|
رسالة مفتوحة من شيوعي تونسي إلى رئيس دولة الإستعمار الجديد الأستاذ قيس سعيّد
عبدالله بنسعد
الحوار المتمدن-العدد: 6437 - 2019 / 12 / 14 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تصدير : «قد كان النّاس وسيضلّون أبدا في حقل السّياسة أُناسا سُذّجا يخدعهم الآخرون ويخدعون أنفسهم ما لم يتعلّموا استشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير والبيانات والوعود الأخلاقيّة والدينيّة والسّياسيّة والإجتماعيّة. فإنّ أنصار الإصلاحات والتحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كل مؤسّسة قديمة مهما ظهر فيها من بربريّة وإهتراء». – لينين – (مصادر الماركسية الثلاثة) أستاذ قيس سعيّد ، أعذرني إن لم ولن أناديك في رسالتي هذه بـ "سيّدي الرئيس" لأنّ كلمة "سيّدي" تُحيل إلى فوارق بين شخص وآخر أي علوّ واحد على الآخر وهذا ما أرفضه لأنّ الشيوعية علمتني أن أقاوم وأتصدّى للفوارق مهما كان نوعها (فوارق طبقية ، فوارق إجتماعية ، فوارق جنسية ...). فأنا مناضل وطني ديمقراطي أنتمي إلى إحدى أهمّ الفصائل الماركسية اللينينية في القطر المعروفة إختصارا باسم ---الوطد--- لا فقط بفعلها في الواقع وإنّما أيضا بحجم التضحيات التي قدّمتها (6 شهداء بالتمام والكمال وهو أكبر عدد من الشهداء يقدّمه فصيل ماركسي في تونس) وسأذّكرك بهم علّك تنصفهم في يوم ما إن كانت لك القدرة على ذلك : أوّلا ، الشهيد البطل محمد هماني (معلّم وطالب بكلية 9 أفريل) وقع إغتياله من طرف البوليس السياسي يوم 7 ديسمبر 1983 بجزيرة قرقنة وبعد قتله وقع تعليقه بعمود كهربائي أمام المعهد الثانوي بمليتة لإرهاب بقيّة المناضلات والمناضلين في جزيرة قرقنة ثانيا ، الشهيد البطل والرمز الفاضل ساسي (أستاذ تعليم ثانوي وطالب بكلية 9 أفريل) ، إغتاله أحد القناصة من البوليس السياسي يوم 3 جانفي 1984 خلال ثورة الخبز عندما كان يقود مظاهرة في تونس العاصمة وقد سقط في مفترق شارعي باريس وبورقيبة ثالثا ، الشهيد البطل كمال السبعي (طالب بكلية 9 أفريل) ورابعا ، الشهيد البطل فتحي فلاح (مهندس فلاحي وطالب مرحلة ثالثة بالمعهد الوطني الفلاحي) اللذان سقطا في نفس اليوم برصاص البوليس وكانا أيضا يقودان مظاهرات في الجبل الأحمر وباب سعدون في تونس العاصمة. خامسا ، الشهيد البطل عزالدين الجريدي (طالب بدار المعلمين العليا بسوسة) وقع إغتياله يوم 20 أفريل 1987 عندما وقعت محاصرة غرفته التي يقيم فيها في الحي الجامعي ووقع منعه من تناول الدواء لأيام عديدة رغم إصابته بمرض عضال ناتج عن السجون والتعذيب الذي تعرض له سابقا إلى أن فارق الحياة داخل الغرفة المحاصرة. وسادسا ، الشهيد البطل والشاعر الوطني الكبير بلقاسم اليعقوبي (عامل) الذي وقع إغتياله بسجن 9 أفريل يوم 23 أفريل 2001. هاته الكوكبة من الشهداء التي سقت بدمائها الحمراء أرض تونس المعطاء عاهدنا أنفسنا بأن لا نخون دمائها وبأن نسير على دربها حتى تحقيق الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي مهما كلفنا ذلك من تضحيات. لكل ذلك فأنا لا زلت متمسّكا بالنظرية الماركسية اللينينية القادرة وحدها على حل مشاكل الطبقات المستغلة بصفة خاصة ومشاكل البشرية بصفة عامة لذلك أرفع شعار "الاشتراكية العلميّة هي الحلّ". كما أنني لازلت متمسّكا بأطروحات ---الوطد--- في خصوص طبيعة المجتمع وطبيعة النظام وطبيعة الثورة. فإعتمادا على أدوات التحليل المرتكزة على الاقتصاد السياسي نؤكّد على أنّ النظام القائم هو نظام رجعي عميل. أي أنّ الطبقتان الحاكمتان (إضافة إلى شريحة البيروقراطية التي تستعملها تلك الطبقتان لتنفيذ السياسات اللاّوطنية واللاّديمقراطية واللاّشعبيّة) هما طبقتا "الإقطاع" التي تمثّلها ما يسمّى بحركة "النهضة" لكنني أصرّ على تسميتها بحركة "النكبة" (لأنّ النهضة تعني التقدّم والإخوان ضدّ التقدّم والنهضة تعني العلم والإخوان ضدّ العلم والنهضة تعني المساواة والإخوان ضدّ المساواة) وهي بالتالي تمثّل الرجعيّة الدينيّة. والطبقة الثانية هي طبقة "الكبمرادور" التي تمثّلها مشتقات أحزاب الدستور والتجمّع مثل نداء تونس وقلب تونس وتحيا تونس وغيرها من الحركات وهي تمثّل الرجعية الليبراليّة. أمّا طبيعة المجتمع فهو "شبه مستعمر ، شبه إقطاعي". إذ أنّ تونس لم تتحصّل على إستقلالها الكامل يوم 20 مارس 1956 وإنّما تغيّر شكل الإستعمار من إستعمار مباشر إلى إستعمار غير مباشر. ففرنسا التي كانت تحتل القطر عسكريا أصبحت منذ ذلك التاريخ تحتلّه سياسيا وإقتصاديا وثقافيا. ونظرا لكلّ ذلك فإنّ طبيعة الثورة التي يطرحها ---الوطد--- هي ثورة وطنية ديمقراطية ذات الأفق الاشتراكي. أستاذ قيس سعيّد ، أعذرني على هذا الوضوح فاللحظة التاريخية التي نعيشها لم تعد تحتمل أنصاف المواقف أو أنصاف الحلول. فالفسيفساء السياسية التي أفرزتها الانتخابات التشريعية الأخيرة أصبحت تمثّل خطرا لا فقط على مدنيّة الدولة التي ضحّى من أجلها مئات الشهداء وإنّما خاصّة على المشروع المجتمعي الذي دفع من أجله مئات الشيوعين أحسن سنوات عمرهم في السجون والمنافي وخاصة في قلب الصحراء التونسية وربّما تتذكّر حملات التجنيد القسري للطلبة الشيوعيين خلال فترة الثمانينات الذين وقع الزج بهم في معتقلات رجيم معتوق في صحراء تونس على الحدود مع الجزائر. فمن داخل مخزون فكرها الموغل في الرجعيّة ومن عمق إيديولوجيتها الراسخة في دهاليز الظلامية القروسطية ومن باطن مشروعها السياسي الذي تنادي به "الإسلام هو الحلّ" ، تواصل حركة "النكبة" كفرع لحركة الإخوان المسلمين بتونس إعتماد سياسة "ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه" (أي سياسة التدرّج أو سياسة المراحل) وذلك فيما يخصّ تطبيق "الشريعة" أو أسلمة المجتمع. وما تقوم به اليوم من تحالفات وتكتيكات يدخل في هذا الباب حتّى تتمكّن من السلطة وتطبّق مشروعها الإستراتيجي ألا وهو تغيير نمط المشروع المجتمعي الحالي وفرض مشروعها الظلامي. طبعا هذا برنامجهم لكنه لن يمرّ ، لأنني أصارحك بالقول بأنني كشيوعي لست خائفا من حكم الإخوان فنحن قادرون على التصدّي لهم ودحرهم مثلما تصديّنا لهم في بداية الثمانينات في الجامعة التونسيّة. فملحمة منوبة 1982 لا زالت شاهدة على ذلك. فقد قرّرنا نحن الشيوعيين وخاصة ---الوطد--- (لأنّ بعض الأطراف التي كانت تدّعي الماركسيّة رفضت الإنخراط معنا في تلك المعركة) التصدّي لمشروع إخوان الظلام المتمثّل في "أسلمة الجامعة". إذ تكاثرت أعمالهم التخريبية لكل نشاط يقوم به الطلبة الشيوعيين وتتالت أعمالهم الإرهابية ضدّ القيادات الطلابية وقتها فكان لابدّ من وضع حدّ لذلك. وكان القرار الحاسم بضرورة مواجهتهم والتصدّي لهم ووقف عنفهم الرجعي. ووقع الإختيار على يوم 30 مارس 1982 (30 مارس يوم الأرض بما يحمله من دلالات في علاقة بتشبّث شعبنا العربي في فلسطين بالأرض وتقديم التضحيات من أجل ذلك). كما وقع الإختيار على ساحة المواجهة والتي كانت جامعة منوبة إحدى قلاع النضال في تونس. وفي الساعة الصفر إنطلقنا في تأديب الإسلاميين وتلقينهم درسا لن ينسوه طيلة حياتهم وقد ذاقوا الأمريّن يومها ممّا إضطر الكثير منهم إلى الهروب والإستنجاد ببوليس نظام بورقيبة العميل فأصبحنا نواجه الإخوان والبوليس في نفس الوقت لكننا حققنا إنتصارا ساحقا عليهم. وحققت بذلك ملحمة منوبة أهدافها الإستراتيجية بوضع حدّ لتمدّد الإسلاميين داخل الجامعة وبالتالي منعهم من تحقيق أهدافهم الدنيئة ووضعهم في زاوية صغيرة لم يخرجوا منها إلى اليوم إذ لم يتجرّؤوا منذ ذلك اليوم التاريخي المشهود على محاولة السيطرة على الجامعة من جديد. واليوم ها أنّ الأقدار تجمعنا من جديد وجها لوجه فقادتهم (الذين أدّبناهم خلال تلك الملحمة) يملكون السلطة أمّا نحن (الذين كنّا صانعي الملحمة) نملك الشارع. لذلك لا خوف علينا منهم لأننا نملك لا فقط الأسبقيّة المعنويّة وإنّما القوّة والقدرة على المواجهة وخاصّة الإصرار على النصر والإنتصار. وما حالة الجزر التي نعيشها اليوم إلاّ سحابة عابرة إذ تاريخ الشعوب لا يقاس بالسنوات أو بعشرات السنوات وإنما بمئات السنوات. فقوّة اليسار الماركسي، وخلافا لما تتشدق به أبواق الدعاية الرجعية ، لا تحدّدها نسبة تواجدهم بالبرلمان (فالبرلمان بالنسبة للشيوعيين لا يمثّل وسيلة التغيير الحقيقية لذلك لم نركّز عليه) وإنّما يحددها فعلهم في الساحة السياسية والإجتماعية. فالكل يعلم بأنّ إنتفاضة 17 ديسمبر 2010/14 جانفي 2011 قادها اليسار وليس الإسلاميين. فكل المظاهرات من الشمال إلى الجنوب كانت تخرج من دور الإتحاد العام التونسي للشغل ويقودها النقابيين الشيوعيين وقد كنت شخصيا قدت كل المظاهرات التي حصلت في مدينة قابس خلال تلك الفترة وقبلها (خلال حرب الخليج الأولى والثانية) وبعدها (أي بعد هروب العميل بن علي) حيث ركّزنا على المطالبة بحل الحزب القائم (التجمّع). أمّا الإسلاميين فقد كانوا وقتها إمّا مختبئين في جحورهم في تونس أو يعيشون تحت حماية المخابرات الغربية في أوروبا. بل أكثر من ذلك فقد خرج أحد قادتهم المدعو "زياد الدولاتي" ليلة 13 جانفي 2011 وعندما كانت الإنتفاضة في أوجها ، وتوجّه من خلال حصة تلفزية إلى العميل بن علي قائلا له "يا سيادة الرئيس نحن ننتظر منك أن تنقذ تونس الآن مثلما أنقذتها يوم 7 نوفمبر 1987" هكذا وبكل وقاحة وصلافة. لكنّ الغريب في الأمر أنّهم يتشدّقون اليوم ويتحدّثون عن أنهم ثوريين وأتت بهم الثورة لذلك ينطبق عليهم المثال القائل "إذا لم تستح فقل ما شئت". أستاذ قيس سعيّد ، أعذرني إن أنا أطلت عليك وحدّثتك عن مسائل لا تهمّك بصفة مباشرة لأنّك لست مار كسيّا ولست معنيّا بالصراع بين الإسلاميين والشيوعيين. لذلك ها إنني سأمرّ للحديث عمّا يهمّك أو بالأحرى عمّا يهمّني في علاقة بشخصك كرئيس. سأحاول تفكيك خطابك الذي قدّمته خلال مراسم أداء اليمين في البرلمان يوم 23 أكتوبر الفارط فيما عبّرت عنه وسأحاول أن أقرأ أفكارك فيما لم تعبّر عنه إضافة إلى البعض من نشاطاتك الرئاسية منذ ذلك التاريخ. لكن قبل ذلك أجد نفسي مجبرا على تنزيل ظاهرة فوزك الكاسح في الانتخابات الرئاسية في السياقات الجيوسياسية شديدة التحرّك. لكن أريد التأكيد على أنّ المسألة لا تتعلّق بشخصك الذي أكنّ له كلّ الإحترام وإنّما بـ "الآلة" (الماكينة) التي إشتغلت من حولك. غير أنّني سأعتمد في ذلك على نصّ غاية في الوضوح والموضوعية نشره الأستاذ "لطفي النجّار" يوم 24 سبتمبر الفارط في جريدة الشارع المغاربي تحت عنوان "يستعدّون لحكم تونس : فوضويون يساريون ، متشدّدون دينيّا وشباب غاضب حول قيس سعيّد" إذ يقول : «مباغت ومفاجئ فوز قيس سعيّد في الدور الأوّل ولا يمكن لعاقل أن يقبل أنّ "دبوزة ماء وفنجان قهوة وباكو دخّان" زائد "حملة تفسيرية في المقاهي" مع الشباب لوحدها قد حقّقت ما حقّقته. نعلم جميعا تقريبا أنّ الانتخابات (كما حصلت مع ترامب أو ماكرون مثلا أو حملة خروج بريطانيا من الإتّحاد الأوروبي "بريكسيت") تمرّ عبر المنصّات الرقمية شركات عملاقة ومخابر Neura Link لزوكربارغ وموسك مثلا التي تتحكّم في مصائر الشعوب قد تمكّنت مخبريا وبتقنيات دقيقة جدّا في توجيه الوعي والموقف والحسّ والذوق ومؤسّسات عابرة للقارات تشتغل في الفضاء السيبارني ك"كمبريدج أناليتيكا" التي تمكّنت كما هو معلوم من تصعيد ترامب عبر إستخدام تطبيقات خوارزمية لا ترقى إليها مجاميع الفايسبوك وهي من مجال الميتا-معطيات تمكّن من التلاعب وتوجيه المجموعات والأفراد عبر إستغلال المعطيات الديمغرافية والجغرافية والسلوكية والنفسية. نعلم أيضا أنّ المعرفة الحاصلة في Big Data المجمّعة من شبكات التواصل والفضاء الإفتراضي يقع إستخدامها وتوظيفها من شركات ومخابر عملاقة ومن ثمّة توجيه المنشورات والصور والمجموعات والإشعارات والصداقات إلى الأشخاص المؤهّلين لتبنّي هذا المشروع أو ذاك فيخلقون هذا المدّ أو ذاك التيّار. نعلم كلّ هذا وهو من تحصيل الحاصل مثلما نعلم أنّ فضائنا السيبارني مخترق» ثمّ يضيف لطفي النجار «قيس سعيّد رجل صادق على ما نعتقد ولكنّ بروزه المفاجئ على السطح في هذا التوقيت الدقيق يطرح أسئلة وإستفهامات خاصّة لمّا يلتقي مشروعه المعلن (تفكيك المنظومة وقلب الهرم الحكمي وإنهاء مركزيّة الدولة والتبشير بالحكم المجلسي) مع مشاريع أكبر لمؤسّسات وشركات عملاقة تطيح بدول وتسقط أنظمة وتعبث بصناديق الإقتراع تعمل وفق مصالح معقّدة تخطّط لها ومنذ سنوات عقول ومفكّرين في الغرب ("هانا أرمسترونغ" ، "هامون كاهن" و"مارك تورنبول" و"إدوارد برنايس" صاحب تطبيقات علم التحكّم النفسي الجماهيري عبر الميديا والإتصال الجماهيري وغيرهم)». إنّه كلام يشفي الغليل ولا يمكنني أنّ أزيد عليه أي شيء. أستاذ قيس سعيّد ، وبعد أن وقع إنتخابك بنسبة فاقت 70 % ، أودّ العودة على الكلمة المفتاح التي كانت تؤثّث كلّ خطاباتك وأحاديثك هي "الشعب يريد". بل كانت الكلمة المفتاح التي بنيت عليها خطابك الإنتخابي التعبوي إلى جانب مفاهيم وتنظيرات مثاليّة في الظاهر لكنّها غامضة في الباطن من أمثال "الحكم المحلّي" و"البناء من تحت إلى فوق" و"مرحلة شباب الشعوب" وغيرها من المفاهيم التي أغرت الشباب الذي ساندك ويساندك دون أن يفهم أغلبيتهم الساحقة مغزاها وتداعياتها. لكنّني ألفت إنتباهك إلى أنّ الإنسان العلمي لا يمكن له أن يستعمل مصطلح "الشعب" في المطلق. فالشعب يضمّ الإرهابي والعميل والخائن والسارق والفاسد والمهرّب والمطبّع وغيرهم. فماذا أنت فاعل إذا كان جزء من الشعب يريد التطبيع مع الكيان الصهيوني وجزء آخر يريد الإلتحاق بالإرهابيين وجزء آخر يريد ممارسة السرقة والخطف والنهب وجزء آخر يريد الإشتغال في التهريب وجزء آخر يحلو له أن يكون عميلا وخائنا للوطن وووو ؟ لذلك فإنّ الإنسان العلمي وخاصة الأكاديمي المنحاز لطبقات شعبه المفقّرة مطالب بأن يستعمل دائما مصطلح "الشعب الكادح" ليمحو كلّ إمكانية فهم خاطئ بالإنحياز لأعداء الشعب الكادح. ثمّ ماذا تقصد ، عندما تُسؤل عن برنامجك الإنتخابي فتجيب بأنّ البرامج يجب أن تنبع من الشباب فهم يحملون الأفكار والمقترحات ؟ فماذا أنت فاعل إذا بمؤسسات الدولة المكلّفة بالتخطيط للبرامج التنموية والتشغيل وتوفير التجهيزات الأساسيّة وغيرها ؟ وماذا أنت فاعل بالمؤسسات الجامعيّة ورجال الاقتصاد الذين يقدّمون عُصارة أفكارهم وجهدهم لإقتراح البرامج الإقتصاديّة والإجتماعيّة ؟ ثمّ أليس هذا هو دور الأحزاب التي تقوم بتمثيل جزء من الشعب وتقديم البرامج بإسمه ؟ أم هل يفهم من طرحك هذا أنّك تشجّع الشباب على الإبتعاد عن العمل الحزبي وبالتالي تعتبر "التمثيل تدجيل" ؟ لكن لنفترض جدلا أنّ الشباب الذين تتحدّث عنهم قادرين فعلا على إقتراح المشاريع ، فهل يمكن أن تفيدنا بمن سيقوم بتمويل تلك المشاريع وبإعتماد أيّة مصادر للتمويل إن وقع القضاء على الدولة ؟ أسئلة عديدة لا تحيل إلاّ إلى التنبّؤ بمستقبل غامض. لكن إذا إستعملت أدوات تحليل الإقتصاد السياسي فإنّني أجد بأنّ هذه الأفكار تتنزّل ضمن أطروحات الأحزاب "الأناركيّة" أي الفوضويّة. لكن إسمح لي بتذكيرك يا أستاذ بأنّه كانت لي فرصة الإلتقاء بك سنة 2011 أي بضعة أشهر بعد "الإنتفاضة" والتي أرفض شخصيّا أن أسمّيها "ثورة" لأنّ ما حصل ليس له أي علاقة بالثورة وإنّما هي إنتفاضة عظيمة قدّمنا خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى لكنّها لم ترتق لمستوى الثورة ، فالثورة تقتضي توفّر شرطين إثنين هما : القيادة السياسة والبرنامج وهو ما لم يتوفّر فيما حصل في تونس. بل أجزم بأنّها لو كانت ثورة فعلا لما حكمنا إخوان الظلام الذين كانوا يعيشون خارج تونس تحت حماية مخابرات الدول الإمبريالية (زعيمهم راشد الغنوشي تحصّل على اللجوء السياسي وكان يعيش تحت حماية المخابرات الإنقليزية معزّزا مكرّما) ولم تكن لهم أي مساهمة فيما حدث ولم يسقط منهم أي شهيد من جملة أكثر من ثلاث مائة شهيد سقطوا خلال تلك الملحمة. أعود لتذكيرك باللقاء الذي جمعنا وقتها حول مائدة فطور في مدينة قابس (أين كنت أشتغل) في منزل أحد الرفاق وقد كنت مرفوقا ببعض قياديي إحدى التنظيمات السياسية التي ظهرت بعد إنتفاضة 17 ديسمبر 2010/14 جانفي 2011 والتي تسمّى "قوى تونس الحرّة". وقد قضينا أكثر من ثلاث ساعات في النقاش حول ما حصل في تونس وما يجب فعله وخاصة حول المشروع السياسي الذي كنت أنت تدافع عنه وتجوب البلاد طولا وعرضا للتعريف به. وقد كنّا يومها رفضنا نحن الشيوعيين في قابس حضور الاجتماع الذي عقدته أنت في صباح ذلك اليوم لأنّنا إحترزنا على المنظّمين له والذين كانوا قريبين جدّا من الإسلاميين وخاصة من الشيعة الذين كانت تعجّ بهم مدينة قابس. لكنني أريد التركيز على الطرف السياسي الذي كان "يحتضنك" وهو كما قلت "قوى تونس الحرّة" (للتأكيد على ذلك كتب "رضا شهاب المكّي" على صفحته على الفايسبوك يوم 24 نوفمبر الفارط بعد إلغاء حواره على قناة حنبعل ما يلي "من المستفيد من عزل الرئيس عن حاضنته الفكريّة؟"). فمنخرطي هذا التنظيم إنحدروا فعلا من إحدى تنظيمات الوطنيين الديمقراطيين وهي مجموعة كانت تُعرف باسم "وطد الحقوق" (Pro-Droit) لكنّهم تخلّوا عن ماركسيّتهم منذ أواخر التسعينات ومضى كل منهم في حال سبيله. وقد سافر زعيمهم رضا شهاب المكّي (الذي أعتبر أنّه من العار اليوم مناداته بكنيته التاريخية "رضا لينين" لأنّه لم يعد يربطه بالماركسية اللينينية أي رابط بل هو أصبح اليوم من أكبر أعداء الماركسية) إلى الخليج بحثا عن المال. لكن بقدرة قادر أعادوا الإلتفاف من جديد بعد "الإنتفاضة" وأسّسوا التنظيم المذكور وتبنّوا أطروحة "الديمقراطية المباشرة" المرتكزة على "العمل المجالسي" ومن المعروف أنّ هذه الأطروحات لا تتبنّاها إلاّ الفصائل الأناركيّة. وخلال اللّقاء المذكور كنت توجّهت لك بالسؤال التالي : "هل تؤمن يا أستاذ قيس سعيّد بالديمقراطيّة المباشرة ؟" فأجبتني قائلا وبالحرف الواحد "أنا لي ثقة في أصدقائي" وألتفتت مبتسما إلى إحدى الحاضرات التي كانت جالسة على يسارك. والسؤال الذي يؤرّقني منذ أن تقدّمت لسباق الرئاسة وحتّى اليوم لماذا لم تذكر بتاتا أصحاب المشروع الحقيقيين ؟ أليس من باب الأمانة السياسية القيام بذلك ؟ لكنّ إجابتي سأصيغها في شكل سؤال آخر : هل عدم إفصاحك عن أصحاب المشروع الحقيقيين (وزعيمهم عُرف لدى الرأي العام باسم "رضا لينين") دافعه تعبئة بقية القوى السياسية في القطر ومنهم خاصة الإسلاميين ومشتقاتهم (وهو ما حصل فعلا) وراء شخصك ؟ شخصيّا أعتقد ذلك لأنّه منذ ظهورك بعد 14 جانفي 2011 تشكلّت صورة نمطيّة للأستاذ المختص في القانون الدستوري الذي لا يتدخّل إلاّ في مجال إختصاصه مستعملا لغة الضاد تحديدا ولا يمكن تصنيفه لا يمينا ولا يسارا. ويبدو أيضا أنّ هذا الغموض إستهواك لتحافظ على علاقاتك بكل الأطراف. لكنّني أذكّرك بأنّك كنت قد تعاملت مع حركة "النكبة" من خلال قبولك التواجد عضوا في المجلس الإسلامي في عهد حكومة حمّادي الجبالي أو حمّادي تفجيرات كما يحلو للتونسيين مناداته (والذي بشّر بالخلافة السادسة في اجتماع جماهيري بسوسة حيث قال بالحرف الواحد "أنتم في الخلافة الراشدة السادسة إنشاء الله") وكان ذلك بمقتضى أمر عدد 3233 لسنة 2013 المؤرّخ في 7 أوت 2013. أستاذ قيس سعيّد ، ربّما علاقاتك بالأطراف السياسية لا تهمّ كثيرا فأنت حرّ بأن تتعامل مع من تريد وكيفما تريد لكنّ ما يهمّني كمواطن تونسي عاش السجون والتعذيب قبل 14 جانفي (وفي عهدي العميلين بورقيبة وبن علي) دفاعا عن الأرض والحرّية والكرامة الوطنيّة هو المشروع الذي تطرحه وتداعياته المستقبليّة على الشعب الكادح وعلى القطر عموما. فالمسار الذي تنظّر له يفضي بالضرورة إلى إنتهاء الدولة كسلطة مركزيّة لتحلّ محلّها سلطة أخرى "جماهيريّة" منفلتة تذكّرنا بتجربة معمّر القذافي في ليبيا والنتيجة نراها اليوم عبر الفوضى العارمة السائدة هناك. هذا التوجّه الخطير يعبّر عنه بكل وضوح تنظيم ما يسمّى بـ "الراية السوداء" صوت التيار المجالسي في مصر الذي أصدر بيان مساندة للإنتفاضة التي حصلت في تونس مؤرّخ في 18 جانفي 2011 وصادر بموقع الحوار المتمدّن ، إذ نقرأ في النقطة الرابعة ما يلي : «إثبتت الإنتفاضة التونسية وبخاصة في اليومين التاليين لهروب بن علي ، ضرورة التشكيل العاجل الفوري لجهاز الثورة للمجالس الشعبية على مستوى الشارع والحي والمصنع والقرية. تلك المجالس التي ستتسلّم مهام الأمن حين تهرب الشرطة ، تلك المجالس التي ستتصدّى لإرهاب العناصر الحاكمة ومحاولتها وصم الإنتفاضة بالفوضى والتخريب ، تلك المجالس التي ستتسلّم فعليّا السلطة على مستوى الشارع والحي والقرية». هكذا وبكل وقاحة يقع التحريض على تفكيك أجهزة الدولة وتسلّم "جماهير" غير منظمّة لمقاليد الحكم. فهل هناك فوضى أكبر من هذه ؟ أستاذ قيس سعيّد ، واضح أنّ البرنامج الذي تتبنّونه لتغيير نظام الحكم ، بإعتماد النظام التمثيلي المجالسي حيث يمرّ الحكم من المحلّي إلى الجهوي ثمّ المركزي (وهو نظام ليس له أي علاقة بنظام السوفياتات إحدى إبداعات الشيوعيين) سيمثّل تغييرا من داخل دولة الإستعمار الجديد لكنّه لن يمسّ جوهرها وهو يرتكز على معاداة آليّات إشتغال النظام القائم وتسييره أي تغيير "السلطة المحلّية" بـ "الحكم المحلّي" ليس إلاّ. والسؤال الذي يطرح نفسه هو التالي : ما الذي يمنع بعض الكائنات الرجعيّة العميلة مثل ما يسمّى بروابط حماية الثورة أو عصابات التهريب من أن تستفرد بالحكم في هذه الجهة أو تلك ؟ بل ألا يفتح ذلك الباب أمام تلك الكائنات للإستفراد بموارد جهة ما مثل الفسفاط بقفصة أو حقول البترول بتطاوين وغيرها من الموارد وإعتبارها موارد جهة وليست موارد قطر ؟ فهل مازال يمكن عندها الحديث عن الدولة ؟ أنا أؤكّد لك بأنّ هذا السيناريو لو حصل لن يؤدّي إلاّ إلى التناحر بين أفراد الشعب بل ربّما يحيي النعرات القبليّة والعشائريّة والجهويّة. وبتعبير أدقّ فإنّ محاولة تطبيق "الديمقراطية المباشرة" أو "نظام التمثيل المجالسي" كبديل "للنظام التمثيلي البرلماني البورجوازي" الذي يعبّر عن الديمقراطية البورجوازيّة (والذي أرفضه انا شخصيّا) لن يحلّ البتّة المشاكل التي تتخبّط فيها البلاد بل سيذهب بها إلى المجهول. كلّ ذلك دون أن ننسى أنّ هذا المسار يؤدّي أيضا وبالضرورة إلى فقدان الأحزاب السياسية أي مبرّر لوجودها وبالتالي إندثارها وإضمحلالها (بينما يُعتبر الحزب هو أداة التغيير) وهذا هو الهدف الرئيسي الذي تعمل من أجله الفوضوية وتلتقي فيه مع الإمبيرالية في عصر العولمة الليبرالية الشرسة والمتوحشّة. وحتّى ننهي النقاش حول هذه النقطة ، هل يمكن بمثل هذا المقترح حلّ المشاكل الإقتصاديّة والإجتماعية التي تتخبّط فيها تونس منذ عقود من الزمن والتي زادت إستفحالا خلال السنوات التي أعقبت الإنتفاضة نتيجة السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية واللاشعبية التي طبّقتها الطبقتان الرجعيتان الحاكمتان أو بتعبير أوضح الخوانجية والدساترة ؟ وهل بمثل هذه الأطروحات يمكن حلّ مشكل الإنخرام المالي الذي تعيشه المالية العمومية وتصاعد الاقتصاد الموازي الذي تسيطر عليه مافيا الفساد ونسبة التداين الأجنبي التي بلغت حدودا لم يسبق لها مثيل ؟ قطعا لا وأنا أتحدّث هنا كأستاذ جامعي مختص في الإقتصاد. وأختم بسؤال أكثر تكثيفا طرحته "سنيا البرينصي" في مقال بجريدة الصباح بتاريخ 18 أكتوبر 2019 حمل عنوان " رأي/ بين التوجّس والاستبشار: قيس سعيد من المجالسية إلى الغموض" حيث تقول : «هل أنّ بلادنا كدولة وكشعب ومع ما شهدته من أحداث طيلة السنوات الأخيرة وأغلبها أحداث غير محمودة قادرة على إستيعاب مثل هذا الطرح الطوباوي الهلامي "الشعاراتي" الذي لا تربطه أي وشائج حقيقية وعملية بالواقع و ب "اليومي المعاش" أو "اليومي المتطلب" للتونسيين ؟». على كلّ إسمح لي بأن أكون واضحا حول هذه المسألة أيضا بأن أؤكّد لك بأنّنا سنتصدّى وبكل قوّة وسنسقط هذا المشروع ، مشروع ما يسمّى بقوى تونس الحرّة مثلما أسقطنا "دستور إخوان الظلام" الذين أرادوا فرضه في شهر جوان 2013. فنحن صانعي إنتفاضة 17 ديسمبر/14 جانفي ونحن صانعي إعتصام القصبة 1 و2 ونحن صانعي إعتصام الرحيل ونحن من تصدّى لإرهاب الإخوان يوم 9 أفريل و4 ديسمبر 2012 وغيرها من المحطّات. وسنسقط كلّ محاولة لتجاوز الأحزاب التي ستبقى رغما عن رضا المكّي ومن معه ، الأداة الواحدة والوحيدة لإسقاط النظام الرجعي العميل في يوم ما. رضا المكّي الذي كتب يوم 7 نوفمبر على صفحته على الفايسبوك قائلا : «إمّا الإنخراط في مشروع النهوض الشامل أو الإنتكاسة والخزي في وطن لا تحبّونه ولا يحبّكم». وأجيبه بأنّك واهم بتملّك هذا الوطن والإنتكاسة ستعيشها أنت قريبا. أستاذ قيس سعيّد ، بعد حكمك الذي قارب الثلاثة أشهر وإنطلاقا من تحليل خطاباتك منذ تأديتك اليمين يوم 23 أكتوبر الفارط وكذلك نشاطاتك الرئاسية أجزم بأنّك منحاز ، إلى حدّ هذه اللحظة ، إلى اليمين الديني. وإليك أدلّتي : أوّلا ، في خطابك الأوّل عند أدائك اليمين تحاشيت الحديث عن إحدى أهمّ القضايا التي تشغل بال التونسيين بمختلف مشاربهم السياسية عدى طبعا إخوان الظلام ، ألا وهي قضيّة إغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي وكذلك الجهاز السرّي لحركة النكبة التي أثبتت الوثائق التي وقع إخفؤها بالغرفة السوداء بوزارة الداخلية بوجوده وبتورّط القيادات الأولى لحركة النكبة في عمليات الإغتيال السياسي والتسفير إلى بؤر التوتّر والتجسّس على الشخصيات والأحزاب وغيرها من الجرائم التي يغطّي عليها اليوم جزء من القضاة المنحازين لتلك الحركة لأنّها هي من عيّنتهم في تلك المناصب المفصلية في السلطة القضائيّة. فهل نسيت الجنازة المليونية للشهيد شكري بلعيد ؟ ألا تستحق تلك الجماهير التي خرجت يومها لتشييع أحد الزعماء السياسيين العظام الذين عرفتهم تونس خلال السنوات الأخيرة أن تكفكف دموعها ودموع عائلته وخاصة بنتيه بأن تعرّج على الأقل على تلك الجريمة في خطابك وتعد بكشف القتلة ؟ أمّا سكوتك عن ذلك فلا يمكن أن يُقرأ إلاّ بعدم إحراج الحزب الفائز في الانتخابات ألا وهو حركة النكبة. ثانيا ، عدم الإشارة للإتّحاد العام التونسي للشغل ، في خطابك المذكور ، كقوّة إجتماعية قامت بدور كبير جدّا خلال الثورة (مثلما ذكرته آنفا) وبعدها بل محاولة إحراجه بإقتراح التبرّع بيوم عمل كل شهر وطيلة خمس سنوات وهو ما فُهم على أنّه إقتراح موجّه ضدّ الإتّحاد بل لم تعبّر ولو مرّة واحدة عن شجبك لحملات التشويه والكذب والإستفزاز التي لم يسبق لها مثيل والتي مارسها ولازال ما يسمّى بإئتلاف الكرامة ضدّ الإتحاد وقياداته ومناضليه. الموقف من الإتّحاد يتأكّد أيضا من خلال ما ورد بصفحة رئاسة الجمهورية يوم 10 نوفمبر 2019 بمناسبة قيامكم صحبة رئيس الحكومة بغراسة شجرة زيتون في عيد الشجرة فقد وقع ذكر إسم "المركّب الجامعي بالمنار" بينما المركّب يحمل منذ 20 جانفي 2015 إسم "المركّب الجامعي فرحات حشّاد بالمنار". إنّ إسقاط إسم "فرحات حشّاد" الزعيم الوطني والنقابي الخالد يطرح أسئلة عديدة ويحيل إلى الموقف من الإتحاد العام التونسي للشغل. ثالثا ، دفاعك الشرس عن القضيّة الفلسطينية يصبح غير ذي معنى إذا لم تربطه بما تتعرّض له سوريا الشقيقة من هجمة إمبريالية صهيونية رجعية لم يسبق أن عرفها بلد آخر خلال التاريخ المعاصر. فسوريا هي رحى المعركة اليوم بين المشروع الصهيو-إمبريالي الذي ينفّذ ويموّل بأياد عربيّة عميلة من أجل مزيد وضع اليد على مقدّرات الشعب العربي وبين مشروع مقاوم يرفض هذا المشروع ويتصدّى له. وطبعا هذا الموقف لا يخدم إلاّ إخوان الظلام. رابعا ، خلال حضورك إحتفالات المولد بالقيروان قمت بتكريم فتيات في عمر الزهور (4 – 5 سنوات) وهنّ يلبسن الخمار. ألم يكن من الأجدى أن تنزع عنهنّ الخمار (وأنت الذي تحدّثت سابقا عن ضرورة القيام بثورة ثقافيّة) ؟ مثلما فعل بورقيبة (رغم عمالته) يوم 20 مارس 1957 مع إحدى نساء المنستير وهي السيدة صلوحة بوزقرو التي كانت تغطّي رأسها بالسفساري حيث نزعه من على رأسها قائلا لها "لن تحتاجيه فوق رأسك بعد اليوم". خامسا ، في خصوص الصراع الليبي نراك إلى حدّ الآن لم تستقبل إلاّ الماسكين بزمام السلطة في طرابلس. فقد إستقبلت المدعو خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا وكان ذلك يوم 29 أكتوبر الفارط. وهذا الشخص من المعروف أنّه أحد القادة التاريخيين لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا وقد كان ينشط في السرّية خلال حكم معمر القذافي. كما إستقبلت يوم 10 ديسمبر فائز السرّاج رئيس ما يسمّى بحكومة الوفاق الوطني في ليبيا التي أتى بها إتفاق الصخيرات ومن المعروف أنّه لا حول له ولا قوّة فالعصابات الإرهابيّة هي التي تمسك طرابلس بيد من حديد. علما وأنّ هذه الحكومة لم تتحصّل على ثقة مجلس النواب الليبي مثلما ينصّ عليه الاتفاق المذكور كما أنّ مدّة صلوحيّتها والمقدّرة بسنتين بداية من 6 أفريل 2016 قد إنتهت وكان عليك وأنت الحريص على الشرعية الدولية أن لا تتعامل معها أو على الأقل تتعامل مع كلّ أطراف النزاع هناك. فقد سبق وتحدّثت عن "تسوية شاملة تخدم مصلحة الشعب الليبي" فهل الشعب الليبي موجود في طرابلس فقط أم أنّ مستشاريك أسقطوا شرق ليبيا من حساباتهم. ففي شرق ليبيا توجد حكومة تسمّى "الحكومة الليبية المؤقّتة" يرأسها "عبدالله الثني". كما يوجد في شرق ليبيا برلمان يسمّى "المؤتمر الوطني العام" يرأسه "عقيلة صالح عيسى" وخاصة يوجد جيش إسمه "الجيش الوطني الليبي" يقوده "المشير خليفة حفتر" والذي أعلن منذ يوم 12 ديسمبر البدأ في معركة إقتحام طرابلس. فماذا أنت فاعل يا أستاذ قيس سعيّد لو تمكّن الجيش الليبي من دخول العاصمة طرابلس وتحريرها من المليشيات والعصابات الإرهابيّة والمسك بزمام الأمور في ليبيا ؟ هل قرأت حسابا لردّة فعل "خليفة حفتر" ومن معه ؟ ألا يؤثّر هذا التقصير على مستقبل العلاقات بين بلدينا ويضرّ بمصلحة بلادنا الإقتصاديّة ؟ على كلّ سأكتفي بهذا القدر من الأمثلة التي تدلّ على إنحيازك لليمين الديني وأختم بمقولتي التي أعتزّ بها كثيرا كشيوعي ماركسي لينيني والتي أقول فيها «أمامنا أهدافهم ومشاريعهم وأمامهم صمودنا ومقاومتنا فإمّا اشتراكية أو بربريّة». ولك مني السّلام.
#عبدالله_بنسعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردّا على توصيات وفد صندوق النقد الدولي لشهر مارس 2019 : كُفّ
...
-
لا فتح لا حماس حرب الشعب الثورية هي الحل الوحيد لتحرير فلسطي
...
-
كيف يعمل يوسف الشاهد على تطبيق مقولة -آدام سميث- : «لا يمكن
...
-
التعدّدية النقابيّة آليّة بورجوازيّة لضرب وحدة الحركة العمّا
...
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
-
كيف السبيل لإعادة هيكلة الأراضي الدولية خدمة لجماهير الكادحي
...
-
هل تعب -اليسار- في تونس من النضال حتّى يبحث عمّن يدافع عنه ب
...
-
من جنون البقر إلى أنفلونزا الطّيور : مسار العولمة الليبراليّ
...
-
هل إنتهى حزب البعث في العراق ؟ : لماذا يرفض حزب البعث التندي
...
-
بين حزب البعث في العراق و-داعش- وبين الحقائق على الأرض والتض
...
-
دستور 2014 : خدعة جديدة للعمّال وعموم الشعب وإنقلاب على مطال
...
-
العولمة والتعليم في تونس : سلعنة المدرسة خدمة لرأس المال ، م
...
-
في الذكرى 56 لإصدار مجلة الأحوال الشخصية بتونس : المطلوب مسا
...
-
ميزانية 2012 : ميزانية تفقير المفقّرين والتخلي عن -السيادة ا
...
-
على هامش الإنتخابات الرئاسية الفرنسية : لا علاقة لفرنسوا هول
...
-
المشروع الفلاحي السويسري بالصحراء التونسية : هل هو حقا لإنتا
...
-
المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة لتونس الغد. ا
...
-
المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة لتونس الغد. ا
...
-
المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة لتونس الغد. ا
...
-
المطلوب منوال تنمية أم إختيارات إقتصادية جديدة لتونس الغد. ا
...
المزيد.....
-
بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني
...
-
سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
-
هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال
...
-
المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ
...
-
اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن
...
-
أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة
...
-
بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة
...
-
-القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية
...
-
للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|