الطاوية نظرة عامة
خالد رافع الفضلي
2020 / 3 / 7 - 08:51
بدأت في القرن الخامس قبل الميلاد، كشكل من أشكال الاندماج في الحقائق غير المرئية للحياة. يمكن أفتراضها كمجموعة من الأفكار وجدت في "لاو تزو وتشوانغ تزو" ولا تستند إلى أي حقائق اجتماعية أو تاريخية يمكن من خلالها أن نجد لها بداية أو تعريف خاص.
لذا نحن هنا نقدم نموذجًا معماريًا جديدًا، مصممًا لتوفير الدعم الهيكلي لفهم الطاوية بطريقة صادقة ودقيقة - أي فهم غير مستعمر - مع توفير القليل من الدعم للنماذج الأقدم والأكثر استعمارًا. فإن الطاويين لا يعتبرون أنفسهم عمومًا من أتباع مجتمع ديني واحد يتقاسم مجموعة واحدة من التعاليم أو الممارسات. على عكس من الأسلام، البوذية، أو المسيحية، لم تبدأ الطاوية من الجهود التي يبذلها المجتمع لممارسة تعاليم ذلك الزعيم العظيم. حيث أنه لم تكن هناك تعاليم أصيلة لأي" مجتمع أصيل "، لم يشعر الطاويون عبر التاريخ أبدًا بأنهم ملزمون بربط معتقداتهم وممارساتهم بأي معيار أصيل مفترض. من هذه الزاوية، يمكننا أن نرى الكثير من الحرية في: الحياة والعيش والصلاة في وحدانية (الحياة بحد ذاتها صلاة بحسب الطاو). ويقودنا ذلك الى أنهم بلى طقوس أو امتثال صارم لحضور القداس أو جلسات الصلاة في أيام محددة كما هو واضح في بعض الديانات الرئيسية الأخرى التي تم ذكرها في السابق. فالآلهة العليا التي يؤمن بها الطاويون ويعبدونها لا يمكن أن تكون سوى انعكاسات وهمية في عقل الناس، والتي يتم التعبير عنها كقوى مغتربة سواء كانت طبيعية أو مجتمعية. وعليه، فأن أهم ما تقدم الطاوية الدينية من شعارات تتمثل في: "حياتي تعتمد علي، وليس على الجنة و طريق الجنة يتبع الطبيعة، وطريق البشر يتبع مصلحتهم".
تظهر حقائق التأريخ بشكل عام أن الطاويين في الواقع ليس لديهم مشكلة على الإطلاق مع الكونفوشيوسية أو قيمهم. في الواقع، كان الطاويون والكونفوشيوسون شركاء وحلفاء عمومًا، حتى وقت الغزو المغولي. وحتى بعد ذلك، استمروا في التأثير على أفكار وممارسات بعضهم البعض، وفي أوقات إمبريالية متأخرة، كان الكثير من الكونفوشيين والطاويين سعداء جدًا بالاعتراف بجل نظرياتهم عن واقع الحياة العملية فيما بينهم. تؤكد كل من الكونفوشيوسية والطاوية على السعي وراء الطاو، وأن الطاو هو النهائي. ولكن على عكس الطاوية، كان الألمام بالشريعة الكونفوشيوسية واحدة من المتطلبات الرئيسية لامتحانات الخدمة المدنية في الصين التقليدية.
تكمن قيمة الطاوية في قدرتها على التوفيق بين الأضداد القطبية على مستوى أعلى من الوعي. فإذا أخذنا الطاو كطريقة واعية لتوحيد ما يتم فصله، فربما نكون قد اقتربنا تمامًا من المحتوى النفسي للمفهوم من أجل تحقيق طريقة متوازنة للمعيشة والاندماج العالي. بلا شك أيضًا، مسألة جعل الأضداد واعية "التحويل" يعني لم الشمل مع قوانين الحياة الممثلة في اللاوعي، والغرض من لم الشمل هذا هو تحقيق حياة واعية؛ لأن أشياء العالم الداخلي تؤثر علينا بقوة أكبر لكوننا فاقدين للوعي فمن الضروري لأي شخص يعتزم إحراز تقدم في الثقافة الذاتية أن يميز آثارها ومن ثم يحاول أن يفهم محتوياتها.
فهم "الطاو" هو تجربة داخلية حيث يختفي التمييز فيها بين الموضوع والذات. فهي عملية إدراك بديهية وفورية وليست عملية توسطية أو استنتاجية أو فكرية. لا يتحول الطاو إلى وعي حيوي حتى تختفي جميع الفروق بالذات. إن إدراك تحديد الهوية والتداخل بين الذات والذات هو المفتاح الذي يفتح لغز الطاو. قبل إدخال البوذية إلى الصين، كان هناك على الأقل مفهومان أساسيان للتعاطف في الفكر الصيني. أحدهما كان في الكونفوشيوسية المُثل الأعلى لشعور بالزمالة، والانتقال من الذات إلى ذوات الآخرين. إنها عملية التوسع من الوعي الأناني إلى وعي الزملاء. اما الثاني من مفاهيم التعاطف ما قبل البوذية في الصين، فهي وجهات نظر الطاويين، كان هذا التعاطف هو تحديد البدائية، والتداخل، وتوحيد الموضوع والعنصر، لشخص الواحد والكثيرين، من الإنسان والكون. لم يكن هذا نتاجًا للتفكير العقلاني، ولكنه كان تجربة أنطولوجية.