|
الأغلبية والنظام البرلماني( ديموقراطية الأسلاميين)!!!
طلال الحريري
سياسي عراقي
(Tallal Alhariri)
الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 02:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لفت إنتباهي مقال كتبه قلم من أقلام الدفاع عن النظام المريض و أحد مُروجي ديموقراطية الإرهاب يقول فيه( أن الاغلبية مفهوم ديمقراطي غير محدد بفكر وتوجهات الأغلبية)!!! وهنا يُريد هذا الصنم أن يُقنع من يقرأ له بأن الاغلبية الطائفية لا تتعارض مع مفهوم الديموقراطية بإسلوب غير مسؤول يتحدى وعي المجتمع ويتبنى التجهيل والتطبيل لفاشية الأسلمة المسيطرة على النظام! وهذا ما جعلني اكتب عن هذا الموضوع مع إدراكي التام بقدرات هذا الجيل الواعي في زمن التحول الفكري والثورة النامية التي خلقها التنوير وفرضتها الإرادة العامة وماتزال قيمها تنمو بشكل متسارع. وقبل أيُ بداية لابُد أن نعي بأن الديموقراطية لايمكن حصرها وتوضيح مبادئها وشرح تجاربها في سطور لأنها مجموعة رؤى وافكار وتجارب واسعة جدا و ما تزال تتعرض للتحديث في منظومة الليبرالية وعصر العولمة والتقنية. لذلك سأذكر ما يهمنا فقط وبإختصار شديد: اولا وقبل توضيح طبيعة الفكرة نقول: لاتوجد اغلبية بهذا المفهوم بالمطلق. لابمفاهيم الديموقراطية ولا في مبادئها كنظرية وتطبيق وهذه تجربة خطيرة جعلت بعض المختصين يقعون في خطأ النقد عندما يصفوها ( بالديموقراطية الطائفية) في حين أن جوهر الديمقراطية ومبادئها يتنافى تماما مع هذه الإشكال والأوصاف التي تمثل مخرجات طارئة للفشل في التطبيق ولا تنتمي لأي مبدأ من مبادئها وقيمها المعروفة بشمولية التمثيل والتنوع والمواطنة! حتى في تعريف الديموقراطية التقليدي البسيط ( حكم الشعب بواسطة الشعب من اجل الشعب) نجد هذا التضاذ واضحاً في المفهوم، و لا نجد هذا المعنى في التجارب والافكار التي ولدت منه بل العكس تماما حيث يُشير مصطلح الأغلبية في الديمقراطية الى الأغلبية الوطنية التي تضمن المشاركة والتنوع تحت عنوان (الإرادة العامة) ومن هذا الأساس انطلقت فكرة الديموقراطية في منظومة الفكر الليبرالي. والديموقراطية نظرية تطورت وتجاربها مختلفة وكثيرة وتختلف التجارب بإختلاف ايدولوجية الأنظمة وطبيعتها وقيم الثقافة السياسية في الدول. فهناك ديمقراطية مباشرة( لم تُطبق إلا في سويسرا على مستوى المقاطعات فقط التي تُسمى بالكانتونات)، وديمقراطية شبه مباشرة، واخرى تمثيلية( نيابية).. الخ وهكذا تتنوع اشكال وتجارب الديموقراطية. ولكي نكون دقيقين فأن التجربة السويسرية اذا قارناها بقيم ووسائل الديمقراطية المباشرة على مستوى النظام السياسي فأن النتيجة ستكون ديموقراطية شبه مباشرة! الديمقراطية (بهذا المفهوم)نظرية ظهرت في القرن الثامن عشر( من حيث زمن التطبيق) اما من حيث الفكرة فتعود الى القرن السادس عشر( وهنا استثني تجارب وافكار الإغريق لأنها بدائية، وافكار القرن الخامس عشر وتجاربه كي لا اذهب بعيدا عن محور الأجابة ونحن نتحدث عن الأغلبية في رؤية التمثيل). ومن هذا المنطلق النظري والتطبيقي فأن التجارب الديمقراطية التي طُبقت في دول العالم الثالث( العراق تحديدا) ليست تجارب ديمقراطية من حيث( الفكرة، الوسائل، القوانين، العملية السياسية، الثقافة السياسية) هذه تجارب ورقية لا تُمثل سوى تجارب مشوهة للديموقراطية لذلك أصبحت هذه التجارب مصنع للأزمات والتفكك واللاإستقرار لأن قيمها ومبادئها خاطئة!. والأنظمة هذه (كتجارب) وعلى رأسها النظام العراقي الذي تأسس في عام2005 نُظم تعاني من تشوهات خلقية في بنيتها ومن الطبيعي ان تكون الاغلبية بمفهوم الطبقة السياسية اغلبية طائفية او عرقية او اوليغارشية_عسكرية_دينية وبهذا الشكل تختفي الفكرة الأصل، وتصبح الوسائل بدائية غير حقيقية تفقد مصداقيتها وثقتها منذ اول تطبيق لها خاصة العملية الإنتخابية!، اما القوانين فتُصبح كتجربة كيميائية فاشلة حيث تختلط القوانين وتتفاعل عكسياً مابين الحداثة غير المطبقة والأخرى الموروثة من عهود استبدادية سابقة تهيمن على المساحة الأكبر! في ظل عملية سياسية ابرز ركائزها الحصص وتكريس طائفية الإنتماء والإنغماس في المصالح الحزبية والفساد. ومع الوقت تختفي قيم الثقافة السياسية للدولة ويصبح النظام الحامي للثقافات الفرعية التي تنتمي للدين والقبلية والعِرق! ولا يكتفي عند هذا القدر بل يعمل على تنميتها بإستمرار لأن النظام السياسي ينصهر برؤية العملية السياسية وتختفي الدولة خلف أرادة الأحزاب والقادة المحليين! وهذه التجارب مع الوقت تتحاول الى فاشية سلطوية تنهي وجود الدولة المؤسساتي( الفاشية الإسلامية في العراق انموذجاً). الخلاصة: الأغلبية في رؤية النظم الديموقراطية من حيث الفكرة والتجربة هي الأغلبية الوطنية المتمثلة برؤية الأرادة العامة للأمة( وهنا نتحدث عن التجارب النيابية) كونها الأكثر تطبيقا على مستوى العالم وهذه الرؤية يجب أن تضمن التنوع وقوة المشاركة في هوية وطنية واحدة، بل أن الثقافة الديمقراطية تمنع الإقرار بأي اغلبية مخالفة للرؤية الوطنية( المجتمع) ويتم ذلك عبر الوسائل القانونية والدستورية. اما على المستوى الإيدولوجي الشامل فأن الديمقراطية الحقيقية في اشكالها الطبيعية كافة لايمكن تطبيقها الا اذا تحولت الدولة( نظام سياسي، مؤسسات، مجتمع مدني، ثقافة، قوانين، اقتصاد، قيم) الى الليبرالية أي ان تكون الدولة ليبرالية (فكرةً وشكلاً وقيماً) تعكس سلوكها السياسي والإداري والثقافي. مع ذلك هناك نقطة مهمة جدا وهي أن الديموقراطية ليست نظرية جامدة وإنما فكرة وتجربة تتطور وتذهب نحو التحديث المستمر بعد اربعة اجيال من الليبرالية( اجيال فكرية) وهذا المتغير انعكس على طبيعة الأنظمة خاصة في عصر العولمة الذي شهد متغيرات كثيرة في البنية الفكرية لليبرالية لا مجال لذكرها هنا. وفي الختام: كل تجارب الأنظمة البرلمانية/ النيابية في العالم الثالث فشلت( الديمقراطية التمثيلية) وكل الدول التي اخذت بهذه التجارب انهارت بعد أن سقطت في هاوية الإنقسام والصراع والحروب الأهلية( دينية، عرقية..الخ) وانتهت بسلطات موزعة وموارد منهوبة وشعوب مُستعبدة من قبل مليشيات عسكرية فاشية وتنظيمات ارهابية مُستبدة. #طلال_الحريري
#طلال_الحريري (هاشتاغ)
Tallal_Alhariri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام العالمي الجديد( الإقتصاد والفردية التقنية)
-
فاعل شيعي أم إيراني؟
-
#كورونا_بإختصار
-
معضلة التكليف واللاحل وغياب الرؤية السياسية
-
أزمة التكليف والمتغيرات الجيوسياسية
-
رسالة من التاريخ الى جيل الثورة الواعي
-
أحفاد جوبارو ودورة التاريخ في التبعية لإيران!!!
-
قوى سُنية تتاجر بالموت والقمع!
-
يهود العراق في خطاب ثورة اكتوبر
-
مختارات من ادب الثورة( مفردات خطاب جيل)
-
المثلية في العراق وازدواج معايير العلمانية في خطاب الوعي!!!
-
الفاشية السنية والفاشية الشيعية
-
الفرد ومفهوم الدولة الاجتماعي والتغيير
-
علمانية ،ليبرالية ،مدنية فك التدخل
-
رؤية المرحلة الانتقالية
-
هكذا تكلمت ثورة اكتوبر!!!
-
لماذا يرفضون صفقة القرن؟
-
ألرّد الإيراني ومخرجاته الجيوستراتيجية
-
لماذا جمدت اسرائيل ضرباتها الجوية في العراق وأيُ حرب تتحدث ع
...
-
سقوط الإسلام السياسي في ظل المتغيرات الجيوسياسية
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|