أمين المهدي سليم
الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 02:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في نوفمبر الماضي مرت الذكرى 42 لزيارة السادات إلى القدس في 19 نوفمبر 1977، والتى أقدم عليها ضمن مبادرته أو قل مغامرته من أجل السلام ليكون الرئيس العربي الأول والوحيد الذى خاض تفاوضا سلميا مباشرا بشخصه علنيا ورسميا بدأ في القدس. وبالرغم من أن السادات هو الطاغية العسكري الوحيد في جمهورية يوليو الذى ألف كتابا عن تجربته ومذكراته السياسية خلال حياته، إلا أنه الوحيد أيضا الذى لم يكتب سيرته سواء في حياته أو بعد اغتياله إلا خصومه في مصر والعالم العربي وبعض أقلام مأجورة في الغرب للبعث وممالك الظلام البترودولارية، خاصة في فرنسا التى كانت من مناطق نفوذ البعث والقوميين والناصريين خاصة، وحتى أن أحد الكتاب الفرنسيين المرتزقة هو روبير سوليه اختلق مواقف وصفحات كاملة من عندياته وأضافها إلى مذكرات هنري كيسنجر لحساب صدام حسين وماسمي ب "جبهة الصمود والتصدي"، بهدف تشويه السادات وعملية السلام برمتها. والسادات أيضا هو الوحيد الذى خاض صراعا مع عصابات مافيا الجيش المصري الفاسد، الذى لم يكن يريد الحرب ولا السلام، هذا الصراع الذى انتهي باغتياله.
الدليل القاطع أن ستار التعتيم اسدل على زيارته للقدس وأيضا مساجلاته ومفاوضاته الشاقة المرهقة التى دارت لأول وآخر مرة بينه وبين أعتى قيادات اليمين الصهيوني المحارب التوسعي الرافض للسلام، في نفس موقف كل القوى العربية الفاشية قوميا ودينيا ووطنيا المتسلطة على الشعوب، ومن مضحكات مصر أنه باستثناء د.مصطفى خليل وسيد مرعي وبطرس غالي وعثمان أحمد عثمان وحافظ إسماعيل وبعض فصائل اليسار مع التكليفات الإعلامية الموجهة المعروفة، كانت كل مؤسسات الجمهورية العسكرية تتبنى المواقف البعثية، ذلك أن الثقافة المعممة ليوليو منذ 1954 كانت فاشية دينية إلى أن اكتشف عبد الناصر "الكنز" الفاشي القومي البعثي في 1958، يوم ماسمي الوحدة بين مصر وسوريا؛ فنازع البعث عليه.
اختزلت زيارة السادات بل ومبادرته كلها في هبوطه في مطار اللد، وأما الباقي فهو تزييف وفبركة تمرست بها المؤسسات الرأسية العربية تاريخيا، وفي القلب منها اتهامه بالخيانة والتفريط في وهم وحشيش وأكاذيب الإنتصار في حرب اكتوبر التى شارك السادات نفسه في صياغتها لأسباب معروفة، رغم تهديد إسرائيل للقاهرة ودمشق ومسارعة البلدين كالأطفال لطلب وقف اطلاق النار رغم أنهما من أشعل الحرب. ولم يرفع الستار عن القليل جدا من هذه الزيارة إلا عندما مثل وأنتج الفنان العبقري أحمد زكي فيلم "أيام السادات" في 2001 عن حياته، وبعد أن ذاق الأمرين للسماح بالقليل من التفاصيل السياسية في الفيلم وتضمن جزءا من خطابه في الكنيست، أى بعد 20 سنة كاملة من اغتياله. الخلاصة أن البيئة الثقافية السياسية والاجتماعية العربية، والتى هى رأسية تسلطية بطبيعتها لم تكن فقط تقدس الحرب ولا تحترم السلام كقيمة إنسانية وأخلاقية وسياسية، بل كانت عاجزة أصلا عن إنتاج خطاب السلام ولو حتى على مستوى إعلامي، وهكذا كانت الرصيد الفعال الذى لاينفذ لليمين الصهيوني التوسعي وسنده في رفض السلام، ومحاولة افشال مبادرة السادات التى طوقت هذا المعسكر الحربي التوسعي عالميا وداخليا في إسرائيل. وهكذا كان السادات شبه وحيد محليا وإقليميا. "يتبع". #أرشيف_مواقع_أمين_المهدي
#أمين_المهدي_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟