الموت والقتل لن يفني - مانديلا فلسطين -
حافظ عليوي
2006 / 6 / 4 - 09:32
الموت والقتل لن يفني
" مانديلا فلسطين "
هذا ما كتبه رفاقه في ذكرى استشهاده في وعن السجن
ان نكتب عن التاريخ الوطني للحركة الاسيرة فهذا يعني اننا نتحدث عن القائد الرمز لها الشهيد عمر القاسم الذي قتلته يد الغدر والجبن الصهيوني المتمثلة في مديرية قمع السجون وطاقمها اللاصحي وان نكتب عن الثورة الفلسطينية المعاصرة بتاريخها وشموخها فهذا يعني اننا نتاول سيرة حياة فقيدنا وشهيدنا البطل كأحد قادتها الذي ما ضن يوما بعطاء لها حتى الرمق الاخير .. وحتى في اللحظات الاخيرة وهو يصارع الموت .. ابى بكل شموخ كالجمرق تماما ان يخرج الا على ارض الوطن وسط اهله وشعبه الذي عاش انتفاضته على مدار الساعة وصرخ وسط الموت والتعذيب في سجن الرملة لا تمت قبل ان تكون فداء وكانت النبوءة استمرارا بطوليا على درب كنفاني وخالد نزال وابو جهاد وكل الشهداء الخالدين
لا تمت قبل ان تكون ندا .. صرخة قوية تدوي في وجدان الثوار والرفاق .. تهز من الاعماق دوما صرخة تهف بالفلسطينيين اينما كانوا ووقتما كانوا .. ايها المشردون .. ايها المستعبدون .. اهلنا المنتفضون في الوطن المقاتل احذروا الموت الطبيعي احذروه وانبعثوا نارا وحجارة ورصاصا وقنابل واغنيات خلود انفضوا عن اجسادكم الذبيحة ثوب الاستكانة .. واقرعوا بصمت جدران الخزان والقبر بلا خوف ولا خنوع .. بالفرار موت والاستكانة موت والخنوع موت .. لكن الانتفاضة حياة هذا مالته دماء حزيران الممتزجة التي رسمت شكل خارطة الوطن في الزنزانة واثينا فلسطين وهذا ما علمونا عليه رفاقنا الابطال وثورتنا الابية .. وهذا ما قاله لنا رفيقنا البطل عمر القاسم.
لا صوت يعلو فوق صوت المعركة لا طفل يولد من ضلوع الأرض الا في مهب يسلكه هكذا عاش الرفيق وبثبات واصرار الرجال الشرفاء بنار الانتماء الابدي لثورتنا العظيمة اسمحوا لنا ان زف بشرى استشهاد رفيقنا البطل القائد والخالد الرفيق القدوة .. الرمز والجندي المقدام عمر القاسم هذا الند الذي لبى نداء الوطن فلسطين .. نداء الانتماء الجبهوي نداء الانطلاق المظفر صوب اماني وتطلعات مئات المستعبدين على ارضهم مؤكدين امامنا وامام الجماهير الابية ساطعين سطوع الشمس كطريق لا ارتداد فيه ولا نقوص .. طريق عبدته اجساد الخالدين وزينته دماؤهم الطاهرة وكأن الشمس تغرب مرتين مرة جهة يرقد القاسم ومرة في جسد النزال لترسم دمائهم
ايها الجماهير المنتفضة على الاحتلال .. ان تكون ندا .. ان تكون جبهويا ثوريا فهذا يعني انك امام شاخص الرماية .. امام موعد مع اشتباك وتحد واصرار وعناد .. ان تكون جبهويا ثوريا تذوذ بنفسك .. بصدرك الاعزل .. بفكرك .. بقلمك عن الوطن والقضية .. فهذا يعني انك اخترقت جدار العتمة والصمت وزمجرت بتحد امام الاعداء وبصقت على قوتهم وعلى قاماتهم لانك اخترت ان تصير ندا .. وفي هذا وحده اعظم رسالة للحياة .. رسالة الثوري الجبهوي صانع الحياة .. صانع المستقبل - الشمس مع اول خيوط للفجر وهذا ما كتبته يا رفيقنا وقائدنا ورمزنا ابا القاسم .. هذا ما حفرته على صدر الوطن الجريح الذي نادك فلبيت النداء .. لبيته بشرف كما علمك حزبك المفدى وثورتك الابية .. وكما علمتك الحركة الوطنية خلف الاسوار.. كما علمتك الجماهير المنتفضة من الوطن المحتل ..تحضرنا صورتك الآن .. وكما استحضرناها سابقا .. وجها مشرقا من اوجه العطاء والعمل والابداع الثوري والاستمرار الكفاحي نموذج الاخلاص والبذل والتضحية بكل شيء في سبيل الغد الانساني .. تحضرنا صورتك وانت تحتضن العلم المكابر تودعنا جميعا وتحملنا رسالة الوفاء .. رسالة الانتماء .. تحملنا اياها كما حملتها طوال السنين التي انقضت بعمل جليل وراء القضبان فواحد وعشرين عاما يا رفيق وراء القضبان.. تعني اول ما تعنيه ان النصر المؤزر في اعين اطفال الحجارة الذين يصنعون الآن صرح دولتنا الفلسطينية المستقلة .. تحضرنا صورتك وليل الهزيمة الحزيرانية والنكسة يهل علينا مطبقا فيردها الصمود الاسطوري في بيروت .. تخضرنا صورتك الآن وانت تقول لنا لا شيء اغلى من الوطن .. الا الاستشهاد في سبيله .. وتعلمنا ان فلسطين لن تكون ان لم ندفع ضريبة الدم .. وهذا ما سنكون عليه .. وهذا ما نعاهدك عليه .. لقد ذهب فيكم الجسد .. لقد قتلوا فيك الجسد ولكنك خالد خلود الحياة التي بها كنت تحلم ومن اجلها استشهد .. فأنت فينا ونقاتل ..انت في اعين زهرات الوطن واشباله .. انت في اعين رفاقك الاحرار .. في وجدان جماهيرنا .
يا شعبنا .. يا اهلنا .. ايها المنتفضون من جديد نؤكد ثورتنا الفلسطينية وجماهيرها المكافحة والحركة الوطنية الاسيرة وفائها المطلق للارض والانسان والقضية وعلى الاصرار الثوري على تقديم المزيد من الابطال وفاءا للنهج والتطلعات النبيلة لكل ابناء شعبنا المضطهدين ولعل استشهاد رفيقنا ابي القاسم ما هو الا دليل حي عن اروع صور الاخلاص والوفاء لكل من استشهدوا ولكل من ما زالوا على الدرب سائرين .. فعلى مدار عام الثورة والانتفاضة خاصة لم تمر لحظة واحدة بدون ان يتخللها استشهاد واعتقالات وتضحيات ومعاناة .. لم تمر لحظة واحدة دون ان يكون ثوارنا على ذروة المسيرة ويكون ابو القاسم في مقدمة الزاحفين .. فلا غرو والحالة هذه يمضي رفبقنا عمر في ركب الخالدين.
وللحقيقة ايها الاحرار ان حديثنا عن الرفيق ابي القاسم الذي كان في الافواج الاولى التي دخلت المعتقلات انما هو حديث عن بداية افتتاح المعتقلات الصهيونية النازية بكل فاشيتها والادوار والممارسات البشعة التي مورست ضد رعيلنا وعن حق فلقد مثل رفيقنا الشهيد نموذجا وقائدا لمسيرة الحركة الوطنية الاسيرة منذ بدايتها وحتى نهايتها فرغم السجن والسجان ورغم الذبح والقهر والقيد والسلاسل ظل رفيقنا شهما صنديدا يقارع الاعداء بعناد وتحدي لا مثيل له ولا احد منا لا يقرأ تاريخ الحركة الوطنية الاسيرة الذي رسم رعيلنا الاول وعلى راسهم شهيدنا ابو القاسم وعبد القادر ابو الفحم واسحق مراغة وراسم الجعفري صورا ناصعة في البطولة والفداء من اجل ان يثبتوا ارادة المناضل الفلسطيني ويصنعوا بدمائهم الطاهرة مدرسة الثوار وراء القضبان .. محبطين بذلك كل مؤامرات التصفية الجسدية والمعنوية التي يتعرض لها اسرى الثوار وراء القضبان .. محبطين بذلك كل مؤامرات التصفية الجسدية والمعنوية التي يتعرض لها اسرى الثورة وتمكنوا بشجاعتهم وقوة شكيمتهم ان يثبتوا للعالم اجمع ان الاسير الفلسطيني يناضل من اجل قضية عادلة .. من اجل استرداد حقوقه المسلوبة ووطنة المغتصب وبهذا المعنى وحتى لحظة الاستشهاد يوم الاحد 4/6/1989 كان ابو القاسم ومازال الصورة المشرقة والعنوان الاصيل لاسرى الثورة الفلسطينية .. وراء القضبان ورمزا للعطاء الاكثر سخونة في الصراع الدائم والمباشر مع عدونا الصهيوني حتى قتلوك رفيقنا " مانديلا فلسطين " عقابا همجيا منهم على اخلاصك وعلى البطولة التي جسدتها .. عقابا وحشيا على تشبثك بمبادئك وارضك وقضيتك العادلة .. وهذا حالهم .. وهذه شريعتهم .. شريعة الغاب .. شريعة الهتلرية التي يعبرون عن حقدهم بها .. على حدهم القميء .. على بني البشر .. عن الانسانية جماء .
ايها الاحرار : لقد استشهد رفيقنا البطل تاركا خلوده .. استشهد زارعا في اعماقنا روح الاصرار والتحدي والارادة على المضي قدما .. استشهد بعد ان صار ندا .. استشهد لان درب الكفاح يحتاج من ثورتنا المزيد من القرابين وهو رسولنا وقرباننا الى عمق الارض .. الى عمق الحياة .. ولهذا لن نرثيه .. لان امثاله اعظم من انفعالات الرثاء .. واعظم من مجرد دمعتين ساخنتين نذرفهما .. ولهذا فان واجب الثوري يتمركز في الاخلاص المطلق للثورة ولكل الشهداء الابرار
الموت .. القتل المتعمد لن يفنيك يا ابا القاسم وستظل حاضرا ابديا مع اطلالة كل فجر جديد .. مع كل انجاز يركمه رافقك واخوتك في الاسر وفي كل مكان وان كانوا قد قتلوك فاننا نعاهدك بأن لحظة الانتقام المقدس والانتقام الدموي ستحين لا محال .. لحظتها ستثأر لك ولخالد نزال وجيفارا وابو جهاد واسحق مراغة وراسم الجعفري وابو الفحم .. لحظتها ستسير جموع الجماهير المنتفضة المنتصرة الحرة الى هناك .. حيث النصب التذكاري الخالد يتقدمها موكب الاشبال والزهرات حاملة علم فلسطين .. علم الوطن .. حاملة باقات الزهور تزينها صوركم جميعا ونجثم بخشوع امام عظمتكم هاتفين نشيد الانبعاث زز وداعا لك يا ابا القاسم وكن واثق النفس .. مطمئنا لأننا على الدرب ماضون ابدا ماضون .
الموت والدمار للصهاينة وعلى رأسها مديرية السجون الفاشية .
المجد كل المجد والفخار يا ابا القاسم ولكل الشهداء الابرار .
عاشت ثورتنا الفلسطينية رمزا للوفاء .
عاشت الانتفاضة العارمة.
النصر للثورة واننا حتما لمنتصرون.