|
تراجع أسعار النفط ،، مواجهة الازمة وأزمة المواجهة
فراس مهدي زوين
الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 02:29
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لعل التقلب وعدم الاستقرار هو الثابت الوحيد في أسعار النفط العالمية، وقد شهدت الاسواق العالمية خلال الفترة القليلة السابقة تراجع في أسعار النفط بنحو 25 بالمئة بسبب الفزع والمخاوف المتزايدة من الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد الامر الذي قد يتسبب بركود على المستوى العالمي، في حين عانت أسعار النفط الخام يوم الاثنين 9/3/2020 من أكبر تراجع يومي لها منذ حرب الخليج في 1991، مع مايتوقع ان يكون حرب أسعار بين السعودية وروسيا، والتي يمكن ان تؤدي الى إغراق أسواق النفط العالمي بالمعروض بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط وهو ما ينعكس سلباً على كل الدول المنتجة والمصدرة للبترول، ويجعل من المبكر القول ان هبوط أسعار النفط سيقف عند حدوده الحالية وخصوصاً مع عدم ايجاد علاج او لقاح حقيقي لفيروس كورونا المستجد الذي سرع من وتيرة هبوط الأسعار
ان التراجع الحالي في أسعار النفط يعيد الى الاذهان الازمة المالية والاقتصادية التي عانت منها البلاد في اعقاب الهبوط الحاد في أسعار النفط عام 2014 والذي تزامن مع سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق شاسعة، فهل استفادت الحكومة العراقية من تجربتها السابقة في بناء واقع اقتصادي قادر على مواجهة الازمات من هذا النوع ؟ او بصورة ادق هل يمكن للعراق مواجهة هبوط أسعار النفط لحدود 30 دولار؟
لعل من الممكن بل ومن البديهي الإجابة بنعم اذا كانت الحكومة العراقية السابقة او المستقيلة او ما قبلها قد عملت على كل او احد النقاط التالية :-
• قد يمكن مواجهة الهبوط الحاد في اسعار النفط لو ان الحكومات المتعاقبة عملت على تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال إعادة احياء وتطوير القطاعات المتوقفة، مثل القطاع الصناعي والزراعي والتعدين والسياحي والنقل والتحويلي وغيرها الكثير من القطاعات. • لو انها قلصت حجم الموازنة السنوية للبلاد بما يناسب الشكل الحقيقي للاقتصاد العراقي بعيداً عن الانفاق خدمة لاهداف سياسية وحزبية، وعملت على الحد من الانفاق الجاري، وحدت من الانفاق غير المبرر والذي في الغالب يلاحقه شبهات الفساد. • لو ان الحكومات المتعاقبة عمدت الى انشاء نظام ضريبي متكامل وعادل وفعال، بالإضافة الى إدارة المنافذ الحدودية بصورة كفوئة ونزيهة، باتباع الأساليب الحديثة في اداراتها (الحوكمة)، وعملت على انهاء هيمنة العصابات والأحزاب الفاسدة على مقدرات الشعب العراقي. • لو ان الحكومات المتعاقبة عملت على حماية المنتج الوطني، لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وانهت الاستيراد العشوائي، وغلقت أبواب البلاد المشرعة في وجه الواردات الأجنبية التي يمكن انتاجها داخلياً وخاصة المنتجات تامة الصنع والتي انهت العمل الحرفي في البلاد. • لو ان الحكومات العراقية المتعاقبة عملت على احياء المصانع والمعامل المتوقفة منذ اكثر من 15 سنة، وخططت للقضاء على البطالة بدون اللجوء الى التعيينات الحكومية التي استنزفت معظم إيرادات الدولة، لسد رواتب قرابة 7 مليون موظف ومتقاعد.
ان الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحالي للبلاد لا يتحمل المغامرات والتجارب التي قد تصيب وقد تخيب، في ظل التهديدات الصحية التي تواجه البلاد بتفشي وباء كورونا ليس في العراق فحسب بل في كل دول العالم، بالإضافة الى انتفاضة الشارع العراقي والتي قامت على اساس المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المشروعة، وعلى الحكومة العراقية (ان وجدت) التحرك السريع والجدي للحد من الاثار السلبية لتراجع أسعار النفط من خلال العمل على اتجاهين رئيسيين وهما :-
• الاتجاه الأول والمتمثل بالحلول الانية السريعة والتي يجب اتباعها لتوفير الأموال اللازمة للنشاط الاقتصادي، والايفاء بالالتزامات الملحة مثل رواتب الموظفين والمتقاعدين، ويمكن اختصار هذه الحلول بشكل سريع بالجدية في تحصيل الإيرادات الحكومية بعيداً عن الفساد المالي، وتقليل الانفاق الزائد والغير مبرر، وإلغاء الرواتب المزدوجة، والسيطرة الحقيقية على الانفاق، وإعادة النظر في إيرادات عقارات الدولة، والمحاسبة الجدية والحقيقية للشركات المتلكئة عن سداد المستحقات التي في ذمتها للدولة، مثل شركات الاتصالات والتأمين، ومنع استيراد كل البضائع تامة الصنع وخصوصاً الصناعات النسيجية والجلدية والخشبية والحديدية، من اجل إعادة النشاط الاقتصادي للورش والمصانع المتوقفة في العراق، والتي ستوفر القيمة المضافة الحقيقة للاقتصاد العراقي، لعل من المناسب الإشارة الى ان الحلول الانية والسريعة طالما مثلت الاولوية والاهتمام الأول والأخير للحكومة العراقية في أي ازمة تواجهها مهملة باقي الحلول المتوسطة والبعيدة المدى والتي تعتبر الحلول الحقيقية للازمات، والتي تؤسس لاقتصاد قوي ومتين وقادر على مواجهة كل التحديات المستقبلية، كما في عام 2014 حيث كان هم الدولة الشاغل هو توفير الرواتب دون الاهتمام بتأسيس واقع اقتصادي سليم وقوي، وعند انتهاء الازمة يبقى الواقع الاقتصادي المتخلف هو سيد الموقف.
• الاتجاه الثاني والمتمثل بالحل على المدى المتوسط والذي دائماً ما تهمله الحكومات المتعاقبة بل انها تعده من الترف الفكري ونوع من أنواع الانشاء الذي تتعالى حتى على مناقشته ودراسته واخذه بالاعتبار، ليدفع المواطن ثمن سوء الإدارة الحكومية بعد تكرر هذه الازمة كما يحصل الان بعد مرور عدة سنوات على ازمة 2014 بدون أي تطور او تغيير إيجابي للواقع الاقتصادي للبلاد، ويمكن ايجاز هذه الحلول بما يلي :- 1. كسب ثقة الشارع والمواطن، وإعادة زرع الثقة المتبادلة مع الدولة، من خلال العدالة والمصداقية. 2. رسم الخطط الاقتصادية القابلة للقياس والتنفيذ، خلال فترات زمنية محددة ضمن اطر واقعية بعيدة عن التصريحات المعدة للاستهلاك المحلي. 3. المحاربة الجدية والواقعية للفساد المالي والإداري، والذي يجب ان يبدأ من قمة الهرم السياسي والإداري للدولة انطلاقاً الى القاع. 4. تطوير النظام المالي والإداري والمصرفي في العراق، ومحاسبة المخالفين بشدة وحزم . 5. تحديد أولويات القطاعات الاقتصادية الممكن احيائها وتطويرها، مع التركيز على القطاع الزراعي، والذي يمكن ان ينجز بأسرع وقت واقل كلفة. 6. إعادة النظر في أساليب اعداد وتنفيذ الموازنات السنوية، والانطلاق من أسس حديثة تضع في اعتبارها تحقيق الأهداف المرسومة وليس الانفاق بهدف الانفاق .
#فراس_مهدي_زوين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مدام بوفاري بين الخيبة والخيانة … غوستاف فلوبير
-
ازمة السكن ،، إخفاقات حكومية وحلول فردية
-
الريع ،،، اموال سهلة وخيارات صعبة
-
القطاع الخاص بين الإهمال والمشاركة
-
عجز الموازنة... بين المشكلة والحل
-
النفط وتذبذباته
-
الاثار الاقتصادية لأسعار النفط
-
موازنة 2019 بين الريعية والابتعاد عن النمطية
-
ماذا فعلتم بهذه الامة
-
أسعار الطماطم .. مجاملات سياسية وتبعية اقتصادية
-
مفاتيح التنمية والبناء
-
المنافذ الحدودية النفط البديل
-
اتجاهات الانفاق العام في دولة رصد التخصيصات
-
عادل عبد المهدي ... بين ثوابت الاقتصاد ومتغيرات السياسة
-
التظاهرات الشعبية بين الخطط الانية والحلول الجذرية
-
السياحة في العراق اهمال البدائل المتاحة
-
التنوع الاقتصادي وضرورة البدائل
-
البيئة الاستثمارية بين الواقع والطموح
-
ماء البصرة بين الترقيع والحل
-
البطالة في العراق ... بين مطالب المتظاهرين والحلول الآنية
المزيد.....
-
تونس.. توقف بطاقات -UnionPay- الصادرة عن بنك -غازبروم- الروس
...
-
مصر.. بيان رسمي حول أزمة سفينة -التغويز- وتأثيرها محليا
-
القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه
...
-
قفزة مفاجئة في سعر الذهب الان.. تحديث غير متوقع
-
أزمة قطاع العقارات في إسرائيل تنعكس على القطاع المصرفي
-
دوام عمل كامل من 32 ساعة أسبوعيًا.. إنتاجية وحياة شخصية واجت
...
-
أوروبا والصين تقتربان من اتفاق بشأن رسوم واردات السيارات الك
...
-
موديز ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتص
...
-
ماسك: الولايات المتحدة تتحرك بسرعة نحو الإفلاس
-
دروس من نساء رائدات في قطاع البنوك والخدمات المالية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|