نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 1575 - 2006 / 6 / 8 - 11:36
المحور:
الادب والفن
كتب الزميل الناقد الدكتور بطرس دلة ( من قرية كفرياسيف في الجليل - بدأ يكتب النقد وبكثرة بعد تقاعده من سلك التعليم ) مراجعات نقدية عن ديوانين شعريين للشاعر رشدي الماضي ( من سكان مدينة حيفا , بدأ كتابة الشعر بعد ان تقاعد هو أيضا من سلك التعليم ) الذي ينشر في الفترة الأخيرة بكثرة وفي عدة صحف محلية .
يقول الزميل الناقد في بداية مقالة نقدية عن ديوان للشاعر رشدي الماضي : " وهو في جميع ما يكتب تتجلى شاعريته بخصوبة الفكر والكلمة التي باتت تميز ما يكتب . وهو انسان واسع الاطلاع مثقف وقاريء كثير القراْة والمطالعات . ونحن نلمس ذلك من خلال قصائده والتلميحات الكثيرة لمصطلحات ادبية عالمية ولأسماء لامعة في الابداع في أدب الغرب والشرق على حد سواء , وهو الى جانب ذلك متبحر في قواعد اللغة العربية وبحور الشعر على مختلف تفعيلاتها ."
امام هذه المقدمة للمقال "النقدي ", لم نقرأ نقدا , انما سجودا وتأليها , وهذا حق مشروع للناقد على المستوى الذاتي , ولكن عندما تتحول هذه " الفتوى" الأدبية الى مقال نقدي ينشر كنقد ادبي موضوعي , يصبح من حق القاريء ان يفهم القاعدة التي ينطلق منها هذا التأليه وعبادة الصنم المتمثل بالشاعر وشعره موضوع " النقد ".
الملفت ايضا ان الناقد يثبت في نقده مسائل شخصية تماما قبل الحديث عن المنقود . يكتب : " واسع الاطلاع مثقف " ( هل هناك شعراء غير مثقفين ؟- ن.ع. ) و " نلمس من خلال قصائده التلميحات الكثيرة لمصطلحات ادبية عالمية ولأسماء لامعة في الابداع " ( من يستعمل الاصطلاحات الأدبية العالمية ويكرر اسماء ادباء لامعين يصبح شاعرا كبيرا ؟ أصلا لم أجد في شعره لا اصطلاحات ولا اسماء لامعة – ن.ع .) و " متبحر في قواعد اللغة " ( هل من شعر بلا قواعد عربية ؟ - ن . ع . ) ونجيء للسؤال الأساسي : هل حقا عثر الناقد على كنز شعري .. وهل في كتابات رشدي الماضي شيء من الشعر يستحق هذا المديح المنفلت والتقريظ غير المعقول ؟
تعالوا نقرأ القصائد التي الهمت الناقد هذه الفتوى النقدية التأليهية , وهي القصائد التي اعتمدها الناقد في " دراسته الموضوعية " وذلك حتى لا يتهمني بسوء النية في اختيار النماذج . يقول رشدي :
واذا انتابتك ؟! ( علامتا السؤال والتعجب في الاصل وليسا من اضافتي )
فائض من شهوة
فاجعل رأسك منجنيقا
سيظل فينا طفل
يأبى ان ينحني
وأن يركع
هل أطربكم هذا الشعر ؟ ما العلاقة بين الشهوة التي تنتابك والطفل الذي يأبى ان ينحني ؟ لا تسألوني الآجابة واقسم بكل الأنبياء اني لاأعرف . بالطبع لا ترابط بين المعاني .. وهي امور لا يفهمها الا ناقد هذه القصائد , بارك الله فية وبجهوده النقدية , وأمد في ابداعه النقدي ! وجاء في قصيدة اخرى :
البس قميص الغدر !!
واغسل لونه الأحمر ( اللون الحمر لون الغدر ام لون الثورة ؟ - ن .ع . )
أنا ... وان رميتني في برية
الموتى
انا هنا قيثارة صبر لنواح
الذاكرة
انا هنا وقد عدت الى هاتيك الحكاية
سأظل في غيابته
"يوسف " يمسك ...
بالخروج
حتى مرور المعجزة...
حتى مرور المعجزة...
فهمتم شيئا ؟! الناقد فهم وطرب وكتب : "الشاعر في هذا الديوان انسان مرهف الحس , فكل كلمة لديه لها وزن خاص ووقع خاص ايضا "
بالله عليكم اعيدوا قراءة ما يسمى شعرا . هل لمستم شيء من الحس المرهف للشاعر ؟ وهل باستطاعتكم الان معرفة الوزن الخاص لكل كلمة ووقعها الخاص أيضا ؟!
لا تضيعوا وقتكم في القراءة للمرة الثالثة , يكفي اني ضيعت وقتي وجلبت لنفسي وجع الرأس .
عن ديوان آخر لنفس الشاعر ( رشدي الماضي )يكتب الزميل الناقد ما يلي ببداية المقال "النقدي الموضوعي ":
" عزيزي الاستاذ الشاعر الكبير رشدي الماضي ! أنت تفاجئنا من حين لآخر بهذا الابداع الزاخر وهذ الاطلالة المشرقة في عالم الشعر المحدث , حتى باتت قصائدك التي تنشرها في صحفنا المحلية محط أنظار الجميع , تلفت الانتباه بشكل كبير , فيهتم بها القراء الذواقة , ويحتفظون بها الى أن ترى النور في ديوان من بنات افكارك !"
ماذا تبقى للنقد بعد هذه المقدمة التي شمل فيها كل القراء ( وانا منهم ) , وادعى اننا نحتفظ بقصائد الشاعر المنشورة حتى تصدر في ديوان . لماذا لا تتحدث باسمك عزيزي الناقد ؟ وأي ابداع زاخر واطلالة مشرقة ؟؟ بحثت وقرأت , وللأسف لم أجد الا قصائد ما دون المتوسط بكثير ... ولو كنت محررا ادبيا لما نشرتها .
الأمر الأخير عزيزي الناقد الدكتور بطرس دلة , انت تتحدث عن " شعر محدث ", أي حداثة هذه التي تعنيها ؟! وهل حقا تفهم ما هي الحداثة ؟! ام ان استعمال الاصطلاحات بات لعبة أدبية في ظروف الأزمة الأدبية الشاملة التي تعيشها ثقافتنا المحلية ( داخل اسرائيل )؟ حقا لماذا التردد في الكتابة , ولماذا التفكير النقدي العقلاني ما دام لن يقرأ النقد الا المنقود وبعض الانتحاريين أمثال نبيل عودة , بعد ان انفض القراء عن قراءة الشعر ونقده ؟!
عزيزي الناقد المحترم ... ما كتبته لرشدي الماضي ليس رسالة شخصية اخوانية , انما تقييما ادبيا نقديا , وفي هذه الحالة انت تنطلق من الخاص بينك وبين الشاعر الى العام الذي يخص ثقافتنا (المسكينة) أو خطابنا الثقافي اذا ظل لهذا الخطاب حدودا مدركة... ومع ذلك يفترض الحذر الشديد والالتزام بالمنطق النقدي البديهي , التجرد من العلاقة الشخصية وعدم تحويلها الى قاعدة نقدية اساسية .. او الصمت لمن لا يملك القدرة على الالتزام بالصدق والاستقامة النقدية ... والمهم عدم الرعونة في تتويج الملوك على ثقافتنا , لانه لا ملوك في الثقافة .. ولأن الملوك تسقط ولن يتبقى الا ملوك اوراق اللعب الخمسة .
من حقك عزيزي الناقد ان تطرب لقصائد زميلك في التعليم والتقاعد رشدي الماضي , ولكن ليس من حق أحد ان يفرضه ملكا للأبداع الشعري " مهما تجلت شاعريته بخصوبة الفكر " كما كتبت .
للأسف لا شعر في كتابات رشدي الماضي ولا حتى نثر قريب للشعر او للأدب . ومع ذلك الموضوع ليس موضوع رشدي الماضي , انما نهج خاطيء ارجو ان يكون زلة قلم وحماسة زائدة مصدرها الزمالة التاريخية في سلك التعليم , وما يميز الناقد والمنقود كونهما من جيل "اكتشف" الأدب ," ابداعا ونقدا" بعد التقاعد من سلك التعليم .
تحياتي للناقد والمنقود ... والموضوع ثقافي عام ويخصنا جميعا . لذا اقتضى التنويه !!
نبيل عودة – كاتب , ناقد وصحفي فلسطيني / الناصرة
[email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟