيروس هم من السود, على الرغم من أنهم يشكلون 32 في المائة من السكان. في ميشيغان, يشكل السود 40 في المائة من الوفيات وثلث الاختبارات الإيجابية, على الرغم من أنهم يشكلون 14 في المائة فقط من سكان الولاية. في مقاطعة ميلووكي, يشكل السود 26 في المائة من السكان لكنهم يمثلون 73 في المائة من وفيات المقاطعة. تظهر البيانات الأثر المميت للفيروس على الطبقة العاملة بأكملها, وخاصة السكان الأكثر ضعفا. العمال من جميع الأعراق الذين يفتقرون إلى الرعاية الصحية الكافية, والذين يضطرون إلى العمل في ظل ظروف خطيرة من قبل أرباب عملهم والذين يعانون من أمراض كامنة مثل السمنة والربو والسكري وأمراض القلب والرئة هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس والموت بمجرد الإصابة. في المناطق الحضرية الأربعة غير المتكافئة للغاية المذكورة أعلاه, يشكل السود أجزاء كبيرة من الطبقة العاملة الفقيرة.
What is behind the high percentage of COVID-19 deaths among African Americans?
https://www.wsws.org/en/articles/2020/04/13/race-a13.html٧;---
تمتلك الولايات المتحدة المال والموارد لتخفيف التأثير الاقتصادي للوباء. لكنها تستخدمها لتعزيز أسعار الأسهم, إنقاذ وول ستريت, وشراء ديون الشركات التي قدمت الكثير منها لإثراء مسؤوليها التنفيذيين, وإنقاذ الصناعات المفضلة للأوليغارشية. تكلف المباعدة الاجتماعية الكثير في الأرباح الضائعة, لذلك من المرجح أن تنتهي في وقت مبكر. في الدين الأمريكي ، "الاقتصاد" موجود خارج الاعتبار البشري.
من وجهة نظر وول ستريت, فإن الخسارة المحتملة للمليارات في الإيرادات أثناء الإغلاق المطول أمر غير مقبول على الإطلاق. حتى قبل حدوث الوباء, كانت شركات السيارات تحت ضغط هائل من المستثمرين لتحسين هوامش أرباحها, في ظل ظروف انخفاض المبيعات في جميع أنحاء العالم, وذلك من خلال "إعادة الهيكلة", بما في ذلك عمليات التسريح الجماعي وإغلاق المصانع.
تسعى البنوك المركزية والحكومات في العالم الى دعم أسواق الأسهم من خلال ضخ تريليونات الدولارات, ولكن يجب دفع هذه الأموال في نهاية المطاف من خلال الاستغلال المتزايد للطبقة العاملة.
US automakers planning return to work before coronavirus danger subsides
https://www.wsws.org/en/articles/2020/04/08/auto-a08.html
الولايات المتحدة تملك اكببر نسبة من السجناء على الصعيد العالمي, حيث تزدهر "صناعة" السجون التي تدار من قبل شركات خاصة. وكلما زاد عدد السجناء, الذين يقيمون في سجون مكتظة ومزدحمة وتحت ظروف بائسة لا تسمح حاليا بتحقيق ادنى شروط الوقاية من الكورونا كالنظافة والتباعد الاجتماعي, كلما زادت ارباح الشركات. والعديد منهم يجبرون على العمل باجور زهيدة جدا من اجل تحقيق الارباح للشركات. تقول الاحصائيات ان عدد المسجونين في الولايات المتحدة لكل 100000 مواطن هو 655 , مقارنة بدول مثل السلفادور, كوبا, وراوندا, حيث ان الاعداد هي 618, 510, 464 على التوالي.
Countries with the largest number of prisoners per 100,000 of the national population, as of July 2019
https://www.statista.com/statistics/262962/countries-with-the-most-prisoners-per-100-000-inhabitants/
والعديد من الناشطين السياسيين والمدنيين يعتبرون الولايات المتحدة بمجملها "سجنا سياسيا."
The U.S. is a Political Prison, Kamala Harris is a Prison Guard
https://www.blackagendareport.com/us-political-prison-kamala-harris-prison-guard
بعرف بعض المصادر, يمكن تطبيق مصطلح "رأسمالية الدولة" على كل من الولايات المتحدة والصين. والفرق المركزي هو أن الحزب الشيوعي الصيني يحتفظ بالسيطرة السياسية على الشركات الصينية ، في حين أن الشركات التي مقرها الولايات المتحدة تسيطر بشكل كبير على النظام السياسي الأمريكي. تعترف النظرية السياسية بالنظام الأمريكي على أنه دولة الشركات, والمعروف في القرن العشرين باسم الفاشية بالنمط الإيطالي. يتم استخدام المصطلح وصفيًا, وليس تحقيرًا.
قد يصعب على المرء أن يجد شكلاً من أشكال العقلانية الحديثة أكثر تطرفًا من الرأسمالية. إن قوانين العرض والطلب وتسليع السلع مثل الصحة والتعليم تزيل السحر والإحساس بالقدسية اللذين كانا جزءًا حيويًا من حياة الإنسان. لاحظ ماركس أن الرأسمالية تدمر "كل العلاقات الثابتة والمتجمدة تقريبا بسرعة" و "تٌغرق أكثر النشوة السماوية من الحماسة الدينية ... في المياه الجليدية للحسابات الأنانية"-العولمة عمقت من هذه العملية من خلال تسطيح الثقافات المحلية وتدميرها, كما مثلا في نهب المتحف العراقي اثناء احتلال العراق باشراف قوات الاحتلال. وكما تمثل ايضا من خلال تهريب الارشيف اليهودي العراقي الى اسرائيل, حيث اضطلع الرئيس العراقي والنيوليبرالي العتيد برهم صالح ورئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي ورجل الدين المعمم حسين الصدر "بدور عال و محوري والتنسيق فيما بينهما لغرض الحفاظ عليه لحين إيصال هذا الأرشيف إلى إسرائيل بسلامة وأمان وبمساعدة لوجستية من قبل زمرة (احد عرابي الاحتلال) أحمد الجلبي"
"أسرار تهريب الأرشيف اليهودي العراقي إلى إسرائيل"
https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2012/06/29/291994.html
----------
يقدم كتاب يوجين مكاراهر الجديد,
The Enchantments of Mammon: How Capitalism Became the Religion of Modernity,
https://www.thenation.com/article/archive/capitalism-religion-eugene-mccarraher-interview/
"سحر الجشع: كيف أصبحت الرأسمالية دين الحداثة", عرضًا مختلفًا لعصرنا الحديث - طريقة تنقل فيها اسرار الدين وقدسياته إلى الطريقة التي ندرك بها قوى السوق والتنمية الاقتصادية. يجادل مكاراهر بأن العالم الجديد الذي أوجدته الرأسمالية يتسم ب"هجرة القدسية " إلى عالم الإنتاج والاستهلاك والربح والسعر والتجارة والتعاملات الاقتصادية. بعبارة أخرى, الرأسمالية هي الدين الجديد, وهو مليء بالخرافات والمعتقدات التي لا أساس لها ويدين بها رجال الدين من الاقتصاديين والمديرين, ولها أيقوناتها الخاصة للإعلان والعلاقات العامة, ، ولاهوتها السياسي الخاص - نظرة للتاريخ والسياسة التي تقوم على حتمية انتشار النظام الرأسمالي في جميع أنحاء العالم.
إن "خيبة أمل العالم", كما سماها ماكس ويبر (استعار عبارته من الشاعر الالماني فريدريك شيلر), هي واحدة من الافتراضات الأساسية للحياة الثقافية والفكرية الحديثة. إنها تشير إلى الاعتقاد بأن السمة المميزة للحداثة هي فقدان الإيمان بالسحر - تلك القوى الغامضة التي لا حد لها التي تحكم الكون وتتغلغل فيه وتحركه. خلال العصور الوسطى, جسدت المسيحية الكاثوليكية هذا الفهم للواقع في طقوسه وخياله وأسراره. وفقا لعالم الاجتماع ماكس ويبر، دمر اللاهوت الكالفيني (نسبة الى المصلح المسيحي جون كالفين) والمؤسسة الرأسمالية تدريجيا هذا المنظور السحري والمفعم بالاسرار, مما أدى إلى اختزال المادة الحية إلى مادة خاملة وغير حية, و,بعبارة اخرى, يمكن اعتبار الرأسمالية انتصارا لمادية فيورباخ الهامدة على مادة ماركس الحية-الديالكتيكية. إن السعي الرأسمالي من أجل الربح لم يخفف فقط قيود العصور الوسطى ضد الجشع والربا, بل نص ايضا على وجوب تجريد الواقع المادي من كل أهمية روحية. ويصبح الدين اداة لتعزيز الانانية والجشع بدلا من ان يكون رياضة روحية يمارسها الفرد للتسامي وتعزيز المناعة الداخلية ضد الاغواءات العصابية التي تغذيها مشاعر الفردانية والتنافس المتعاظمة في حقبة الرأسمالية المتوحشة.
اعتقد ويبر أن أرواح السحر القديمة لم يطوها النسيان في عصر الحداثة، فقد تلبستها قوانين السوق. وكما يمكنك أن تقرأ في مخطوطات ماركس عام 1844، Grundrisse ، والفصل المتعلق بفتشية السلعة في رأس المال, فقد استمر السحر في الميكانيكا العلمانية المفترضة للرأسمالية. أن المال أصبح هو الاله (الدولار الامريكي : في الله نثق)، وهو الخالق الذي يشرعن الواقع الأخلاقي في الحضارة الرأسمالية: الدولار الامريكي يسحر الناس ويخلبهم البابهم ويكتسب منزلة الله الامبريالي الذي قبر الله الابراهيمي , او -الله- نيتشه الذي اعلن نيتشه موته ليبشر بظهور الانسان التافه! في رأس المال, تصبح فتشية السلع بديلاً رأسماليًا عن القدسية الكاثوليكية: ففي حين تُوجه النعمة الإلهية من خلال الأشياء المادية أو الطقوس الدينية, تقوم فتشية السلع بالتحكم بقوة المال من خلال كيمياء نقدية للأشياء. لذا فإن إحدى طرق قراءة التاريخ الحديث هي قصة السحر الرأسمالي وعلم لاهوت المال.
يؤكد مكاراهر ان التاريخ هو موضوع كتابه. العنوان الفرعي للكتاب مشتق من كتاب "الرأسمالية كدين" للفيلسوف الماركسي فالتر بنيامين (1921)، وهو واحد من أكثر الكتب الماركسية صرامة وبلاغة بخصوص القدسية الرأسمالية. "وتجدر الإشارة إلى أنّ (فالتر) بنيامين كان متأثرا في هذا النص بأطروحة عالم الاجتماع الألماني الكبير ماكس فيبر Max Weber الذي ذهب إلى القول أنّ الرأسمالية التي تطورت منذ القرن السابع عشر تعود في الأساس إلى الديانة المسيحية، وخاصة إلى الروح البروتستانتية التي أنتجت قيما وخلقت شروطا فكرية أسهمت إيجابا في تطور الرأسمالية وتقدمها. غير أنّ (فالتر) بنيامين يذهب إلى أبعد من ذلك، وبصورة أكثر راديكالية من ماكس فيبر، حيث يرى بأنّ الرأسمالية نفسها هي دين أو تحولت إلى ظاهرة دينية. وهي المسألة التي تطرق إليها (فالتر) بنيامين في هذا النص."
“الرأسمالية كدين”
https://couua.com/2018/05/26/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%AF%D9%8A%D9%86/
يهدف كتاب بنيامين الى فحص كيف أن الرأسمالية هي شكل جديد من أشكال الانحراف وسوء التوجيه لرغباتنا بالعيش بقدسية في العالم. هذه القدسية الضارة تعرضها الحضارة الرأسمالية من خلال واجهات نظرية الإدارة, التصميم الصناعي, الإعلان, والاقتصاد. بعبارة اخرى, ان الرأسمالية تزيل الحدود بين الطهارة والدناسة. ودستور دولة مثل العراقة مثال بارز على الغاء الحدود باعتباره الاسلام دين الدولة. انه يلغي الحدود بين المقدس والمباح ويصبح الاثنان صنوا لبعضهما البعض.
يتكلم مكاراهر في كتابه عن الاقتصاد و"أسطورة المقايضة الأمية تاريخياً إلى ادعاءاته المتهالكة والمهينة حول الطبيعة البشرية ،لذا فإن الاقتصاد ليس مجرد علما كئيبا بل هو علما احتياليا بشكل أساسي أيضًا."
يقول مكاراهر "لأكون صادقًا, لست متأكدًا من أن الاقتصاد علم, مهما كان "كئيبًا", كما سماه المؤرخ وكاتب المقالات السكوتلاندي توماس كارلايل 1795 -1881. يعتقد مكاراهر أن الاقتصادي الانكليزي جون روسكين كان أقرب إلى الواقع في كتابه Unto This Last (1862) عندما قارن ما كان يسمى آنذاك "الاقتصاد السياسي" بـ "الخيمياء وعلم التنجيم و [السحر]. كمسيحي، يرفض مكاراهر الافتراضين اللذين وجدهما في الاقتصاد التقليدي: الندرة (على العكس من ذلك, خلق الله عالماً من الوفرة) والإنسانية العقلانية التي تسعى إلى تحقيق الذات وتعظيم المنفعة (مفهوم تنافسي للطبيعة البشرية التي تسيئ الى مفهوم ان "الله خلقنا على صورته ومثاله". ويرى أن واحدة من أهم المهام الفكرية في عصرنا هي بناء اقتصاد مع افتراضات مختلفة للغاية حول الطبيعة الإنسانية والعالم.
وعلى حد قول صحيفة الغارديان البريطانية, "قد لا يتمكن بعض الرومانسيين العلمانيين من مواكبة (مسيحية مكاراهر). ولكن هذا لا ينبغي أن يجعل هذا الكتاب الرائع أقل متعة بالنسبة لهم للقراءة والتفكير في أوقات مثيرة للقلق."
The Enchantments of Mammon by Eugene McCarraher review – an epic blend of history, prophecy and polemic
https://www.theguardian.com/books/2019/dec/22/enchantments-of-mammon-how-capitalism-became-religion-modernity-eugene-mccarraher-review
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟