أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد عبد الشفيع عيسى - الاقتصاد السياسي للفقر: سؤال النظرية والتطبيق (موجز)















المزيد.....



الاقتصاد السياسي للفقر: سؤال النظرية والتطبيق (موجز)


محمد عبد الشفيع عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 21:08
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


-1-
عن الفقر و التنمية.. من هنا نبدأ..!

لنفتتحْ الحديثَ من حيث يتم الافتتاح حول مقاييس الفقر السائدة؛ إذ الفقر وفق ماهو شائع نوعان:"فقر الدخل" في ضوء خط الفقر المرسوم لمن يقعون تحت حدّ أدنى معين للدخل السنوي للفرد، ثم "فقر القدرات" فى ضوء الندرة النسبية الشديدة للخدمات الاجتماعية الأساسية، و لا سيما التعليم والصحة. و يُشتقّ من هذا التعريف المزدوج للفقر، المعياران السائدان للقياس (فقر الدخل وفقر القدرات) اللذان يتمّ الاعتماد عليهما فى دراسات و تقارير "التنمية البشرية". و قد يضاف إلى هذين النوعين للفقر لدى بعض البحّاثة: "الفقر طبقا للإحساس و الشعور"، أي حسب التقدير الذاتى للفقراء أنفسهم. و يضاف أيضا لدى بعض آخر "فقر الشروط"، شروط البيئة، البيئة الطبيعية–الاجتماعية، وتشمل: حالة المرافق العامة و الخدمات الاجتماعية و هياكل البنية الأساسية.
و لكن لماذا اهتموا هذا الاهتمام الشديد بالفقر، حتى صار "ملكا متوَّجا" او هكذا يبدو.. ؟
الحق عندنا أن الحديث الراهن عن الفقر، قد يمثل في التحليل النهائي أثرا من آثار هجمة ألوان بعينها من التفكير الاقتصادي الرأسمالي بالمعنى العريض، بتياراته المتجددة على كل حال، وذك في محاولة، او محاولات، لتعقب و محاصرة التفكير الاشتراكي بوجه عام، وخاصة منذ السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم.
منظور الفقر ذاك يركز على مستوى الدخل، دخل الأفراد، أو قدراتهم الظاهرة. و إذْ يتحدثون عن إنتاج فقر الأفراد، فإن في هذا تطبيقا لما يمكن أن يسمّى (التحليل المالى لمشكلة الفقر)، وإذ يركزون على حالة فقراء الدخل أو فقراء الخدمات (القدرات) فإن هذا يتم دونما اهتمام واجب بالشروط الاجتماعية لإنتاج الفقر، أو إنتاج فقر المجتمع نفسه. وإنما ينبغي الانتقال من التحليل المالى و "ظاهر القدرات"، إلى مستويين آخرين في البنية المجتمعية العميقة: مستوى التحليل الاقتصادى ويدخل هنا فقر الشروط بما فيها الشّغل وشروط العمل، ومستوى التحليل الاجتماعى، حيث جذور الفقر، إنتاج فقر المجتمع .
ومن المنظور "المعقد" المتقدم، متعدد ومتداخل الأبعاد، تتحول نقطة التركيز في أبحاث الفقر ناحية فقر المجتمع وليس مجرد فقر الأفراد فى حدود ذواتهم. و لا يعنى هذا إهمال فقر الأفراد؛ فإن فهم فقر المجتمع هو الذى يوفّر المنظور الأفضل لفهم فقر الأفراد؛ وذلك ما يغفله "دعاة الفقر والتنمية البشرية" .
من هنا يمكن أن يقاس فقر المجتمع اعتمادا على: أ- الهيكل الاقتصادى -الاجتماعى، متمثلا في التوزيع المختل للأنشطة و القطاعات المولدة للناتج المحلي الإجمالي في البلدان الفقيرة (من حيث غلبة الأنشطة الزراعية و المنجمية والاستخراجية) و كذا هيكل توزيع الثروة و الدخل الوطني (من حيث احتكار أقلية من السكان للشكر الأعظم من الأصول المنتجة و من الدخول). ب- علاقة المجتمع بالمجتمعات الأخرى، من حيث التبعية و الخضوع للخارج، بدلا من الاستقلالية و حفظ الهوية. و في ضوء ذلك، يمكن القول إن النقيض المباشر لمجتمع الفقر هو مجتع التنمية الحقّة، القائمة على مواجهة الاختلال في توزيع الأنشطة الاقتصادية بالتحول الهيكلي لصالح التصنيع والتكنولوجيا، و مواجهة التبعية بالنزعة الاستقلالية.
لكن لا يكفي أن تركز التنمية على التحول الهيكلى والاستقلالية .. فقد كانت التجربة السوفيتية تفعل ذلك ولم يتحقق أثر ملموس على مستوى معيشة المجتمع يتكافأ مع الجهد المبذول والتضحية الجسورة، ويعود ذلك إلى أسباب متعددة معقدة، من بينها اختيار نموذج تنموى قائم خلال المراحل الأولى من التنمية على إعطاء الأولوية للتحول الهيكلي" للاقتصاد في الأجل الطويل، قبل رفع مستوى المعيشة في الأجليْن القصير والمتوسط. و قد تَمثل ذلك فى أولوية التصنيع الثقيل عموما، و صناعة الآلات الإنتاجية خصوصا، بما فيها "آلات المصنع" و "أدوات و آليات الورش الحرفية" و الجرارات الزراعية، مقابل التأخر النسبي لصناعات السلع الاستهلاكية الموجهة للجمهور العريض.
وقد مضت معظم تجارب "إحلال الواردات" كاستراتيجية صناعية فى البلاد النامية خلال الستينات من القرن المنصرم، فاقتفت، إلى حدّ معين، أثر النمط السوفيتي القديم فى التنمية (من حيث تكثيف رأس المال أكثر من العمل و العلم). ولكن لأنها لم تكن تملك مقومات التطور الصناعى والتكنولوجى من المستوى السوفييتي، فقد استوردت رأس المال العينى المكثف، مما زاد الطين بلة، كما يقال. هذا بالإضافة إلى التوجه بالجزء المتطور من الإنتاج الصناعي (السلع المعمّرة) لشرائح من الطبقة الوسطى. ولم يحدث، من ثم، ارتفاع منهجى فى مستوى المعيشة للغالبية الاجتماعية الشاسعة Vast Majority. يستثنى من هذا الحكم، عدد من البلاد النامية –مثل مصر الستينات- التي انتهجت مدخل السعي إلى العدالة الاجتماعية مع إنماء الناتج، جنبا إلى جنب، والعمل على زيادة نصيب الاستهلاك في توازن نسبي مع الادخار، بحيث لا يتم التضحية بالجيل الحالي لصالح أجيال لم تولد بعد، وفق ما ذكر "الميثاق الوطني" للجمهورية العربية المتحدة" (مصر)، و الصادر في مايو 1962.
وفى المقابل، ركزت بلدان الشرق الآسيوي الموالية للغرب، في مراحلها الأولى، على تجارب "تطوير الصادرات" الموجهة نحو الخارج، من خلال إقامة وتوسيع قطاع ذي طابع (جيْبىّ)، منعزل نسبيا، يكرس ازدواجية الاقتصاد، و يتم من خلاله تطوير وتحديث قطاع بعينه، مفتوح على العالم الخارجي، دون أن تستفيد منه، بنفس القدر، غالبية المجتمع خلال تلك المراحل الطوية الممتدة عقودا. ومن ثم كانت ثمار النمو من نصيب أقلية منتفعة في المقام الأول، أو لم تصل بطريقة فعالة إلى الغالبية من أبناء المجتمع.
وفي المقابل، ظهرت فى غمار "الدعوة إلى نظام اقتصادى عالمى جديد"–في السبعينات والثمانينات- دعوة مصاحبة للتركيز المباشر على إشباع الحاجات الأساسية للناس.. وظهرت، من جهة مُقابِلة، وربما منافِسة، دعوة فى أروقة "البنك الدولي" و "برنامج الأمم المتحدة الإنمائى"، للتركيز المباشر على مهاجمة الفقر و لتحقيق "التنمية البشرية" .
وقد أغفل دعاة الاستراتيجيات الثلاثة البديلة (الحاجات الأساسية – مهاجمة الفقر – التنمية البشرية) ما ركز عليه دعاة التنمية بالتصنيع الثقيل و إحلال الواردات أى : التحول الهيكلي للاقتصاد و التوجّه نحو الاستقلالية النسبية فى المجال الخارجى. ولكنهم، و إن لم يظهر البعض منهم تحيزاً ضد "التوجه التبعيّ للخارج" بشكل صريح، فهم لم يتحيزوا للتوجه نحو الداخل قطعاً، و إن كانوا، ولو ضمنياً، أكثر ميلاً لتوجه معين نحو الخارج قد يأخذ شكل (التجارة بدلاً من المعونة).
و نحن نرى أن من المهم السعي الجاد إلى تحقيق التحول الهيكلي و النزعة الاستقلالية، ولكن مع مراعاة العدل الاجتماعى بتوزيع كل من الثروة الدخل حسب الجهد الإنتاجي، بالمعنى الرحب الذى يضع فى اعتباره دور رأس المال الخاص فى المراحل الانتقالية، من خلال قيامه بالمشاركة فى الجهد الرامى إلى زيادة الناتج الاجتماعي.
ثم أن التحول الهيكلى والاستقلالية والعدل الاجتماعي، كل ذلك لا يضمن تلقائياً رفع مستوى معينة الغالبية الاجتماعية، لذلك يجب أن نضع ضلعا رابعاً للتنمية هو التحسين المتواصل لمستويات المعيشة للغالبية الاجتماعية، ونقصد بذلك معنى متشعبا يشمل كلّا من:
• وسائل العيش (طرق ومستوى المأكل والمشرب والملبس). و ربما كان يعبر بعض دعاة "الحاجات الأساسية" عن ذلك بطريقتهم الخاصة.
• وسائل التكسب، من خلال الاشتراك فى تملّك الأصول، سواء من خلال الملكية التعاونية أم من خلال الملكية الخاصة، "المنضبطة"، في إطار برمجة مخططة بطريقة ما للاقتصاد الوطني ككل.
• التحسن البشري، أى الترقّي فى مضمار التكوين الجسدى والعقلى للبشر، بالتعليم والصحة، و رفع "نوعية الحياة" بمعيار"العمر المتوقع عند الميلاد.
• "الاستمتاع الحيوى" بالمعنى الشامل، أى قضاء "وقت الفراغ من العمل" بما فى ذلك الترفيه و التثقيف الذاتي.
..في ضوء ذلك، نجد أن سياسات التنمية لابّد أن تزاوج بين مهمتين :
أ – التحول الهيكلى للاقتصاد القومى، مع توجيه الهيكل الانتاجى ليخدم رفع مستوى المعيشة ، بالتركيز على الأنشطة المحققة لوسائل العيش والتحسن البشرى و الاستمتاع الحيوي.
ب- العدالة فى توزيع الناتج الاجتماعى (السلعى والخدمى) بما يتناسب مع المشاركة فى الجهد الإنتاجى، جنبا إلى جنب مع توجيه هيكل ملكية الأصول-ملكية الثروة- بما يحقق هذه العدالة في قاعدتها الأساسية. و إن الشرط الضرورى لذلك، وإن يكن غير كافٍ وحده، هو الدور الإشرافى للدولة (ذات التوجه الديمقراطي الحقيقي) على عملية التنمية .
إن التحسين المتواصل لمستويات المعيشة الاجتماعية ، مع التحول الهيكلى والعدالة الاجتماعية والنزعة الاستقلالية فى العلاقات الدولية هى إذن أضلاع مربع التنمية القادر حقا على اقتلاع الفقر من جذوره ، أي "استئصال الفقر" باختصار، وليس مجرد "خفض الفقر" أو "الحد من الفقر" فيما يزعمون. و بذلك يمكن أن يتميز المدخل التنموي حقا، و بصورة جذرية، عن المداخل الرائجة للتنمية البشرية و خفض حدّة الفقر، وفق ما يذهب إليه الدعاة المتنفّذون لكليهما.
و إلى البقية من ذلك في المقال القادم.






-2-
الفقر مَلِكاً؛ و .. ظالماً و مظلوماً!
و أخيراً أصبح الفقر مَلِكاً مُتَوّجاً. باسمه تُدَبَّجُ الدراسات والأبحاث الدولية و المحلية، و على شرفه تُعقد المؤتمرات و تقام المآدب و تُشرَب الأنْخاب..! و تُقدّمُ بين قدميْه أرفع الجوائز الدولية حتى "جائزة نوبل في علم الاقتصاد"؛ فلماذا؟
الحق أن فكرة "الفقر" نفسها كما تُتَداوَل بالفعل فى المنظمات الدولية راهناً، هي، بمعنى معين و إلى حدّ ما، قد يمكن أن تعتبر نبْتة من نبتات الفكر "النيو-ليبرالي" السائد، كموْجة من موجات الفكر الاقتصادي الرأسمالي بوجه عام.. إنها الفكرة القائلة بأن هناك مجرد فقراء فى المجتمع يجب العناية بهم. و لكنها لا تقول الحقيقة الدامغة: إن المجتمع كله فقير، أو أن المجتمع ككل هو مجتمع فقير. و قد نبتت الفكرة لدى أصحابها أصلا بين جنبات العالم الصناعي الرأسمالي المتقدم، حيث تحققت عملية القضاء على الفقر بشكل عام، وفق التعريفات السائدة. وكان أن صعدت "دولة الرعاية الاجتماعية"- وخاصة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية - والمسماة بدولة الرفاهة welfare state ، لتواجه بشكل مستمر بقايا وجيوب الفقر، التى تتسع أو تنكمش حسب اتجاهات الدورات الاقتصادية (التضخم ، الانكماش ، الانكماش التضخمى أو التضخم الركودى).
ورغم ضمور "دولة الرفاهة" في الغرب الرأسمالي- أوربا وأمريكا الشمالية- منذ أواخر السبعينات من القرن المنصرم، على وقع صعود "الليبراليين الجدد"؛ فقد بقي العديد من برامج الرعاية الاجتماعية على قاعدة الإنفاق الاجتماعى الموسع، والموجّه إلى الإعانات والدعم السلعى (الغذائى) والخدمى (خاصة الصحى) للفئات الفقيرة والمعرضة للفقر: المتعطلون – ذوو الأجور المنخفضة وخاصة من الجماعات المهمّشة– غير القادرين على الكسب بسبب العجز العضوي أو الشيخوخة، ومن إليهم.
و جرياً على سُنّة نقل مفاهيم الفكر الغربى إلى (العالم الثالث السابق) المتخلف اقتصادياً و النامي، فقد انتقلت إليه حملة مواجهة ذلك (الفقر) على نطاق واسع .. و إنها لحملة مغلوطة فلسفيا، كما ألمحنا، إذْ توجه جهودها لجماعات بعينها تسمى بالفقراء تارة، والمهمشين أو غيرهم تارة أخرى، وليس إلى جذور الفقر الكامنة في أحشاء المجتمع نفسه، التابع للخارج من ثم بالضرورة.
وقد جرت الدراسات الاحصائية والكمية، والوصفية وكذا "المعيارية" من قبلها، و ابتدعت ترسانة من الأساليب التقنية المخصصة لقياس الفقر. وكان الافتراض الكامن وراءها جميعاً تحديد نطاق الفقراء، من خلال حبس مفهوم "الفقر" وراء أسوار جماعات اجتماعية بعينها تتفاوت عدداً ونوعاً حسب المجتمعات المتنوعة.
ولكن الحقيقة أن البلاد المتخلفة اقتصاديا،ً و تلك التي في الدرجات الأوليّة من النمو و التنمية والنهوض الاقتصادي، وحيث تكوّن "التخلف"-بالمفهوم العلمي- للقارات الثلاثة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في أحضان الظاهرة الاستعمارية الأوربية فالغربية عموما طوال العصور الحديثة؛هذه البلاد قد غدت من بعد حصولها على الاستقلالات السياسية، تعانى من أمريْن :
1- انخفاض مستوى المعيشة الاجتماعية عموماً، أو ببعض التعبيرات السائدة (انخفاض مستوى إشباع الحاجات الأساسية ومستوى الرفاهة ونوعية الحياة) .. و يصل الاهتمام الدولي حاليا إلى فئات اجتماعية معينة كبيرة العدد و ثقيلة الوزن النسبي، وهذه هى الفئات التى تركز عليها دراسات الفقر وتعتبرها هى الفقراء، لعدم القدرة على إشباع حاجاتها الأساسية بدء بالغذاء وانتهاء بسلّة الحاجات الأخرى .. في حين أن نسبة الذين لا يمكنهم إشباع حاجاتهم الإنسانية الأساسية فى البلاد المتقدمة نسبة ضئيلة وغير قابلة للمقارنة مع المجتمعات فى العالم المتخلف والنامي .
2- تزايد درجة عدم العدالة فى التوزيع للناتج الاجتماعي فى المجتمعات النامية و المتخلفة اقتصاديا، بأكثر مما في الدول المتقدمة لأسباب متعددة، فى طليعتها طبيعة الميزان الطبقى فى هذه الدول والذى يتسم بارتفاع مستوى القوة السياسية والنقابية للطبقة العاملة، وقدراتها العالية نسبيا في ميزان المساومة السياسية وتوازنات السلطة وعملية اتخاذ القرارات؛ و كذلك القوة الاجتماعية للطبقة المتوسطة، كطبقة عريضة متماسكة ، تمثل حصة نسبية يعتد بها فى البنيان الاجتماعى .
في ضوء ما سبق، نجد أن معظم سكان المجتمعات المتخلفة اقتصادياً والتابعة للخارج إلى حدّ بعيد، وعديد البلدان الخرى من (العالم الثالث السابق) القابعة على الدرجات الأولى من النمو و التنمية بالذات، هؤلاء هم من الفقراء. نقصد هنا الأغلبية الساحقة وليست مجرد الأغلبية المطلقة (50% فأكثر) أو الأغلبية النسبية (صاحبة أكبر حصة بالمقارنة مع الآخرين أيا كانت الحصة). إنها أغلبية الثلثين وأكثر، نحو 80-90% من السكان . وفي داخل الفقراء، الذين هم غالبية المجتمع توجد مستويات متعددة: قليلو الفقر، و متوسطو الفقر، و الأشد فقراً.
والأشد فقراً هم الذين يستطيعون بالكاد إشباع حاجاتهم الغذائية الدنيا وحيث يمكن تسميتهم بالمُمْلقين أو الفقراء المدقعين، و من هم- بالتعبير التراثيّ- "المساكين"، و يكمنون في قاع المجتمع من من حيث "قلّة الحيلة"، لأسباب متعددة. أما قليلو الفقر فهم الذين يشبعون بالكاد قدرا من احتياجاتهم الأساسية الدنيا (غذائية وغير غذائية). أما متوسطو الفقر فهم الذين يشبعون احتياجاتهم الغذائي، وقدراً معينا من الاحتياجات غير الغذائية. و كلهم فقراء ... وفى مواجهة الفقراء هناك الأغنياء أو الأثرياء بمستويات متباينة على قمة هرم الدخل والثروة ، ومعهم- على درجة أدنى- أقلية نسبية من بعض أبناء الشريحة العالية من الطبقة المتوسطة. و (ينحشر) بين الطرفين بعض من الشريحة المتوسطة للطبقة المتوسطة. و يشكل الأثرياء في المجتمع المعنيّ، و بالمفهوم النسبي دائما، قلّة تواجه "الكثرة" الفقيرة فقرا مطلقا أو نسبيا. هي قلة ارتفعت فوق مستوى الحاجات الضرورية و أشبعت بدرجات متفاوتة، حاجات كماليّة، أو وترفيّة، تفوق طاقة المجتمع على الإنتاج .
تأسيسا على ما سبق، ينبغي أن يكون الهدف المجتمعي الثابت هو : محاربة الفقر حتى نهايتها المفتَرَضة ( لو كان الفقر رجلاً لقتلْتُه) أي تصفيته، القضاء عليه نهائياً ، أو استئصال شأفته .
و إن محاربة أو تصفية الفقر تتحقق بالعدالة الاجتماعية الناجزة Social Justice تلك القائمة على إعادة توزيع الثروات والدخول، ولكن ابتداء من درجاتها الأدْنَى ممثلة في كلّ من "الإنصاف" Equity من ناحية أولى، عبْر منظومة الضريبة والدعم العمومي وسياسة الأجور وضبط الأسواق، ثم، من ناحية ثانية، عبْر المساواة أو التكافؤ في الفرص Equality بين الجميع.
و تتطلب مهمة تصفية الفقر هذه إنجاز "التحول الهيكلى" للاقتصاد الوطني، مع مراعاة منح الأولوية للقطاعات الأعلى إنتاجيةً – الصناعة التحويلية والخدمات العلمية والتكنولوجية- و للقطاعات الموجّهة لإشباع الاحتياجات الاجتماعية الأساسية.

والخلاصة هنا أن الفقر، وهو جوهر المشكلة الاجتماعية، ليس هو جوهر المشكلة الاقتصادية في حد ذاتها بالضرورة، و إنما هو مظهر الفشل في حلها، ومحصلتها النهائية، فهو رهين الخلل و التشوّه في هياكل الإنتاج و توزيع الدخل والعلاقات الخارجية .
إن الفقراء ليسوا فقراء لأنهم فقراء، أى أنهم ليسوا فقراء بما هم كذلك، وهم ليسوا فقراء لأنهم منخفضو الدخل وقليلو فرص العمل، و إنما هم فقراء لأنهم محرومون من العدل ، العدل المرتبط بالتحول الهيكلي الصحيح و بالاستقلالية الحقيقية في خضمّ المنتظَم الدولي القائم.
بعبارات مرادفة، الفقر هو ذلك المظهر المتصل بمستوى المعيشة مقيساً بمؤشر متشعب من وسائل العيش و وسائل الكسب و وسائل التحسن البشرى و وسائل الرفاهة أو الاستمتاع الحيوي. ولن يتحقق القضاء على الفقر إلا إذا حاربنا جذره الحقيقي أى "الظلم الاجتماعي"، بمعنى عدم التكافؤ بين الجهد والعائد، وعدم توفير فرصة العمل المناسبة بالمعنى الشامل للكلمة. و إن المجتمع العادل على هذا النحو، هو المجتمع المحقِّق للقضاء على الفقر، بدءً من تصفية "الإملاق" لدى الفقراء المدقعين و "المساكين".
وهنا نصل إلى (مربط الفرس) : ضرورة أن ترتبط البرامج الموجهة نحو (استئصال شأفة الفقر) بالتحول الهيكلي للاقتصاد الوطني، وفق ما أشرنا، وبالتحسين المتواصل لمستويات معيشة الأغلبية الاجتماعية. هذا يعنى فيما يتصل بالأجليْن القصير والمتوسط، ما يأتي:
أولا : خلق فرص العمل وتحسين الدخول من خلال الأنشطة عالية الإنتاجية بالمدلول الاقتصادى – الاجتماعى (لا بالمدلول المالى المباشر) و من أجل رفع مستويات المعيشة الاجتماعية، وذلك من خلال : 1-تنمية الأنشطة السلعية، الزراعة و الصناعة التحويلية-بصفة أساسية. ويراعى فى كل من الزراعة والصناعة اختيار الأنشطة الأعلى إنتاجية بالمدلول الاقتصادى – الاجتماعى، أى أنشطة التنمية الريفية والصناعية القائمة على التطوير التكنولوجى وزيادة الغلّة، للمنتجين الصغار الريفيين والحضريين، والمتوسطين .2-أنشطة الخدمات الإنتاجية، وهنا نجد من الضرورى اختيار الأعمال الأكثر ارتباطا بالأنشطة السلعية السابقة، بما في ذلك بعض الخدمات التجارية والمالية والتخزينية والاتصالية.. وإلا ستكون أنشطة غير منتجة أو ذات طابع "ريْعي" حين تركز على التكاثر المالىفي المحل الأول. 3-الخدمات الاجتماعية الرئيسية، و في مقدمتها التعليم والصحة، التي ترتبط بخدمة الغالبية الاجتماعية. ويلاحظ هنا أن أنظمة التعليم في عديد البلدان النامية تتّسم بالتحيز نسبيا للتعليم الأساسى دون مدّه إلى التعليم الثانوي(الشامل للبعديْن العام والتقني) كتعليم إلزامي بالضرورة، كما أنه متحيز نسبيا أيضا، من ناحية التمويل بالذات، للتعليم الجامعى الذى تستفيد منه الجماعات الأعلى دخلاً، ولا يستفيد منه، بنفس الدرجة، الفقراء أو الجماعات الأدنى دخلاً. أما الخدمات المصنّفة بأنها غير إنتاجية مثل الأمن والإعلام والثقافة و الإدارة الحكومية فهى تحتاج إلى نظرة تنموية أيضا، تتفاوت من مجتمع إلى آخر.
ثانيا : توسيع وتعميق منظومة التكافل الاجتماعى للمملقين و الفقراء المدقعين، في الإطار النظامي بمدلوله المجتمعي الرحيب.
هذا كله عن الأجل القصير والمتوسط، أما عن الأجل البعيد فحدّث ولاحرج، حيث التنمية العادلة ذات النزعة الاستقلالية الحقيقية. حينذاك يستردّ الفقر عرشه المفقود، إذْ هو ظالمّ يُفقِد الإنسان إنسانيته، و هو مظلوم في أتون السياسات "الليبرالية الجديدة"؛ و حيث لا مناص من القفز فوق الأسوار السميكة التي شيدها تاريخّ طويل.



-3-
حالة تطبيقية عن مصر

عرجنا خلال مقالين سابقين من سلسلة ثلاثية حول الفقر، على جوانب متعددة من مشكلة الفقر على المستوى النظري العام، ذي الطابع التجريدي النسبي على كل حال. واليوم نقارب القضية انتقالا من حيز النظر العقلي إلى ميدان المعالجة التطبيقية، ممثلة في حالة الفقر في المجتمع المصري كما يعكسها بيان إحصائي حديث صادر منذ فترة، تضمنته ورقة توثيقية موجزة ذات طابع رسمي بمعنى معين.
نعمد هنا إلى مقاربة الفقر وفق الطريقة التي اتبعها "الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء" بجمهورية مصر العربية في إعداد "بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2017/2018".
هذا البحث قام على مسح ميداني بالعيّنة على مستوى الجمهورية، اشتملت على 25800 أسرة معيشية، وجرى المسح خلال الفترة من أول أكتوبر 2107 إلى نهاية سبتمبر 2018. وقد وردت نتائج المسح في وثيقة مفصلة بعنوان (أهم مؤشرات بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك) صادرة في مايو 2019، نعرض منها هنا خلاصة القسم التاسع عن "الفقر".
وقد أحدثت النتائج المذكورة، حين نشرها أول مرة، صدى واسعا بين قادة الرأي في البلاد؛ وكان أكثر ما لقي الاهتمام في هذا الصدد، ضمن ذلك القسم عن الفقر، تلك الخلاصة عن: "تطور نسبة الفقراء من إجمالي السكان وفقا لمقياس الفقر القومي خلال فترة 1999/2000-2017/2018".
يتضح من النتائج المشار إليها بالخصوص، وفق المنهجية المعتمدة في الوثيقة محل الدراسة، ارتفاع نسبة الفقر في مصر بشكل مضطّرد خلال العقديْن الأخيريْن (1999/2000-2017/2018).
قد ارتفعت تلك النسبة من 16,7% عام 1999/2000إلى 19,6% عام 2004/2005 وإلى 21,6% عام 2008/2009 ثم إلى 25,2% عام 2010/2011. ومنه تتبين الزيادة المتسارعة في معدل الفقر الإجمالي خلال الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير 2011 مباشرة، إذ زادت بنحو خمس نقاط مئوية خلال عاميْن فقط: 2008/2009-2010/2011.
هذا يعني أن الظروف الاقتصادية-الاجتماعية كانت حُبْلَى بحلم الثورة الشعبية المنتظرة على عتبة العقد الثاني من الألفية الجديدة، وخاصة بأثر تفاقم الفقر الجماعي المتسارع في ظل ما سُمّي آنئذ "حكومة رجال الأعمال" و "مشروع التوريث".
أما خلال العاميْن الذيْن أعقبا ثورة يناير 2011 فقد ثبتت تلك النسبة، أو زادت زيادة طفيفة، عند حدّ 26,3%، في ظل الإجراءات التي اتخذتها السلطات الانتقالية لتلطيف المناخات النفسية الاجتماعية التي خيّمت على السماوات المصرية آنئذ ، و "التوقعات المتزايدة" التي أطلقتها انتفاضة الثَّوَران الشعبيّ العرمرم في الميادين الواسعة، و رمزها المُبهر "ميدان التحرير" بالقاهرة.
يُذكر في ذلك أنه، برغم الانخفاض الحادّ في معدل النمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ما دون الصفر، بُعَيْد ثورة يناير، حسب بعض التقديرات، فقد تمت المحافظة على وتائر الإنفاق العام والحكومي في المجال الاجتماعي ، كما في نظم الدعم الحكومي للسلع الأساسية والتموينية والخدمات العامة كالكهرباء والمياه، ومرافق الصحة والتعليم العمومية. بل و حدثت زيادة ذلك الإنفاق زيادة عظيمة على إثر توظيف المزيد من العاملين في المؤسسات العامة والحكومية بما يزيد عن قرابة المليونيْن، من خلال "التعاقدات المؤقتة"- التي جري تثبيتها فيما بعد-بما يحمّله ذلك من انفجار ضمن اعتمادات الباب الأول للموازنة العامة من (الأجور والمرتبات) وخاصة مع رفع الحد الأدنى للأجور في الحكومة والقطاع العام في دورة أولى آنئذ.
وقد استمرّ المعدل المتباطئ لزيادة الفقر خلال فترة العاميْن من 2012/2013 إلى 2105 ، عند عتبة 27,8%. ولكن نوعا من القفزة في معدل الفقر قد حدثت خلال السنتين التاليتين _اعتبارا من 2016؛ على إثْر الشروع في تنفيذ البرنامج ذي الطابع "التقشّفي" المتفق عليه مع "صندوق النقد الدولي"، ليرتفع معدل الفقر الإجمالي خلال عام 2017/2018 إلى 32,5%.
هذا يعني تضاعف نسبة الفقر خلال فترة الدراسة تقريبا، عبر العقْدين محل البحث، من 16,7% عام 1999/2000 إلى 32,5% في 2107/، 2018 مما يشكّل مؤشرا واضحا على تعثر المسار التنموي المصري خلال عشرين عاما، قبل وبعد ثورة يناير. ( و يُعَرّف الفقراء-وفق الوثيقة محل الدراسة- بأنهم السكان الذين يقل استهلاكهم عن إجمالي كلفة المكوّن الغذائي الأدنى، والمكون غير الغذائي الأدنى أيضا، و اللذيْن لا يمكن الاستغناء عنهما كاحتياج أساسي للإنسان).
كان ذلك بمثابة امتداد لفشل متعدد الوجوه لعملية التنمية في مصر خلال أربعين عاما ويزيد-منذ 1971 ثم منذ منتصف السبعينات، في ظل "الانفتاح الاقتصادي" و تعميق التبعية للغرب، ويا للغرابة المُلْغِزة: بعد الانتصار العربي-المصري في حرب أكتوبر 1973. تحقق ذلك على إِثْر الانزواء المصاحب لانتهاء حالة الحرب مع إسرائيل بحكم عقد (معاهدة السلام) في 1979، إذْ كان يفترض المزيد من توجيه الجهد المجتمعي نحو عملية التنمية الشاملة، بالمعايير العالمية المعاصرة، على غرار شرق آسيا مثلا، و في إطار من التكامل العربي و التعاون الإفريقي.
هذا بعض مما استخلصناه من الشكل رقم 9-1 من وثيقة " أهم مؤشرات بحث الدخل ..." المشار إليها آنفا.
هنالك أيضا الشكل رقم (9-2) بعنوان: "تطور نسبة السكّان تحت خط الفقر المدقع لإجمالي الجمهورية خلال فترة "1999/2000-2017/2018"- وهم الذين لا تكفيهم دخولهم لمقابلة احتياجات الاستهلاك من المكوّن العذائي اللازم لبقاء الفرد على قيْد الحياة. قد ارتفعت نسبة السكان أولئك خلال فترة الدراسة، 1999/2000-2017/2018 ، بأكثر من الضِّعف، وذك من 2,9% في بداية الفترة، إلى 6,2% في نهايتها.
و بالعودة إلى التحليل الأساسي هنا، بالبدء من حيث انتهينا حول دلالات البرنامج "التقشفي" خلال الفترة من أواخر 2106 حتى آخر 2108، فإننا نلاحظ تباطؤ الزيادة في معدل الفقر المدقع بالذات، مقابل ارتفاع نسبة الفقر العام، كما رأينا. ويعود ذلك إلى نوع من الكثافة في الإجراءات المتخذة في إطار منظومة الحماية الاجتماعية، الموجهة إلى أشدّ الفئات الاجتماعية فقرا. وقد تم تدبير شطر كبير نسبيا من التمويل اللازم لمنظومة الحماية الاجتماعبة المذكورة من خلال الاقتراض التيسيري المقدم من "البنك الدولي" و "البنك الإفريقي للتنمية" ومصادر أخرى، كما في حالة برنامج "تكافل وكرامة" و "الإسكان الاجتماعي" و إسكان المناطق العشوائية، جنبا إلى جنب الحفاظ النسبي على منظومة "البطاقات التموينية" الموجهة لتوفير عدد من السلع الأساسية لفئات اجتماعية واقعة تحت خط الدخل المحدد.
وقد ترتب على ما سبق، وقوع العبء الأكبر للبرنامج التقشفي على عاتق بعض الفئات الوسيطة من المجتمع، بما فيها الشرائح ذات مستويات الفقر المتوسطة و المعتدلة، من أصحاب "الدخول الثابتة": كاسبي الأجور والمرتبات في القطاعين الحكومي والخاص، والخاص بالذات، من العمال والموظفين وأصحاب (المعاشات) وكذا بعض من "العاملين لحساب أنفسهم" من العمالة الموسمية و غير المنتظمة، ومن "القطاع غير الرسمي" ومن إليهم. هذا، بينما تنجو نسبيا، الفئات الأعلى دخلا من ذوي الدخول الثابتة. وفي المقابل العكسيّ، تحقق "الفئات ذات الدخول المتغيرة" على المستويات العالية بالذات، من مالكي رأس المال وكاسبي "شبه الريع" من كبار المهنيين، تعويضا عن ارتفاع التكاليف من باطن رفع أسعار منتجاتها السلعية والخدمية، بالإضافة إلى أصحاب ما يسمّى "الدخول القدرية" من ذوي "المكاسب والأرباح الرأسمالية" جرّاء المضاربة وصفقات المال.
وفي عجالة استخلاصية نقدم عودا على بدء شذرات قليلة حول اقتصاديات الفقر في ضوء الإطار النظري للتنمية كما بسَطناه آنفا، ذلك الذي يستند على ثلاثة عُمُد: أولها بناء قاعدة إنتاجية قوية ومتناسقة، عبر توليد النمو الاقتصادي الكلي من باطن التحول الهيكلي (الإيجابي) للاقتصاد، وخاصة من خلال الزيادة "الجذرية" و "الجوهرية" في النصيب النسبي لكل من الصناعة التحويلية والخمات العلمية والتكنولوجية في الناتج المحلي الإجمالي، بالمقارنة مع الأنشطة الأولية ممثلة في اقتصاد الموارد الطبيعية من الأراضي والمياه، وما في جوفهما، من الزراعة التقليدية والصيد وصناعات استخراج البترول والغاز. وثانيها التوجه نحو تحقيق قدر مناسب من "العدل التوزيعي" Equity أي الحد من التفاوتات في توزيع الثروة والدخل الوطني، سعيا مع ذلك إلى درجة أعلى من أجل "الإنصاف والتكافؤ" Equality ثم من بعد ذلك إلى نحو من "العدالة الاجتماعية"Social Justice. وثالثها السعي إلى تحقيق "الاستقلالية النسبية" في العلاقات الاقتصادية الدولية، انطلاقا من درجة أعلى للاعتماد على الذات محليا، ودرجات أرقى على سلّم التكامل العربي.
لذلك قد نرى أن تحقيق الهدف المجتمعي الرئيسي طويل الأمد تجاه الفقر- وهو استئصاله وليس مجرد الحد منه- رهين بمدى التقدم على طريق التنمية الحقيقية: كفاية وكفاءة في الإنتاج، من جهة أولى، و عدل نسبي في التوزيع مع إنصاف في تكافؤ الفرص و عدالة في قسمة الثروة والدخل حقا على المدى الطويل، من جهة ثانية، ومزيد من الاعتماد على الذات وطنيا وقوميا دونما قطع للروابط مع العالم الخارجي، من الجهة الأخيرة. وتلك قضايا متنوعة متشعبة يستأهل كل منها بحثا مستقلا، لاسيما من قِبَل فِرَق البحث من الشبيبة الأكاديمية الناهضة.



#محمد_عبد_الشفيع_عيسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبراليون الجدد في الوطن العربي على مقاعد الحكم
- بيْن التجارة و السياسة، و من الطبيعة إلى الاقتصاد..!
- النهاية الوشيكة للعالم على أيدي الليبراليين الجدد..ونداء من ...
- سبعون عاما.. وخمسون..وأبعون.. فرصٌ ضاعت، وفرصٌ أخرى تلوح في ...
- إعادة الاعتبار إلى -نظرية المؤامرة- في الوطن العربي: بين الم ...
- الوطن العربي والثورة الرقمية: إعادة بناء الدولة الوطنية و تف ...
- البيئة الدولية للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم
- أضواء على الحلقة المفرغة للسلطة السياسية في الدول العربية: ب ...
- ملاحظات ريفية و مدينية.. من مصر العربية
- العسكريون والسلطة السياسية في الفضاء التاريخي للعالم العربي- ...
- الثورة الحضارية الجديدة...هل نصنعها..؟
- هوامش حول النهضة العربية المغدورة
- الجغرافيا الاقتصادية للاستثمار الأجنبي المباشر
- النموذج الأساسي للممارسة السياسية العربية الراهنة، والتير ال ...
- الاقتصاد المصري ومستقبله في الأجل المتوسط: المتغيرات المحلية ...
- نحن و صندوق النقد الدولي: وصفة العلاج إلى أين..؟
- الثورة الصناعية الرابعة وقوة العمل، وماذا عن البلاد العربية. ...
- -نظرة طائر محلق- على الانتفاضات العربية الراهنة : -من غير عن ...
- سلاسل القيمة المضافة العالمية
- عن أعراس الوطن العربي الطارئة وأوجاعه المزمنة (الجزائر نموذج ...


المزيد.....




- المغرب والصين يسعيان لعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة
- سعر الذهب صباح اليوم السبت 23 نوفمبر 2024
- أكبر محنة منذ 87 عاما.. -فولكس فاغن- تتمسك بخطط إغلاق مصانعه ...
- صادرات روسيا إلى الاتحاد الأوروبي تجاوز 3 مليارات يورو لشهر ...
- ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة
- عمل لدى جورج سوروس.. ترامب يكشف عن مرشحه لمنصب وزير الخزانة ...
- وكالة موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع ...
- موديز ترفع تصنيف السعودية وتحذر من -خطر-
- ارتفاع جديد.. بتكوين تقترب من 100 ألف دولار
- -سيتي بنك- يحصل على رخصة لتأسيس مكتب إقليمي له في السعودية


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد عبد الشفيع عيسى - الاقتصاد السياسي للفقر: سؤال النظرية والتطبيق (موجز)