فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6460 - 2020 / 1 / 9 - 18:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن أي متتبع للأحداث السياسية في العالم يلاحظ أن أية دولة تتعرض لخطر عدوان خارجي أو حدوث كارثة داخلية تبادر جميع القوى السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بعقد تحالف سياسي بينها وتأليف حكومة طوارئ مصغرة لمواجهة الخطر الخارجي ومعالجة الكارثة الداخلية كالهزة الأرضية أو عدوى بيئية مرضية وإنقاذ الشعب والوطن من أخطارها ... وما يؤسف له في العراق المستباح وشعبه المذبوح يئن ويستصرخ من الكارثة التي تجثم بكابوسها على صدورهم منذ سنوات والأحزاب والكتل السياسية تضع أصابعها في آذانها في كل واد يهيمون وقد بحت حناجرهم من قراءة نشيد (موطني ... موطني ... الجلال والجمال والسناء والبهاء ... في رباك ... في رباك) وينظرون بدون حياء إلى الوطن يستباح والشعب يرقص مذبوحاً من ألم الجوع إلى أن استعرت جذوة النضال في ثورة عفوية عارمة بعد أن تمردت الشكوى وتحولت عذوبة المناجاة إلى صرخة مجنونة في لحظة كان فيها اليأس قد بلغ ذروة المعاناة على أشدها في جماهير الشعب الغاضبة التي انحدرت بالآلاف إلى ساحات وشوارع مدن العراق كالأمواج في ثورة الجوع والغضب فكتبوا بدمائهم فخر وعز العراق العظيم.
هؤلاء المغيبون والمنبوذون الذين تُقبِل الأرض أقدامهم على كل منعطف من خطاهم وسام فكانوا بيارق النضال ترفرف على شرفات العراق الحّو بالمسير برغم السرى وفاقوا برغم العذاب سيلاً كبيراً يتطامى فألوى شموخ القدر والمستحيل فاقتحموا الموت والجراح بـ (خمسمائة شهيد وعشرون ألف جريح) فكانت دمائهم زخة مطر تطفئ نار الهواجس والخوف والتردد ويروون شعلة ثورة الجوع والغضب.
(ولابد لليل أن ينجلي) وتنجلي الغيمة السوداء وراء هذه الأزمنة السوداء وهذه الأرزاء وكل ما توارثناه خلف الحياة المسمرات في أغلالها التي تلفها رائحة الدماء وتطبق الدنيا على محنتها وتمحى وثيقة الظلام ويكبر الحب شيئاً فشيئاً بعد أن تنتزع الأيدي من الأيدي مسامير القيود وينسلخ ليل الظلام ويعتق المدى أيامنا المحجورة وتنضوي خلف الكواليس أقزام وخفافيش الظلام ويسافر النسيم مع العبير ويولد النهار من رحم الفجر يعلن ميلاد يوم جديد مشرق سعيد.
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟