أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - من رقصة أخيرة على قمرٍ أزرق














المزيد.....

من رقصة أخيرة على قمرٍ أزرق


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


المنطقة... بين الدوحة والمنامة
شكت الشيخة خلود في مزاجها المفاجئ وانقشاع ضباب الخوف الذي كان عادة يصاحب توقعاتها المجهولة من خلال الأفكار المدمرة حين كانت تسبغ عليها بالتوتر طوال الوقت، وشعرت بالاسترخاء مؤخراً وزال الاحتقان بعد أن نفضت عنها القلق وقررت المغامرة بعد مناقشة مع زوجها ومع ذاتها حينما تمكنت من إقناعه بالتخلي عن الحذر الذي يدفن صاحبه وهو على قيد الحياة.
- ماذا ينفع كل هذا الألماس والمال والنفوذ وأنا أعيش وحدي خائفة؟
دفعها هذا الإحساس للتطرف في طلباتها حين فاجأته ذات ليلة بالهاتف وهي ثملة على فراشها، بينما كان وحده يحضر مؤتمراً بأمستردام، راح يستمع لها قبل أن تغفو عنه ويسقط الهاتف من يدها.
- أريد طفلاً منك، على الأقل يحفظ حقك ويشغل وقتي وتذهب له ثروتي ويوطد علاقات البلدين...
كان حديثها تلك الليلة مسلياً، جعله يستمع لها وهو يقهقه وقد راحت تخلط السياسة بالإنجاب، فلتت منها الأفكار فراحت تستفيض بالحديث الذي انتهى على رغبتها بالإنجاب، وتوقّع ألا تمر الفكرة عابرة، فسوف تعود إليها بمجرد أن تخطر ببالها ذات نهار، ولكنها انشغلت بعدها برغبتها في زيارتها البحرين وترتيباتها لشراء بعض الأراضي العقارية، وقد تركها تسير في مخططاتها منتظراً النتائج أين تصب؟. أبدى لها في البداية تحفظّه على بعض خططها ولكنها تجاوزته بحججها التي بدت له مقنعة، أشعرته بظلم الحياة وفرضها هذه العزلة عليها، كان يعلم بحبها ووفائها له وقد ضحت بكل شيء واختارت العيش معه بشروطه التي أفقدتها مع الوقت شعورها بالانتماء للعالم والبشر، يدرك حجم معاناتها بدون أهل أو أصدقاء أو محيط يحسسها بقربها من شيء تنتمي له، وقد قادها ذلك لما يشبه الجنون، كان يدرك كل هذه المشاعر المحيطة بها فتتعاطف معها ولم يقف مرة ضد رغبة من رغباتها.
كانت وجهتها التي كرست لها وقتها وحفزت مشاعرها، السفر للبحرين، أطلعت عيسى على أفكارها كاملة وأخذت موافقته على كل ما تنوي القيام به عبر توكيل بعض الأشخاص من محامين ووسطاء ومكاتب عقارية ورسمت لهم خططها التي تنوي انجازها، ومنها تملك الأراضي العقارية وبعضٍ المشاريع، كالسجلات التجارية والأسهم، وقد وضع عيسى تحت تصرفها عدداً من المحامين والمستشارين ليساعدونها على تحقيق متطلباتها دون أخطاء أو تجاوزات، كانت خططها سلسة ونظيفة، حشدت لها طاقات لم تخطر ببالها حين فتحت معه الموضوع للمرة الأولى، وأزال ذلك كل الإحتقان حولها، وجعلها تتحرك بثقة، تنزع من داخلها المخاوف حين رأت حولها هذا الفريق المتكامل الذي أعده لها زوجها، وساعد ذلك على انشغالها بالخطط وخفف الضغط على عيسى الذي تفرغ لانجاز مهامه الخاصة، تشابكت أفكارها ومشاعرها بالرؤى والخيالات التي كانت في عقلها الباطن، ثم تحولت لأفكار على الواقع، وانخرطت في العمل والتخطيط، وقد أشار لها أحد المستشارين الذين عينهم زوجها بالتريث في السعي لتحقيق كل هذه الأمور قبل أن تجد من ترتكز عليهم في البحرين والذين يمثلون مصالحها، وهو الأمر الذي راح يعمل عليه الفريق دون أن تظهر هي في الصورة، غير أنها فرضت عليهم انجاز بعض المهام التي لا تتطلب تأجيلاً بأسرع وقت، ومنها شراء بعض الأراضي، وقد سافر أحد المحامين للبحرين لإنجاز هذه المهمة.
عرفت من يومها معنى الحب الحقيقي الذي لم يخطر ببالها أن يطرق باب قلبها ويتسلل بهذا القدر من الخيال الذي يصل بها أنها لم تصدق نفسها، كانت تقف أمام المرآة بالليل وتتأمل وجهها على ضوء الغرفة وتسرح في تضاريس وجهها ببشرتها الناعمة ولونها البرونزي وعيناها الواسعتان الناعستان ببريقهما وجاذبيتهما، كانت تغازل شكلها وتبتسم وهي تتساءل عما يجتذب عيسى فيها ليمنحها كل هذا الحب والمال والثراء والنفوذ والاهتمام بكل شيء، لم تسمع منه مرة ما يجرح أو يؤلم أو حتى ما يضيق له صدرها، جل ما يصدر عنه عتاب ناعم هادئ مغلّف بدلال حين تتجاوز خيالها ويبتعد بها جموحها، كان عتابه ينصب دائماً على صحتها عندما تسرف في الشراب والتدخين، أو تتمادى في السهر وتظل أياماً دون نوم، إحساسها بهذا الكم من الحب يخيفها ويجلب لها الأفكار المدمرة ولكنها الآن تدرك مضمون هذا الحب وقد اختبرته مع الوقت والظروف والمعاناة التي تحملتها وحدها في عزلتها الدائمة التي كادت تبلغ السنتين، أدركت ماهية الرجل وجوهره ووفائه لها كما تعهد لها منذ أن سحرته عندما سعى يومها لمضاجعتها منذ اللحظة الأولى التي رآها فيها، وجعلها يومها تعتقد بأن نظرته لها كعاهرة عابرة تمر أمامه صدفة وهو تحت ضغط السفر، كانت مشاعرها حينذاك ومشاعرها اليوم بعد كل هذه الرحلة تختزل الحب الذي ولد ونما منذ تلك الساعة وحتى هذه الدقيقة التي تفكر فيها به وهو على مسافة بعيدة منها، حركتها فجأة موجة حنين مشحونة بعاطفة لا حدود لها، نظرت في ساعتها، كانت تحسب حساب الليل وفارق الوقت، وسارعت تجري الاتصال..
- حبي لن أزعجك في هذه الساعة، أحبك بس.
أقفلت الخط من جهتها، فيما ظل هو ممسكاً بالجوال في يده وهو يتناول وجبته المتأخرة بغرفته أمام التلفاز الذي راح يعرض فيلماً عن الملف النووي الإيراني، الابتسامة الصغيرة العابرة التي ارتسمت على وجهه، ذكرته بوجودها الآن وحدها بالفندق وكأس النبيذ بيدها وخشيت أن يسألها عدد الكؤوس التي تجرعتها، أو أنها أرادت ألا تزعجه لاعتقادها بانشغاله في هذا الوقت أو أن يكون نائماً وتخشى إيقاظه، ترك الطعام من يده وأدار رقمها.
- ماذا تفعلين؟
- أفكر بك.
- دعكِ من السياسة واخبريني كم كأسًا شربت حتى الآن؟
- وحياتك اثنان والثالث في الطريق وبعدها سوف أنام.
- وحشتيني خلود.. أفكر بالمرور يومين لدبي إذا كان لديكِ وقت لي.
غرقت في الضحك..
- الوقت؟ الوقت كله لَك، ليس عندي إلا الوقت، حبي بتنور دبي.
- ما رأيك تحجزين بأتلنتس، أحب هذا المكان معك.
- أبشر حبي.



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مافيات عربية تغتال الأدباء...
- أزمة الرواية العربية... كشف المستور... ‏جوخة الحارثي نموذجا
- العمل المنزلي في زمن كورونا
- حجرُ النهاية
- العالم يتضامن في وجه الحرب العالمية على كورونا
- في الحجر الثقافي...!
- الفرق بين الله والشيطان أن الله يسأل والشيطان يجيب...
- عربيًا فقط - موت الرواية؟ أم نهاية القارئ؟
- لص القمر سنمار الإخباري
- انتحار الرواية!
- فاسفود ثقافي!
- احذروا أيها القراء .. كتابة رواية كالسفر إلى مجرة
- من رواية -ليلة الفلفل في لوغانو-
- لقاح ضد الكورونا الثقافية!
- نبض الكيبورد في حديقة الكتابة
- رواية يسرا البريطانية - صدرت عن دار الفارابي
- زمن الرواية - الحجّ الأدبي
- فساد ثقافي -تلوين الثعابين الثقافية في حفلات الزار الراقصة** ...


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - من رقصة أخيرة على قمرٍ أزرق