هنية ناجيم
الحوار المتمدن-العدد: 6456 - 2020 / 1 / 5 - 22:37
المحور:
الادب والفن
تحفة هي لهجة الأطلس المغربي، الأمازيغية، ما يسمى "الشلحة" تحسها كأنها ماء عذب زلال ينبع ويقذفه اللسان ليعتلي سمعك ويدغدغ خريره إحساسك بكل رقة. تلك الرقة أعتبرها وجه الأزلية؛ فهذه اللهجة قد ركبت الزمن وسافرت إليك.
وأيما شعور ذاك، حين تكون جالسا مع الأهل، ويحدثونك مرات باللهجة الأمازيغية، تجد حلاوة في الأمر ولو أنك لا تفقه ما يقال، وأنتَ لا تجيد سوى الدارجة المغربية المطعمة باللغة العربية. تلكم هي حالتي حينما تجمعني أحاديث عائلية حين تكون عائلة زوجة أخي ذات الأصل الخنيفري في زيارة إلى بيتنا بمدينة طنجة.
ومن بين هؤلاء، هناك امرأة كبيرة في السن، مميزة جدا بلطفها وظرافتها، وهي جدة زوجة أخي من جهة الأم. لا تجيد هي سوى اللغة الأمازيغية، ولا تفقه شيئا في اللغة العربية، ومن جهتي لا أفقه ما تقوله البتة.
وقد لا أبالغ إن قلتُ أنها حين تحادثني وتحب أن يطول الحديث بيننا، بينما أنا لستُ ممن يطيلون المحادثات، وأنا لا أفقه ما تريد قوله سوى حينما ترفع رأسها إلى السماء، هنالك أجيبها: "سبحانه وتعالى"، فالأمر مؤكد أنها تتحدث عن شيء مرتبط برضا الله، لكنها حين تخفض رأسها لا أعلمُ أي وجهة يتجه الموضوع إذاك. فأنتظر إلى أن ترفع رأسها من جديد لتتمتم شفتاي بالحمد والتسبيح ومن ثم أخرس من جديد. وتتابع حديثها، ومرة أخرى أومئ برأسي حتى لا أخجل من صمتي ومن الحديث المحتكر من طرفها... فما عساي أن أفعل؟ فأجحظ عيني، كأنها ستفلح في فهم معنى ما عجزت عنه أذناي. وبعد حين، توجه لي أخت زوجة أخي السؤال، قائلة: «فهمتي آش قالت؟». فأجيبها في قرارة نفسي: «آه أختي... ما فخباركشي؟، أنا إلي كنت كنكتب الأغاني للمرحوم رويشة، يا لالا!». فأحاكيها في تقطيب الحاجبين، وأرسم على محياي ابتسامة مزيفة، وأومئ برأسي بالنفي. وتبدأ هي بالتفسير.
أحن إلى تلك المرأة والسمر معها، وربما إن جمعتني بها الأيام مستقبلا سأطلب منها أن تعلمني أساسيات اللغة الأمازيغية.
#هنية_ناجيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟